المشكلات التي تعاني منها الأمة الإسلامية لكثرة المدّعين بالمهدوية زوراً والمنحرفين الضالين لأن فكرة الإمام المهدي (عليه السلام) هي إشباع لكل الطموحات فانتشرت هذه الفكرة منذ فجر التاريخ الديني ، فهي أغنى عطاء وأقوى إثارة لأحاسيس المظلومين والمعذبين على مر التاريخ ، ولذلك نرى المدعين يستغلون المغفلين والجهّال من الناس لتحقيق مآربهم وأهدافهم في النيل من الإسلام والمسلمين وبالخصوص أتباع أهل البيت عليهم السلام بسبب عدم المعرفة الإسلامية ، لذا نقول لكل مسلم عليك أن تتحلى بالثقافة الإسلامية العليا لدحض وإبطال وتكذيب المنحرفين والمدعين الذين يعيثون في الأرض فساداً ونشر ما يميز المرحلة التي يقدر للإمام أن يظهر فيها .
ونحن من موقعنا هذا وشعورنا بالحاجة الماسة إلى نشر وبيان مفاهيم الإسلام الأصيلة ومبادئه الإنسانية عزمنا بعد التوكل على الله تعالى على إبطال وتكذيب من يدعي أنه المهدي زوراً أو بإدعائه زوراً أن له التماس بالإمام المهدي (عليه السلام) وذلك بإدعائه بأنه وصي أو نائب أو رسول الإمام أو بأنه مبعوث من قِبل الإمام .
ومن خلال هذا الموقع نرد ونبين كذب إدعاء أهل الباطل بالأدلة القاطعة والبراهين الساطعة وحسب الأدلة الشرعية والعقلية .
« وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ{11} أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَـكِن لاَّ يَشْعُرُونَ {12} » "1" .
إن فكرة المهدوية في الدين الإسلامي فكرة ضرورية اعترفت بها جميع الفرق الإسلامية ، هي فكرة إسلامية نابعة من صميم الدين الإسلامي أقرّت بها جميع الفرق الإسلامية ومنهم الإمامية الذين اعتقدوا بنظرية الإمامة .
ويذكر الشيخ نصر الله الصافي في كتاب منتخب الأثر ستة آلاف رواية تدل على أن المهدوية من صميم الدين الإسلامي وأنه يظهر آخر الزمان المهدي الذي اسمه محمد يوافق اسم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ويملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعدما ملئت جوراً وظلماً .
واليوم نرى كثير من المدّعين بالمهدوية كذباً يرفعون شعارات برّاقة ليظلوا أكبر عدد من المسلمين الذين ينتظرون ظهور رجل(وهو الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه) يقيم الحق ويمحق الظلم ويصلح شأن العالم ، قال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) « لو لم يبقى في الدنيا إلّا يوم واحد لطّول الله ذلك اليوم حتى يبعث فيه رجلاً من أهل بيتي اسمه اسمي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً » .
فنرد وبالأدلة الشرعية على المدعين بالمهدوية كذباً حتى يستفيق من تبعهم فنقول لدعاة المهدوية الذين أغواهم الشيطان فأنساهم ذكر الله وبالخصوص الموجودون الان على الساحه
الإمام السجاد علي بن الحسين (عليهم السلام ) حيث قال : « والله لا يخرج واحد منّا قبل خروج القائم (عليه السلام) إلّا كان مَثله مثل فرخ طار من وكره قبل أن يستوي جناحاه فأخذه الصبيان فعبثوا به » "2" ، وأيضاً يرد عليك مولانا وإمامنا جعفر الصادق (عليه السلام) عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام ) قال :« كل راية تُرفع قبل قيام القائم فصاحبها طاغوت يُعبد من دون الله عزّ وجل » "3" .
.................................................. ...............
(1) سورة البقرة .
(2) الكافي ج8 صـــ 264 ح 382 .
(3) المصدر السابق صـــ 295 ح 452 .
.................................................. ..............
