هناك اسباب عديدة دعت الشعب الايراني الى التشيع والالتزام بولاء اهل البيت ومتابعتهم و السير على منهج علي بن ابي طالب وابنائه الطاهرين والتفاني في ذلك... نذكر منها:
أولا:عدم وجود العصبيات القبلية والنزعات الطائفية والدواعي العشائرية عندهم.
لانهم لم يكونوا ينتمون لأي قبيلة من قبائل قريش أو غيرها في الجزيرة العربية
وبعيدا عنكا هذه وجدوا الحق في علي بن ابي طالب عليه السلام فانحازوا اليه ولم تصدهم العصبيات والنزعات عن طريق اهل البيت عليهم السلام ومذهبهم
ثانيا: الذكاء والتعقل عندهم يمنعهممن التعصب الباطل والتقليد الاعمى فهم اهل تحقيق وتدقيق في امر الدين و العبادة.
لذلك كانت المجوسية عندهم رخوة ومتزلزلة ولهذا السبب اسلمت اكثر بلادهم من غير حرب وفتحت من غير مقاومة وبعد فتح بلادهم تركوا المجوسية من غير كره واجبار واعتنقوا الاسلام بالحرية والاختيار.
كانوا فرق وجماعات كثيرة وكل فريق يقول انه هو الصواب والفرق الثانية هم الضالون. فدققوا وفتشوا عن الحقيقة وفحصوا وحققوا عن الحق والواقع فوجدوه في مذهب الشيعة الامامية الاثني عشرية فتمسكوا به وانعقدت قلوبهم على معالمه
فتبعوا عليا وأبناءه المعصومين ورضوا بهم ائمة وقادة وسادة لأن الله تعالى جعلهم كذلك
ثالثا: إن عليا عليه السلام كان يعرف حقوق الانسان وحقوق الاسرى في الاسلام لان النبي(ص) كان يوصي المسلمين بالاسرى ويقول:أطعموهم مما تطعمون وألبسوهم مما تلبسون ولا تؤذوهم...الخ فكان علي (ع) يلتزم بتطبيق هذه الحقوق وأما غيره فما كان يعرفها ما كان يلتزم بها وحينما جاءوا بأسرى الايرانيين الى المدينة عاملهم بعض المسلمين بما لا يليق فقام علي عليه السلام بالدفاع عن ابنتي الملك حين امر عمر بن صهاك ببيعهن ولكن عليا (ع) منعه وقال:إن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم منع من بيع الملوك وابنائهم وبناتهم وانما تنتخب كل واحدة من هاتين رجلا من المسلمين فتتزوج منه وعلى هذا انتخبت احداهن وهي (شاه زنان ) محمد بن ابي بكر وانتخبت (شهربانو)وهي الاخرى الامام الحسين عليه السلام وذهب كل منهما مع زوجته بعقد شرعي ونكاح اسلامي الى بيته فولدت شاه زنان من محمد ولده القاسم واصبح من فقهاء المدينة وهو والد (أم فروة)والدة الامام جعفر الصادق عليه السلام
وولدت شهربانو الامام علي بن الحسين زين العابدين السجاد عليه السلام
فلما رأى بعض الايرانيين وسمع آخرون منهم بزواج ابنتي يزدجرد واحترام الامام علي عليه السلام لهما شكروا هذا الموقف التاريخي العظيم والقرار الانساني الجسيم من امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام وكان هذا من اهم الاسباب التي دعت الايرانيين الى تحقيق اكثر حول شخصية ابي الحسن عليه السلام
وعلي عليه السلام هو الرجل المقدس الذي كلما زاد الانسان معرفة به زاد حبا له وتعظيما.
رابعا: ارتباط الايرانيين وعلاقتهم بسلمان الفارسي وهو منهم ثم لسابقته الفاخرة في الاسلام ومكانته المرموقه عند النبي صلى الله عليه واله وسلم حتى عده الحديث الذي اشتهر عنه (ص) في كتب السنة و الشيعة انه قال:سلمان منا اهل البيت وكان يناى من ذلك اليوم: بسلمان المحمدي
ولسائر فضائله ومناقبه اصبح محور الايرانيين ومرجعهم في امور الدنيا والدين
ولما كان سلمان الفارسي من شيعة أهل البيت والموالين لآل محمد (ص) ومن المخالفين لاجتماع السقيفة والخليفة المنتخب فيها أرشد قومه وهداهم الى مذهب الشيعة ودعاهم الى التمسك بحبل الله المتين وصراطه المستقيم وهو ولاية وامامة ابي الحسن امير المؤمنين لأنه شهد يوم الغدير وبايع عليا عليه السلام بالخلافة وسمع احاديث عديدة من فم النبي الكريم (ص) في شأن ابي الحسن وسمع كرارا حديث النبي صلى الله عليه واله وسلم من أطاع عليا فقد اطاعني ومن اطاعني فقد اطاع الله ومن خالف عليا فقد خالفني ومن خالفني فقد خالف الله.
