|
عضو برونزي
|
رقم العضوية : 76190
|
الإنتساب : Nov 2012
|
المشاركات : 1,222
|
بمعدل : 0.28 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
:: أدلة إستحباب التطبير ::
بتاريخ : 19-11-2012 الساعة : 03:24 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صلى على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
:: أدلة إستحباب التطبير ::
قد يتساءل البعض هل التطبير في عزاء الحسين (عليه السلام) عمل جائز في الشريعة الإسلامية أم لا؟
وإذا كان جائزاً هل يصح فعله في هذه الأيام أم لا؟
وللإجابة على هذين السؤالين نقول:
نعم.. التطبير جائز في الشريعة الإسلامية بل هو عمل مستحب بل أفتى بعض العلماء بوجوبه العيني وبعضهم بوجوبه الكفائي.. ولنا في ذلك أدلة نذكر أبرزها..
أصالة الإباحة:
الأول: لقد ثبت في علم الأصول أن الأصل في الأشياء الإباحة إلا إذا قام الدليل على حرمتها وقد اتفق الأصوليون على هذا المبنى ولم يخالف فيه أحد..
وهم جميعاً في الفقه يعملون بهذا الأصل عند فقدان النص على الخلاف.. وقد وردت في ذلك مجموعة من الروايات منها:
قوله (عليه السلام): (كل شيء لك حلال حتى تعرف انه حرام) (1).
وقوله (عليه السلام) (كل شيء مطلق حتى يرد فيه نهي) (2).
والظاهر أن المراد من قوله (عليه السلام) (حتى يرد) حتى يصل فالورود بمعنى الوصول هنا لا الصدور.
وسواء أريد من (كل شيء حلال) و(كل شيء مطلق) الإباحة الشرعية الواقعية أو الإباحة الظاهرية المجهولة للشاك (3) لا فرق، كلا الاحتمالين يدلان على أصالة الإباحة والحل في الأشياء التي لم يقم الدليل على حرمتها.. هذا بناءً على كون مسألة الأصل في الأشياء الحظر والإباحة هو عين مسألة البراءة والاشتغال وان كان لا يختلف الأمران سواء قلنا انهما بحثان أو بحث واحد فإن كليهما يدللان على أصالة الإباحة في الأشياء سوى أن الفرق بينهما أن الأول عقلي قبل الشريعة والثاني بعد الشريعة.
قال المحقق الأنصاري في الرسائل الصفحة (199):
(قوله (عليه السلام) في مرسلة الفقية كل شيء مطلق حتى يرد فيه نهي استدل به الصدوق... واستند إليه في أماليه حيث جعل إباحة الأشياء حتى يثبت الحظر من دين الأمامية. ودلالته على المطلوب أوضح من الكل).
وقال المحقق الخراساني في الكفاية الصفحة (49) طبعة بغداد لدى الاستدلال بالحديث الأول: (ومنها قوله (عليه السلام) (كل شيء لك حلال حتى تعرف أنه حرام بعينه) حيث دل على حليّة ما لم يعلم حرمته مطلقاً).
وقد أيد جميع الأصوليين قديماً وحديثاً هذا المبنى، بل أيد هذا المبنى الأخباريون أيضاً فإنهم يرون أن الحكم فيما لم يرد فيه دليل عقلي أو نقلي على تحريمه من حيث أنه مجهول الحكم في الشبهات البدوية التحريمية فقط وهو الاحتياط العقلي والشرعي، وإلا فإن الموارد التي لا يوجد فيها دليل على الحرمة ونحوها أتفق الأصوليون والأخباريون معاً على جريان الإباحة فيها (4).
بل هناك إجماع عملي عند المسلمين كاشف عن رضا المعصوم (عليه السلام) قائم على معاملة الأشياء معاملة الإباحة عند فقد النص على الخلاف. فإن سيرة المسلمين من أول الشريعة بل لعله في كل شريعة على عدم الالتزام والإلزام بترك ما يحتمل ورود النهي عنه من الشارع بعد الفحص وعدم وجدان الأدلة وإن طريقة الشارع كانت تبليغ المحرمات دون المباحات وليس ذلك إلا لعدم احتياج الرخصة والإباحة في الفعل إلى البيان وكفاية عدم وجدان النص الدال على النهي فيها على الإباحة.
قال المحقق الحلي (قدس سره) (5):
(إن أهل الشرائع كافة لا يخطئون من بادر إلى تناول شيء من الشبهات سواء علم الإذن فيها من الشرع أم لم يعلم ولا يوجبون عليه عند تناول شيء من المأكول والمشروب إن يعلم التنصيص على إباحته ويعذرونه في كثير من المحرمات إذا تناولها من غير علم، ولو كانت محظورة لأسرعوا إلى تخطئته حتى يعلم الإذن).
أقول: وهذا أيضاً مما يؤيد حكم العقل أيضاً إذ أن العقل البشري يحكم بقبح العقاب على شيء دون بيان حكمه ووصوله إلى العبد من قبل مولاه.
وقد جمع الفقهاء هذا الدليل بجملة واحدة اعتبروها قاعدة مسلمة في الأصول والفقه هي قاعدة البراءة العقلية القائلة بـ (قبح العقاب بلا بيان).
وفي كل ما تقدم بحوث مفصلة ذكرها الأعلام في كتب الأصول ليس هنا محل ذكرها. ولكن المستفاد من كل ما تقدم هو: إن الأصل في الأشياء هو الإباحة حتى يعلم بوجود النهي عنها..
