كنت أسير متجهة إلى أحد (المولات ) الضخمة في الرياض لشراء بعض نواقص العيد،وجاءني صوت يقول لي :'يا خالة..يا خالة '،التفت باتجاه الصوت لأجد مراهقين صغيرين يرتديان الجينزوالتي شيرت يجلسان على الرصيف خارج السوق،وينظران إلي بتوسل اقتربت منهما وسألت :نعم؟ فأجاب أحدهما :'ممكن تدخلينا السوق؟'،قلت :'ياالله قوموا معاي..' وأدخلتهما وكأنهما مرافقان لي.
كل هذه التمثيلية من أجل أن يمارس مراهق حقه الطبيعي في دخول مجمع تجاري من أجل شراء احتياجاته أو شرب كوب من القهوة أو حتى ممارسة حقه في التمشية والترفيه عن نفسه،فمعظم المجمعات التجارية تمنع الشباب من الدخول إن لم يكن معهم 'محرمة ' تدخلهم، لدرجة أنني سمعت أن هناك من احترفن هذا العمل في ادخال الشباب بسعرخمسين ريالا على الرأس الواحد.
الفصل القسري الذي نمارسه والعزلة الجغرافية التي نعيشها أتصورأنها عائدة للتقاليد والتشدد والقلق الزائد وليست نتيجة لتعاليم دينية، المطاعم تفرض هذه العزلة والأسواق ويقال أيضا أن بعض المستشفيات الخاصة خصصت أجنحة خاصة للنساء،وأتصورأن هذا القلق الزائد من الاختلاط هو الذي أوجد هذا الشغف الزائد بالمرأة وكثرة البصبصة عند الاشارات لأن العلاقة لم تنشأ طبيعية منذ الأساس
والذي يدعو للدهشة أن كل هذه الفوبيا من اختلاط الجنسين والمبالغة في تصوير الكوارث التي ستحدث لو أن مجتمعنا كان (خليطي ) فان المجتمع لم يرأي مانع من وضع المرأة في سيارة مع رجل غريب هو السائق بل ويحارب بشدة فك هذا الاختلاط ويفرضه فرضا،،وكذلك نجد أن المجتمع وقف بشدة ضد المحلات النسائية لملابس المرأة الخاصة وأصرعلى أنها تبقى كما هي حيث يسأل الرجل المرأة عن مقاساتها الخاصة والألوان التي تليق بها وغيرذلك من الحوار الحميم!!.
أيضا افتراض سوء النية في الأعزب والتضييق عليه في السكن والخروج عدا عن كونه تفرقة عنصرية بينه وبين المرأة العزباء فهو أيضا جعل الشاب في حالة ادانة حتى لوثبت العكس،وغرس نظرية الذئب والنعجة بين المرأة والرجل حيث المبالغة في تخويفها منه والمبالغة في رفضه وطرده وابعاده ومحاصرته مما خلق الكثيرمن العقد و(الكلاكيع )لدينا والتي لا نراها في مجتمعات أخرى.
لقد رأيت الفصل القسري في كل مكان في بلدي في المطاعم والأسواق والمنتزهات والمستشفيات والجامعات أما المكان الذي لم أجد فيه مثل هذا الخوف والقلق هو :الحرم المكي الشريف،فليس فيه كعبة للنساء وأخرى للشباب ويوم طواف للعزاب وآخر للعوائل، بل نرى نموذج للاسلام الحقيقي الذي يفترض حسن النية وتكشف فيه المرأة وجهها دون خوف وتسير الى جوارالرجل دون أن تكون نعجة أو يكون ذئبا