لقد نقل العالم السني القندوزي الحنفي عن الجويني الشافعي التالي :
(1) وفيه: عن الباقر، عن أبيه وجده، عن علي (عل) قال:
قال رسول الله (ص): المهدي من ولدي، تكون له غيبة، إذا ظهر يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما.
(2) وفيه: عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس (رضي الله عنهما) قال:
قال رسول الله (ص): إن عليا وصيي، ومن ولده القائم المنتظر المهدي، الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما، والذي بعثني بالحق بشيرا ونذيرا، إن الثابتين على القول بإمامته في زمان غيبته لأعز من الكبريت الأحمر.
فقام إليه جابر بن عبد الله فقال: يا رسول الله، وللقائم من ولدك غيبة؟
قال: إي وربي، ليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين.
ثم قال: يا جابر، إن هذا أمر من أمر الله، وسر من سر الله، فإياك والشك، فان الشك في أمر الله (عز وجل) كفر.
(3) وفيه: عن الحسن بن خالد قال:
قال علي بن موسى الرضا (ض): لا دين لمن لا ورع له، وإن أكرمكم عند الله أتقاكم: أي أعملكم بالتقوى.
ثم قال: إن الرابع من ولدي ابن سيدة يطهر الله به الأرض من كل جور وظلم، وهو الذي يشك الناس في ولادته، وهو صاحب الغيبة، فإذا خرج أشرقت الأرض بنور ربها، ووضع ميزان العدل بين الناس، فلا يظلم أحد أحدا، وهو الذي تطوى له الأرض، ولا يكون له ظل، وهو الذي ينادي مناد من السماء يسمعه جميع أهل الأرض: ألا إن حجة الله قد ظهر عند بيت الله فاتبعوه، فان الحق فيه ومعه، وهو قول الله (عز وجل): (إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين) (4). وقول الله (عز وجل) (يوم يناد المناد من مكان قريب * يوم يسمعون الصيحة بالحق ذلك يوم الخروج " (5) أي خروج ولدي القائم المهدي (ع).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
ج3 المكتبه الشيعيه
(1) فرائد السمطين 2 / 334 حديث 586 - 587.
(2) فرائد السمطين 2 / 334 حديث 589.
(3) فرائد السمطين 2 / 336 حديث 590.
(4) الشعراء / 4.
(5) ق / 41 - 42.
أقول : والقندوزي والحمويني من أهل السنه حتى أريح من يشكك في أنهما من أهل السنه :
جاء في مركز الفتوى رقم الفتوى 52163: ويرويها القندوزي المتوفى سنة 1294هـ أو أبو إسحاق الحمويني المتوفى سنة 722هـ وكل منهما يرويها في كتاب له يُشَك في نسبته إليه لا سيما وأنهما سنيان
أقول : والسؤال الذي يطرح مادورنا في زمان الغيبة ؟! هذا ماسنعرفه كما جاء في الفصل الثالث من كتاب غيبة الامام المهدي عند الامام الصادق عليهما السلام من ص138 الى ص 157 للسيد ثامر هاشم العميدي
في بيان ما مطلوب في زمان الغيبة
بعد تأكيد الإمام الصادق عليهالسلام على ثبوت أصل العقيدة المهدوية عن رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وتنبيه الأمة على حكم من أنكرها ، وإخباره ـ كما مرّ ـ عليهالسلام بهوية الإمام المهدي عليهالسلام وغيبته وما سيجري عليه بعد ولادته ، فلابدّ من اتخاذ الاحتياطات اللازمة لانقاذ الأمة وارشادها إلى ما يعصمها من الضلالة ، وهو ما قام به عليهالسلام خير قيام حيث اضطلع عليهالسلام بمهمة التوعية والتثقيف الاسلامي بما هو مطلوب في مرحلة غياب الإمام المهدي عليهالسلام ، كما سيتضح من العناوين الآتية :
أولاًًً ـ الوصية بعدم إنكار الغيبة ، والنهي عن الانحراف ، ولزوم التصديق :
إنّ معنى إنكار الغيبة ، هو إنكار وجود الإمام المهدي عليهالسلام ، وبالتالى هو عين الانحراف وعدم التصديق ، وقد مرّ ما يغني عن إعادته في خصوص من أنكر وجود الإمام ، ومن رد على آل البيت عليهمالسلام ، كمن ركب رأسه ، واتبع هواه.
ومن هنا حاول الإمام الصادق عليهالسلام التركيز على هذه المفاصل الأساسية ، لتتّخذ الأمة حذرها ، وتكون في يقظة دائمة مما يحاول أعداء الحقّ إثارته من خرافات وشبهات حول خاتم الأئمة الإمام المهدي أرواحنا فداه.
