بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن اعداءهم
اللهم صل على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها والعن ظالميها
((العباس بن علي عليهما السلام ))
يُعرف العباس ابن علي أكثر بلقبه أبو الفضل العباس و يُعرف أيضاً بحامل الراية و ساقي العطاشى و هو أحد أبطال عاشوراء. كما يٌلقب أيضاً بأبي القاسم. كما أن العباس حائز على اللقب الوسام قمر بني هاشم.
قال الإمام حعفر الصادق (ع): إن العباس بن علي عليهما السلام كفلقة قمر ، إذا ركب رجلاه يخطان في الأرض خطا، وقد كان جميلاً كالقمر الزاهر.
وقد أكد فضله الإمام المهدي (ع) في زيارة الناحية :
السلام على أبي الفضل العباس بن أمير المؤمنين ، المواسي أخاه بنفسه الآخذ لغده من أمسه ، الفادي له الوافي الساعي إليه بمائه المقطوعة يداه لعن الله قاتليه يزيد بن الرقاد وحكيم بن الطفيل الطائي .
بلغ العباس أربعاً و ثلاثين عاماً. بعض الروايات تتحدث أنه عند ولادته لم يفتح عينيه إلا بعد أن حمله أخوه من أبيه الإمام الحسين (ع) و ضمه. كانت تربط الإمام الحسين (ع) بأخيه العباس علاقة خاصة قل مثيلها. عندما وُلد العباس (ع) طلب الإمام علي (ع) من ابنه الإمام الحسين (ع) أن يؤذن و يُقيم في أذنيه.
تزوج العباس من لُبابة بنت عبيد الله ابن العباس ابن عبد المطلب. كان له من الأولاد أربعة وهم عبيد الله و الفضل و الحسن و القاسم وإن كان بعض المؤرخين يرى أن القاسم قد استشهد يوم عاشوراء.
كما بقي للعباس ابنتان كما يذكر صاحب (مقاتل الطالبيين) و(حديقة النسب) و (معارف) وابن قتيبة وغير ذلك.
وبالرغم من أن أحفاد العباس انحصروا فيما بعد في أولاد عبيد الله إلا أنهم تكاثروا وأصبح عددهم بمرور الزمن كبيراً وكان بعضهم من العلماء الأجلاء.
العباس ابن علي بذل الكثير من التضحيات في سبيل الإسلام كما رافق والده في كثير من محطات جهاده كحرب صفينو رافق أخويه الإمامين الحسن و الحسين في المراحل الحرجة و كان عضداً متيناً ثابتاً لهما في عقيدته و شجاعته و بسالته كما ورث من أبيه الإمام علي ابن أبي طالب (ع). و كانت الخاتمة المباركة لهذا العمر المبارك و الرحلة الجهادية شهادته في كربلاء في يوم عاشوراء. و قد كان حامل لواء الإمام الحسين(ع) و كانت شهادته الشريفة عندما ذهب لإحضارالماء للأطفال العطاشى و بعد أن كاد ينجح بإيصال الماء الذي نجح بإحضاره من ماء نهر الفرات ببسالته الفائقة النظير. بعد أن أحاط به الأعداء من كل جانب و استغلوا تمسكه بقربة الماء التي ينتظرها الأطفال العطاشى و لم تسقط منه إلا بعد أن قطعوا يديه أثناء قتال مرير سقط بعده شهيداً على أرض كربلاء.