والتطبير حسب هذا الأصل يكون مباحاً.. حيث لم ينه عنه الشارع المقدس وليس في المصادر الفقهية الموجودة بأيدينا دليل على حرمة الجرح والإدماء. وكل ما لم ينه عنه الشارع يعد مباحاً في الشريعة.
ومن هنا أفتى سائر الفقهاء بإباحته وجوازه.
وإذا ثبتت إباحته يثبت استحبابه أيضاً إن لم يثبت الوجوب كما قال بعض الفقهاء وذلك لقيام جملة من الأدلة على الاستحباب ولما ثبت في محله أيضاً أن العمل بالمباحات في الجملة هو بنفسه عمل مستحب كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
زينب (عليها السلام) تشق جبينها:
الثاني: صدور الإدماء من بعض أهل بيت الحسين (عليهم الصلاة والسلام) وهم أهل بيت العصمة والطهارة، ففي الخبر المصحح:
أن زينب الكبرى (عليها صلوات الله وسلامه) لما رأت في الكوفة رأس أخيها على رأس رمح نطحت جبينها بمقدم المحمل حتى سال دمها.
قال العلامة المجلسي (قدس سره) في البحار (6):
(رأيت في بعض الكتب المعتبرة روى مرسلاً عن مسلم الجصاص قال:
دعاني ابن زياد لإصلاح دار الإمارة بالكوفة فبينما أنا أجصص الأبواب وإذا أنا بالزعقات قد ارتفعت من جنبات الكوفة فأقبلت على خادم كان معنا فقلت: مالي أرى الكوفة تضج؟ قال: الساعة أتوا برأس خارجي خرج على يزيد فقلت: من هذا الخارجي؟ فقال: الحسين بن علي (عليهما السلام) قال: فتركت الخادم حتى خرج ولطمت وجهي حتى خشيت على عيني أن يذهب (بصرها). وغسلت يدي من الجص وخرجت من ظهر القصر وأتيت إلى الناس. فبينما أنا واقف والناس يتوقعون وصول السبايا والرؤوس إذ أقبلت نحو أربعين شقة تحمل على أربعين جملاً فيها الحرم والنساء وأولاد فاطمة (عليها السلام) وإذ بعلي بن الحسين (عليهما السلام) علي بعير بغير وطاء وأوداجه تشخب دماً وهو مع ذلك يبكي ويقول:
يا أمة السوء لا سقياً لربعكم***يا أمة لم تراع جدنا فينا
لو أننا ورسول الله يجمعنا***يوم القيامة ما كنت تقولينا
تسيرونا على الأقتاب عارية***كأننا لم نشيد فيكمو دينا
.. حتى قال:
أليس جدي رسول الله ويلكمو***أهدى البرية من سبل المضلينا
يا وقعة الطف قد أورثتني حزناً***والله يهتك أستار المسيئينا
قال: وصار أهل الكوفة يناولون الأطفال الذين على المحامل بعض التمر والخبز والجوز فصاحت بهم أم كلثوم وقالت: يا أهل الكوفة إن الصدقة علينا حرام وصارت تأخذ ذلك من أيدي الأطفال وأفواههم وترمي به الأرض قال كل ذلك والناس يبكون على ما أصابهم..
ثم أن أم كلثوم أطلعت رأسها من المحمل وقالت لهم: صه! يا أهل الكوفة تقتلنا رجالكم وتبكينا نساؤكم؟ فالحكم بيننا وبينكم الله يوم فصل القضاء فبينما هي تخاطبهن إذا بضجة قد ارتفعت فإذا هم أتوا بالرؤوس يتقدمهم رأس الحسين (عليه السلام) وهو رأس زهري قمري أشبه الخلق برسول الله (صلى الله عليه وآله) ولحيته كسواد السّبح قد انتصل منها (7) الخضاب ووجهه دائرة قمر طالع والرمح (8) تلعب بها يميناً وشمالاً (فالتفتت زينب فرأت رأس أخيها فنطحت جبينها بمقدم المحمل حتى رأينا الدم يخرج من تحت قناعها وأومأت إليه بحرقة وجعلت تقول:
يـا هـلالاً لما استتـم كمـالا***غـاله خسفه فأبدا غروبـا
مـا توهمت يا شقيق فـؤادي***كـان هـذه مقدّرا مكتوبـا
يـا أخي فاطم الصغيرة كلمهـا***فقد كـاد قلبها أن يذوبـا
يـا أخي قلبـك الشفيق علينـا***ماله قد مشى وصار صليبا؟
يا أخي لو ترى علياً لدى الأسر***مـع اليتم لا يطيق وجوبا
كـلما أوجعوه بـالضرب نادا***ك بذلّ يغيـض دمعاً سكوبـا
يـا أخـي ضمّه إليـك وقربّه***وسـكّن فـؤاده المـرعوبـا
مـا أذلّ اليـتم حـين يـنادي***بـأبيه ولا يـراه مجيـبـا)
إلى آخر الكلام.
وقد روى هذه الحادثة أيضاً في العوالم والسيد عبد الله شبر (قدس سره) في جلاء العيون الجزء الثاني صفحة (238) (9)، وفخر الدين الطريحي في المنتخب الجزء الثاني المجلس العاشر الصفحة (478)، وقد صحح هذا الخبر شيخ الشريعة الأصفهاني (قدس سره) مع جملة من الأخبار الواردة بشأن عزاء سيد الشهداء وإظهار الجزع وإيلام النفس حسرة على ما دهاه (10).
|
|
|
|
|