ساعة الغضب عمياء بلا عقارب ولا أقارب، لذلك وصفها حكماء العرب بالكلب الذى إذا أفلت أتلف، ونحن تلفنا وتفهنا فى كل شىء، عقولنا وأفكارنا وديننا وأخلاقنا وسياستنا واقتصادنا، حتى أصيب المجتمع بتليف عام، وأصبح كل أعضاء الجسد متباعدين متنافرين متقاتلين، أحزابًا وطوائف وفرقًا، يتبادلون المكائد والضغائن والقرف، وأخطر أنواع الأمراض الخبيثة تلك التى تجعل أعضاء الجسد تتنافر وتحاول الاستقلال عن بعضها، فلا فائدة من قلب بلا جسد، أو جسد بلا عقل، أو عقل بلا مؤخرة. وأغلبنا يعرف قصة الجسد الذى تعارك أعضاؤه على من يكون سيد الجسد، فرشح القلب والعقل والعظام، ولكن المؤخرة هى التى فازت فى النهاية، لأن توقفها عن العمل سبب ألما لا يمكن للجسد احتماله.. لذلك لم أسخر من كلمات الدكتور محمد مرسى حينما كان مرشحًا للرئاسة واسترسل فى وصف مؤخرة طائر النهضة، فها نحن الآن، وبعد عام كامل، لم نر من هذا الطائر الأسطورى إلا تلك المؤخرة.. ومهما اختلف تقديرنا لدور كل عضو فى الجسد وكل فئة فى المجتمع فسيظل الأصل فى وجود هذا الجسد أو هذا المجتمع هو الترابط والتعايش وليس التنافر والتقاتل.. أقول هذا لكم قبل أن تتواجه القوى وتتقابل الوجوه فى 30 يونيو بين مؤيد ومعارض، وحتى لا تتحول لحظات الغضب إلى حماقة لا يصلحها الندم، خاصة أن فى الجميع النقائص والعبر فلا يخفى على أحد جشع الإخوان وهيامهم بالسلطة، ولا يخفى شراسة الليبراليين والعلمانيين فى النقد والاعتراض بدون رغبة حقيقية فى المشاركة أو إعطاء حلول أو بدائل، ولا يمكن إنكار غرور السلفيين بأعدادهم وقوتهم التى دائما ما تستغل فيما لا يفيد.. ولا يمكن أن ننكر تكبر المثقفين وأصحاب الرأى وسخريتهم من العامة وغير المتعلمين ليخفوا عجزهم عن أداء دور تنويرى فى المجتمع.. فمن كان بلا خطيئة فليرم الآخر بحجر.. أما إذا كان الخطأ «ملينا من ساسنا لراسنا» فعلى كل أن يتمهل قبل أن ينقض على الآخر. وليعلم الجميع أن 30 يونيه لو تحولت إلى معركة فلن يكون فيها غالب أو مغلوب بل سنكون جميعا قاتلين والوطن هو المقتول.. لذلك مهما كانت المطالب متناقضة والاحتقان متبادلا بين الأطراف فالأهم أن تظل سلمية، وكما قال بوذا قديما: «لن تعاقب بسبب غضبك.. بل غضبك هو العقاب».