قال يرثي جده الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام : 
  كم ذا تــطارح فــي منى ورقاءهــا * خفض عليك فليس داوك داءها 
  أنظــنـها وجدت  لبين فانبــرت * جزعا تبثك وجدها وعناءها 
  فحلبت قلبك  من جفونك أدمــــعـــا * وسمت كربعى الحيا جرعاءها
  هيهات ما بنت الأراكة  والــــجوى * نضج الزفير حشاك لا أحشاءها
  فاستبق ما أبقى الأسى من مهجة * لك قد عصرت مع الدموع دماءها 
  كذبتك ورق الأبطحين فـــلـــو بـكت * شجنا لاخضل دمعها بطحاءها 
  فاطرح لحاظك في ثنايا أنــــســـهــا * من أي ثغر طالعت ما ساءها
  لا ألفها صدعته شاعــبـــة الـــنــوى * يوما ولا فطم الغمام كباءها
  وغدير روضـتها عــــلـــيه رفـــرفـــت * عذب الأراك وأسبغت أفياءها
  لكن بزينة طوقــهــــا لــمـــا زهـــت * مزجت بأشجان الأنين غناءها
  ورأت خضاب الــــراحتين فـطـــربــت * وظننت تطريب الحمام بكاءها
  أأخا الملامة كيف تـطـــــمع ضلة * بالعذل من نفسي تروض إباءها 
  أرأيت ريقة إفعوان صريمة * نفس السليم بها تروم شفاءها
  عني فما هبت بوجدي ساجع * تدعو هديلا صبحها ومساءها 
  ما نبهت شوقي عشية غردت * بظباء كاظمة عدمت ظباءها
  لكنما نفسي بمعترك الأسى * أسرت فوادح كربلاء عزاءها 
  يا تربة الطف المقدسة التي * هالوا على ( ابن محمد ) بوغاءها
  حيت ثراك فلاطفته سحابة * من كوثر الفردوس تحمل ماءها
  واريت روح الأنبياء وإنما * واريت من عين الرشاد ضياءها 
  فلا يهم تنعى الملائك من له * عقد الاله ولاهم وولاءها
  ألآدم تنعى وأين خليفة * الرحمن آدم كي يقيم عزاءها 
  وبك انطوى وبقية الله التي * عرضت وعلم آدم أسماءها 
  أم هل إلى نوح وأين نبيه * نوح فليسعد نوحها وبكاءها
  ولقد ثوى بثراك والسبب الذي * عصم السفينة مغرقا أعداءها
  أم هل إلى موسى وأين كليمه * موسى لكي وجدا يطيل نعاءها
  ولقد توارى فيك والنار التي * في الطور قد رفع الاله سناءها
  لا بل غداة عرت رزيتك التي * حمل الأئمة كربها وبلاءها 
  دفنوا النبوة وحيها وكتابها * بك والإمامة حكمها وقضاءها
  لا أبيض يوم بعد يومك انه * ثكلت سماء الدين فيه ذكاءها 
  يوم على الدنيا أطل بروعة * ملأت صراخا أرضها وسماءها 
  واستك مسمع خافقيها مذبها * هتف النعي مطبقا أرجاءها 
  طرقتك سالبة البهاء فقطبي * ما بشر من سلب الخطوب بهاءها
  ولتغد حائمة الرجاء طريدة * لأسجل ينقع برده أحشاءها 
  فحشا ابن فاطمة بعرصة كربلا * بردت غليلا وهو كان رواءها 
  ولتطبق الخضراء في أفلاكها * حتى تصك على الورى غبراءها
  فوديعة الرحمن بين عباده * قد أودعته أمية رمضاءها 
  صرعته عطشانا صريعة كأسها * بتنوفة سدت عليه فضاءها 
  فكسته مسلوب المطارف نقعها * وسقته ضمآن الحشا سمراءها
  يوم استحال المشرقان ضلالة * تبعت به شيع الضلال شقاءها
  إذ ألقح ابن طليق أحمد فتنة * ولدت قلوبهم بها شحناءها 
  حشدت كتائبها على ابن محمد * بالطف حيث تذكرت آباءها
  الله أكبر ! يا رواسي هذه الأرض * البسيطة زايلي أرجاءها 
  يلقى ابن منتجع الصلاح كتائبا * عقد ابن منتجع السفاح لواءها 
