:: الرد على المشككين في وجود الإمام الحجه عليه السلام ::
بتاريخ : 27-06-2012 الساعة : 02:05 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صلى على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
أما بعد فهذا بحث يرد على المشككين والمكذبين لحديث سيد الكونيين (ص) في وجود الامام الحجه (عج).
((الإمام محمد بن الحسن المهدي المنتظر عليه السلام حقيقة ثابته)).
نسبه الشريف :
هو الإمام الثاني عشر من أئمة الشيعة الأثنى عشرية - اعزهم الله تعالى وأيدهم بنصره ، وخذل اعدائهم - الطاهرين ، وخاتم المعصومين المرضيين ، أمل المظلومين من البشر والخلف الحي المنتظر ، ولي العصر وحجة الدهر ، الإمام المفدى صاحب العصر والزمان ، سيف الله المسلول وفلذة كبد البتول (ع) شريك القرآن ، ومنتظر أهل الإيمان ، أرواح العالمين فداه ، عجل الله تعالى له ولنا فرجه ، وبلغه مناه ، الإمام محمد بن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب سلام الله تعالى عليهم أجمعين .
فنسبه الشريف لأبيه هو نسب آبائه الأطهار الذين عرفتهم .
بدءاً بأبيه الإمام الحسن العسكري (ع) ، وانتهاءً - صعودا- إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهم الصلاة السلام ، وإلى رسول الله صلى الله عليه وآله .
أما أمه الجليلة فهي أم ولد يقال لها " نرجس " ، وقيل بل هذا اسمها في الإسلام ، وهو في الأصل "مليكة" ، وهي بنت يشوعا بن قيصر ملك الروم ، وهي من ولد الحواريين ، تنسب إلى وصي المسيح (ع) " شمعون " واحد أبرز حوارييه .
وقد حدثت أنها رأت في المنام محمدأ (ص) نبي المسلمين يخطبها من المسيح (ع) ووصيه شمعون (رض) لولده الإمام الحسن العسكري (ع) ووافق شمعون ووافقت هي .
وقد تعلق قلبها بالإمام (ع) بعد هذا المنام وهي ببلاد الروم ، وهو (ع) في سامراء ، إلى أن شاء الله تعالى أن يوجه أبوها جيشاً إلى العراق لمحاربة المسلمين ، وأن تكون هي في ذلك الجيش متنكرة فيه بزي الخدم ، وأن تقع في الأسر ، وتكون في غنيمة شيخ من المسلمين عرضها للبيع ، ولكنها كانت تمتنع عن الظهور لتُعرض للبيع ، وترفض أن يلمسها أو يمسها أحد من الراغبين في الشراء ، رغم كثرة الراغبين لشراءها لِما رأوا فيها من العفة والحياء .
وقد وجه الإمام الهادي (ع) ، أحد خاصته من سامراء إلى بغداد مع كتاب منه (ع) باللغة الرومية ، وأوصاه بتسليمها إياه بعد أن وصف للرسول المكان والشيخ البائع والأسيرة الجليلة ، وحمّله مائتين وعشرين ديناراً ، ليدفعها ثمناً لها . فلما ناولها الكتاب بلغتها الرومية بكت نرجس وهددت الشيخ بان تقتل نفسها إن لم يبعها لصاحب الكتاب ، فساوم الرسول الشيخ البائع ، حتى توقف عند الثمن الذي أرسله الإمام الهادي (ع) فدفعه إليه ، ونقلها بتجليل واحترام إلى سامراء .
فلما دخلت على الإمام الهادي (ع) رحب بها كثيراً ، ثم بشرها بولد يولد لها من ابنه ابي محمد العسكري (ع) يملك الدنيا شرقاً وغرباً ويملأ الأرض قسطاً وعدلاً ، ثم أودعها عند أخته " حكيمه " بنت الإمام الجواد (ع) لتُعلمها الفرائض والأحكام ، فبقيت عندها أياماً ، وهبها الإمام الهادي (ع) بعدها ابنه الإمام الحسن العسكري (ع) فتزوجها الإمام (ع) ولما دخل بها حملت بالحجة المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف .
