دراسة تحليلية حول عمل المرأة خارج المنزل
تأليف "محمد حسين مرتضى"
الناشر: دار جواد الأئمة (ع) بيروت لبنان
استوقفني هذا الكتاب بمضمونه وبإيمان كاتبه بأهمية حفظ المرأة في البيت وصيانة كرامتها من كل شبهات التضليل المعاصرة.. فهو يرى أن خروج المرأة إلى المؤسسات والدوائر الرسمية ونحو ذلك من الابتلاءات التي ابتليت فيها الأسرة في العصر الحاضر والادعاءات الباطلة في مشاركة المرأة الرجل في جميع شؤون الحياة وأن من حقها أن تتعلم جميع العلوم لأن ظروف الحياة تغيرت عما كانت في القرون الغابرة وهذا يقتضي أن تشارك المرأة الرجل في الأمور السياسية والاقتصادية والاجتماعية ومن حقها أن تمثل الشعب على مستوى نائبه أو وزيرة أو رئيسة جمهورية فلم يبق شيء للرجل يمكن أن يصل إليه أو يقوم به إلا وأقحموا المرأة وقد دفع هذا الأمر الكاتب ليدرس آيات القرآن الكريم وسنة الأئمة المعصومين عليهم السلام دراسة دقيقة ومتأنية ليصل بنتيجة حاسمة حول هذه المسألة فهل لعمل المرأة خارج المنزل حكم أولي إيجابي بقول مطلق كالرجل أم أن الضرورة تقدر بقدرها؟
ففي الفصل الأول تناول (عمل المرأة في رحاب القرآن الكريم) واستدلاله بالآيات الدالة على ذلك، ففي آية بنات شعيب عليه السلام اللتان كانتا ترعيان الغنم وذلك لعدم وجود أخوة لهما بحسب الظاهر وأن أباهما شيخ كبير لا يستطيع أن يقوم بهذا العمل ولا يجد الشخص الأمين الذي يستأجره.
والثانية حالة الحياء عند بنت شعيب حيث وصف تعالى مشيها بالوقار والرزانة.
والثالثة رغبة بنت شعيب بأن لا تعمل خارج المنزل ولهذا طلبت من أبيها استئجار النبي موسى (ع) قائلة "يا أبتي استأجره فإن خير من استأجرت القوي الأمين".
وهذا يدل أن عمل المرأة في الخارج يأتي كحالة طارئة وضرورية تفرضه الظروف الاقتصادية الطارئة.
- ثانياً: آية ملكة سبأ
فحينما تفقد النبي سليمان الهدهد وتهديده فيما لو كان عدم وجوده مع الطير من دون حجة تبين عذره، فأجابه الطير بخبر مهم من منطقة في بلاد اليمن تدعى سبأ وهو أنه وجد امرأة قيل اسمها (بلقيس بنت شراحيبل الحميرية) تحكم أهل المنطقة "وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ" سورة النمل آية 24.
والشاهد هنا هو قول الهدهد (إني وجدت امرأة تملكهم) حيث استنكر الهدهد هذا الأمر والمستنكر هنا والمستقبح لا نفس المرأة وذاتها بل الفعل ذاته فحاكمية المرأة للرجال هي المنبوذة والمستقبحة ولهذا لما بلغ رسول الله صلى عليه وآله وسلم أن أهل فارس قد ملكوا عليهم بنت كسرى (بوران) قال: لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة".
- آية السكينة قوله عز وجل "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ" سورة الروم آية (21).
فالرجل يسكن إلى المرأة أي يهدأ اضطرابه وتسكن شهوته عند زوجته، لكن المأساة كما يذكر الكاتب عندما تكون الزوجة عاملة وموظفة ولا تأتي في شغلها إلا بعد الظهر مثلاً وبحالة منهوكة وتعبة وتريد أن ترتاح وليس في مزاج يهيئ للزوج متعته وأنسه فإن السكينة تنعدم والاستقرار يُبلى وهذا من تداعيات خروج المرأة إلى سوق العمل.
