حمار حجي مكي الذي شربوه البيرة
تكثر في المناطق في السبعينات العديد من زرايب الحيوانات , تتمركز في جوانبها.
ونصيب عائلة ... الأوفر حظاً , و من كثر الحيوانات من بقر و حمير و خيول وعجاجيل حتى أن بعضهم مربوط خارج الحضاير , يا أما مربوط في جدع نخلة أو جدع جنقلية .
و أما الكلاب حدث ولا حرج من كثرة إنتشارهم في الحضائر وما حولها .
و لأولادهم العديد من الأصدقاء و غالبيتهم ممن ترك المدارس بسبب انشغاله بالحضائر و حيواناتها .
و في يوم من الأيام بينما كان بعض رواد الحضائر مارين في طريقهِم على احدى النخيل الكثيفة و اذا بأحدهم يرمق بين سعفها الملقى على الأرض زجاجة بيره من النوع المعتق ,
وفي نفس الوقت منتهية الصلاحية ومتضرراً من حرارة الشمس لفترة طويلة ,خطرت ببال الصبية الأشقياء فكرة جهنمية شيطانية لم تخطر ببال أحد
و هي تقديمها لأحد الحمير لإحتسائها كتجربة مغامراتية و الترقب لما سيحدث للحمار .
أخذ الصبية الصغار الزجاجة للحضيرة و وضعوها في مكان خفي لحين تعيين الحمار الضحية !!
ما هي إلا سويعات حتى أتاهم الحاج مكي وهو من رواد تلك الحضائر و صاحب معاملات على مدى بعيد مع كبار المجموعة ما إن وصل حتى ربط حماره من العنق بإحدى النخيل وكانت المصادفة أن الحمار عطشان لدرجة !
وما إن دخل حجي مكي داخل الحوطة و دارت السوالف بينه وبين كبار المجموعة ,أمر الصبيان بتقديم الماء للحمار إن أمكن , هناك اغتنم الصبيان الفرصة , فأتوا بالزجاجة و أفرغوها في سطل الماء و قدموها للحمار العطشان , وما أن وجد الماء حتى شربه بلهفة عن آخره من شدة العطش
و ما هي إلا دقائق وإذا بالحمار تتغير حركاته و سكناته إلى غير عاده وهم يحدقون اليه بترقب والضحكات تتعالى فيما بينهم .
اليك النتيجة , بدأت عينا الحمار بتغيير إتجاهاتها المعهودة , فتارة فوق وتارة جانب وتارة أسفل , حتى إستقرت أعلى ! يا لهول المنظر . فجأة وزع أرجله الأربع في جميع الجهات على شكل أوتاد خيمة كي يحافظ على توازنه .
أخذ يخرج ريحه على غير عاده من كثرة الغازات المتوفره في البيرة .
وما أن رأى حمار حجي جمعة البقال ماراً به و إذ بأذناه تختلفان عن بعضهما بعض في التوجه لإستقبال الأصوات وعندما أراد أن ينهق و كأنه رداً على بعض النهقات التي استقبلها من حمير بعض الحضائر فاذا به يرد بنهقة عجيبة غريبة !!
حتى قطعها في نصفها لعدم تيقنه بسلامتها و عدم ثقته فيها .
في تلك الأثناء خرج الحاج مكي قاصداً حماره و ما أن اقترب منه و إذا به يقابله من الخلف و كأنه مستعداً للرفس ! متناسياً الحاجي مكي تماماً !
استغرب الحاج مكي من حركة الحمار الغير معهودة , و كلما أراد الحاج مكي مسك حماره استدار الحمار له من الخلف, تيقن الحاج مكي أن حماره قد حصل له شيء غريب .
حجي مكي : يا عجب الله , مالذي أصاب الحمار ؟ أجنَّ حماري ؟ أم حصل له مكروه ؟!
وفي الأثناء سمع ضحكات الصبيان من خلف أسوار الزريبة . شكَّ حجي مكي في الصبيان بأنهم فعلوا شيئاً بالحمار ولما اتجه لهم فروا جميعاً .
رجع مكي لحماره وهو يتفحصه و إذا به يزداد جنوناً و ما أن رأى الحمار صاحبه حتى قدمَ عليه ليعضَّه , تجنب الحاج مكي الهجمة .
فذهب ليستعين الحاج بكبار الجماعة , فهرولو مسرعين لرؤية حدث ما عهدوه من قبل .
حجي عبد الله : يا حجي مكي كأن حمارك مسكوراً على آخره وما أظن إلا أنَّ الصبيان الأشقياء سقوه خمراً و ما الرائحة الفائحة منه إلا دليل على ذلك , وكذلك تصرفات الحمار الغير طبيعية .
حجي مكي : فعلوها أبناء ... في حماري الذي لا يهش ولا يكش من هدوءه المعهود . ومـا الحل يا حجي عبد الله ؟
حجي عبد الله ضاحكاً: حمار و سكران , أمر غريب جداً , لكن دعني أحاول تحريكه من مكانه , عسى وجعل يتحرك قليلاً .
وما أن تقدم حجي عبد الله من الحمار ليزحزحه حتى رآه كالجبل لا يتحرك , مثبتاً أرجله على الأرض و كأنها ركائز خيمة مغروسة في الأرض من خوفه السقوط .
حجي عبد الله : يبدوا إن حمارك سكران على الآخر , محال أن يتحرك (ضاحكاً ) .
حجي ابراهيم صارخاً: ابتعد يا حجي عبد الله , سيعضك الحمار , فعلوها فيك الشياطين .
تناول الحاج ابراهيم الحبل بعد محاولات الوصول اليه , أخذ يجر الحمار من الحبل حتى مال الحمار على حائط الحضيره مستنداً عليه خوفاً من السقوط أرضاً لعدم ثقته في حاله .
أخذ الحمار ملازماً حائط الحضيرة ويتقيأ من جهة و يخرِّج من جهات أخرى !
حجي يوسف : أنت ربطتَ حمارك في مكان مسكون .
حجي عبد الله : دعك من هذا الكلام ي حجي يوسف . رائحة الخمرة فائحة .
والحال يزادا بالحمار سوءاً والحاج مكي يتهدد في الصبيان الأشقياء , لحظة و إذا بالحمار يجلس متربعاً على الأرض و عيناه متجهتان أعلى رأسه .
حجي عبد الله : يا حجي مكي , كأن الخمر مركز و من النوع القوي . دع حمارك مربوط هنا للغد , وخذ حماراً آخر لتقضي به أمورك .
عاد اليهِ الحاج مكي في صباح اليوم التالي وكان الحمار قد صحصح من سكرته , و كأن شيءٌ لم يكن , فركبه وذهب وهو يتهدد في الأشقياء بإبلاغ الشرطة بالأمر .