مولده الشريف عليه السلام :
ولد الحجة المهدي (عج) في " سر من رأى " أي سامراء ليلة النصف من شهر شعبان المعظم ، من سنة خمس وخمسين ومائتين من الهجرة النبوية الشريفة وقبل أن يصل المهتدي العباسي للملك بشهر تقريباً ، أي في ملك المعتمد ،وقبل استشهاد الإمام العسكري بخمس سنوات كما جاء في أكثر الروايات ، ويكون تاريخ سنة ولادته بحساب الجمل " نور" إذا كانت سنة ولادته ست وخمسين بعد المائتين ، ولكن المشهور هو القول الأول .
كنيته وألقابه عليه السلام :
هو سمي جده المصطفى (ص) فهو رابع المحمدين في المعصومين ( رسول الله - ص- والإمام الباقر -ع- والإمام الجواد -ع- وهو -ع- ) عليهم الصلاة والسلام .
وفي الإخبار نهيٌ عن ذكر أسمه الشريف وعن التصريح بأسمه في زمن غيبته ، بل يذكر (ع) بكنيته ولقبه . إجلالاً لشأنه ، واحتراماً لعظيم مقامه .
ولكن يستفاد من كلام السيد الخوئي ( قده ) أن النهي في عدم ذكر اسمه الشريف أنما هو خاص بزمان الغيبة الصغرى ، ولا يعم زماننا .
أما كنيته فهي كنية جده رسول الله (ص) فهو أبو القاسم ، وذكرت له كنية : أبو جعفر " أيضاً .
وأما القابه فكثيرة جداً ، منها :
المهدي وهو أشهرها
المنتظر
القائم
الحجة
صاحب العصر والزمان
الخاتم
صاحب الدار
صاحب الأمر
والخلف الصالح
والناطق
الثاير
المأمول
الوتر
الدليل
المعتصم
المنتقم
الكرار
صاحب الرجعة البيضاء
الدولة الزهراء
الوارث
سدرة المنتهى
الغاية القصوى
غاية الطالبين
فرج المؤمنين
منتهى العبر
كاشف الغطاء
الأذن السامعة
اليد الباسطة ، وغيرها .
إمامته عليه السلام :
ذكرنا سابقاً أن الإمام الحسن العسكري (ع) لم يُخلف غير الإمام صاحب العصر (عج) ، فلما ولد (ع) حجبه عن الناس وعن اعين الظالمين ، وكان يبالغ كثيراً في ستره وابعاده عن متناول الأخصام إلى أن استشهد الإمام العسكري (ع) وكان الإمام المهدي (عج) يومئذِ في الخامسة من عمره الشريف .
حينئذٍ انتقلت الإمامة إليه (ع) وهو في هذا السن الصغير وأتاه الله الحكمة والكرامة وفصل الخطاب ، وكان ذلك سنة ستين ومائتين من الهجرة النبوية الشريفة .
وقد نص أبوه الإمام العسكري (ع) على إمامته (ع) من بعده بل إن جده الإمام الهادي (ع) حين نص على إمامة ولده أبي محمد الحسن العسكري (ع) فذكر أن الإمام بعده هو ابنه القائم الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلا بعد أن ملئت ظلماً وجوراً .
لذا ،لما استشهد والده الإمام العسكري (ع) أجمع الشيعة بعده ،استناداً إلى أنه لا بد لكل زمان من إمام ،واستناداً إلى الحديث الذي صحَّ عند جميع المسلمين على تفرق مذاهبهم واختلاف آرائهم
أن رسول الله (ص) قال ونصه :
{ من مات ولم يعرف إمام زمانه ، مات ميتة جاهلية } .
وأجمعوا على إمامته (ع) بعد أبيه الإمام العسكري (ع) ،وأنه هو الإمام الثاني عشر ، وأنه هو المهدي المنتظر الذي بشَّر به النبي (ص) والأئمة (ع) من بعده وأنه هو إمام زماننا الحاضر وكل زمان أت،إلى أن يظهر سلام الله تعالى عليه،ويُعم الأمن والسلام ، وينشر الإسلام على الأرض قاطبة ، ويقيم العدل والأحسان فيها .
وبعد استشهاد الإمام العسكري (ع) قام الإمام المهدي (ع) بتجهيزه وتغسيله وصلى عليه ، وآخر مرة شوهد في دار والده (ع) ، ثم غاب عن انظار الأشرار .
