فالهادئ اعصابه وعضلاته مرنة شديدة ؛
وهي تحتفظ دومآ بتوازن عادي ؛
ودرجة معتدلة من الراحة والاسترخاء ؛
الهادئ يفكر باستقامة ؛
ولا يبذر طاقته الفكرية سدى .
استقامة الهادئ تبدو في عاداته ؛ وتتمثل في مسلكه اليومي ؛
فهو يبدأ عمله في ساعة موقوتة ؛ ويسير فيه دون إسراع ؛
ويشتغل بما يعود بالنفع عليه وعلى غيره ؛
وينال أقصى ما يستطيع من إنتاج بأقل ما يمكن من التعب .
الهادئ يفيد من أيام راحته وساعات فراغه ؛
لأنه يعيش متملياً من حاضره ؛ ولا يرهق نفسه بأحزان الماضي ؛
ولا بمخاوف المستقبل .
الهادئ يمتنع بطبيعته من إظهار تبرمه في حضور الآخرين ؛
كما يمتنع عن إبراز انهماكه بهم .
وهو يصغي لما يلقى إليه دون أن يبالغ في التعجب
أو التواضع أو الامتنان أو أي رد فعل داخلي ؛
الهادئ يسيطر على ما قد يشعر به من فراغ صبر ؛
أو غضب ؛ أو حدة ؛
الهادئ يتكلم بدقة ووضوح وإيجاز ؛
وليس لكلامه تدفق العجول الذي يريد التخلص من عبء يرهقه ؛ ولذا ؛
يفهم كلامه كل من يسمعه .
حضور الهادئ يشيع الطمأنينة في نفوس الحاضرين ؛
ويجعلهم يشعرون معه بأنس ؛ وإقبال على الحياة .
لا يتقبل الهادئ شيئاً مما يعرض عليه من أفكار وآراء ؛
إلا ويجيل النظر فيه ؛ ويتثبت من صحة ما يوحى إليه ؛
المفاجآت ؛ والمعاكسات ؛ وخيبة الأمل ؛ والصدمات وما إليها ؛
من الأحداث لا تفصله عن الحياة ؛
أشياء لا تزعزع كيانه ؛ ولا تضعضع توازنه .
إذا حدث للهادئ خطب رهيب يشل جهود أعوام أو يقضي على آمال جسام ؛
لا يذهب به الحزن في مجاهل لا رجعة له منها ؛
ولا يوغل به العذاب في عتمة التشاؤم الخاذل المخذل ؛
وإنما يحتفظ بثقة في نفسه ؛
ويستجمع قواه لتلافي النتائج السيئة ؛
وبناء مستقبل يرضى عنه .
الهادئ يتألم موضوعياً لا ذاتياً ؛
بمعنى أنه لا يعطف على نفسه في الملمات الكبار ؛
ولا يحنق من أجلها ؛
وإنما يعيد النظر دوماً في الماضي ؛ وبكل روية وأناة ؛
إلى أن يستعيد قوته رويداً رويداً ؛ وتشتد معنوياته ؛
فيستأنف خوض معركة الحياة وهو مسلح بالعبر الماضية ؛
والمواقف السابقة ؛
حتى إذا واجه معارك جديدة ؛
قال في نفسه : -
" لقد عرفت غيرها من قبل ! " ؛