ويدلُّ على ذلك أحاديث لا حصر لها ، نذكر منها :
١ ـ عن هشام بن سالم ، عن الإمام الصادق ، عن آبائه عليهمالسلام ، عن رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : « القائم من ولدي اسمه اسمي ، وكنيته كنيتي ، وشمائله شمائلي ، وسنته سنتي ، يقيم الناس على ملّتي وشريعتي ، ويدعوهم إلى كتاب ربي عزّوجلّ ، من أطاعه فقد أطاعني ، ومن عصاه فقد عصاني ، ومن أنكره في غيبته فقد أنكرني ، ومن كذبه فقد كذبني ، ومن صدق فقد صدقني ، إلى الله أشكو المكذبين لي في أمره ، والجاحدين لقولي في شأنه ، والمضلين لأمتي عن طريقته ( وسيعلمُ الذينَ ظلموا أيَّ منقلبٍ ينقلبونَ ) (١) » (٢).
٢ ـ وعن محمد بن مسلم ، عن الإمام الصادق عليهالسلام ، قال : « إن بلغكم عن صاحب هذا الأمر غيبة فلا تنكروها » (٣).
__________________
١ ـ سورة الشعراء : ٢٦ / ٢٢٧.
٢ ـ إكمال الدين ٢ : ٤١١ / ٦ باب ٣٩ ، وإعلام الورى / الطبرسي ٢ : ٢٢٧ الفصل الثاني.
٣ ـ اصول الكافي ١ : ٣٣٨ / ١٠ و ١ : ٣٤٠ / ١٥ باب الغيبة ، وكتاب الغيبة / النعماني : ١٨٨ / ٤٢ باب ١٠ ، وكتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : ١٦٠ ـ ١٦١ / ١١٨.
ويُستفاد من هذين الحديثين لا سيّما الأول جملة من الأمور لا بأس بالاشارة السريعة إليها ، وهي :
١ ـ وجوب معرفة الإمام المهدي عليهالسلام باسمه وكنيته وأصله الشريف.
٢ ـ إنّه متّبع لسنة جدّه رسول الله صلىاللهعليهوآله .
٣ ـ وجوب طاعته مطلقاًً ، كما وجبت طاعة الرسول صلىاللهعليهوآله مطلقاً.
ومن جملة طاعة المهدي عليهالسلام ما أوصى به عليهالسلام ـ في تواقيع مشهورة عنه عليهالسلام ـ من الورع والتقوى ووجوب الانتظار ، والرجوع في أخذ معالم الدين الحنيف من الفقيه الصائن لنفسه ، المتبع آل محمد صلىاللهعليهوآله في أخلاقهم وهديهم وحلالهم وحرامهم عليهمالسلام.
٤ ـ إنّ له عليهالسلام غيبةً لابدَّ منها ، مع التحذير
والوعيد الشديد لمن أنكرها.
٥ ـ ضرورة الابتعاد التام عن المعاندين في أمر الإمام المهدي عليهالسلام لما ورد فيهم من اوصاف أقلها إضلال الأمة عن الحق وأهله ، والواجب بغضهم وعدم مجالستهم أو التقرب أو التودّد إليهم ، أو سماع كلامهم ، اللهمّّ إلاّ من قبيل العمل لهدايتم ، وإلاّ فلا ، لأنهم اتّبعوا شهواتهم فضلوا وأضلو.
ومن ضمّ هذين الحديثين إلى ما تقدم ، تتّضح سخافة القول بنجاة من يعتقد بمهدي مجهول يخلقه الله تعالى من سلالة الإمام الحسن السبط عليهالسلام في آخر الزمان! لما في تلك الأحاديث الشريفة من دلالة واضحة على ولادة
الإمام المهدي عليهالسلام وهويته ، وإلاّ كيف يأتي الأمر بتصديقه ، وطاعته ، وهو لم يعرف بعد؟! بل كيف يتواتر النهي عن آل محمد صلىاللهعليهوآله كلّهم في عدم إنكار غيبته ، وهو لم يولد بعد؟!
ثانياًً ـ وجوب الثّبات على الولاية في زمن الغيبة :
قام أهل البيت عليهمالسلام بتأسيس القواعد المتينة في علاج ما يعترض الأمة من عقبات تقف حيال المبادئ الإسلامية التي آمنوا بها وضّحوا من أجلها.
وقد كان إمامنا الصادق عليهالسلام حريصاً على مستقبل التشيّع بإزاء ما يراه من تلبّد الافق الإسلامي بالرياح الصفراء التي تحاول العبث بكل شيء لتغطّيه بغبارها الكثيف ، ذلك المستقبل الذي يمثّل إرادة السماء ، وطموع الرسالة ، في بقاء ثلّة على الحقّ لا يضرّها من ناوأها حتّى يأتي الله بأمره ، ثلّة خيّره تكمّل مسيرة طلائع التشيّع الذين لم تثنهم عن الحق اعتى العواصف وأقسى همجية الجاهلية الاولى ، من أمثال : سلمان ، وعمار ، وأبي ذرّ ، وأضرابهم رضي الله تعالى عنهم.