ولئن غاب الإمام منذ ذلك - وما يزال - عن الأبصار فإن غيابه ، إنما هو كا ستتار الشمس وراء الغيم ، وإذا عجزت العين المجردة عن رؤيتها ، فإن ذلك لعجزها عن اختراق الحُجُب . وهذا لا يعني أن الشمس غير موجودة ، وفائدتها غير معلومة ، فكذلك الحجة المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف
ومن الدلائل على إمامته (ع) ما روي عن عبدالله بن عمر قال : سمعت الحسين بن علي -(ع) - يقول : ( لو لم يبقَ من الدنيا إلا يوم واحد ، لطول الله ذلك اليوم حتى يخرج رجل من ولدي ، فيملؤها عدلاً وقسطاً كما ملئت جوراً وظلماً ، كذلك سمعت رسول الله يقول ) .
وروي عن الإمام الباقر (ع) عن أبيه وجده عن علي عليهم السلام قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) {المهدي من ولدي تكون له غيبة إذا ظهر يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً }.
وروي عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يخرج في اخر الزمان رجلٌ من ولدي ، اسمه كاسمي ، وكنيته ككنيتي ، يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً ، فذلك هو المهدي .
وروي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) { طوبى لمن أدرك قائم أهل بيتي وهو مقتدٍ به قبل قيامه ، يتولى وليه ويتبرأ من عدوه ، ويتولى الأئمة الهادية من قبله ، أولئك رفقائي وذو ودي ومودتي } .
وهناك روايات وأحاديث كثيرة العدد مختلفة النصوص ، رواهما الفريقان ، وللمزيد تراجع المصادر السنية على الخصوص :
صحيح البخاري ج 4 ، كتاب بدء الخلق ، باب نزول عيسى (ع) .
صحيح مسلم ج 8
مسند أبي داود : كتاب المهدي
سنن الترمذي ج 2
سنن المصطفى ج 2
ينابيع المودة للقندوزي الحنفي
شرح النهج لابن أبي الحديد .
أوصافه عليه السلام :
نقلت المصادر عن أوصافه عليه السلام أنه ممتلئ الجثة ، طويل القامة ، وجهه كأنه كوكب دري ، أقنى الأنف ، ضخم العينين ، كثب اللحية ، على خده الأيمن خال أسود ، وعلى يده خال .
نوابه عليه السلام :
للإمام الحجة (ع) صاحب الزمان غيبتان :
الغيبة الأولى وتسمى بالغيبة الصغرى.
الثانية تسمى الغيبة الكبرى .
بدأت الغيبة الصغرى:
من استشهاد الإمام العسكري (ع) وقيل من يوم مولد الإمام المهدي (عج) سنة 255هـ ،واستمرت حتى وفاة السفير الرابع سنة تسع وعشرين وثلاثمائة ،ودامت ما يقرب من تسعٍِ وستين سنةً ، وانقطعت الصلة المباشرة بينه وبين مواليه وشيعته
وبدأت الغيبة الكبرى:
بالانقطاع التام ،لا صلة شخصية ولا واسطة سفير،بل بالنائب العام وهو المرجع الأعلم من المجتهدين - قدس الله اسرار الماضين منهم وأعلى مقامهم ، وأنار الله برهان الباقين منهم.
لقد كان للإمام (ع) خلال غيبته الصغرى أربعة نواب (أو سفراء) على الترتيب والبدل ، بمعنى أنه عند انقضاء أجل كل منهم ونفاذ عمره ، كان يوصي إلى الأخر ، بناء على تعيين الإمام وبامر منه (ع) فيقيمه مقام نفسه في النيابه والسفارة والوساطة بين الناس وإمامهم (ع) ، وهؤلاء النواب مدفونون كلهم في العراق ببغداد ولكل منهم مزار مخصوص :
أما هؤلاء النواب الأربعة فهم :
الأول:
أبو عمرو عثمان بن سعيد بن عمرو العمري الأسدي،الذي كان وكيلاً عن الإمام الهادي (ع) ، ثم عن ابنه الإمام الحسن العسكري (ع) ثم صار نائباً للخلف المنتظر (ع) عدة سنوات ، حتى مضى إلى رحمة ربه ، وكان جليل القدر جداً ، ورفيع الشان تحقيقاً .
حضر تغسيل الإمام العسكري عند وفاته(ع) وتولى جميع أمره في تكفينه وتحنيطه ودفنه مأموراً بذلك ، وكانت توقيعات صاحب اللأمر الحجة (ع) تخرج على يده ، ويد ابنه محمد إلى الموالين من الشيعة،وخواص أبيه بكل مسألة وكل ما يهم أمر المسلمين .
