إنّ على الإنسان العاقل والمؤمن أن يحفظ لسانه من الكذب والغيبة والنّميمة , والإفساد بين الناس , وترك الكلام إلاّ بذكر الله تعالى , وأن يعوّد لسانه النطق
بالكلمة الطيّبة فإنها صدقة وتورث المحبّة , وتنشر الألفة وتغرس أشجار المودّة بين الناس , أمّا الكلمة الشريرة أو الخبيثة , فإنها كفيلة بتدمير صاحبهــــا ,
ونشر الكراهية والبغضاء , وزرع الأحقاد , وتبذر بذور الفتنة بين الناس والتي هي أكبر من القتل ؛ كما قال تعالى : [ والفتنة
أشدّ من القتل ] البقرة :191 . وقال تعالى : [ ألم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمةً طيبة كشجرةٍ طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء (24) تؤتي أكلها
كل حين بإذن ربّها ويضرب الله الأمثال للناس لعلّهم يتذكّرون (25) ومثل كلمةٍ خبيثةٍ كشجرة خبيثة أجتثت من فوق الأرض مالها من قرار ] إبراهيم : 24-26
وتبيّن السنّة الشريفة أن طريق النجاة والعصمة من مساويء الكلام , هو حفظ اللّسان , وإنّ كثرة الكلام والثرثرة فيما لا فائدة فيه سبب لقساوة القلب , والبعد عن رحمة الله .
فقد جاء عن النبي صّلى الله عليه وآله وسلّم أنّه قال : " لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله , فإن كثرة الكلام بغير ذكر الله قسوة القلب , إنّ أبعد الناس من الله القلب القاسي " .
نعم القلب القاسي لا يتأثر بالمواعظ , واللّسان كما يقال تاج الأعضاء كلّها ورئيسها , وبه تنقاد , وعليه تعتمد في الخير والشر , فقد روي عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم أنه
قال : " إذا أصبح ابـن آدم أصبحت الأعضاء كلها تستكفي اللّسان , أي تقول : اتّق الله فينا فإنك إن استقمت استقمنا , وإن اعوججت أعوججنا " . أي اللّسان ترجمان
القلب والأعضاء فإنّها تتأثر بخطأ اللّسان .
وعن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال : " لسان العاقل وراء قلبه , وقلب الأحمق وراء لسانه " .
منقول بقلم الشيخ عبد العبّاس الجياشي عن نشرة الكفيل - العتبة العبّاسيّة المقدّسة .