إذن كل دعوة خرجت قبل قيام القائم فهي راية ظلال وصاحبها طاغوت ، قال الإمام المهدي(عليه السلام) في التوقيع الذي أخرجه السفير الرابع علي بن محمد السمري(رضي الله عنه): « ..... إن من أدعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كذّاب » ، وعن الصيحة اختصت بها مصادر الإماميه وأكثرت من روايته وأكدتها فمن ذلك ما رواه النعماني في الغيبة "1" عن أمير المؤمنين(عليه السلام) إنه كان يتحدث عن بعض العلامات : قلنا « هل قبل هذا الشيء من شيء ، أو بعده من شيء ، فقال : « صيحة في شهر رمضان تفزع اليقظان وتوقض النائم وتُخرج الفتاة من خدرها » .
وفي رواية أخرى "2" عنه(عليه السلام) إنه قال : فيما قال: « الفزعة في شهر رمضان » فقيل وما الفزعة في شهر رمضان . فقال : « أوما سمعتم قول الله عز وجل في القرآن « إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِم مِّن السَّمَاء أيةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ » الشعراء 4 ، هي أية تُخرِج الفتاة من خدرها وتوقظ النائم وتُفزع اليقظان » وعن "3" أبي عبد الله الصادق(عليه السلام) إنه قال: « للقائم خمس علامات .... وعد منها الصيحة من السماء » .
وفي رواية أخرى "4" عن الإمام الباقر(عليه السلام) فيما قال: « فتوقعوا الصيحة في شهر رمضان وخروج القائم إن الله يفعل ما يشاء » .
وروى الشيخ الصدوق في ألإكمال"5" عن الإمام الباقر(عليه السلام) في حديث عن المهدي(عليه السلام) ، قال: « ومن علامات خروجه..... وعدها ، منها : وصيحة من السماء في شهر رمضان » ونكتفي بهذا القدر من الروايات الصحيحة التي تدل على حتمية وقوع الصيحة .
.................................................. ....
1) صــ137 .
2) الغيبة للنعماني .
3) الغيبة للنعماني .
4) غيبة الشيخ الطوسي صـ135 .
5) أنظر المصدر المخطوط .
............................................
ونقول لكم إن الصيحة السماوية بمنزلة اعتراف السماء بشرعية قيام القائم المهدي(عليه السلام) واثبات الحقيقة التي اخبر بها القرآن الكريم والنبي العظيم وأهل بيته الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين .
ومن البديهي انه ليس المقصود من الصيحة السماوية هو صوت الرعد أو المدافع أو الصواريخ أو الرؤيا أو ما شابه ذلك مما هو من فعل البشر ، بل هو كلام واضح المعنى وبصوت جبريل الأمين ينادي باسم الإمام المهدي(عليه السلام) بحيث لا يستطيع أحد أن يتجاهل تلك الصيحة ، جاء في الكافي عن أبي عبد الله(عليه السلام) في قول الله تعالى « سَنُرِيهِمْ آياتنا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ » فصلت53 ، إنه فسرها بآيات وعلامات ما قبل الظهور وفسرَّ تبين الحق بخروج القائم(عليه السلام) .
وهو الحق من عند الله يراه الخلق ولابد منه ، وبهذه الآية الحتمية ينتهي زمن الغيبة الكبرى وإعلان عن ظهور القائم(عليه السلام) .
ونحن نقول لمن لا يتحمل ذهنية هذا القول الكريم أو تعجز عقيدته عن استيعاب حدوث هذه الصرخة السماوية المدوية نقول له إن صوت إذاعة القائم بالحق(عجل الله تعالى فرجه) لن يكون أضعف من صوت إذاعات غيره من البشر ونقول له أيضاً إن الصيحة هي مفتاح الباب لظهور الحجة(عليه السلام) قال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): « إن القائم لا يقوم حتى ينادي منادي من السماء..... » "1" ، وأقول لمن أفقد الشيطان بصيرته إن الأحاديث أكدت على الصيحة قبل الظهور ونحن لم نسمع لها حسيس يشير إلى ظهوره(عليه السلام) ومن يقول عكس ذلك فقد خالف النصوص الصحيحة التي سمعناها ،
فلا ينبغي لكم أن تنسوا إن الإمام المهدي(عليه السلام) يدافع عن شيعته ما داموا على الخط الشيعي الصحيح ، أما إذا انحرفوا عقائدياً أو سلوكياً فأن الأمر مختلف والجناية تّضعف .
.................................................. .............
