مثل قوله في كتاب إلى عبد الله بن عباس بعد مقتل محمّد بن أبي بكر : ( فعند الله نحتسبه ولداً ناصحاً ، وعاملاً كادحاً ، وسيفاً قاطعاً ، وركناً دافعاً ، وقد كنت حثثت الناس على لحاقه ، وأمرتهم بغيائه قبل الوَقْعه ، ودعوتهم سراً وجهراً ، وعوداً وبدءاً ، فمنهم الآتي كارهاً ، ومنهم المعتلّ كاذباً ، ومنهم القاعد خاذلاً ) .
وقوله في رسالة إلى عمرو بن العاص قبل التحكيم : ( أمّا بعد ، فإنّ الدنيا مشغلة عن غيرها ، ولن يصيب صاحبُها منها شيئاً إلاّ فتحت له حِرصاً يَزيده فيها رغبة ، ولن يستغني صاحبها بما نال عمّا لم يبلُغْ ، ومن وراء ذلك فراقُ ما جمع ، والسعيد من وُعِظ بغيره ، فلا تُحبط ـ أبا عبد الله ـ أجرك ، ولا تُجارِ معاوية في باطله ، والسلام ) .
وقوله في خطبة له بعد أن بلغه مقتل محمّد بن أبي بكر : ( اسمعوا قولي ، وأطيعوا أمري ، فو الله لئن أطعتموني لا تَغوون ، وإن عصيتموني لا ترشدون ، خذوا للحرب أُهبَتها ، وأعدّوا لها عُدَّتها ، فقد شبَّت نارها ... إلاّ إنّه ليس أولياء الشيطان من أهل الطمع والمكر والجفاء بأولى في الجدَّ في غيِّهم وضلالتهم من أهل البِرّ والزهادة والإخبات في حقّهم وطاعة ربّهم ، إنّي والله لو لقيتهم فرداً وهم مِلاءُ الأرض ما باليتُ ولا استوحشتُ ، وإنّي من ضلالتهم التي هم فيها والهدى الذي نحن عليه لَعلى ثقة وبيّنة ويقين وبصيرة ، فانفروا خفافاً وثقالاً ، وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ، ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون )