المجالس مدارس
--------------------
تمتاز منطقتنا او ديرتنا او حينا فتعددت الاسماء والبيت واحد
تمتاز بكثرة المجالس الحسينية
فلا يكاد يمضي يوم واحد الا وهناك عشرات من هذه المجالس والتي زاد عددها بعد سقوط النظام الصدامي
ومعروف السبب فمحاربته وعداءه للامام الحسين
وحقده على اهل بيت النبي الاكرم محمد
كان واضحا بينا
ويوم من الايام قبل السقوط اصدر صدام اللعين
ورجالات امنه وبعثه المقيت الكافر
امرا يمنع هذه المجالس خلال شهر رمضان الكريم
وهذا يذكرني اليوم بخبر قراءته عن تفجير سيارة مفخخة في ديالى اسفر عن مقتل اطفال نساء شيوخ شباب
لا ذنب لهم
وسبحان الله نفس ملة الكفر واحدة هناك صدام واليوم الوهابية والقاعدة والتكفيرية وغيرهم من ولد الشيطان
نعود لامر المنع الصدامي
ولولا ان احد اقاربنا كان خياطا وكان له علاقة بضابط الامن في منطقتنا ومع دفع مبلغ مالي ومع العلاقات
حصلت الموافقة على المجلس ولكن بسكوت ولا مكبر صوت ولا ولا
الحمد لله
وهكذا جرت العادة منذ سنين وسنين
ان نتوجه بعد الافطار الى المجلس
ولازال حال المجلس بسيطا
جذوع نخل يتكئ عليها الحاضرون
وفراش بسيط وماء وشاي
واضيف شئ جديد لم يكن موجودا سابقا عندنا
وهو ان يتبرع احد افراد المنطقة من اولاد عمنا واقاربنها بان يوزع لبنا او تمرا او عصيرا او قطعة حلوة او ما شاكلها
ويختم القارئ بالصلاة على محمد وال محمد
وقراءة سورة الفاتحة الى النبي محمد وال بيته الطيبين الطاهرين وشيعة امير المؤمنين
والى اموات الباذلين
هذا الامر زاد من عدد الاطفال الصغار الحاضرين لهذا المجلس
ما ان يسمعوا هنالك شئ او كما نسميه مزاحا بيننا
فعالية
الا ويحضر كثير من الاطفال
لا يزيد العدد على خمسين او ستين شخصا بسبب كثرة المجالس
اليوم جلس شيخنا على المنبر
وابتدأ مجلسه الحسيني بالقراءة
ووصل به الامر ان يحكي عن ام فقدت احدى عينيها
وكان لها ابنا واحد فقط
تحبه حبا جما وكانت تاخذ بيمينه الى المدرسة وتنتظر بباب المدرسة
ما ان ينتهي الدوام حتى تمسكه بشماله عائدة به الى البيت خوفا عليه
وهكذا سنة بعد سنة وسنة
استمرت تلك الام الطيبة على حالها
ولكن هل استمر هذا الابن على حاله
فصار هذا الابن يستنطف من امه
كونها عوراء فقدت عينا من عيونها وتشوه شكلها
فصار الابن بتثاقل من امه
شيئا فشيئا
وصار يغضب عليها ويصرخ ويشتم احيانا
والام صابرة محبه لابنها
وكبر الولد او قل الرجل
وهجر الولد امه بعد ان كبر
ونسي حنان الام وقلبها الكبير
كتبت رساله لابنها لتطمئن عليه
اجابها بحروف اثقل من الجبال
وعلى الرغم من ذلك
بقيت تواصله
وايضا اثقل عليها بالكلمات والحروف
وبخل عن امه بسطر او سطرين يسعدانها ويفرحان قلبها المسكين الوله المحب له والداعي له
ومرت الايام والايام
وقطع ذاك الابن حتى خيط الرسائل الضعيف الذي كان يربطه بامه
ومر يوم اسبوع شهر سنة فلا رسائل ترد من ابنها
والام تكتب وتكتب فلا مجيب فقلب قاس اقسى من الحجر الجلمود هو قلب ابنها فسبحان الله
كتبت رساله اخيرة عجنتها بدمع عيونها وحلتها بحنانها وحفظتها بقلبها الدافي
وارسلت تلك الرساله الاخيرة
اي بني
اعلم انك تستنكف من امك ومن وجهها وعينها العوراء
اي بني اعلم
انه في طفولتك وقع حادث لك ضاعت عينك بسببه
وتبرعت لك بعيني التي ضاعت
فجمال عيونك اليوم بسبب عيون امك
اي بني ان الام مهما كان شكلها مشوها مفزعا فانها ترى جمالها في ابنها في ولدها فلذة كبدها
ومهما كان سوادها فانها ترى بياضها في ابنها
اي بني اودعك الوداع الاخير
فامك مريضة راحلة الى عالم الاخرة
ولست غاضبة منك بني
فانا امك وقلب الام لا يمكن ان يكره ابنها
فقلب الام حب في حب في حب
--------------
وصلت تلك الرسالة الى الابن كان ضاحكا فرحا بين اصحابه واصدقاءه
حين استلم الرساله ضاقت صدره قبل ان يعرف محتواها
رماها بعيدا بين اوراق اخرى
واخر الليل قال لارى ماذا تريد هذه المراة
ولم يقل امي
سبحان الله
قرا الرساله
صرخ صرخة واي صرخة
امي امي امي
ولات الحين حين صراخ
فامك رحلت ولن تجد بعد اليوم مثل امك ابدا ابدا
----------------
نعم
انتهت قصتنا واكمل القارئ الحسيني مجلسه الحسني بالنعي على الامام الحسين سلام الله عليه
واقول
ان صحت القصة او كانت بها عبره
فلكل ام حق علينا وانى لنا الا نوفي حقوق امهاتنا
والا نحكم على الاشياء بمضهرها
والا نستعجل في الحكم على الاخرين قبل ان نسمع منهم
وان نتواضع
فمن تواضع لله رفعه
حميد الغانم