فاتقوا الله جل جلاله وظاهرونا على انتياشكم من فتنة قد أنافت عليكم ،فيأمركم الإمام(عليه السلام) بتقوى الله سبحانه والابتعاد عن المعاصي التي تجلب أنواع البلاء ، إن الإمام المهدي(عليه السلام) الذي يتجسد في الإسلام والذي يمثل جده صاحب الشريعة الإسلامية رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)وأجداده الطاهرين(عليهم السلام)لا يتجاوب مع المستهزئين الذين لا يبالون بالقيم الإسلامية وأحكام الدين ، فالإمام المهدي(عليه السلام) ألزمنا بتكذيب وفضح كل مدّعي باسمه قبل الصيحة والسفياني ،
وعلى علماؤنا الأبرار ان يردون على الدعوات الباطلة من أجل إنقاذ المجتمع الإسلامي من فتنة .
قال تعالى: « بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ » الأنبياء18
حيث لابد من إثبات أو تقديم بعض الأمور الملموسة للناس من طرف الإمام التي بمفهومها البسيط فأن الفرد العادي لا يستطيع الإتيان بها لكي تكون حجته صحيحة وادعاءه مقبول بطبيعة الدليل فيا من تعطشتم وتشوقتم للقاء الإمام المهدي(عليه السلام) حتى بدأتم بتصديق أي ادعاء يحمل اسم الإمام المهدي(عليه السلام) زوراً أو أي شخصية تمد بصلة إلى الإمام ولم تبحثوا في شخص المدّعي أو نسبه وتناسيتم الأمر الذي من اجله دخلتم في هذه الدعوة وأصبحتم دعاة لشيء لم تعرفوه فاسألوا أنفسكم هل رأيتم شخص الإمام؟؟!! هل قدم لكم توقيعاً وبرهاناً أو دليلاً من الإمام ليبين صدقه؟؟!! ثم كيف تجاهلتم خط النيابة العامة(العلماء المجتهدين العاملين) وخط النيابة العامة هو امتداد من الإمام حيث إن العلماء هم الذين ينفون عن الدين تحريف الضالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين لا غيرهم فالعلماء هم الذين يقفون بوجه دعاة المهدوية زوراً؟؟!! وإلا فمن الذي يدافع عن الدين والعقيدة الإسلامية (لذا نرى خلال هذه القرون) أفراد نسبت إليهم المهدوية أو سولت لهم أنفسهم المهدوية كذباً وزورا وقد أحصاهم بعض المؤرخين فبلغوا أكثر من خمسين رجلاً والحمد لله لم تبقى منهم بقية بفضل العلماء ، واليوم نرى علماؤنا الأبرار يردون على المدعين زورا فقد نلاحظ على مر التاريخ إن النيابة العامة هي خط محفوظ يتصدى على مر التاريخ للدعوات الباطلة المهدوية زوراً فيقوم بفضح وتبطيل الأدلة التي هي وهم ، فلو كانت الدعوات المهدوية زوراً من الإمام المهدي(عليه السلام) سوف تخل بالعصمة لأن العلماء يكذّبون المدعين والمدّعون يكذبّون ويفترون على العلماء وهذان نقيضان ، لأن دعاة المهدوية زوراً يقولون أنهم مبعوثون من الإمام علماً إن الإمام المهدي(عليه السلام) يوجب علينا تكذيبهم وتكذيب كل مدعي بالمهدوية ما لم تقع الصيحة... والسفياني... وغيرها من العلامات الحتمية السابقة للظهور .
لأن الإمام المهدي(عليه السلام) الذي بشر به رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة(عليهم السلام) موصوف بصفات خاصة لا يرتقيها احد إلا الإمام المهدي(عليه السلام) وأشهر تلك الصفات انه يملئ الأرض قسطاً وعدلاً بعد أن تملأ جوراً وظلماً ،فهل يستطيع اين من يدعي المهدويه أن يرفع شيئاً من الظلم الذي انتشر في المجتمعات البشرية ؟؟؟
لما كان ثابتاً عند المسلمين – منذ عهد الرسول الأعظم والأئمة الطاهرين من بعده – القول والاعتقاد بالإمام المهدي(عليه السلام) ، وكانت هذه الحقيقة مشهورة عند المسلمين ، معروفة لديهم لكثرة الأحاديث حولها ولم يكن أحد يتجرأ على تكذّيب هذه الحقيقة في ذلك الزمان ، فقد ظهر خلال فترات التاريخ المنصرمة أفراد نُسبت أليهم المهدوية أو أدعوا الوكالة والسفارة والوصاية وذلك انطلاقاً من هذه العقيدة والحقيقة ، أي إنه لوجود منشأ لذلك الأمر – أمر الإمام صاحب الزمان وأن يظهر الله العدل على يده وينتقم من الظلمة وما إلى ذلك – فقد جهد المحتالون والمنكرون للخوض في هذه المسألة وإضفاء الشرعية على تصرفاتهم وألاعيبهم الشيطانية وذلك بصيغها بهذه الصيغة ألا وهي صيغة الإمامة أو الوكالة أو السفارة وذلك لعلمهم أن الناس بفطرتهم يميلون إلى التدين ويرفضون الظلم ويحبون العدل كما يشير إلى ذلك قوله تعالى « فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ... » الروم30 .
