كثيرا ما يبحث عنوان الحرب العالمية " الثالثة " كما في المطلح العصري الحاضر والتي يراد منها تلك الحرب / الحروب الكبرى قبيل الظهور وعلامة عليه وما ينتج عنها من هلاك ودمار كبيرين .
لعله اذا اردنا ان نستدل روائيا عن اطراف واسباب هذه الحرب الكبرى فان من اهم رواياتها تلك الرواية التي وردت عن عمار بن ياسر رض ولعلها وكما يرى بعض الباحثين هي عبارة عن نقلٍ بالمعنى لمجموعة من علامات الظهور سمعها عمار من الرسول او من الامام علي ع وقالها على طريقته .
ننقل الرواية وكما يلي :
عن عمار بن ياسر أنه قال : « إن دولة أهل بيت نبيكم في آخر الزمان ، ولها أمارات ، فالزموا الأرض وكفوا حتى تجيء أمارتها ، فإذا استثارت عليكم الروم والترك ، وجهزت الجيوش ، ومات خليفتكم الذي يجمع الأموال ، واستخلف بعده رجل صحيح ، فيخلع بعد سنين من بيعته ، ويأتي هلاك ملكهم من حيث بدأ ، ويتخالف الترك والروم وتكثر الحروب في الأرض ، وينادي مناد من سور دمشق : ويل لأهل الأرض من شر قد اقترب ، ويخسف بغربي مسجدها حتى يخر حائطها ، ويظهر ثلاثة نفر بالشام كلهم يطلب الملك : رجل أبقع ، ورجل أصهب ، ورجل من أهل بيت أبي سفيان ، يخرج في كلب ويحصر الناس بدمشق ، ويخرج أهل الغرب إلى مصر ، فإذا دخلوا فتلك أمارة السفياني ، ويخرج قبل ذلك من يدعو لآل محمد عليهم السلام ، وتنزل الترك الحيرة ، وتنزل الروم فلسطين ، ويسبق عبد الله عبد الله حتى يلتقي جنودهما بقرقيسا على النهر ويكون قتال عظيم . ويسير صاحب المغرب فيقتل الرجال ويسبي النساء ، ثم يرجع في قيس حتى ينزل الجزيرة السفياني ، فيسبق اليماني ، ويجوز السفياني ما جمعوا ، ثم يسير إلى الكوفة ، فيقتل أعوان آل محمد صلى الله عليه وآله ، ويقتل رجلا من مسميهم . ثم يخرج المهدي على لوائه شعيب بن صالح ، وإذا رأى أهل الشام قد اجتمع أمرها على ابن سفيان فالحقوا بمكة ، فعند ذلك تقتل النفس الزكية وأخوه بمكة ضيعة فينادي مناد من السماء : أيها الناس إن أميركم فلان ، وذلك هو المهدي الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا »*
اقول : معظم تفاصيل الرواية له شواهد روائية من روايات المعصومين ع تشابه مضامينها كثيرا ، وهذا ما يعزز الثقة بها ويزيد من اعتبارها .
المهم الذي نريد اخذه من هذه الرواية هو ما يتصل بالحرب الكبرى واطرافها واسبابها ولعله نلخصها بنقطتين :
1- فإذا استثارت عليكم الروم والترك ، وجهزت الجيوش .
2- ويتخالف الترك والروم وتكثر الحروب في الأرض .
فاول تسجيل او مقدمة لهذه العلامة تبدأ باستثارة كلاً من الروم والترك على العرب / بلاد المسلمين ، والاستثارة هنا تفهم بمعنى التحرك والهياج السياسي والعسكري على بلاد العرب والمسلمين وبدلالة قوله " وجهزت الجيوش " وهذا هو التحشيد العسكري قبل الحرب ،
ثم بعد ذكر عدة احداث علاماتية يعود ليذكر التطور المهم المتعلق باستثارة الترك والروم على بلاد العرب وهو تخالف الترك والروم ! وهذا لعله يرجع الى التنافس على المصالح ويتطور الى حرب / حروب بينهما وبين من يتحالف معهما ليشمل اكثر بلاد الارض كما يظهر من سياق التعبير .