يقع قبره في الجانب الغربي من بغداد ، شارع الميدان جهة الجنوب من مسجد الذرب .
الثاني:
ابنه محمد بن عثمان بن سعيد العمري،الذي كان أيضاً وكيلاً كابيه ثم صار نائباً بعد أبيه عن الحجة (ع)،إلى أن توفى (رض) في اخر جمادى الأول من سنة خمس وثلاثمائه من الهجرة المباركة ، وكانت أيام نيابته ونيابة أبيه قريباً من خمس وأربعين سنة .
يعرف (رض) بالخلاني،والشيعة مجتمعة على ثقته وعدالته وأمانته،وكانت التوقيعات تخرج من الإمام (ع) على يده إلى الشيعة في كل مهمة ، ويقع قبره الشريف في الجانب الشرقي من بغداد .
الثالث:
أبو القاسم الحسين بن روح بن ابي بحر النوبختي،الذي قام بامر النيابة إحدى وعشرين سنة إلى أن توفى في شعبان سنة ست وعشرين وثلاثمائة،ودفن في النوبختيه ، في الجانب الشرقي من بغداد في سوق الشورجه - حالياً .
وكان(رض) موضع ثقة الجميع،أقامه أبو جعفر محمد بن عثمان مقامه قبل وفاته بسنتين أو ثلاث .
الرابع:
أبو الحسن علي بن محمد السمري (رض) وقد قام بالأمر ثلاث سنين فقط وتوفى في النصف من شعبان سنة تسع وعشرين وثلاثمائة للهجرة وقبره في الجانب الغربي من بغداد .
وكانت قد خرجت لأبي الحسن السمري قبل وفاته بأيام،رقعة توقيع من ناحية الإمام المقدسه ، أخبره فيها بوفاته خلال مدة وجيزة من يوم إلى ستة أيام ، ثم نهاه عن الوصية في هذا الأمر إلى أحد بعده،ومنعه من تسميت نائب أخر ( خامس ) للإمام (ع) وهذا نصها:
بسم الله الرحمن الرحيم
يا علي بن محمد السمري،أعظم الله أجر اخوانك فيك ، فإنك ميت ما بينك وبين ستة أيام ، فاجمع أمرك ولا توصِ إلى أحد فيقوم مقامك بعد وفاتك ، فقد وقعت الغيبة التامة . فلا ظهور إلا بعد إذن الله تعالى ذكره ، وذلك بعد طول الأمد وقسوة القلب وامتلاء الأرض جوراً ، وسيأتي شيعتي من يدعي المشاهدة ألا من ادّعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كذاب مفترٍ ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
وروي أنه في اليوم السادس حضر الموالون الشيعة وهو يجود بنفسه فقيل له من وصيك من بعدك فقال :
لله امرٌ هو بالغه ..
وبوفاة هذا النائب الجليل انتهت الغيبة الصغرى التي استمرت ما يقرب تسع وستين سنة ، وبدأت الغيبة الكبرى إلى يومنا هذا،حتى يأذن الله تعالى .
اسلوب السفراء الأربعة في الغيبة الصغرى:
اضطلع السفراء في الغيبة الصغرى بمهمة قيادة قواعد الإمام (ع) من الناحية الفكرية والسلوكية ، طبقاً لتعليمات الإمام (ع) والتوسط بينه وبينها في في ايصال التبليغات واخراج التوقيعات ، وحل مشاكلها وتذليل العقبات التي تصادفها .
وقد اعتمدت تحركاتهم ونشاطاتهم على السرية التامة دون أن يثيروا السلطات عليهم ، ولكي تنفسح لهم أكبر الفرص وأوسع المجالات للعمل تحت قيادة الإمام (ع) دون أن يقعوا تحت طائلة المطاردة والتنكيل.
وكانوا يقومون بأعمال تجارية ،كالبيع والشراء في السمن أوالمواشي أو بقية أنواع التجارة لتغطية أعمالهم ، حتى لا يتسرب لأحد الشك في الأموال التي تصل إليهم من الشيعة ، وهم بدورهم يوصلونها إلى الإمام (ع) .
