بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على اعدائهم اجمعين من الان الى قيام يوم الدين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لا يخفى لمتتبع على ما تضمنه كتاب نهج البلاغة الذي جمع فيه الشريف الرضي بعض خطب وكلام ورسائل وحكم لامير المؤمنين عليه السلام ولا يخفى على اهل الاطلاع واهلا الخبرة على البلاغة العالية التي لا يمكن لغير المعصوم على حسب العادة ان يذكر مثلها.
ومن الحكم البلغية التي سنذكرها هي اول حكمة ذكرها الشريف الرضي في الباب الاخير باب المختار من حكم امير المؤمنين عليه السلام والتي تحتوي على مطالب اخلاقية واجتماعية عالية,
فقد روى الشريف الرضي في نهج البلاغة عن الامام علي عليه السلام قال: كن في الفتنة كابن اللبون لا ظهر فيركب ولا ضرع فيحلب.
وقد رواها غير الشريف الرضي رضوان الله عليه فقد رواها قبله ابو حيان التوحيدي المتوفي في حدود 380 هـ في كتاب الامتاع والمؤانسة ج2ص31.
ورواها بعده الامدي في كتاب غرر الحكم ودرر الكلم ص246.
ومن اراد التتبع في مصادره فليراجع كتاب مصادر نهج البلاغة واسانيده للسيد عبدالزهراء الحسيني الخطيب ذكرها في الجزء الرابع ص 7.
والان بعد ان ذكرنا بعض مصادر الحديث نأتي الى متنه فقد قال عليه السلام: كن في الفتنة كابن اللبون لا ظهر فيركب ولا ضرع فيحلب.
نرى في هذه الحكمة التشبيه الجميل الذي ذكره الامام عليه السلام ان يكون الانسان في الفتنة كابن اللبون ولكن اول سؤال يطرح ما هو ابن اللبون؟؟
ابن اللبون بفتح اللام وضم الباء هو ابن الناقة اذا استكمل سنتين ولكن لماذا هذا التشبيه؟؟
نقول قدر ذكر الامام عليه السلام ذلك وقال: لا يظهر فيركب ولا ضرع فيحلب.
أي ان ابن اللبون ليس له ظهر قوي ليركبونه ويستفيدون من ركبوه وليس له ضرع فيحلبونه ويستفيدون من حليبه ولذلك اتى التشبيه هنا ان ان تجعل نفسك في أي فتنة تواجهك كابن اللبون لا يستفيدون منك بشيئ ولا تكون داخل في هذه الفتنة والناظر لهذه الحكمة يرى البعد فيها ففيها بعد اخلاقي وبعد اجتماعي وبعد سياسي فأما البعد الاخلاقي فهو توجيه الانسان المسلم الى التحلي بأفضل الاخلاق الاسلامية الحميدة والابتعاد عن الفتنة واما البعد الاجتماعي فهو دعوا لكل افراد المجتمع الى الوقوف ضد الفتنة وان يكونوا عائلة واحدة ويد واحدة لا يمكن لاي شيئ ان يهزهم من الداخل او الخارج واما البعد السياسي فالناظر الى الاحوال والاوضاع السياسية التي كانت في عصر امير المؤمنين عليه السلام والمعارك الطاحنة التي حدثت كمعركة الجمل والصفين وغيرها والتي جرتها الفتن التي حدثت وحب الجاه والسلطة والنفس.
ومن هنا نعلم العمق في هذه الحكمة المباركة لامير المؤمنين عليه السلام فهي بمثابة قاعدة يجب ان نمشي عليها وان لا ننجر وراء الفتن في اي قضية كانت صغيرة او كبير بل يجب ان نكون في أي فتنة كابن اللبون لا نرخي لهم ظهرنا ليركبوننا ونساعدهم في انتشار الفتنة ولا ضرع ليستفدوا مما لدينا.
صدق امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
التعديل الأخير تم بواسطة المسامح ; 08-06-2013 الساعة 09:25 PM.