اذن يمكن القول وفق هذه المعلومات الروائية وعلى الطريقة التعبير المعاصرة في تحليل الاحداث ان اهم دليل روائي عن اسباب الحرب الكبرى قبيل الظهور هو التنافس على المصالح بين جهتين طامعتين تستثاران على بلاد العرب والمسلمين وهما الترك والروم ، ويسبب هذا الامر تخالف مصالحهما وتخالفهما ومن ثم التطور الى مواجهة عسكرية بينهما وبين دول اخرى في الارض وتكثر الحروب في الارض والهلاك والدمار نتيجة التحالفات والمصالح الموزعين بين هذين القطبين .
لعل هذا المعنى وهذين الطرفين ( الترك والروم ) اشارة اليه الرواية الواردة عن الامام امير المؤمنين علي ع : النعماني/305 ، عن المغيرة بن سعيد عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام : إذا اختلف الرمحان بالشام لم تنجلِ إلا عن آية من آيات الله قيل : وما هي يا أمير المؤمنين قال : رجفة تكون بالشام يهلك فيها أكثر من مائة ألف ، يجعلها الله رحمة للمؤمنين وعذاباً على الكافرين ، فإذا كان ذلك فانظروا إلى أصحاب البراذين الشهب المحذوفة ، والرايات الصفر تقبل من المغرب حتى تحل بالشام ، وذلك عند الجزع الأكبر والموت الأحمر . فإذا كان ذلك فانظروا خسف قرية من دمشق يقال لها حرستا ، فإذا كان ذلك خرج ابن آكلة الأكباد من الوادي اليابس ، حتى يستوي على منبر دمشق ، فإذا كان ذلك فانتظروا خروج المهدي عليه السلام )
اقول : فهذان الرمحان اللذان يختلفان في الشام قبل الظهور وعلامة عليه هما على الاكثر نفسهما الترك والروم في رواية عمار بن ياسر رض .
ويقصد من الترك كما يفهمه كثير من الباحثين هم شعوب الاتحاد السوفيتي في العصر الحاضر ،،، ويقصد من الروم هم الدول الغربية الاوربية وامريكا . فاذا صح هذا الامر فاحدهما في المشرق ( الترك / الروس ) والاخر في جهة المغرب ( الغرب / اوربا ودولة امريكا ) وهذا ايضا لعله يوافق مضمون الرواية التالية : فعن الإمام الباقر عليه السلام قال: ( يختلف أهل الشرق وأهل الغرب ، نعم وأهل القبلة . ويلقى الناس جهداً شديداً مما يمر بهم من الخوف . فلايزالون بتلك الحال حتى ينادي مناد من السماء . فإذا نادى فالنفر النفر ) - البحار .
لذلك فان هذا الفهم والتحديد اذا صح روائيا وتفسيرياً ، ومن ثم اسقاطاً تجريبياً في عصرنا الحاضر "وتحت فرضية عصر الظهور " فهو يعزز فرضية عصر الظهور والاحداث التي تحت المتابعة ويرسم تصور مهم عن اسباب الحرب الكبرى واطرافها ولعله محل الشرارة الاولى لاندلاع هذه العلامة المهمة والخطيرة .
ملاحظة : اقتضى التنبيه بين حين وآخر لمن يتابع ويبحث في علامات الظهور والقضية المهدوية المقدسة باننا يجب ان لا ننتظر الظهور من خلال العلامات على حساب الشرائط لان هذا قد يكون خلاف الانتظار الايجابي والعملي الذي يقتضي العمل الجاد لتحقيق شرائط اليوم الموعود .
والله اعلم
الباحث الطائي
التعديل الأخير تم بواسطة الباحث الطائي ; 25-02-2017 الساعة 11:48 PM.