ولعل الدوافع التي دفعت السفراء إلى هذا الأسلوب من العمل ،الأسباب التالية:
1.خوف السلطة من العلويين،ومحاولة مطاردة واضطهاد عدد كبير من قادتهم وكبرائهم .
2.الجو القلق والمطرب الذي عاشته قواعد الإمام (ع) الشعبية بشكل عام . والسفراء الأربعة بنحو خاص،إلى درجة ان عثمان بن سعيد ، السفير الأول للإمام (ع) كان ينقل المال في جراب من الدهن لشعوره بضغط السلطات ومطاردتهم له،ولما ينتظره من العقاب الصارم لو عرفت به الدولة أو حصلت تجاهه على مستمسك خطير .
3.المطاردة الجادة والدائبة للإمام المهدي (ع) ومحاولة القاء القبض عليه ، وحملات التفتيش المنظمة لداره ، فإذا كانت الدولة تقف من الإمام (ع) هذا الموقف ، فكيف إذاً تقف تجاه قواعده ومواليه ؟! .
أهداف السفارة في الغيبة الصغرى:
هناك هدفان رئيسيان ترمي إليها السفارة عن الإمام (ع) هما:
أولاً :
تهئية أذهان الأمة وتوعيتها لمفهوم الغيبة الكبرى ، وتعويد الناس تدريجياً على الأحتجاب ، وعدم مفاجأتهم بالغيبة دون سابق مقدمات ، ولربما ادى الأحتجاب المفاجئ إلى الإنكار المطلق لوجود الإمام المهدي (عج) .
ومن هنا جاء تخطيط الإمامين الهادي والعسكري عليهما السلام بالأختفاء التدريجي عن وسط الأمة ، وضاعفه الإمام العسكري (ع) على نفسه ، كما أن الإمام المهدي (ع) نفسه تدرج في عمق الاحتجاب كما بينا ، فكانت فترة السفارة أيضاً إحدى الفترات المرحلية لتهئية الأذهان بشكلها المتدرج .
ثانياً :
قيام السفارة برعاية شؤون القواعد الشعبية الموالية للإمام (ع) والتوسط بينها ،لتمضية شؤونها ومصالحها بعد اختفاء الإمام عن مسرح الحياة ، بغيبة الكبرى .
الغيبة الكبرى:
سميت غيبة الإمام (ع) بعد وفاة نائبه أبي الحسن السمري (رض) الغيبة الكبرى ، لشدتها وفرط فوتها على شيعته واتباعه وكبرها في نفوسهم بسبب انقطاعه (ع) عنهم ، أو لأنها أكبر زمناً من الفترة الأولى ، التي كان له فيها نواب عنه ، وتنتهي الغيبة الكبرى هذه بظهوره عليه السلام ، بعد طول الأمد ، وقسوة القلب ، وبعد أن تمتلئ الأرض ظلماً وجورا ، فيخرج (ع) لينصر فيها الحق ، ويقر السلام ، ويملأها قسطاً وعدلا .
أما موعد ظهوره فلا يعلمه إلا الله تعالى ، ومن ادعى معرفته لذلك ، بمثل حساب النجوم أو غيره ، فهو كاذب،لا يعبأ بكلامه.بل أن مشاهدته (ع) قطعية عن معرفه متعذرة أيضاً ، فكل من ادعى المشاهده عن معرفة ، مثل حدوث الوقائع الحتمية التي لا بد ان تحدث قبل ظهوره ، كخروج السفياني ، وسماع الصيحة السماوية وغيرها ، فهو كذاب ولا يؤخذ بكلامه .
المهدوية والإسلام:
لم يختلف المسلمون قاطبة في عقيدتهم بالإمام المهدي (ع) من حيث الكبرى أعني من حيث كون النبي (ص) قد بشر بخروج مصلح يقال له المهدي من نسله (ص) يملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعدما ملئت ظلماً وجورا .
بل إن الديانات السماوية كاليهودية والنصرانية ، وكبار العلماء كما جاء ذلك في الزبور والتوراة المتداولين .
أما في الإسلام ففلسفتها كبيرة جداً خاصة عند الشيعة،مما ورد ذلك عن أئمتهم (ع) عن الرسول (ص) .
نعم من حيث الصغرى ، اختلف الشيعة والسنة في ذلك ، بمعنى من هو ، وهل هو من صلب الإمام الحسن أ م الحسين (ع) ، وهل وُلِد ام لا ، وغير ذلك من المفصلات .
