قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (يا علي! حق الولد على والده، أن يحسن اسمه، وأدبه، ويضعه موضعاً صالحاً)(1).
إن الطفل منذ بدء حياته يحتاج إلى أن يشعر أنه يعيش في محيط أمن واستقرار، وأنه موضع اهتمام من قبل أفراد العائلة، ويظهرون علاقتهم به، ولكن هذه الرغبات لا تتحقق دائماً، ففي بعض الأحيان يدفعون الطفل إلى الاعتقاد بأنه ضار، أو أنه زائد في حياة العائلة ولا يريده أحد، فلا يوجد طفل يقبل بهذا الوضع أو هذا الأسلوب من التعامل، دون إبداء رد فعل نفسي وسلوكي نحوه.
لذا فإن التربية الصحيحة هي إحدى الأركان المهمة لنجاح وسعادة الإنسان، طوال أيام حياته، والتربية الصحيحة تخلق من الشخص إنساناً معتدلاً يمكن معاشرته، تنظم غرائزه ورغباته، عائلياً واجتماعياً، وتجعلها منسجمة مع المجتمع، وتصون الشخصية من الإفراط في إرضاء ميوله النفسية، وفي المقابل فإن التربية غير الصحيحة، تبعث على الاختلاف وعدم الانسجام في العائلة والمجتمع.
قلق الأطفال: قال الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): (إنما قلب الحدث كالأرض الخالية، ما ألقي فيها من شيء قبلته)(2).
إن أول المربين للطفل في محيط العائلة هم الآباء والأمهات، فهما اللذان ينسجان أخلاقه وخصاله، ويركزان فيه أسس الفضيلة أو الرذيلة من خلال أقوالهم وأفعالهم، فينشأ الطفل وفق أساليبهم الصحيحة أو الخاطئة فالأطفال الذين يتربون عند أبوين جاهلين بأصول التربية الصحيحة ينشأون مضطربين يتملكهم الخوف والقلق والحرمان العاطفي، تقول د. كارل هوناري: (إن الطفل يشعر دائماً بالقلق والاضطراب نتيجة ضعفه الجسمي وعدم مقاومته للدفاع عن نفسه أمام عالم مملوء بالرعب)، وتضيف قائلة: (بالإضافة إلى هذا القلق واللاأمن الطبيعي، فإن من يحيطون بالطفل أيضاً يزرعون فيه الكثير من الخوف والاضطراب نتيجة أخلاقهم السيئة) (3).
فمن هذه السلوكيات السيئة إجحاف الوالدين وتسلطهم على الأولاد بحجة التربية والعطف، وهناك عوامل أخرى تؤدي إلى الخوف والتزلزل الروحي والاضطراب النفسي لدى الطفل ومنها: عدم الاهتمام بالطفل وبما يحتاجه وعدم الإرشاد الصحيح، والتفرقة بين الأطفال، والملامة الزائدة.
قال أمير المؤمنين (عليه السلام): (إذا عاتبت الحدث، فاترك له موضعاً من ذنبه، لئلا يحمله الإحراج على المكابرة)(4).
وأعمال أخرى مشابهة، فإن عدم الاعتناء بالطفل وتحقيره، أي إجحافه وعدم احترام شخصيته تولد لديه حالة من الغضب والاضطراب النفسي الدائم والعميق.