و في مقتل العباس ابن علي يروي الشيخ المفيد في كتاب الإرشاد:
وحملتِ الجماعة (عمر ابن سعد) على الحسينِ عليهِ السّلامُ فغلبوه على عسكرِه ،واشتدَّ به العطشُ ، فركبَ المُسنّاةَ يريدُ الفراتَ وبينَ يديه العبّاسُ أخوه ، فاعترضتْه خيل ابنِ سعدٍ وفيهم رجلٌ من بني دارم فقالَ لهم :ويلَكم حُولُوا بينَه وبينَ الفراتِ ولا تمكَنوه منَ الماءِ، فقالَ الحسينِ عليهِ السّلامُ : «اللّهمّ أظْمِئْه» فغَضِبَ الدّارميُ ورماه بسهمٍ فأثبتَه فيحَنَكهِ ، فانتزعَ الحسينِ عليهِ السّلامُ السّهمَ وبسطَ يدَه تحتَ حَنَكه ِفامتلأتْ راحتاه بالدَّم ، فرمى به ثمّ قالَ : «اللّهمَّ إِنِّي أشكو إِليكَ مايُفعلُ بابنِ بنتِ نبيِّك» ثمّ رجعَ إِلى مكانهِ وقدِ اشتدَّ به العطشُ.وأحاطَ القومُ بالعبّاسِ فاقتطعوه عنه ، فجعلَ يُقاتلُهم وحدَه حتّى قُتِلَ رضوانُ اللّهِ عليه - وكانَ المتولِّي لقتلِه زيد بن وَرْقاءَ الحنفيّ وحَكِيم بن الطُّفَيلِ السِّنْبِسيّ بعدَ أن أُثخِنَ بالجراحِ فلم يستطعْ حراكاً.
و في مقتل العباس ابن علي يُروى أيضاً في مصادر أُخرى أنه لما رأى وحدة الحسينِ(ع) بعد قتل أصحابه وجملة من أهل بيته ، قال لإخوته من أمه : تقدموا لأحتسبكم عند الله تعالى ، فإنه لا ولد لكم . فتقدموا حتى قتلوا فجاء إلى الحسينِ (ع) واستأذنه في القتال فقال له : " أنت حامل لوائي " فقال : لقد ضاق صدري وسئمت الحياة .
فقال لهالحسين: " إن عزمت فاستسق لنا ماء " ، فأخذ قربته وحمل على القوم حتى ملأ القربة .
واغترف من الماء غرفة ثم ذكر عطش الحسينِ (ع) فرمى بها وقال :
يا نفس من بعدالحسينِهوني وبعده لا كنت أن تكوني
هذا الحسينِوارد المنون وتشربين بارد المعين
ثم عاد فأخذ عليه الطريق ، فجعل يضربهم بسيفه وهو يقول:
لا أرهب الموت إذا الموت زقا حتى أوارى في المصاليت لقى
إني أنا العباس أغدو بالسقا ولا أهاب الموت يوم الملتقى
فضربه حكيم بن طفيل الطائي السنبسي على يمينه فبرأها ، فأخذ اللواء بشماله وهو يقول:
والله إن قطعتم يميني إني أحامي أبدا عن ديني
فضربه زيد بن ورقاء الجهني على شماله فبرأها ، فضم اللواء إلى صدره كما فعل عمه جعفر إذ قطعوا يمينه ويساره في مؤتة ، فضم اللواء إلى صدره وهو يقول :
ألا ترون معشر الفجار قد قطعوا ببغيهم يساري
فحمل عليه رجل تميمي من أبناء أبان بن دارم فضربه بعمود على رأسه فخر صريعاً إلى الأرض ، ونادى بأعلى صوته : أدركني يا أخي .
فانقض عليه أبو عبد الله الحسين(ع)كالصقر فرآه مقطوع اليمين واليسار مرضوخ الجبين مشكوك العين بسهم مرتثا بالجراحة ، فوقف عليه منحنيا ، وجلس عند رأسه يبكي حتى فاضت نفسه ، ثم حمل على القوم فجعل يضرب فيهم يميناً وشمالاً فيفرون من بين يديه كما تفر المعزى إذا شد فيها الذئب ، وهو يقول : أين تفرون وقد قتلتم أخي ؟ ! أين تفرون وقد فتتم عضدي ؟ ! ثم عاد إلى موقفه منفردا .
وكان العباس آخر من قتل من المحاربين لأعداء الحسينِ (ع) ، ولم يقتل بعده إلا الغلمان الصغار من آل أبي طالب الذين لم يحملوا السلاح .