مستقبل لا حياة فيه بغير التمسّك بعرى آل محمد صلىاللهعليهوآله ، والاستماتة من أجل بقاء نهجهم محفوراً في قلوب الاتباع ، خالداً في ضمير الزمن.
وفي هذه الفقره ما يشير إلى الخطوات التي أمر الإمام الصادق عليهالسلام باتخاذها كضمانات أكيدة في ديمومة مستقبل التشيّع بعده ، خصوصاًً في صورة اختفاء الإمام عليهالسلام ، سواء كان ذلك بحبس من السلطات الغاشمة كما
حصل مع ولده الإمام الكاظم عليهالسلام ، أو بغير ذلك من وسائل الضغظ والتعسّف كما حصل لبقية الائمة عليهمالسلام ، أو بغيبة كما هو الحال مع الإمام المهدي عليهالسلام.
فالأحاديث الآتية إذن هي أعمّ من اختصاصها بإمام أعين ، وانّما هي قاعدة عامّة يمكن للقواعد الشيعية تطبيقها على موردها كلما ضاق الخناق في زمانهم على واحد من الائمة الستة من ولد الإمام الصادق عليهالسلام ، وإن كان بعضها صريحاً في خصوص الإمام السادس من ولد الإمام الصادق عليهالسلام ثاني عشر الائمة الهداة الميامين : المهدي أرواحنا فداه.
ومن تلك الأحاديث الشريفة :
١ ـ عن عبد الله بن سنان ، قال : « دخلت أنا وأبي على أبي عبد الله عليهالسلام فقال : فكيف أنتم إذا صرتم في حال لا ترون فيها إمام هدىً ولا علماً يُرى ، لا ينجو منها إلاّ من دعا دعاء الغريق ، فقال له أبي : إذا وقع هذا ليلاً فكيف نصنع؟ فقال : أما أنت فلا تدركه ، فإذا كان ذلك فتمسكوا بما في أيديكم حتى يتضح لكم الأمر » (١).
٢ ـ وعن منصور الصيقل قال : « قال أبو عبد الله عليهالسلام : إذا أصبحت وأمسيت يوماً لا ترى فيه أوصياء من آل محمد صلىاللهعليهوآله ، فاجبب من كنت تحب ، وابغض من كنت تبغض ، ووال من كنت توالي ، وانتظر الفرج
__________________
١ ـ إكمال الدين : ٢ : ٣٤٨/٣٤٩/٤٠ باب ٣٣ ، وكتاب الغيبة / النعماني : ١٥٩/٤ باب ١٠.
صباحاً ومساءً » (١).
٣ ـ وعن أبان بن تغلب قال : « قال لي أبو عبد الله عليهالسلام : يأتي على الناس زمان يصيبهم فيه سبطة ، يأرز العلم فيها بين المسجدين كما تأرز الحيّة في جحرها .. فبينما هم كذلك ، إذا أطلع الله عزّوجلّ لهم نجمهم ، قال : قلت : وما السبطة؟ قال : الفترة والغيبة لإمامكم! قال : قلت : فكيف نصنع فيما بين ذلك؟ فقال : كونوا على ما أنتم عليه حتى يطلع الله لكم نجمكم » (٢).
٤ ـ وعن زرارة قال : « قال أبو عبد الله عليهالسلام : يأتي على الناس زمان يغيب عنهم إمامهم. فقلت له : ما يصنع الناس في ذلك الزمان؟ قال : يتمسكون بالأمر الذي هم عليه حتى يتبين لهم » (٣).
٥ ـ وعن أبي بصير ، عن الإمام الصادق عليهالسلام قال : « طوبى لمن تمسك بأمرنا في غيبة قائمنا فلم يزغ قلبه بعد الهداية » (٤).
__________________
١ ـ كتاب الغيبة / النعماني : ١٥٨ / ٣ باب ١٠ ، واصول الكافي ١ : ٣٤٢ / ٢٨ باب الغيبة.
٢ ـ اكمال الدين : ٣٤٩ / ٤١ باب ٣١ ، وكتاب الغيبة / النعماني : ١٥٩ / ٦ باب ١٠.
٣ ـ إكمال الدين ٢ : ٣٥٠ / ٤٤ باب ٣٣.
٤ ـ إكمال الدين ٢ : ٣٥٨ / ٥٥ باب ٣٣ ، ومعاني الأخبار / الشيخ الصدوق : ١١٢ / ١ باب معنى طوبى.
يتبع ................