من شروط صحة وكمال التوبة ، هي ان يتوب المذنب ويتدارك ما فاته من الذنب مع العزم على عدم العودة إلى ما فرط به ، وان يجتهد في الطاعة .. وشروط قبول التوبة ستة اشياء ، قال أمير المؤمنين عليه السلام - لرجل سمعه يقول : استغفر الله - : ثكلتك امّك ، اتدري ما الاستغفار ؟.. ان الإستغفار درجة العليين ، وهو اسم واقع على ستة معان :
١- الندم على ما مضى .
٢- العزم على ترك العودة اليه ابداً.
٣- تؤدي إلى المخلوقين حقوقهم ، حتّى تلقى الله ليس عليك تبعة.
٤- تعمد إلى كلّ فريضة عليك ضيعتها فتؤدي حقّها.
٥- ان تعمد إلى اللحم الذي نبت على السحت فتذيبه بالاحزان ، حتّى يلصق الجلد بالعظم ، و ينشأ بينهما لحم جديد.
٦- ان تذيق الجسم ألم الطاعة كما اذقته حلاوة المعصية .. فعند ذاك تقول : استغفر الله. بحار الأنوار: ج6 ص37
نعم ، من مستلزمات صحة وكمال التوبة الحسرة والندم على الذنب ، والعزم على ترك العودة اليه في المستقبل ، فاذا لم يصمم المرء على الترك فهذا يدل على عدم رغبته الحقيقية في ترك الذنب .
ومن ضرورات الحسرة والندم على الذنب هي اداء ما فرط فيه .. فاذا كان الحق لله كترك الصوم والصلاة والخمس والزكاة والحج، وجب قضاؤه.. وإذا كان الحق للناس ، وجب عليه اعادة الحق إلى صاحبه ، وإن كان صاحب الحق قد توفي يعيده إلى ورثته ، و إذا لم يعرف ورثته يتصدق به نيابة عنه.. وإذا كان الحق حقاً عرضياً ؛ اي انّه آذى احداً باخلاقه وجوارحه ، يطلب العفو والصفح ، ويسترضي من آذاه .. وإذا كان الحق يوجب حداً كالقذف ، وجب عليه الإذعان لصاحب الحق ليقيم الحد أو يعفو عنه.
قال أمير المؤمنين : « التوبة ندم بالقلب ، واستغفار باللسان ، وترك الجوارح ، واضمار ان لا يعود ». ميزان الحكمة: 1/549 عن غرر الحكم، وبحار الأنوار: ج78 ص48 ح66
قال الإمام السجاد عليه السلام : « انما التوبة العمل والرجوع عن الأمر ، وليس التوبة بالكلام ». كشف الغمة: ج2 ص313
قال العظيم في كتابه الكريم : ﴿ إلاّ الّذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا ﴾. سورة النور: 5
و يستفاد من جملة ﴿ اصلحوا ﴾ ان من شروط التوبة تدارك ما سلف من الذنب.. ويكون التدارك عادة بالاعمال الصالحة بشتى صورها ، كالمساعدة المالية، والجهاد في سبيل الله ، والصوم ، و قيام الليل و ...الخ .. ولكن من الأفضل تدارك كلّ ذنب بما ينافيه ، فتدارك ذنب السفور مثلاً يكون بالعفة ، والمحافظة التّامة على الحجاب .. و ذنب الغيبة يتداركها المذنب بصيانة اللسان وضبطه.. والظلم والجور يتداركهما المرء بالاحسان إلى المظلومين ، والأخذ بيد من يحتاج إلى العون .. ومعصية نظرة السوء ان يعف المرء بصره ، ويغضّه عمّا لا يجوز له النظر اليه ، ويمكن تداركه أيضاً بما يوجب له الثواب كالنظر إلى القرآن وإلى وجه العالم وإلى الأب والأم.
قال الامام السجاد عليه السلام : « كفارة عمل السلطان قضاء حوائج الإخوان ». وسائل الشيعة: ج15 ص584