قال مولانا إمام العصر عليه السلام: (... وإن الماضي _يعني والده العسكري عليه السلام- مضى سعيداً فقيدا على منهاج آبائه عليهم السلام... وفينا وصيته وعلمه، ومنه خلفه ومن يسد مسده ولا ينازعنا موضعه الا ظالم آثم ولا يدعيه دوننا الا كافر جاحد ولو لا ان أمر الله لا يغلب وسره لا يظهر ولا يُعلن لظهر لكم من حقنا ما تبهر منه عقولكم ويزيل شكوكم، ولكن ماشاء الله كان ولكل اجل كتاب، فاتقوا الله وسلموا لنا وردوا الامر الينا فعلينا الاصدار كما كان منا الايراد ولا تحاولوا كشف ما غطي عنكم ولا تميلوا عن اليمين ولا تعدلوا الى اليسار وإجعلوا قصدكم إلينا بالمودة على السنة الواضحة).
جاءت العبارات المتقدمة ضمن رسالة كتبها مولانا الامام المهدي عليه السلام جواباً على رسالة من بعض اصحاب والده الامام العسكري عليه السلام بشأن انكار بعضهم لامامة خلفه المهدي عليه السلام وقد نقلت مقاطع من هذه الرسالة المروية في كتاب غيبة الطوسي قدس سره والاحتجاج وغيرهما، ونستفيد منها عدة من الوصايا المهدوية للمؤمنين في مختلف العصور.
الاولى: هي ان أئمة العترة المحمدية الطاهرة عليه السلام يمثلون منهاجاً واحداً هو المنهاج المحمدي الاصيل.
وهذا معيار أساس لتمييز صدق ادعاء أي منتم لهم ومرتبط بهم عليه السلام أو مدع نصرة امام العصر عليه السلام، بمعنى ان صدق الالتزام بهذا المنهاج المحمدي النقي هو علامة صدق الانتماء لهم عليه السلام والعمل بهذا المعيار لتمييز جبهة الحق عن غيرها خاصة في عصر الفتن، وذلك يمثل الوصية المهدوية الاولى التي يشتمل عليها المقطع المتقدم من رسالة إمام العصر عليه السلام.
والحقيقة العقائدية الثانية: والتي تشتمل عليها الفقرة هي التأكيد على ان الامام الحق هو الذي يكون وارثاً للوصية الالهية والعلم الالهي والذي تتوفر فيه سائر مواصفات أئمة العترة النبوية عليه السلام.
والوصية الذي يشتمل عليها بيان هذه الحقيقة هو تنبيه المؤمنين الى ضرورة معرفة مواصفات الامام الحق لكي لا يسقطوا في مكائد أئمة الضلال وفتنتهم المذهبة بدنيا الانسان وآخرته.
وكذلك لكي لا يسقطوا في مكائد أدعياء الارتباط بالامام الحق عليه السلام إذا أن المرتبط حقا ً به عليه السلام لا بد أن تتوفر فيه مراتب ولو دانية من أخلاقياته وعلمه.
أما الحقيقة العقائدية الثالثة: التي تشتمل عليها الفقرة المباركة المتقدمة فهي تأكيد الامام المهدي عليه السلام على حقيقة أن من يدعي مقام الامامة الالهية دون حق وينازع الامام عليه السلام الحق ويحاربه بصورة صريحة أو ضمنية هو ظالم آثم وكافر بنعمة الله ورجائه، ومعرفة هذه الحقيقة تشتمل على وصية مهدوية للمؤمنين بالبراءة من هؤلاء الادعياء واجتنابهم سواء كان ادعاؤهم للامامة صريحاً ام مبطناً.