روي في الفضائل لابن شاذان ، ص 172 ، عن الأصبغ بن نباتة انه قال :
كنت جالساً عند أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه الصلاة والسلام) وهو يقضي بين الناس اذ أقبل جماعة و معهم أسود مشدود الأكتاف فقالوا هذا سارق يا أمير المؤمنين ، فقال (عليه الصلاة و السلام) : يا أسود سرقت ، قال : نعم يا مولاي قال : ويلك انظر ماذا تقول أسرقت ، قال : نعم ، فقال له : ثكلتك أمك إن قلتها ثانية قطعت يدك سرقت ، قال : نعم ، فعند ذلك قال (عليه الصلاة والسلام) : اقطعوا يده فقد وجب عليه القطع ، قال : فقطع يمينه فأخذها بشماله وهي تقطر فاستقبله رجل يقال له ابن الكواء فقال له: يا أسود من قطع يمينك ، قال له : قطع يميني سيد المؤمنين وقائد الغر المحجلين وأولى الناس باليقين سيد الوصيين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه الصلاة والسلام) أمام الهدى وزوج فاطمة الزهراء إبنة محمد المصطفى أبوالحسن المجتبى وأبو الحسين المرتضى السابق إلى جنات النعيم مصادم الأبطال المنتقم من الجهال ، زكي الزكاة ، منيع الصيانة ، من هاشم القمقام ، ابن عم رسول الأنام، الهادي إلى الرشاد ، الناطق بالسداد ، شجاع كمي جحجاح وفي ، فهو أنور بطين ، أنزع أمين من حم و يس وطه و الميامين محل الحرمين ومصل بالقبلتين خاتم الأوصياء لصفوة الأنبياء ، القسوة الهمام و البطل الضرغام المؤيد بجبرائيل و المنصور بميكائيل المبين فرض رب العالمين المطفي نيران الموقدين وخير من مشى من قريش أجمعين المحفوف بجند من السماء أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه الصلاة والسلام) على رغم أنف الراغمين و مولى الخلق أجمعين ، قال : فعند ذلك قال له ابن الكواء ويلك يا أسود قطع يمينك وأنت تثنى عليه هذا الثناء كله ، قال : ومالي لا أثنى عليه وقد خالط حبه لحمي ودمي و الله ما قطع يميني إلا بحق أوجبه الله تعالى علي ، قال ابن الكواء فدخلت إلى أمير المؤمنين (عليه الصلاة والسلام) وقلت له يا سيدي رأيت عجباً، فقال : وما رأيت ، قلت : صادفت الأسود وقد قطعت يمينه وقد أخذها بشماله وهي تقطر دماً ، فقلت : يا أسود من قطع يمينك ، فقال : سيدي أمير المؤمنين (عليه الصلاة والسلام) فأعدت عليه القول وقلت له : ويحك قطع يمينك و أنت تثني عليه هذا الثناء كله ، فقال : مالي لا أثنى عليه وقد خالط لحمي و دمي و الله ما قطعها إلا بحق أوجبه الله تعالى فالتفت أمير المؤمنين (عليه الصلاة والسلام) إلى ولده الحسن وقال له : قم وهات عمك الأسود ، قال : فخرج الحسن (عليه الصلاة والسلام) في طلبه فوجده في موضع يقال له كندة ، فأتى به إلى أمير المؤمنين ، فقال : يا أسود قطعت يمينك و أنت تثني علي ، فقال : يا مولاي يا أمير المؤمنين و مالي أثني عليك وقد خالط حبك لحمي و دمي فو الله ما قطعتها إلا بحق كان علي مما ينجي من عذاب الآخرة ، فقال (عليه الصلاة والسلام) هات يدك ، فناوله إياها فأخذها ووضعها في الموضع الذي قطعت منه ثم غطاها بردائه وقال (عليه الصلاة والسلام) ودعا بدعوات لم تردد وسمعنا يقول في آخر دعائه آمين ثم شال الرداء وقال أتصلي أيتها العروق كما كنت ، قال : فقام الأسود وهو يقول آمنت بالله وبمحمد رسوله وبعلي الذي رد اليد بعد القطع و تخليتها من الزند ثم انكب على قدميه وقال : بأبي أنت و أمي يا وارث علم النبوة .