صور من عبادة الزهراء عليها السّلام
التفاني في العبادة
• روى ابن شهرآشوب ن الحسن البصري، قال: ما كان في هذه الأمّة أعبَد من فاطمة، كانت تقوم حتّى تتورّم قدماها(2).
• وروى ابن شهرآشوب أيضاً عن تفسير الثعلبي وتفسير القُشَيري، عن الإمام الصادق عليه السّلام وجابر بن عبدالله الأنصاري، أن النبيّ صلّى الله عليه وآله رأى فاطمة وعليها كساء من أجلة الإبل، وهي تطحن بيدَيها وتُرضع ولدها، فدَمِعَتْ عينا رسول الله صلّى الله عليه وآله، فقال: يا بنتاه،
تعجّلي مرارةَ الدنيا بحلاوة الآخرة. فقالت: يا رسول الله، الحمدُ لله على نعمائه، والشكر لله على آلائه؛ فأنزل الله ولَسوفَ يُعطيكَ ربُّكَ فتَرضى (3).
وتجدر الإشارة إلى أنّ الرواية السالفة تتحدّث عن العبادة بمعناها الأوسع، وأنّها كانت ترسم صورة لجهاد الزهراء عليها السّلام في بيتها، وهي عبادة من أفضل العبادات. ونلاحظ أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله يبشّر ابنته بحلاوة الآخرة جزاءً على تحمّلها مرارة الدنيا في جهادها وعبادتها، كما نلاحظ أنّ الزهراء عليها السّلام قد عدّت عبادتها وجهادها من نِعم الله تعالى التي يجدر أن تشكره عزّوجلّ من أجلها.
• روى ابن شهرآشوب كذلك روايةً عن زواج أمير المؤمنين وفاطمة عليهما السّلام، جاء فيها أن النبيّ صلّى الله عليه وآله أتاهما في صبيحتهما فسلّم عليهما، ثمّ سأل عليّاً عليه السّلام: كيف وجدتَ أهلَك ؟ قال عليه السّلام: نِعمَ العَونُ على طاعة الله(4).
صلاة الزهراء عليها السّلام
• روى الشيخ الطوسي صلاة فاطمة عليها السّلام وكانت تصليها من ضمن قُرباتها ونوافلها، وهي ركعتان، تقرأ في الاولى الحمد ومائة مرّة إنّا أنزلناهُ في ليلةِ القَدر ، وفي الثانية الحمد ومائة مرّة قُل هُو اللهُ أحد ، فإذا سلّمت سبّحت تسبيح الزهراء عليها السّلام، ثمّ تقول:
« سُبحان ذي العِزّ الشامخ المُنيف؛ سبحان ذي الجَلال الباذخ العظيم، سبحان ذي المُلك الفاخر القديم، سبحان مَن لَبِس البهجةَ والجمال، سبحان مَن تَردّى بالنور والوَقار، سبحان مَن يَرى أثَر النملِ في الصَّفا، سبحان مَن يَرى وَقْعَ الطير في الهواء، سبحان مَن هو هكذا لا هكذا غيره »(5).
• وروى الشيخ الصدوق عن الإمام الصادق عليه السّلام، قال: « مَن صلّى أربع ركعات، فقرأ في كلّ ركعة بخمسين مرّة قُل هو الله أحد ، كانت صلاة فاطمة عليها السّلام، وهي صلاة الأوّابين »(6).
• وروى ابن شهرآشوب أنّ فاطمة عليها السّلام كانت تقوم في محرابها، فيسلّم عليها سبعون ألف مَلَك من المقرّبين، وينادونها بما نادت به الملائكة مريم، فيقولون: يا فاطمة، إنّ الله اصطفاكِ وطهّركِ واصطفاكِ على نساء العالَمين »(7).
الزهراء عليها السّلام ممّن تتجافى جنوبهم عن المضاجع
• روى ابن شهرآشوب أنّ الله تعالى أخبر عن أوراد عليّ وفاطمة عليهما السّلام، في قوله تعالى تَتَجافى جُنوبُهم عَنِ المَضاجِع (8).
• وروى ابن فهد الحلّي في « عُدّة الداعي »، أنّ فاطمة عليها السّلام كانت تنهج(9) في الصلاة من خيفة الله تعالى(10).
بيت عليّ وفاطمة عليهما السّلام من البيوت التي أذن الله أن تُرفع ويُذكر فيها اسمُه
• روى علماء الفريقين عن أنس بن مالك وبُرَيدة، قالا: قرأ رسول الله هذه الآية في بُيوتٍ أَذِن اللهُ أن تُرفَع ، فقام رجل فقال: أيُّ بيوتٍ هذه يا رسول الله ؟ فقال: بيوت الأنبياء. فقام إليه أبو بكر فقال: يا رسول الله، هذا البيت منها ـ يعني بيت عليّ وفاطمة ـ ؟ قال: نعم، مِن أفاضِلها(11).
• وروى صاحب « اللمعة البيضاء » أنّ من دعاء فاطمة عليها السّلام في الحوائج أنّها كانت تقول «... اللهمّ فَرِّغني لمِا خَلَقتَني له، ولا تَشغَلْني بما تكفّلتَ لي به... وألهِمني طاعتَك، والعملَ بما يُرضيك، والتجنُّبَ لِمّا يُسخِطك، يا أرحمَ الراحمين »(12).
2 ـ المناقب لابن شهرآشوب 341:3، بحار الأنوار للمجلسي 84:43.
3 ـ المناقب لابن شهرآشوب 342:3 ، والآية المذكورة هي الآية 5 من سورة الضحى.
4 ـ المناقب لابن شهرآشوب 356:3.
5 ـ عدّة الداعي 139 ـ الباب 4.
6 ـ من لا يحضره الفقيه للصدوق 356:1 / ح 1560
7 ـ مصباح المتهجّد 265 ـ 266.
8 ـ المناقب لابن شهرآشوب 360:3، والآية هي الآية 42 من سورة آل عمران.
9 ـ النَّهَج والنَّهْج: تواتر النَّفَس من شدّة الحركة.
10 ـ عوالم المعارف للبحراني 130:11.
11 ـ المناقب 356:3 ، والآية هي الآية 16 من سورة السجدة ، شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني 532:1 و 355 / ح 566 و 567 ، تفسير الدرّ المنثور للسيوطي 203:6 ، منهاج الكرامة للعلاّمة الحلّي 121 ، ف 3.
12 ـ اللمعة البيضاء في شرح خطبة الزهراء، للأنصاري 287