وكثيراً ما يشنع الغير في هذا المعتقد على الشيعة الإمامية ، وما كتب كاتباً عن الشيعة إلا واتخد من عقيدتهم بالمهدي وسيلة للسخرية والتهريج ، ووضع للفكر حواشي ورتب عليها لوازم واشرع سلاحه ، وتفهيق بكلامه ، وصال وجال ، وكانه اكتشف كشفاً ضخماً ، وأنه وحده العبقري ، وأن غيره الأخرين بلهاء .
أن فكرة الإمام المهدي (ع) في نطاق العقيدة الدينية ، بغض النظر عن تفاصيلها ، موضع اتفاق جمهور المسلمين ، فإن روايات المهدي وانتظار الفرج على يديه وظهوره ليملأ الأرض عدلاً ، وردت عند كل من الشيعة والسنة كماً، وممن رواها من أئمة السنة :
احمد بن حنبل في مسنده
الترمذي في سننه
وأبو داوود في سننه
وابن ماجة في سننه
والحاكم في مستدركه
والبغوي في مصابيحه
وابن الأثير في جامع الأصول
ومحي الدين ابن العربي في الفتوحات المكية
وتذكرة الخواص لابن الجوزي
والحموي في فوائذه
وابن حجر في صواعقه
والقندوزي الحنفي في ينابيعه .
وقد الف عدة علماء من السنة كتباً مستقلة حول الإمام المهدي (ع) ومنها :
1-البيان في أخبار صاحب الزمان ، للكنجي الشافعي .
2- عقد الدرر في أخبار الإمام المنتظر للشيخ جمال الدين يوسف الدمشقي .
3- مهدي آل الرسول ، لعلي بن سلطان محمد الهروي الحنفي .
4- كتاب المهدي تأليف أبي داود .
5- علامات المهدي لجلال الدين السيوطي .
6- مناقب المهدي للحافظ أبي نعيم الأصفهاني .
7- القول المختصر في علامات المهدي المنتظر لابن حجر .
8- البرهان في علامات مهدي اخر الزمان لعلي المتقي .
9- أربعون حديثاً لأبي العلاء الهمداني .
10- الحلية في نعت المهدي لأحمد بن عبدالله أبو نعيم .
11- مشكاة المصابيح لمحمد بن ابراهيم الحموي .
15- جواهر العقدين للسمهوري .
نعم انفردت الشيعة الإمامية - اعزهم الله تعالى - عن بقية فرق المسلمين بقولهم انه ابن الحسن العسكري(ع)، وانه ولد وغاب عن الأنظار،وهو الحق وكثيراً ما شنع عليهم بسبب ذلك وسوف ننظر حول ذلك ، وننظر كذلك في شبهاتها .
لم ينكر بعض علماء السنة ولادة المهدي وحياته وغيبته وعدم وفاته (ع)،ومن هؤلاء العلماء الذين يعتقدون بأن المهدي هو محمد بن الحسن العسكري الإمام الثاني عشر من أئمة اهل البيت ، وانه ولد ، وانه لا يزال حياً وسيظهر في اخر الزمان فيملأ الأرض قسطاً وعدلا ، وينصر الله به دينه ، وهم بذلك يوافقون أقوال الشيعة الإمامية ، منهم :1- محي الدين ابن العربي في الفتوحات المكية .
2- سبط الجوزي في تذكرة الخواص .
3- عبدالوهاب الشعراني في عقائد الأكابر .
4- ابن الخشاب في تواريخ مواليد الأئمة ووفياتهم .
5- محمد البخاري الحنفي في فصل الخطاب .
6- أحمد ابراهيم البلاذي في الحديث المتسلسل .
7- ابن الصباغ المالكي في الفصول المهمة .
8- العارف عبدالرحمن في مرآة الأسرار .
9- كمال الدين بن طلحه في مطالب السؤول في مناقب آل الرسول .
10- القندوزي الحنفي في ينابيع المودة .
ولو تتبع الباحث،لوجد في علماء السنة والجماعة أضعاف من ذكرنا،يقولون بولادة المهدي،وبقائه حياً حتى يظهره الله تعالى .
وبعد هذا لم يبقَ معنا من أهل السنة إلا المنكرون لولادته وبقائه حياً ، بعد اعترافهم بصحة الأحاديث . وهؤلاء ليسوا حجة على غيرهم من القائلين منها .