  ما كان أوقحها صبيحة قابلت * بالبيض جبهته تريق دماءها 
  ما بل أوجهها الحيا ولو أنها * قطع الصفا بل الحيا ملساءها 
  من أين تخجل أوجه أموية * سكبت بلذات الفجور حياءها
  قهرت بني الزهراء في سلطانها * واستأصلت بصفاحها أمراءها 
  ملكت عليها الامر حتى حرمت * في الأرض مطرح جنبها وثواءها
  ضاقت بها الدنيا فحيث توجهت * رأت الحتوف أمامها ووراءها 
  فاستوطأت ظهر الحمام وحولت * للعز عن ظهر الهوان وطاءها
  طلعت ثنيات الحتوف بعصبة * كانوا السيوف قضاءها ومضاءها 
  من كل منتجع برائد رمحه * في الروع من مهج العدى سوداءها 
  إن تعر نبعة عزه لبس الوغى * حتى يجدل أو يعيد لحاءها 
  ما أظلمت بالنقع غاسقة الوغى * الا تلهب سيفه فأضاءها
  يعشو الحمام لشعلة من عضبه * كرهت نفوس الدارعين صلاءها 
  فحسامه شمس وعزرائيل في * يوم الكفاح تخاله حرباءها
  وأشم قد مسح النجوم لواؤه * فكأن من عذباته جوزاءها 
  زحم السماء فمن محك سنانه * جرباء لقبت الورى خضراءها
  أبناء موت عاقدت أسيافها * بالطف أن تلقى الكماة لقاءها
  لقلوبها امتحن الاله بموقف * محضته فيه صبرها وبلاءها
  في حيث جعجعت المنايا بركها * وطوائف الآجال طفن إزاءها
  ووفت بما عقدت فزوجت الطلى * بالمرهفات وطلقت جوباءها
  كانت سواعد آل بيت محمد * وسيوف نجدتها على من ساءها
  جعلت بثغر الحتف من زبر الضبا * ردما يحوط من الردى حلفاءها 
  واستقبلت هام الكماة فأفرغت * قطرا على ردم السيوف دماءها 
  كره الحمام لقاءها في ضنكه * لكن أحب الله فيه لقاءها
  فثوت بأفئدة صواد لم تجد * ريا يبل سوى الردى أحشاءها 
  تغلي الهواجر من هجير غليلها * إذ كان يوقد حره رمضاءها
  ما حال صائمة الجوانح أفطرت * بدم وهل تروي الدما إضماءها 
  ما حال عاقرة الجسوم على الثرى * نهبت سيوف أمية أعضاءها 
  وأراك تنشئ يا غمام على الورى * ضلا وتروي من حياك ضمأها
  وقلوب أبناء النبي تفطرت * عطشا بقفر أرمضت أشلاها
  وأمض ما جرعت من الغصص التي * قدحت بجانحة الهدى إيراءها 
  هتك الطغاة على بنات محمد * حجب النبوة خدرها وخباءها 
  فتنازعت أحشاءها حرق الجوى * وتجاذبت أيدي العدو رداءها 
  عجبا لحلم الله وهي بعينه * برزت تطيل عويلها وبكاءها
  ويرى من الزفرات تجمع قلبها * بيد وتدفع في يد أعداءها
  حال لرؤيتها وإن شمت العدى * فيها فقد نحت الجوى أحشاءها 
  ما كان أوجعها لمهجة أحمد * وأمض في كبد البتولة داءها 
  تربت أكفك يا أمية إنها * في الغاضرية تربت أمراءها 
  ما ذنب فاطمة وحاشا فاطما * حتى أخذت بذنبها أبناءها 
  لا بل منك المزن غلة عاطش * فيما سقيت بني النبي دماءها
  فعليك ما صلى عليها الله * لعنته يشابه عودها إبداءها 
  بولاء أبناء الرسالة أتقي * يوم القيامة هولها وبلاءها 
  آليت ألزم طائرا مدحي لهم * عنقي إذا ما الله شاء فناءها
  ليرى الاله ضجيع قلبي حبها * وضجيع جسمي مدحها ورثاءها 
  ماذا تظن إذا رفعت وسيلتي * لله حمد أئمتي وولاءها
  أترى يقلدني صحيفة شقوتي * ويبز عنقي مدحها وثناءها 
  بل أين من عنقي صحيفتي التي * أخشى وقد ضمن الولاء جلاءها