جلجلية عمرو بن العاص ف43هـ
بحق أمير المؤمنين علي عليه السلام
ومناقب شهد العدو بفضلها ××× والفضل ما شهدت به الاعداء
=========================
معاوية الحال لا تجهل **** وعن سبل الحق لا تعدل
نسيت احتيالي في جلق * على أهلها يوم لبس الحلي ؟
وقد أقبلوا زمرا يهرعون ***** مهاليع كالبقر الجفل
وقولي لهم : إن فرض الصلاة * بغير وجودك لم تقبل
فولوا ولم يعبأوا بالصلاة * ورمت النفار إلى القسطل
ولما عصيت إمام الهدى *** وفي جيشه كل مستفحل
أبا البقر البكم أهل الشأم * لأهل التقى والحجى أبتلي ؟
فقلت : نعم ، قم فإني أرى *** قتال المفضل بالأفضل
فبي حاربوا سيد الأوصياء * بقولي : دم طل من نعثل
وكدت لهم أن أقاموا الرماح * عليها المصاحف في القسطل
وعلمتهم كشف سوأتهم ******* لرد الغضنفرة المقبل
فقام البغاة على حيدر *** وكفوا عن المشعل المصطلي
نسيت محاورة الأشعري ** ونحن على دومة الجندل ؟
ألين فيطمع في جانبي ** وسهمي قد خاض في المقتل
خلعت الخلافة من حيدر *** كخلع النعال من الأرجل
وألبستها فيك بعد الأياس **** كلبس الخواتيم بالأنمل
ورقيتك المنبر المشمخر **** بلا حد سيف ولا منصل
ولو لم تكن أنت من أهله ****** ورب المقام ولم تكمل
وسيرت جيش نفاق العراق * كسير الجنوب مع الشمأل
وسيرت ذكرك في الخافقين * كسير الحمير مع المحمل
وجهلك بي يا بن آكلة ******** الكبود لأعظم ما أبتلي
فلولا موازرتي لم تطع ******* ولولا وجودي لم تقبل
ولولاي كنت كمثل النساء ** تعاف الخروج من المنزل
نصرناك من جهلنا يا بن هند * على النبأ الأعظم الأفضل
وحيث رفعناك فوق الرؤوس *** نزلنا إلى أسفل الأسفل
وكم قد سمعنا من المصطفى * وصايا مخصصة في علي ؟
وفي يوم " خم " رقى منبرا **** يبلغ والركب لم يرحل
وفي كفه كفه معلنا ******* ينادي بأمــر العزيز العــلي
ألست بكم منكم في النفوس ** بأولى ؟ فقالوا : بلى فافعل
فأنحله إمرة المؤمنين ****** من الله مســـتخلف المنحل
وقال : فمن كنت مولى له ***** فهذا له اليوم نعم الولي
فوال مواليه يا ذا الجلال **** وعاد معادي أخ المرسل
ولا تنقضوا العهد من عترتي *** فقاطعهم بي لم يوصل
فبخبخ شيخك لما رأى ***** عرى عقد حيدر لم تحلل
فقال : وليــــكم فاحفــظوه ***** فمدخله فيـــكم مدخلي
وإنا وما كان من فعلنا **** لفي النار في الدرك الأسفل
وما دم عثمان منج لنا **** من الله في الموقف المخجل
وإن عليا غدا خصمنا ********* ويعتز بالله والمرسل
يحاسبنا عن أمور جرت *** ونحن عن الحق في معزل
فما عذرنا يوما كشف الغطا ؟ * لك الويل منه غدا ثم لي
إلا يا بن هند أبعت الجنان * بعهد عهدت ولم توف لي
وأخسرت أخراك كيما تنال * يسير الحطام من الأجزل
وأصبحت بالناس حتى استقام * لك الملك من ملك محول
وكنت كمقتنص في الشراك * تذود الظماء عن المنهل
كأنك أنسيت ليل الهرير **** بصفين مع هولها المهول
وقد بت تذرق ذرق النعام **** حذارا من البطل المقبل
وحين أزاح جيوش الضلال **** وافاك كالأسد المبسل
وقد ضاق منك عليك الخناق * وصار بك الرحب كالفلفل
