وعلي النقيض من رواد ذلك المشهد أري رجلين أحدهما غار علي دين الله عِلما بعدما عَلم أن هذا السلوك كان فِعل الأولين من الكَفرة والمشركين ولكن عدم تمكنهم من أنفسهم وضبطهم لعلومهم انداحت لهم -وورثتهم -المسألة باعتقاد النفع والضرر من دون الله، فلا يجلس في المكان إلا وأنكر علي من فَعل..فكان تصرفه شهوة ساعة وكأنها غايته في الدنيا –أن يمنع- ومن أجل ذلك وُجد،فيُهمل نفسه بجهله للولاية وأصحابها الأتقياء الأنقياء الذين وصفهم ربهم بأنهم لاتتجافي جنوبهم عن المضاجع ويدعون ربهم خوفا وطمعا، ولو فعل لعَرف معني المنع الذي قام، أن لا منع إلا بعِرفان وأن شهوته قد تحول بينه وبين إصلاح ما ظن أنه فاسد..
القضية لديه بحاجة إلي ضبط نفسي وعقلي يقيمان الدين في النفس قبل البحث عنه في ذوات وأفعال الآخرين، وتلك هي الحكمة أن أصلح نفسك قبل أن تصلح الآخرين وإلا شاب فِعلك فسادا من حيث أردت الإصلاح، وتُصبح وحشا من كثرة مقاتلتك للوحوش..وما عِبته عليهم بعدم الضبط والتمكن وقعت فيه يامسكين، فرأوك جافيا مجافيا..غليظا فجا فانعقدت لديهم الآمال في غيرك وصِرت شر من يُمثل قضية وأتاها من حيث لا يعلم..
بينما الآخر كان لديه المنع.."نزعويا"..فهو جاهل بسلوك السلف والخلف..ولديه رأي واحد أن هذا شِرك عظيم وأصحابه ليسوا بشرا خطائين ولكنهم فاعلين متعمدين..رافضا للحوار مُقلدا عظيما لسلفه الأولين الذي ظن بجهله أنهم سلف الأمة المختارين..فقادته نزعته إلي التقوّل علي الولي الصالح بعلم أو بدون فوقع في الإثم العظيم أن انتقص من أولياء الله وقام علي هدم القدوة في أذهان من رجاها وسعي إليها..هؤلاء في الأًصل ليسوا مخلصين فعبادتهم لله -يسعون إليها- رهبة وخوفا دون الطمع والرغبة وإلا انعكس ذلك علي سلوكهم وصاروا كمثل الأول الذي قام بالمنع علما وفهما للقضية وللموضوع ، أن نواجههم في مهدهم قبل أن نراهم مشركين..
الفارق بين الأول والثاني هو نفسه الفارق بين البناء والهدم..فالثاني أقرب إلي الهدم منه إلي البناء، ولكن الأول ليس ببعيدعن الهدم فقد يهدم نفسه دون أن يدري، والإثنان علي قاعدة معرفية ليست متينة..فعبادتهم لربهم تجاوزت المعرفة بالله بأن عبدوا ربهم-بظنهم- خوفا وطمعا دون سلوك الحُبّ أن يُحبّوا الله فهو الواحد الذي يستحق العبادة والأهلية، فيُحبونه ومن فرط حبهم ينسون الخوف والطمع ولو أنهم في قرارة أنفسهم راجين خائفين،فيتوجهون بقلوبهم في رحابه ويضعون عن أنفسهم الوهم وهوى النفس ولا يقعون أسرى لتلبيس الشيطان عليهم.. فيعرفون معني العبادة ، وأن تنعكس عبادتهم علي سلوكهم فتتهذب ملكاتهم، وتخفق قلوبهم لمن يُحب الله ولو بطريق ليس كطريقهم..
تصور الوهابية أنّ بعض الآيات القرآنيّة تمنع من التوسل
وتعتبره شركاً ومن جملتها هذه الآية حيث قوله سبحانه: (مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى)
التي تحكي لسان حال مشركي الجاهلية حول ما يعبدون
مثل الملائكة وغيرها والقرآن يعتبر هذا الكلام شركاً
وفي آية أخرى يقول عزّ وجلّ: (فَلاَ تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا)
ويقول سبحانه في آية أخرى: (وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَسْتَجِيبُونَ لَهُم بِشَيْء)
توهم الوهابية وتصوروا أنّ هذه الآيات تنفي التوسل بأولياء الله
وإضافة إلى هذا لديهم بحث آخر وهو أنه على فرض أنّ التوسل بالرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله)
حال حياته جائز وفقاً لبعض الروايات لكن لا دليل على جوازه بعد مماته هذا خلاصة ما يدّعونه
ببساطة ..
سأكمل القراءة