عنوان غريب لاول وهلة ويبدو صعب الربط مع قصص التنمية البشرية
ولكن في الحقيقة هي ربط لثلاث مواقف مررت باحداها وحكي لي عن الاثنين الاخرين
الموقف الاول
اذا رواه لي احد استاذة كلية الطب البيطري حيث العودة من الدوام الى البيت وطول الطريق الذي يستغرق احيانا ساعة وربع او اكثر اذا قال ذات يوم وبحكم مهنته كطبيب بيطري ذهب الى منطقة الاهوار حيث يكثر الجاموس لدى الاهالي هناك وصادف ذهابه في ذاك اليوم الى رجل يمتلك اربعين جاموسه او اكثر وهو قطيع كبير وله وارد مالي ممتاز
ولكن الذي حصل هو ان احدى الجاموسات كانت حامل وهي على وشك الولادة وتاخرت ولادتها مما اضطر هذا الطبيب البيطري الزميل الى اعطاء الادوية والاجراءات المعهودة في مثل هكذا حالات تصيب الحيوانات
والحمد لله
ولدت تلك الحيوان ولكن الجاموس حديث الولادة كان مشوها ومريضا
وحين راه ذاك الرجل صاحب الاربعين جاموسة
ذهب الى سب وشتم الله عز وجل
نعم
صعقنا نحن الجالسين بالسيارة اذ نسمع ذاك الزميل يحكي
ويروي كيف تفنن هذا الرجل بسب وشتم الله باللسان والحركات
لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
مع ما اعطاه الله من نعم وحيوانات كثيرة ومال وفير
الا ان تلك النعمة لم تجعله شكورا عاقلا
بل ان سكنه ومبيته وماكله مع الحيوان
جعله حيوانا بمعنى الكلمة مع شكله البشري
اولئك كبهيمة الانعام بل هم اضل سبيلا
الموقف الثاني
صادف ذات يوم ان اذهب لحضور اجتماع مع مساعد رئيس الجامعة الامر الذي تطلب ذهابي الى هناك من الصباح الباكر وحيث ان الطرق مقطوعة اما للصيانه او انشاء الجسور او السطرات الامنية
لم يستطع سائق سيارة النقل ان يدخلني الى الجامعة
مشيت الى مكان الاجتماع وصادف مروري بدورة مياه قررت الدخول لغسل الوجه بالماء البارد
وصادف ان دخل معي مجموعة من الشباب الذي لا يرتدون الزي الرسمي للدوام بل الدشداشة وهذا يعني انهم من خارج الجامعة ويجوز امكانية حضورهم للعمل مع احد المقاولين او اشياء اخرى
وما ان وضعت قدمي في باب المغاسل حتى سمعت من الكلام البذئ بين هؤلاء الشباب والسلوكيات اللاخلاقية الى ابعد ما يتصور الانسان
بحكم انهم من مجتمع غير مجتمع الجامعة وكانوا يرون من مظاهر لا توجد في غيرها
عدت وقررت اكمال المسير الى مقر الاجتماع
وانا امشي بعيدا عن المغاسل واسمع هؤلاء الشباب ينبحون كنباح الكلب صاروا كلهم ينبحون
نعم
نبح الاول فاجابه الثاني كنباح الكلب
والثالث وهكذا استمر نباحهم
وما انقطع ذاك النباح حتى غاب صوتهم عني
اسف غاب نباحهم عني مسمعي
فعجيب للانسان كيف يتحيون احيانا وينسى انسانيته لظرف طارئ او عرض زائل
هذا الموقف
رواه لي احد المقربين من والدي
قبل اعدامه من قبل النظام الصدامي المقبور
اذ صادف ذات يوم
انه كان لديه عامل يكري قطعة ارض له وينظفها ويوسع انهارها ويغرس اشجار النخيل
ومن المعروف ان وجبه الغداء تكون على صاحب الارض
حمل والدي الاكل من بيتنا الذي يبعد مسافه عشر دقائق سيرا على الاقدام
وحيث ان زمن الحادث قديم لم يكن من شوارع ولا تبليط ولا سيارات
بل سيرا على الاقدام
حمل مواعين الاكل وصادف مروره على بيت يملككون كلبا شرسا قد اذى العالم بشراسته وكثرة عصاته فتفاداه الناس
وصاروا يسلكون غير طريق
( نعم هكذا الحياة تجبرنا احيانا ان نسلك طريق اطول طلبا للامان وخوفا من شر الاشرار)
وما ان وصل والدي الى باب ذاك البيت حتى هاجمه الكلب بنباحه راكضا يريد عضه
انزل والدي قطعة الطعام واخذ قطعة لحك صغيرها وجلس على الارض ووضعها امام الكلب
ماكان من ذاك الكلب الا ان صار هادئا لا نباح ولا شراسه ولا عض
فقط ياكل بقطعة اللحم الصغيرة
مر والدي بسلام
وحمل الطعام الى العامل واكمل طريقه
ورجع مع بقية المواعين الفارغة بعد ان تغدى ذاك العامل مع والدي وصلى وعاد الى عمله
وفي طريق العودة
كان ذاك الكلب ينتظر والدي فرحا وهو يهز ذيله استقبالا له
حينها قال للراوي
ان قطعة لحم صغيرة دفعت شر وبلاء كلب وجعلته صديقا
فما بال البشر اليوم ياكلون لحم اخوانهم ولا يصونونهم ولا يحمونهم
حميد الغانم