إذ إن الشيطان وأتباعه لا حاجة له بعمل المكائد والخدع للناس الضالين المضلين وإنما يتربص بالمؤمنين ليحرفهم عن طريق الاستقامة وبذلك يزداد عدد أولياءه وبذلك يحصل له التشفي بذرية آدم إذ هو توعدهم بالإظلال والغواية إلا عباد الله المخلصين فأنه ليس له سلطان عليهم كما ذُكر ذلك في القرآن الكريم ومن هذا كله فقد كان أدعياء المهدوية وما يلحق من عناوين أخرى بها يتشبثون لتبرير ما يدّعونه بواسطة الأحاديث الواردة عن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته الطاهرين فالقسم الذي نسبَ المهدوية إلى زيد بن علي مثلاً كان مستنده الحديث الوارد عن الرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم): « إن المهدي من صلب الحسين ويخرج بالسيف وهو ابن سبيه » ، فطبقوا هذا الحديث على زيد ولم يلتفتوا إلى الأحاديث الأخرى المروية عن الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) التي يقول فيها : « الأئمة بعدي إثنا عشر ، تسعة من صلب الحسين ، تاسعهم قائمهم » ولم يكن زيد الإمام التاسع من صلب الحسين(عليه السلام) "1" .
ولا ينقضي العجب من قلة حياء هؤلاء المدعين للمهدوية وصلافتهم ، فكيف كانوا يتجاهلون بهذا الكذب الفاضح المخزي وهم يعلمون أنهم يكذّبون في أدعائهم ؟؟!! إذ إن الإمام المهدي(عليه السلام) الذي بشّر به الرسول والأئمة الطاهرين(عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام) له صفات خاصة يتميز بها وهو يملأ ألأرض قسطاً وعدلاً بعد أن تملأ ظلماً وجوراً ولم نرى أحداً من أولئك الكذّابين يرفع شيئاً من الظلم الذي أنتشر في المجتمعات البشرية.
وجدير ذكره إن الاستعمار في عصرنا الحديث كان له دخلاً في تلك المسألة لمّا عَرَفَ إنها من العقائد التي يعتقد بها نسبة كثيرة من المسلمين فتسلل عن هذا الطريق فوضع الخطط لضرب الإسلام وتفريق كلمة المسلمين كي يتحقق هدفه الاستعماري(فرّق تسد) .
ومن الخطط الجهنمية التي وضعها في هذا المجال هو إيجاد المذاهب المتعددة في المسلمين والتلاعب بالمعتقدات الدينية لإيجاد الوهن فيها وتضعضع القلوب والأفكار ، فقد انتهز الاستعمار هذه الفكرة – المهدوية – وربّى بعض الأفراد تربية استعمارية وأمرهم أن يدّعوا تلك الادعاءات الواهية وساعدهم بالمال وغيره .
أما الأمر في هذه الأيام فقد كثر دعاة المهدوية والوصاية والرسالة عن الإمام المهدي(عليه السلام) إذ إن الظروف الراهنة أخذت تزداد سوءاً يوماً بعد يوم وهذا الأمر يجعل الناس تترقب ظهور المصلح والمنقذ ليخلصها من الظلم والجور الذي انتشر في ربوع الأرض فكان هذا الترقب فرصة سانحة استغلها الدّعاة ليمرروا من خلالها ألاعيبهم الشيطانية على السُذّج من الناس وذلك بإيماء من أسيادهم المستعمرين وعلى رأسهم إسرائيل اللقيطة والشيطان الأكبر أمريكا المجرمة .
