|
عضو فضي
|
رقم العضوية : 34252
|
الإنتساب : Apr 2009
|
المشاركات : 1,863
|
بمعدل : 0.33 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
المنتدى الفقهي
قسوة القلب (2)
بتاريخ : 13-05-2012 الساعة : 05:11 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
من دروس علم الأخلاق
القاها سماحة الشيخ .. محمد الطيب
اترككم مع الجزء الثاني من موضوع قسوة القلب .. اتمنى لكم الفائدة
قسوة القلب (2)
فوائد من قصة توبة مالك بن دينار
نتعلم من هذه القصة ثلاثة أمور تشهد الروايات والقصص بصحتها:
الأول: أن النفوس البشرية، التي تغادر الدنيا تمتلك من المعلومات في البرزخ ما لا يقاس بمعلوماتها في الدنيا.. إلى حد أنهم (الموتى) يعرفون جميع اللغات ويفهمون القرآن بشكل أفضل، وكثير من الأمور التي هي سر بالنسبة لأهل الدنيا هي لهم علن (فبصرك اليوم حديد) ق22، أي ما لم تكن تراه في الدنيا وتعلمه هو اليوم ظاهر لك.
وللتوضيح نقول بأن الإنسان يسمع مثلا عن بلد ما كوجود الأهرامات في مصر وأبو الهول فيرسم صورة لها في ذهنه معينة ولكن عندما يقدر له السفر إلى مصر ويرى الأهرامات على الواقع فإنه سيجد أن الواقع خلاف ما تخيله وكذلك في عالم الآخرة نقرأ ونسمع كثير من الروايات عن بعض الأحداث التي سنشهدها في ذلك العالم الذي لازال بالنسبة لنا مجهولا ولكن عندما نعود إلى ربنا سوف نشهد أشياء ونراها بأم أعيننا وهي على خلاف ما تخيلناه طوال الفترة التي عشنا خلالها في عالم الدنيا.
الثاني: مسألة تجسيم الأعمال أي أن أعمال الإنسان الحسنة والقبيحة تحضر أمام الإنسان يوم القيامة وتتصل به وتكون في صورة مناسبة لتلك الأعمال (يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء توّد لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا ويحذركم الله نفسه والله رؤوف بالعباد) آل عمران30. يقول صاحب الميزان: إن الأمد فاصلة زمنية وحضور سيء العمل وتود بعده أي يكون بعيدا.
ومن رأفته تعالى أنه يخبرنا ويحذرنا حتى لا نتلوث بالأعمال القبيحة ونعذّب بسببها في النهاية.
الثالث: مسألة شفاعة أطفال المسلمين الذين ماتوا في طفولتهم لآبائهم وأمهاتهم وفي كتاب لآلئ الأخبار روايات وبعض القصص حول ذلك فليراجع، وشفاعة هؤلاء الأطفال لآبائهم يدل عليه الحديث الشهير لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : تناكحوا تناسلوا فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة ولو بالسقط وأن السقط ليجيء محبنطئا يوم القيامة فيقال له أدخل الجنة فيقول لا حتى يدخل أبواي.
ما هو الخشوع وكيف يحصل
إن المؤمن إذا سمع هذه الآية الكريمة وهي قول تعالى: (ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله) يحب أن يعرف معنى الخشوع لله ... لذا نذكر حقيقة الخشوع باختصار:
عندما يدرك إنسان في إنسان آخر أمرين: أولا: عظمته وقدرته واستطاعته، ثانيا: كرمه وإحسانه المتوالي .. تحصل في قلبه عند الالتفات إلى عظمته هيبة لذلك الشخص العظيم ما تحصل من الالتفات إلى إحسانه محبة له في قلبه ..... ويحصل من اجتماع الأمرين (الهيبة والمحبة) حالة في القلب يقال لها الخشوع.
إذن الخشوع تذلل وتصاغر في مقابل المنعم العظيم ممزوج بالمحبة، عندما يقف غلام السلطان المقتدر الذي يدرك أن كل ما عنده من مال وجاه وعز فإنما هو من سلطان ... عندما يقف أمام السلطان تحصل في قلبه من إدراك عظمته، هيبة، ومن إدراك نعمه محبة فيواجهه بقلب خاشع وبدن خاضع.
إذا اتضح ذلك فنقول:
صاحب المعرفة أي من عرف في نفسه الحقارة والعدم وعرف في ربه العظمة والوجود المطلقين بل انحصار القدرة والعظمة في عالم الخلق به وأدرك أن جميع أجزاء عالم الوجود عاجزة مقهورة له، تظهر إذن في قلبه هيبة الله... ومن ملاحظة نعم الخالق التي لا تحصى، عليه وعلى الآخرين، وملاحظة أنه لا منعم غيره تظهر في قلبه محبة الله سبحانه عندما ينصرف إلى إظهار عبوديته وأداء شكر إنعامه فيقف ويصلي ويخاطب المنعم العظيم الشأن ويناجيه ليحقق لنفسه الفلاح: (قد أفلح المؤمنون، الذين هم في صلاتهم خاشعون) المؤمنون1-2.
مما تقدم يعلم أن من لا يزال بطن أن له أو لغيره عظمة وقدرة أو ينسب نعم الله التي لا تحصى إلى نفسه أو إلى مخلوق آخر فهو محروم من الوصول إلى مقام الخشوع لله عزّ وجلّ.
وبعبارة أخرى ما دام معجبا بنفسه معتقدا بشأن لها وعظمة واستطاعة، وتخيل أن النعم منه أو من مخلوق آخر على نحو الاستقلال فليس له من حقيقة الإيمان وآثاره نصيب.
وصلى اللهم على محمد وآل محمد
|
|
|
|
|