39 - أم إحسان الكريماوي(مجموعة حكيميون): سماحة الشيخ الكريم هناك حديث يقول: إذا قام قائمنا، وضع الله يده على رؤوس العباد، فجمع بها عقولهم، وكملت به أحلامهم.. ما المقصود بهذا الحديث؟
الجواب: الحديث الشريف مروي عن الإمام الباقر عليه السلام، ولكن بلفظين أولهما ما في كتاب أصول الكافي[1] وهو ما ذكرتموه، والثاني ما في مختصر البصائر وفيه: إذا قام قائمنا وضع يده على رؤوس العباد فجمع به عقولهم وأكمل به أحلامهم،[2] وشابه ما في كمال الدين وتمام النعمة لفظ ما في مختصر البصائر وإن رواه بسند ما في الكافي،[3] وما في مختصر البصائر أصح سنداً مما في كتاب الكافي وكمال الدين.
والحديث بأي لفظ لا يتعارض مع الآخر، وبخلاف ما ظنّه بعض الأفاضل من أن الإمام صلوات الله عليه سيحدث معجزة في هذا المجال، أي أن معجزة ستحل بالعقول في زمانه صلوات الله عليه فتتكامل، وهذا وهم واضح جداً، لأن المعجزة لا تدخل في تغيير هدى الناس، وإلّا لأصبحت عملية الهداية جبرية، وعندئذ سيعود هذا الأمر إلى عدم حكمة بعث الأنبياء عليهم السلام، بل إلى عدم حكمة خلق الخلق، وقد شاء الله سبحانه أن يترك شأن أفعال الإرادة الإنسانية المرتبطة بهدى الخلق وضلالهم إلى العباد لينظر أيشكر هؤلاء أم يكفروا بعد أن بيّن لهم ما هو الهدى وما هو الضلال لقوله تعالى: {إنا هديناه السبيل إما شاكراً وإما كفوراً}[4] ولو كانت هذه الأمور تتحقق بالمعجزة فإن رسول الله صلوات الله عليه وآله أحرى به أن يحدث معجزة في أهل زمانه ويجنّب التأريخ كل ما مرّ به من مصائب سيطرة الضلال وبعد الناس عن الهدى.
ولكن المراد به أن الإمام صلوات الله عليه بما سيتيحه من هدى، وبما سيزيل من معالم الظلال وأسبابه، وبما سيحققه من عدالة، وبما يعمد إليه من نهج تربوي سيزيل في واقع الحال كل الأسباب التي تحول دون قطع الناس طريقها باتجاه تكامل العقول، إذ أن الناس لو توفّرت لها المناهج التي من شأنها أن ترفع عنها الشبهات والأضاليل، ستقطع شوطها باتجاه تكامل العقول بطريقة يسيرة، لا كما نراها اليوم أو في الأزمان السابقة من وجود كتل هائلة من ركام الضلال على العقول، جعلت خلاص الإنسان من هذا الركام وعدم تأثره به أو نجاته منه كالمعجزة بل يعدّه غالبية الناس بأن البعد عن هذا الركام هو الضلال.
ومن هنا يتبين لنا وهم من توهّم بأن هذا الحديث يشير إلى أن عصر الظهور لن يشهد وجود المدارس والمنتديات العلمية، بل نرى على العكس من ذلك فإن هذا العصر الشريف سيشهد ثورة في عوالم العلم والتعلم، ولكن ستتميز بأن العلم سيوضع لخير الناس، لا كما نرى الآن في الكثير من الأحيان يوضع في خدمة أشرار الناس ليزيدوا من سلطة الظلم والجور.