ومما يجدر ذكره إن هذا المدّعي الذي أدّعى المقامات وهو بعيد كل البعد عن أن يصل لمثلها وجِهت له بعض الأسئلة من بعض الناس الواعين لذلك المسلك فأخذ في الإجابة عليها في اللف والدوران والابتعاد عن الجواب الحقيقي وذلك لعدم إلمامه بذلك وعدم معرفته به علماً إنه يدّعي الاتصال بالإمام وهو رسول عنه وما إلى ذلك من التخرصات والأباطيل التي ما أنزل الله بها من سلطان .
الفتاوى السديدة للمرجعية (حديثاً):
وجه استفتاء إلى المرجعية حول الادعاءات الكاذبة في العصر الحديث:
سماحة آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني (دام ظله).
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
ظهرت في الآونة الأخيرة ادعاءات السفارة للإمام المهدي عليه السلام، بل يدّعي البعض أنه الإمام المنتظر، وقد استغل هؤلاء انعدام المعايير الصحيحة لدى البعض، نتيجة الجهل، والتجهيل المتعمد من قبل الظالمين، والفقر، وانفلات الوضع الأمني، الذي ابتليت به أمّة المسلمين عموماً وفي العراق بالخصوص.
وقد بان بطلان وفضيحة من ادعى ذلك، في زمن الغيبة الكبرى بعد السفير الرابع أبي الحسن عليّ بن محمد السمري (رضوان الله عليه)، وبقي بعضٌ لم يتبيّن للناس زيفه، وقد انهالت على مركزنا الأسئلة حول هذا الموضوع، ولما كانت المرجعية الدينية هي الحصن الحصين للمذهب ولأبنائه لذا كان من الواجب أن نتوجّه إلى سماحتكم ممثلين عموم الشعب المؤمن الموالي لأهل بيت النبوة عليهم السلام، آملين من سماحتكم بيان الرأي في ردع هذه الدعاوى، وبيان المعايير التي يصح فيها ادعاء مثل هذه المدعيات، حتى يتبين للمؤمن: كيفية التمييز؟ ومتى يصدّق؟ ومتى يكذّب؟ هذه الدعاوى.
أدام الله ظلكم الوارف على رؤوس الأنام ولاحرمنا من فيوضاتكم المباركة..
أجاب المرجع الديني الأعلى سماحة آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني (دام ظله):
قال أمير المؤمنين عليه السلام في كلام له لكميل بن زياد رضوان الله عليه:
(الناس ثلاثة: عالم ربّاني، ومتعلِّم على سبيل نجاة، وهمج رعاع أتباع كل ناعق، يميلون مع كل ريح، لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يلجأوا إلى ركن وثيق).
إن من أهم الواجبات على المؤمنين في عصر غيبة الإمام عجل الله فرجه الشريف هو أن يتعاملوا بتثبّت وحذر شديدٍ فيما يتعلق به عليه السلام وبظهروه وسبُل الارتباط به، فإن ذلك من أصعب مواطن الابتلاء ومواضع الفتن في طول عصر الغيبة.
فكم من صاحب هوى مبتدع تلبس بلباس أهل العلم والدِّين ونسب نفسه إليه عليه السلام، مستغلاً طيبة نفوس الناس وحُسن ظنهم بأهل العلم وشدة تعلقهم بأهل بيت الهدى عليهم السلام وانتظارهم لأمرهم، فاستمال بذلك فريقاً من الناس وصلت به إلى بعض الغايات الباطلة، ثم انكشف زيف دعواه وقد هلك وأهلك الكثيرين، وكم من إنسان استرسل في الاعتماد على مثل هذه الدعاوى الباطلة والرايات الضالة، بلا تثبّت وحذر، فظنّ نفسه من المتعلمين على سبيل نجاة ولكنه كان في واقعه من الهمج الرعاع، قد تعثر بعد الاستقامة وخرج عن الحق بعد الهداية، حتى اتخذ إليه عليه السلام طريقاً موهوماً، بل ربما استدرج للإيمان بإمامة غيره من الأدعياء، فاندرج في الحديث الشريف (من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية).
