بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم
اللهم احفظنا من الفتن والمحن وثبتنا على ولاية ال البيت ع ونصرتهم.
انقل لكم هنا في القسم المهدوي هذا الطرح المهم الذي تحت عنوان: على حافة الظهور ، وهو عبارة عن 16 جزئا / حلقة
وفي هذا الطرح ابدا من الجزء 6 - 10 ومن ثم بعد اطلاعكم سوف انقل لكم من 11 - 16
فارجوا الاطلاع والتامل في الطرح ومن ثم سوف نعرض راينا فيه ولعله بقية الاخوة.
*********
على حافة الظهور - الحلقة (6)
هل بعث المهدي رسولا ممهدا؟
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
الظهور:
بين الرواية والدراية!
قد يقول البعض: "حتى لا نقع في مضلات فتن اخر الزمان يجب علينا ان نرجع الى روايات اهل البيت (ع)، ونستند في كل ما نقوله الى الادلة من سنة نبينا واهل بيته صلوات الله عليهم".
هذه الدعوة لفهم حدث الظهور بالاعتماد على الروايات السردية الموصفة للظهور تعترضها اشكالات حقيقية!
فالتحليل لفهم حدث الظهور بالاعتماد على الرواية- كما عند المتأخرين- يكشف عن خلل كامن في وعي المنتظرين أسس لشبهات كثيرة وخطيرة انتهت بكارثة تكذيب المخلص والانقلاب عليه!
لنبحث أهم تلك المعوقات التي يمكن ان تعترض فهم الظهور من خلال الروايات والاحاديث المتناولة لزمن الظهور:
الاول: فقدان المنهج
ان التعاطي مع الروايات يستند الى طريقتين: الرواية والدراية، ففي الحديث: "اعقلوا الدين عقل وعاية ورعاية لاعقل سماع ورواية، فان رواة العلم كثير ورعاته قليل".
والشيعة منذ غيبة الامام رفع منهم العلم، ووصفوا بالقول: "ستصيبكم شبهة فتبقون بلا علم يرى ولا إمام هدى". "وان الثاني عشر من ولدي يغيب حتى لايرى ويأتي على أمتي زمن لايبقى من الاسلام الا اسمه ومن القرآن الا رسمه فحينئذ يأذن الله له بالخروج فيظهر الاسلام ويجدد الدين".
ان تراث اهل البيت المتعلق بالظهور، ونتيجة لافتقاد منهج الاستنباط الاصيل المعنون ب (التاويل) قاد الى التعاطي مع النصوص والروايات بصورة ظاهرية، ولذلك أسيء فهمها وجهلت رمزيتها، وغابت وجوهها وتفاصيلها فافتقد الفقه الذي يقوم على تصريف الوجوه، الذي وصفه الصادق بالقول:"انتم أفقه الناس اذا عرفتم معاريض كلامنا ان كلامنا ليتصرف على وجوه"، او "على سبعين وجها".
وبفقد الفقه والفقيه غاب الاسلام الا اسمه وافتقد القران الا رسمه! لذلك لا يتوقع من ادعياء الفقه من اصحاب الرأي- في اخر الزمان- ان يقدموا فهما لقضية الظهور او سواها من قضايا!
الثاني: التحريف والتصحيف
من المعوقات التي تنال من صدقية الروايات هو تعرضها للتحريف او التصحيف -"التصحيف: هو تحويل الكلمة عن الهيئة المتعارفة إلى غيرها "- مما يؤدي الى اختلاف الروايات وتعارضها وتضاربها، ويترتب عليها تشوش الفهم والفشل في الركون الى تصور يستند الى روايات مختلفة ومتضاربة.
وهذه الاشكالية التي ترد على عموم الروايات تجري في الروايات التي تتناول ظهور المخلص او تُوصِّف وقائع الظهور . فلايبقى مع الاختلاف الا الظنون!
الثالث: التقية
ان حدث الظهور للمخلص يعني التحرك للسيطرة على كل الكوكب بكل دوله وممالكه وحكوماته، وهذا ما يجعل الحديث عن ذلك التحرك وخططه محفوف بالسرية والكتمان، ويفرض ضرورة التزام التقية، التي يشرعها قوله تعالى: "لايتخذ المؤمنون الكافرين اولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا ان تتقوا منهم تقاة".
ويشدد على مبدأ التقية تراث الاسلام بالدعوة الى التكتم والاستتار تجنبا للملاحقة وصيانة للتحرك من الفشل، لذلك وردت الاحاديث توصي:"التقية من دين الله، ولادين لمن لاتقية له، والله! لولا التقية ما عبد الله في دولة ابليس"، "اتق حيث لايتق"، "التقية دين منذ أول الدهر الى آخره"، "التقية في كل ضرورة وصاحبها اعلم بها حين تنزل به" .
لقد فرض المراعاة لمبدأ التقية على الائمة من ال محمد التحفظ عند الحديث عن حركة ظهور الامام المهدي فاتصف الخطاب بالاجمال وترك التفصيل. فما سكت عنه اكبر بكثير مما ذكر، وما ذكر لايخلو من الترميز والتعريض والاختصار والاجمال. ما يجعل الموضوع في دائرة اللغز والغموض .