وفي الفصل الثاني يتناول الكاتب (عمل المرأة في رحاب سنة الأئمة المعصومين عليهم السلام).
إذ أشارت روايات أهل بيت العصمة والطهارة تصريحاً وتلويحاً وبالملازمة لعمل المرأة خارج البيت في أبواب ومجالات متعددة حسب الضرورة.
عن النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم: "أعروا النساء يلزمن الحجال".
أعْروا من العري وهو التجرد من الثياب والحجال جمع حجلة وهو بيت يزين بالثياب والستور ونحو ذلك للمرأة والحديث هنا يشير إلى شدة الحرص على عدم السماح للمرأة بالخروج من بيتها من دون ضرورة فالمرأة العفيفة ذات الحياء لا تخرج متزينة متبرجة وينبغي الحرص والغيرة عليها حتى لا تصبح مسألة الخروج من المنزل عندها عادة وعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام قال: "أقلوا لهن (أي النساء) من الهيئة حتى لا يسألن الخروج". وهو عدم طاعة المرأة في كل ما تريد من اللباس ونحوه فيرغبها ذلك في الخروج والحصول ما لا يرضاه الشارع المقدس.
ويذكر كشاهد على هذا الأمر حصر عمل السيدة الزهراء في بيتها فعن أبي عبد الله عليه السلام عن أبيه عليه السلام قال: تقاضى علي وفاطمة إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الخدمة فقضى على فاطمة عليها السلام بخدمتها ما دون الباب وقضى على علي عليه السلام بما خلف الباب فقالت فاطمة فلا يعلم ما دخلني من السرور إلا الله بإكفائي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تحمل رقاب الرجال (أي أكفاها الله عز وجل عدم الظهور بين الرجال ومخالطتهم من غير ضرورة) وغيرها من الأحاديث المشروحة المفصلة في هذا الفصل.
ثم يأتي الفصل الثالث من الكتاب وهو (مفاسد عمل المرأة خارج المنزل) ومنها كما يشير الكاتب.
- ازدياد بطالة الرجال إذ بلغت نسبة البطالة في بعض المجتمعات 50% فالمرأة شغلت مساحة كبيرة من سوق العمل التي يفترض أن يشغلها الرجال.
- ارتفاع معدلات المهور في الزواج وازدياد متطلبات المرأة التي فاقت إمكانيات الشاب ذو الدخل المتوسط.
- إهمال المرأة لدورها في البيت.
وفي الفصل الرابع يتناول الكاتب (مستثنيات خروج المرأة من بيتها):
إذ يظهر في جملة من الآيات والروايات التي ترخص المرأة للخروج من منزلها وممارستها لجملة من الأعمال دون كراهية منها:
1- الخروج لتأمين مخارج قوت الحياة.
2- الخروج لتعلم أحكام دينها.
3- الخروج للتمريض.
4- الخروج لتهيئة طعام للمجاهدين وتشجيعهم على القتال ومساعدتهم.
5- الخروج لفعل الخيرات والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
6- الخروج لعيادة المؤمنين.
وفي الختام يذكرنا الكاتب القدير بموعظة ولطيفة هي "القناعة والكفاف والرضا بقسمة الله والعفاف هي أن نقنع بما قسمه الله عز وجل لنا من الرزق والرضا بالكفاف وعدم السعي وراء الكماليات حتى لا نكون من الذين أذهبوا طيباتهم في الحياة الدنيا فحرموا منها في الآخرة مصداقاً لقوله عز وجل:
"وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُم بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَفْسُقُونَ". سورة الأحقاف آية 20.
إنها دراسة موضوعية مبنية على أسس شرعية مقنعة يمكن أن ترجع إلهي المرأة في حراكها الاجتماعي وتستند عليه في إضفاء الشرعية على سلوكها داخل الأسرة وخارجها..............(منقولة) تحياتي اخوكم سيد علي الموسوي