خامسا: لو تعمقنا في الموضوع وتفحصنا التاريخ للوصول إلى جذوره لوجدنا أن من أهم أسباب التفاف الايرانيين حول علي وبنيه عليهم السلام
وابتعادهم عن الغاصبين لحقوق آل محمد (ص) هو : سوء معاملة (الخليفة)عمر بن الخطاب مع الايرانيين بعدما اسلموا وهاجر كثير منهم الى المدينة المنورة فكانت سيرته معهم خلاف سيرة النبي (ص) مع سلمان وكانت سيرته معهم تصرفات شخصيته تنبئ عن حقد دفين في قلبه لهم وكان يحقرهم ويمنعهم من الحقوق الاجتماعية التي منحها الله تعالى لكل انسان
أعطكم مثال
روى مالك ابن انس في الموطأ:ج2/ص12 عن الثقة عنده انه سمع سعيد بن المسيب يقولأبى عمر بن الخطاب ان يولاث احدا من الاعاجم الا احدا ولد في العرب
مع المعلم ام حكم التوارث بين المسلمين عربا كانوا ام اعاجم واين ما ولدوا في ارض العرب او غيرها من ضروريات دين الاسلام نطق به كتاب الله ورسوله(ص)
فليس هناك تخصيص وليس من شروط التوارث الولادة في ارض العرب ولا العروبة شرط الاسلام ولكن كم لهذه القضية في حكزمة عمر من نظائر وهي تنبئ عن نزعته القومية والعصبية الجاهلية المتأصلة فيه
أما معاملة الامام علي عليه السلام معهم فقد كانت حسنة كمعاملة النبي (ص) لسلمان الفارسي
وهناك قصة أخرى طريفة حصلت الى تشيع الكثير منهم... أرويها لكم
أن السلطان محمد شاه الجايتو خان المغولي غضب يوما على امرأته فقال لها : أنت طالق ثلاثا ثم ندم و جمع (العلماء السنة) فقالوا: لابد من المحلل. فقال : عندكم في كل مسألة أقاويل مختلفة أوليس لكم هنا اختلاف؟
فقالوا: لا ... فقال أحد وزراءه: إن عالما بالحلة (بابل) وهو يقول ببطلان هذا الطلاق
فبعث كتابه الى العلامة وأحضره. فلما بعث اليه قال علماء العامة إن له مذهبا باطلا ولا عقل للروافض ولا يليق بالملك أن يبعث الى طلب رجل خفيف العقل قال الملك:حتى يحضر... فلما حضر العلامة بعث الملك الى جميع علماء المذاهب الاربعة وجمعهم
فلما دخل العلامة أخذ نعليه بيده ودخل المجلس وقال:السلام عليكم وجلس عند الملك
فقالوا للملك: ألم نقل لك انهم (الروافض) ضعفاء العقول؟ قال الملك: إشئلوا منه كل ما فعل فقالوا له: لم ما انحنيت للملك وتركت الآداب؟ فقال: إن رسول الله (ص) كان يسلم عليه وقال الله عز وجل فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله مباركة...
ولا خلاف بيننا وبينكم انه لا يجوز الركوع لغير الله
قالوا له: لم جلست عند الملك ؟ قال: لم يكن مكان غيره... وكلما يقوله العلامة بالعربي كان المترجم يترجم للملك قالوا له: لأي شيء أخذت نعلك معك؟ وهذا مما لا يليق بعاقل بل انسان
فقال العلامة الحلي: خفت ان يسرقه الحنفية كما سرق ابو حنيفة نعل رسول الله (ص)
فصاحت الحنفية: حاشا وكلا متى كان ابو حنيفة في زمان رسول الله (ص)؟
بل كان تولده بعد المائة من وفاته صلى الله عليه (و آله) وسلم
فقال العلامة الحلي:نسيت فلعله كان السارق الشافعي
فصاحت الشافعية كذلك وقالوا كان توله في يوم وفاة ابي حنيفة وكان نشؤه في المائتين من وفاة رسول الله صلى الله عليه (وآله)وسلم
قال العلامة الحلي: ولعله كان مالكا فصاحت المالكية كالأولين
قال العلامة الحلي: ولعله كان أحمد بن حنبل ففعلت الحنبلية كذلك
فأقبل العلامة الحلي الى الملك وقال له:
أيها الملك علمت ان رؤساء المذاهب الاربعة لم يكن احدهم في زمن الرسول (ص) ولا الصحابة
فهذه احدى بدعهم انهم اختاروا من مجتهديهم هذه الاربعة ولو كان فيهم من كان افضل بمراتب لا يجوزون ان يجتهد بخلاف ما افتى واحد منهم
فقال الملك: ما كان في زمان رسول الله (ص) والصحابة؟
فقال الجميع :لا!!!
فقال العلامة الحلي:ونحن معاشر الشيعة تابعون لأمير المؤمنين (عليه السلام) نفس رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) واخيه وابن عمه ووصيه
وعلى اي حال فالطلاق الذي اوقعه الملك باطل لأنه لم يتحقق شروطه ومنها العدلان فهل قال الملك بمحضرهما؟ قال الملك: لا
ثم شرع في البحث مع العلماء حتى ألزمهم جميعا فتشيع الملك وبعث الى البلاد والاقاليم
حتى يخطبوا بالائمة الاثني عشر ويضربوا السكك على اسمائهم وينقشوها على اطراف المساجد والمشاهد منهم
ونقول للوهابية والى الطائفين: اذا لا يزال الفرس مجوس كما تدعون فكيف تقولون ان عمر فتح بلاد فارس ودخل اهلها الى الاسلام؟!؟