الاول : أن يعرف أن الخير كله عند الله ، فلا يلتمس الخير إلا عنده ، ولا يطلب من سواه.
فإذا عاشرت الخلق وباشرتهم فليكن ذلك طلبا لما عند الله، وابتغاء لرضا الله ، بأن يكون همّك الإحسان إليهم ، وإدخال النفع عليهم ، فإنّ الخلـق عيـال الله ، وأحب الخلق إلى الله من أدخل النفع على عيــال الله . [ الكافي : 2/131 ] .. كما في أخبار أهل البيت(عليه السلام). (1)
فإذا أردت المرتبة العليا بأن تكون أحب الخلق إلى الله على ما اقتضاه الحديث الشريف ، فاتقن هذه المقدمة أولا ً، وهي أن تعلم بأن انتفاعك منهم بهذا الطريق أعظم من نفعك لهم ، حيث أنك بسببهم توصلّت إلى أن تكون أحب الخلق إلى الله ، فلا تطلب منهم نفعاً غير هذ ا، واقطع النظر عن كل ما سواه .. فما وراء عبادان قرية.
فإذا كان أصل معاشرتك لأجل أن تنفعهم ، ويصل منك الإحسان إليهم فوطّن نفسك أولاً على تحمل الإساءة منهم ، وعدم مكافأتهم بها ، وهذا أول إحسان منك إليهم.
ثم إذا وطّنت نفسك على أن لا تكافئ المسيء بإساءته فلا تقنع بذلك ، فإنك تريد الاقتداء بأهل بيت سجيتهم الإحسان إلى من أساء إليهم ، والعفو عمن ظلمهم ، والوصل مع من قطعهم ، والإعطاء لمن حرمهم.
الثاني: أن يراعي حقوق الخلق في الله ، فإنّ مراعاة حق الخلق في الله مراعاة لحق الله ، كما أن إهمالها إهمال لحق الله.
فإذا أردت ذلك فاعلم أن لهؤلاء حقوقاً كثيرة يلزمك أن تعرفها حتى لا تجهل حق الله فيهم ، فإذا عرفتها استعنت بالله على أدائها ، والقيام بها ، وإذا عجزت عنها كان اعترافك بالعجز قائماً مقام القيام بها.
فأحدها : أنهم يقولون : (علي ولي الله) وكل من يقول هذه الكلمة الشريفة كيف يمكنك القيام بحقه ؟.. بل كيف يمكنك معرفة حقه؟.. بل كيف تتصور حقه ؟..
هيهات !.. هيهات !.. حق من يعترف بهذه الكلمة تابع لحق من هو منسوبة إليه وهو علي (عليه السلام)، وحقه تابع لحق رسول الله (صلى الله عليه واله) ، وحق رسول الله (صلى الله عليه واله) تابع لحق الله تعالي ، وكيف يمكن القيام بحق الله وقد قال رسول الله (صلى الله عليه واله) لأبي ذر: ( إنّ حقوق الله جلّ ثناؤه أعظم من أن يقوم بها العباد ، وإنّ نِعَم الله أكثر من أن يحصيها العباد ، ولكن أمسوا تائبين ، وأصبحوا تائبين ). البحار : 74/76..(6)
وقد قال رسول الله (صلى الله عليه واله) لبعض أصحابه وهو يشير إلى علي (عليه السلام):
( والِ ولي هذا ولو أنه قتل أبيك وولدك ، وعاد عدوّ هذا ولو أنه أبوك وولدك).الوسائل : 16/178
الثالث : أن يستوحش من الخلق أنسا بالله ، فإنّ العاقل يلزمه أن يكون مقبلاً على شأنه ، حافظاً للسانه ، عارفاً بأهل زمانه ، مستوحشاً من أوثق إخوانه.
فمن هو هكذا دعا له علي (عليه السلام) بقوله: شدّ الله من هذا أركانه ، وأعطاه يوم القيامة أمانه . الكافي : 1/49..
وفي الكافي عن جابر قال : دخلت على أبي جعفر (عليه السلام) فقال:
يا جابر !.. والله إني لمحزون ، وإني لمشغول القلب.
قلت : جعلت فداك !.. وما شغلك ، وما حزن قلبك ؟..
فقال : يا جابر !.. إنه من دخل قلبه خالص دين الله ، شغل قلبه عمّا سواه . الكافي : 2/ 107..
وفيما كتبه أمير المؤمنين (عليه السلام)إلي بعض أصحابه : فإنّ من اتقى الله عزّ وقوي ، وشبع وروي ، ورفع عقله عن أهل الدنيا ، فبدنه مع أهل الدنيا وقلبه وعقله معاين الآخرة . [ الكافي : 2/136]
منقوول
ونسالكم الدعاء
التعديل الأخير تم بواسطة Dr.Zahra ; 03-05-2008 الساعة 11:54 PM.
سبب آخر: كتابة الصلاة والسلام بشكلها الكامل لااختصارا الرجاء الانتباه في المره القادمه