بسم الله تعالى
اللهم صل على محمد وآل محمد
قال أمير المؤمنين عليه السلام:
قريح القلب من وجع الذنوب نَحِيْلُ الجِسْــمِ يَشْهَقُ بالنَّحِيْبِ
أضر بجسمه سهر الليالـي فصـار الجســم منه كالقضيـــب
وَغَيَّرَ لَوْنَـه خَـوْفٌ شَدِيْـدٌ لما يَلْقَــاهُ مِنْ طُولِ الكُــــرُوبِ
يُنادي بالتَّضَرُّعِ يـا إلهـي أَقِلْني عَثــْرتي واسْتُرعُيــوبــي
فزعت إلى الخلائقِ مستغيثاً فــلم أرَ في الخلائق من مجيب
و أنت تجيب من يدعوك ربي وَتَكْشِــفُ ضُــرَّ عَبـْدِكَ ياحَبيبي
و دائي باطن ولديـك طـــب وهَــلْ لي مِثـْلُ طبّـــِكَ ياطــبيبي
قال تعالى {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ }الزمر53
كل الذنوب قابلة للعفو وهناك من الادلة العامة على قبول التوبة،والتي تواترت في القرآن والسنة ، ليست قابلة للتخصيص والأستثناء، حتى قيل :
أنه لا توجد ذنوب غير قابلة للعفو بعد التوبة .
وفي القرآن يصف الله تعالى نفسه بقبول التوبة وكما أن من أسمائه الشريفة (تواب) (غفار)(غافر الذنب )(قابل التوب)
وبشكل عــام فقد دعا الله تعالى المذنبيبن بالتوجه إليه ، وأمرهم بالتوبة ، ولأجل معالجة اليأس يكفي مراجعة الآية التي أوردناها في المقدمة .
{قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ }الزمر53
هذه الآية الشريفة عدة إشارات لطيفة
إحداها: قوله "يـــــا عبــــادي" ولم يقل "يــا أيها العصاة" وذلك يتضمن اللطافة في الخطـــاب .
والأخرى: قوله " أســـــرفــــوا " وهو أيضا مشتمل الرفق في الخطـــاب ولم يقل "أخطـــأوا"،
والثالث: أنه قال " ولا تقنطــــوا " وهو صريح في الدلالة على النهي عن اليــأس ، وحرمته.
الرابع: أنه أكد ذلك بجملة " أن الله يغفر الذنوب جميعا" وعمم القول بغفران الذنوب.
الخامس: أنه قال "جميعا"ولم يخصص ذلك بالبعض .
السادس: أنه أكد ذلك مرة ثانية بجملة "أنه هو الغفور الرحيم. تقبل التوبة حتى من قاتل النبي:-
عن جابر أنه قال: جاءت إمرأه إلى النبي صلى الله عليه وآله
فقالت : يانبي الله أن أمرأة قتلت ولدها بيدها، هل لها من توبة ؟
فقال لها: والذي نفسي بيده لو أنها قتلت سبعين نبي ثم تابت وندمت، ويعرف الله من قبلها أنها لا ترجع إلى المعصية أبدا لقبل الله توبتها وعفا عنها ، فإن باب التوبة مفتوح ما بين المشرق والمغرب وإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له (لآلىء الأخبار باب 3ص23). اليأس من أستجابة الدعاء غلط:
إذا أصبح يائسا وفقد الأمل بتحقيق مقصوده إثر طلبه لحاجة من الحوائج الشرعية ، ومطلب من المطالب الأخروية ، ورجائه من الله تحقيقها ثم لم تتحقق له ، فيجب أن يعلم :
1) أن الوعد الإلهي حق ،ولا يتخلف، وبشكل عام أمر تعالى بدعاء ووعد بالأجابة ، ففي القرآن الكريم يقول{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ }البقرة186 وفي موضع آخر يقول :{وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمَْ }غافر60
2) أن التأخير في الأجابة هو نتيجة وجود حكمة كما أشير إلى بعضها. الذنب مانع عن أستجابة الدعاء:
أحيانا يحجب الدعاء نتيجة الذنوب التي أرتكبها، والدليل على أن تأخير إجابة الدعا لطف هو التوفيق بالأستمرار في الدعاء، ونفس ذلك نعمة .
وذلك أكبر شاهد على أنه مورد العناية اولا ، وقضاء حاجته ثانيا ، ولولا ذلك لم يكن يوفق للأستمرار في الدعاء .
فيا أهل الخير والداعين إليه تعالوا نعاهد الله جميها ونتوجه إليه بتوبة نصوحه ، ومبتدأها من غسل التوبة بدموع وخشوع ، وبمناجاة الأمام زين العابدين وسيد الساجدين نختم ونعم الكلم لسيدي علي بن الحسين روحي فداه .....