فوازير فقهية الأعرابي الذي أغضب هارون الرشيد ثم أفرحه!
بتاريخ : 16-12-2007 الساعة : 06:54 AM
فوازير فقهية :
ذات عام حج هارون الرشيد وابتدأ بالطواف حيث منعت العامة من ذلك لينفرد وحده ، فبينما هو في ذلك اذ ابتدر اعرابي وجعل يطوف معـه (فشق ذلك على الخليفة المستكبر واشار لمن حوله بدفع ذلك الرجل) فقال الحاجب له:
ـــ تنح يا هذا عن وجه الخليفة حتى يطوف.
قال: ان الله ساوى بين الناس في هذا الموضع فقال ]سواء العاكف فيه والباد[[).
فأمر هارون الرشيد الحاجب بالكف عنه. فقصد هارون الحجر الاسود ليقبله فسبقه الاعرابي . ثم صار الرشيد الى مقام ابراهيم ليصلي فيه، فصلى الاعرابي أمامه ، فلما فرغ هارون من صلاته أمر باحضار الاعرابي، فقال:
ـــ مالي اليه حاجة، ان كانت له حاجة فهو بالمجيء الي أولى!
فاضطر هارون فاتاه وسلم عليه، فرد الاعرابي سلامه وقال هارون:
ـــ اتأذن لي ان اجلس هنا.
قال: انما هو بيت الله وكلنا فيه سواء، فإن احببت ان تجلس فاجلس، وإن احببت ان تنصرف فانصرف.
فجلس هارون وقال : مثلك من يزاحم الملوك؟
قال: نعم عليك ان تتواضع امام العلم وتسمع.
( فامتعظ هارون من كلامه) وقال: فاني سائلك فإن عجزت آذيتك.
قال: سؤالك سؤال متعلم ام متعنت؟
قال: متعلم.
قال: حسنا! فاجلس مكان السائل من المسؤول. اجلس امامي.
فنهض هارون الرشيد وجلس امامه. فسأله هارون:
ـــ قل لي ما فرض الله عليك؟
قال: عن أي فرض سألت؟ عن واحد أم خمسة ام سبعة عشر ام اربع وثلاثون ام اربع وتسعون ام مائة وثلاث وخمسون على سبعة عشر ومن اثنى عشر واحد ومن اربعين واحد ومن مائتين خمس ومن الدهر كله واحد وواحد بواحد.
فقال الرشيد: اسألك عن واجب وانت تعد عليّ الحساب!
قال: ان الدين كله حساب ولو لم يكن الدين حسابا لما حاسب الله الخلائق يوم القيامة ثم تلى ]وان كان مثقال حبة من خردل آتينا بها وكفى بنا حاسبين[
وهنا ناداه الاعرابي باسمه، فغضب هارون غضبا شديدا (لأنه يعتقد بوجوب مناداته من قبل الجميع بأمير المؤمنين)، فقال وقد بدت عليه سيماء الغضب والإمتعاظ:
ـــ بين لي ماقلت! والا قتلتك بين الصفا والمروة.
فالتمسه الحاجب ان يهبه لله ولذلك المكان المقدس، فضحك الاعرابي فسأله هارون:
ـــ مم ضحكت؟
قال: تعجبا منكما إذ لا ادري من الاجهل منكما الذي يستوهب اجلا قد حضر او الذي استعجل اجلا لم يحضر.
قال هارون: بالتالي فسر لنا ما ذكرت!
قال الاعرابي: اما قولي الفرض واحد فدين الاسلام (الذي وجب على الناس قبل كل شيء) كله واحد وعليه خمس صلوات وهي سبع عشرة ركعة واربع ثلاثون سجدة و اربع وتسعون تكبيرة ومائة وثلاث وخمسون تسبيحة، واما قولي من اثنى عشر واحد فصيام شهر رمضان من اثنى عشر شهرا، واما قولي من الاربعين واحد فمن ملك اربعين ديناراً أوجب الله عليه ديناراً ، واما قولي من ما ئتين خمسة فمن ملك مائتي درهم أوجب الله عليه خمسة دراهم، وأما قولي فمن الدهر كله واحد فحجة الاسلام ، واما قولي واحد من واحد فمن اهرق دماً من غير حق وجب اهراق دمه فقد قال سبحانه ]النفس بالنفس[.
فذهل هارون لما اورده ذلك الاعرابي وتبدل غضبه سرورا واكبر ذلك الرجل وسلمه صرة من الذهب.
فقال الاعرابي: ياهارون لقد سألتني فأجبتك والآن انا أسألك فان اجبت، فالصرّة لك تتصدق بها في هذا المكان والا ناولتني صرة اخرى لاتصدق بها على فقراء قبيلتي.
فقال هارون: سل.
فسأله: اخبرني عن الخنفساء تزق ام ترضع ولدها؟
فغضب هارون وقال : ويحك يا أعرابي مثلي من يسأل هذه المسألة؟
قال: سمعت ممن سمع رسول الله (ص) انه قال: من ولى اقواماً وهب الله له من العقل كعقولهم، وانت امام هذه الامة يجب ان لا تسأل عن شيء من أمر ربك ومن الفرائض الا اجبت عنها ، فهل عندك جواب؟
قال هارون: لا، فبين لي وخذ صرتين.
قال: ان الله تعالى لما خلق الارض خلق دبابات الارض التي ليس لها معدة ولا دم من التراب وجعل طعامها من ذلك التراب فاذا فارق الجنين امه لم تزقه ولم ترضعه بل كان عيشها من التراب.
فقال هارون: والله ما ابتلى احد لحد الآن بمثل هذه المسألة.
فأخذ الاعرابي الصرتين، فسأل بعض الناس عن اسمه فإذا هو موسى بن جعفر عليه السلام. ثم اخبروا هارون بذلك، قال:
ـــ والله كان ينبغي ان تكون هذه الورقة من تلك الشجرة
Aكانت تلك السنة الاولى التي يحج فيها الرشيد وقد غير عليه السلام ثيابه حتى لا يعرفه الناس، ولذلك لم يعرفه هارون@.
الله يعلم حيثُ يجعل رسالته ...سلاماً على اهل بيت النبوة ..