ان الطفل عندما يصل الى مرحلة السنة الثالثة وما قاربها يصبح يدرك بعض الامور المحيطة به بعمق شيا فشيئا وهو هنا بمثابة الورقة البيضاء التي تكون لديها القابلية والاستعداد للكتابة عليها وفي جميع الالوان والاشكال وهنا يصبح الخط متكيف على جميع الانماط والكيفيات وله كيفية الخطاط الذي خطه . هكذا الطفل يتبع من يتكفل برسمه وخطه بالصورة الصحيحة . وكما ورد في الحديث التعليم في الصغر كالنقش على الحشر . ومنه سيحدد جيل المستقبل وشباب الامة القادمة وادوارها في المجتمع
ولكن هناك طرق تذكر لكيفية تعليم وتربية الطفل على الصفات الكملية والاخلاق والطبائع الحسنة
اولا : تعميق الايمان بالله ضروري في تربية الطفل
والطفل في هذه المرحلة يكون مقلدا لوالديه في كل شئ بما فيها الايمان بالله تعالى، يقول الدكتور سپوك: (إن الأساس الذي يؤمن به الابن بالله وحبه للخالق العظيم هو نفس الأساس الذي يحب به الوالدان الله).
ويقول: (بين العمر الثالث والعمر السادس يحاول تقليد الأبوين في كل شئ فإذا حدثاه عن الله فإنه يؤمن بالصورة التي تحددها كلماتهما عن الله حرفيا) (٢). والطفل في هذه المرحلة يميل دائما إلى علاقات المحبة والمودة والرقة واللين فيحب أو يفضل (تأكيد الصفات الخاصة بالرحمة والحب والمغفرة إلى أقصى حد ممكن مع التقليل إلى أدنى حد من صفات العقاب والانتقام) (٣).
فتكون الصورة التي يحملها الطفل في عقله عن الله تعالى صورة جميلة محببة له فيزداد تعلقه بالله تعالى ويرى انه مانح الحب والرحمة له.
وإذا أردنا ان نكون له صورة عن يوم القيامة فالأفضل ان نركز على نعيم الجنة بما يتناسب مع رغباته، من أكل وشرب وألعاب وغير ذلك، ونركز على أنه سيحصل عليها إن أصبح خلوقا ملتزما بالآداب الاسلامية، ويحرم منها إن لم يلتزم، ويؤجل التركيز على النار والعذاب إلى مرحلة متقدمة من عمره.
ثانيا: التركيز على حب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل البيت (عليهم السلام)
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " أدبوا أولادكم على ثلاث خصال: حب نبيكم، وحب أهل بيته، وقراءة القرآن " (١).
في هذه المرحلة تنمو المشاعر والعواطف والأحاسيس عند الطفل، من حب وبغض وانجذاب ونفور، واندفاع وانكماش، فيجب على الوالدين استثمار حالات الاستعداد العاطفي عند الطفل وتنمية مشاعره وعواطفه، وتوجيهها نحو الارتباط بأرقى النماذج البشرية والمبادرة إلى تركيز حب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وحب أهل البيت (عليهم السلام) في خلجات نفسه، والطريقة الأفضل في تركيز الحب هو إبراز مواقفهم وسلوكهم في المجتمع وخصوصا ما يتعلق برحمتهم وعطفهم وكرمهم، ومعاناتهم وما تعرضوا له من حرمان واعتداء، يجعل الطفل متعاطفا معهم محبا لهم، مبغضا لمن آذاهم من مشركين ومنحرفين.
والتركيز على قراءة القرآن في الصغر يجعل الطفل منشدا إلى كتاب الله، متطلعا على ما جاء فيه وخصوصا الآيات والسور التي يفهم الطفل معانيها، وقد أثبت الواقع قدرة الطفل في هذه المرحلة على ترديد ما يسمعه، وقدرته على الحفظ، فينشأ الطفل وله جاذبية وشوق للقرآن الكريم، وينعكس ما في القرآن من مفاهيم وقيم على عقله وسلوكه.
ثالثا:تربية الطفل على طاعة الوالدين
يلعب الوالدان الدور الأكبر في تربية الأطفال، فالمسؤولية تقع على عاتقهما أولا وقبل كل شئ، فهما اللذان يحددان شخصية الطفل المستقبلية، وتلعب المدرسة والمحيط الاجتماعي دورا ثانويا في التربية.
والطفل إذا لم يتمرن على طاعة الوالدين فإنه لا يتقبل ما يصدر منهما من نصائح وارشادات وأوامر إصلاحية وتربوية، فيخلق لنفسه ولهما وللمجتمع مشاكل عديدة، فيكون متمردا على جميع القيم وعلى جميع القوانين والعادات والتقاليد الموضوعة من قبل الدولة ومن قبل المجتمع.
قال الإمام الحسن بن علي العسكري (عليه السلام): " جرأة الولد على والده في صغره، تدعو إلى العقوق في كبره " (١).
وقال الإمام محمد بن علي الباقر (عليه السلام): "... شر الأبناء من دعاه التقصير إلى العقوق " (٢).
وتربية الطفل على طاعة الوالدين تتطلب جهدا متواصلا منهما على تمرينه على ذلك، لأن الطفل في هذه المرحلة يروم إلى بناء ذاته وإلى الاستقلالية الذاتية، فيحتاج إلى جهد إضافي من قبل الوالدين، وأفضل الوسائل في التمرين على الطاعة هو إشعاره بالحب والحنان ومن اهم العوامل الساعدة الطفل على الطاعة . الحب والحنان الذي يشعر به الطفل من كل افراد الاسرة . فاذا شعر الطفل بالحب والحنان والتقدير من قبل والديه فانه يحاول المحافظة على ذلك بارضاء والديه واهم مصاديق الارضاء هو طاعتهما .
وكما قال رسول الله صلى الله عليه واله (رحم الله عبدا اعان ولده على بره بالاحسان اليه والتالف له وتعليمه وتاديبه))