الرابع: شحة الروايات
ونتيجة للتقية فان الروايات الورادة في الظهور قليلة العدد وتكاد تكون نادرة احيانا، فهي لا تصف الا بعض العلامات وتذكر لمماً من الاحداث وتجمل كثير من المطالب بغية تثبيت اصل الموضوع لا التفصيل فيه، فهو ما تتحاشاه!.
ليتضح ان تلك الاخبار القليلة ما تسكت عنه وتكتمه اكثر مما تتحدث عنه وتفضحه من مجريات المشهد الثوري والعالمي، الذي سوف تتسارع فصول احداثه بصورة انقلابية ومتفجرة! ليشمل اتجاهات الارض الاربعة..
فالهدف من روايات الظهور تاسيس ظاهرة الانتظار واعطاء امل بوجود خلاص، وعدم اليأس بسيطرة الاشرار وحزب الشيطان، وليس الهدف كشف خطط حركة الظهور، لان لو فعلت الروايات لحكمت على الظهور بالفشل قبل حدوثه.
الخامس: امكانية البداء
يضاف الى ذلك، ان المقدار المعروض من احداث الظهور قابل لان يجري عليه البداء، حيث البداء يعني تحول الله تعالى من تقدير الى تقدير اخر، كما قال الأئمة "لولا آية في كتاب الله لأخبرتكم بما كان وما يكون وما هو كائن الى يوم القيامة وهي هذه الآية: "يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده ام الكتاب"، ولذلك ألقت هذه الحقيقة بظلالها على النصوص والروايات المرتبطة بالظهور، حيث دلت الاخبار ان المحتوم من وقائع الظهور خمسة، فعن الامام الصادق:"النداء من المحتوم، والسفياني من المحتوم، واليماني من المحتوم، وقتل النفس الزكية وكف يطلع من السماء من المحتوم".
ليصبح كل ما سوى المحتومات قابل للتبديل والتغيير بجريان البداء عليها.
يعزز ذلك قول الامام الصادق في هذه الآية: "يمحو الله ما يشاء ويثبت". قال:هل يمحو الله الا ما كان، وهل يثبت الا ما لم يكن؟!".
مما يعني؛ ان البداء كعملية محو واثبات يمكن ان تغير سيناريو الظهور! وهذا ما يؤدي الى عدم الوثوق بروايات الظهور ما دون المحتومات بصورة قاطعة، وبالتالي عدم الاحتكام اليها كمعيار مطلق للحكم على الواقع والوقائع عند الظهور، فقد يجري عليها البداء فيبطلها ويقدر سواها فيحدث امر غيرها، ترتأيه يد القدرة وتقدره عين الحكمة.
الخلاصة:
ان محاولة فهم حدث ظهور المخلص من خلال روايات محدودة العدد لاتخلو من تصحيف يتعاطى معها بصورة حرفية وظاهرية غير منهجية، مع ما يلفها من ترميز وغموض التقية، ثم مع احتمال ابطال البداء لها او تحويرها، كل ذلك يقود الى سوء فهم حدث الظهور وتشوهه!
هذا من جهة، ومن جهة أخرى؛ فان التعاطي مع الظهور من خلال السرد الروائي يؤدي الى خلق مشهد مشوب بالاسطورية غير مسؤول، باعتبار ان تلك النصوص توصف الحدث بصورة رمزية، يولد أخذها بظاهرها اسطورة، كما ان المشهد الاسطوري بطولات وعجائب لاتحمل القارئ اي مسؤولية، فمشهد الظهور المستند الى الروايات سوف يبدو كما هو معروض في كتابي: (عصر الظهور) و (يوم الخلاص)، مشهد ليس للقارئ فيه الا الفرجة، والمراقبة والترقب؛ وليس هناك افادة منه تفهمنا مثلا سبيل النجاة من فتن اخر الزمان او تعلمنا بكيفية المساهمة في صناعة حدث الظهور ايجابيا وليس سلبيا!.
واذا كان الحال كذلك مع الروايات الموصفة للظهور، فان السؤال الذي يطرح كيف نلتمس المخرج لفهم حدث الظهور اذا اهتز المشهد الروائي نتيجة بروز عناصر التعويق (: فقدان المنهج، التحريف والتصحيف، التقية، شحة الروايات، البداء)، التي شككت وقوضت اسس التصور المستند لتوصيف الروايات والاخبار؟!.
وهل انسد أفق العلم بعد تغييب السرديات الروائية والتقليل من شأنها؟.
الواقع، ان التقليل من شأن فهم حدث الظهور من خلال الرواية يفتح الباب عريضا لاعتماد خيار الدراية، الذي يعتبر هو الحل الأمثل الذي لابد منه لتحقيق فهم مفصل ومعمق يتصف بالمنطقية والمسؤولية، وهو خيار أبو الأئمة علي عندما قال(ع): "اعقلوا الدين عقل وعاية ورعاية لاعقل سماع ورواية، فان رواة العلم كثير ورعاته قليل".
خيار (الدراية) هذا هو الذي سنتناوله في الحلقة القادمة! انشاء الله تعالى!