وقد اتفق من هذه الحركات منذ الغيبة الصغرى إلى هذا العصر شيء كثير حتى أنه ربما كان في زمان واحد عدد من أدعياء الإمامة والسفارة، بحيث لو وقف الناظر على ذلك لكان فيه عبرة وتبصّر، ولتعجّب من جرأة أهل الأهواء على الله سبحانه وعلى أوليائه عليهم السلام بالدعاوى الكاذبة التي وصلت إلى شيء من حطام هذه الدنيا، واستغرب من سرعة تصديق الناس لهم والانسياق وراءهم مع ما أمروا به من الوقوف عند الشبهات والتجنّب عن الاسترسال في أمور الدين فإنّ سرعة الاسترسال عثرة لا تقال.
ألا وإن الإمام عليه السلام حين يظهر يكون ظهوره مقروناً بالحجة البالغة والمحجة الواضحة والأدلة الظاهرة، محفوفاً بعنايته سبحانه، مؤيداً بنصره حتى لا يخفى على مؤمن حجته ولا يضل طالب للحق عن سبيله، فمن استعجل في ذلك فلا يضلّن إلا نفسه، فإن الله سبحانه لا يعجل بعجلة عباده.
كما أن المرجع في أمور الدين في زمان غيبته عليه السلام هم العلماء المتقون ممّن اختبر أمرهم في العلم والعمل، وعلم بُعدهم عن الهوى والضلال، كما جرت عليه هذه الطائفة منذ عصر الغيبة الصغرى إلى عصرنا هذا.
ولا شك في أن السبيل إلى طاعة الإمام عليه السلام والقرب منه ونيل رضاه هو الالتزام بأحكام الشريعة المقدسة والتحلي بالفضائل والابتعاد عن الرذائل والجري وفق السيرة المعهودة من علماء الدين وأساطين المذهب وسائر أهل البصيرة التي لا يزالون يسيرون عليها منذ زمن الأئمة عليهم السلام، فمن سلك طريقاً شاذاً وسبيلاً مبتدعاً فقد خاض في الشبهة وسقط في الفتنة وضلّ عن القصد.
وليعلم أن الروايات الواردة في تفاصيل علائم الظهور هي كغيرها من الروايات الواردة عنهم عليهم السلام لابد في البناء عليها من الرجوع إلى أهل الخبرة والاختصاص لأجل تمحيصها وفرز غثّها من سمينها ومحكمها من متشابهها، والترجيح بين متعارضاتها ولا يصح البناء في تحديد مضامينها وتشخيص مواردها على أساس الحدس والتظني، فإن الظنّ لا يغني من الحق شيئاً، وقد أخطأ في أمر هذه الروايات فئتان:
فئة شرعوا في تطبيقها واستعجلوا في الأخذ بها – على حسن نية – من غير مراعاة للمنهج الذي تجب رعايته في مثلها، فعثروا في ذلك ومهّدوا السبيل من حيث لا يريدون لأصحاب الأغراض الباطلة، وإن الناظر المطلّع على ما وقع من ذلك يجد أن بعضها قد طبّق أكثر من مرة في أزمنة مختلفة، وقد ظهر الخطأ فيه كل مرة، ثم يعاد إلى تطبيقها من جديد.
وفئة أخرى من أهل الأهواء، فإنه كلما أراد أحدهم أن يستحدث هوىً ويرفع راية ضلال ليجتذب فريقاً من البسطاء والسذج اختار جملة من متشابهات هذه الروايات وضعافها وتكلف في تطبيقها على نفسه وحركته، ليمنّي الناس بالأماني الباطلة، ويغرّرهم بالدعاوى الباطلة فيوقع في قلبهم الشبهة، وقد قال أمير المؤمنين عليه السلام (فاحذروا الشبهة واشتمالها على لبستها، فإن الفتنة طالما أغدقت جلابيبها وأعشت الأبصار ظلمتها) وقال عليه السلام (إن الفتن إذا أقبلت شبّهت وإذا أدبرت نبّهت، ينكرن مقبلات ويعرفن مدبرات).
نسأل الله تعالى أن يقي جميع المؤمنين شرّ الفتن المظلمة والأهواء الباطلة ويوفقهم لحُسن الانتظار لظهور الإمام عليه السلام، وقد ورد في الحديث الشريف (من مات منتظراً لأمرنا كان كمن كان مع قائمنا عليه السلام) والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(9)