وقولك : يا عمرو ؟ أين المفر * من الفارس القسور المسبل ؟
عسى حيلة منك عن ثنيه ****** فإن فؤدادي في عسعل
وشاطرتني كلما يستقيم ****** من الملك دهرك لم يكمل
فقمت على عجلتي رافعا **** وأكشف عن سوأتي أذيلي
فستر عن وجهه وانثنى ******* حياء وروعك لم يعقل
وأنت لخوفك من بأسه ******** هناك ملأت من الأفكل
ولما ملكت حماة الأنام ******* ونالت عصاك يد الأول
منحت لغيري وزن الجبال ***** ولم تعطني زنة الخردل
وأنحلت مصرا لعبد الملك ***** وأنت عن الغي لم تعدل
وإن كنت تطمع فيها فقد ***** تخلى القطا من يد الأجدل
وإن لم تسامح إلى ردها ******** فإني لحوبكم مصطلي
بخيل جياد وشم الأنوف ********** وبالمرهفات وبالذبل
وأكشف عنك حجاب الغرور ******* وأيقظ نائمة الأثكل
فإنك من إمرة المؤمنين ***** ودعوى الخلافة في معزل
ومالك فيها ولا ذرة ********* ولا لجدودك بالأول
فإن كان بينكما نسبة **** فأين الحسام من المنجل ؟
وأين الحصا من نجوم السما ؟ * وأين معاوية من علي ؟
فإن كنت فيها بلغت المنى * ففي عنقي علق الجلجل
000000000000000000000000000000
* ( ما يتبع الشعر ) * هذه القصيدة المسماة بالجلجلية كتبها عمرو بن العاص إلى معاوية بن أبي سفيان في جواب كتابه إليه يطلب خراج مصر ويعاتبه على امتناعه عنه ، توجد منها نسختان في مجموعتين في المكتبة الخديوية بمصر كما في فهرستها المطبوع سنة 1307 ج 4 ص 314 وروى جملة منها ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة 2 ص 522 وقال : رأيتها بخط أبي زكريا يحيى بن علي الخطيب التبريزي المتوفى 502 . وقال الإسحاقي في " لطايف أخبار الدول " ص 41 : كتب معاوية إلى عمرو بن العاص : إنه قد تردد كتابي إليك بطلب خراج مصر وأنت تمتنع وتدافع ولم تسيره فسيره إلي قولا واحدا وطلبا جازما ، والسلام . فكتب إليه عمرو بن العاص جوابا وهي القصيدة الجلجلية المشهورة التي أولها :
معاوية الفضل لا تنس لي * وعن نهج الحق لا تعدل
وذكر الشيخ محمد الأزهري في شرح مغني اللبيب 1 ص 82 هذه الأبيات برمتها حرفيا نقلا عن تاريخ الإسحاقي غير أنه حذف قوله : وحيث تركنا أعالي النفوس * نزلنا إلى أسفل الأرجل وذكر منها ثلاث عشر بيتا ابن شهرآشوب في " المناقب " 3 ص 106 . وأخذ منها السيد الجزايري في " الأنوار النعمانية " ص 43 عشرين بيتا . وذكر برمتها الزنوزي في الروضة الثانية من رياض الجنة وقال : هذه القصيدة تسمى بالجلجلية لما في آخرها : وفي عنقي علق الجلجل . وخمسها بطولها الشاعر المفلق الشيخ عباس الزيوري البغدادي ، وقفت عليه في ديوانه المخطوط المصحح بقلمه ، ويوجد التخميس في إحدى نسختي المكتبة الخديوية بمصر . يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم والله أعلم بما يكتمون
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
(الغدير للشيخ الأميني 1392 ط الرابعة 1397 - 1977 م دار الكتاب العربي - بيروت – لبنان :عني بنشره الحاج حسن ايراني صاحب دار الكتاب العربي - بيروت – لبنان : ج 2 ص 114 – 121)