|
عضو برونزي
|
رقم العضوية : 14474
|
الإنتساب : Dec 2007
|
المشاركات : 411
|
بمعدل : 0.07 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
فطومة الحلوة
المنتدى :
المنتدى الثقافي
بتاريخ : 19-03-2009 الساعة : 01:31 PM
... تكملة الجـــــزء الثانـــــي عشـــــر ...
... عـــــذاب مجـــــرم فـــــي البـــــرزخ ...
في تلك الأثناء ووسط صراخ المعذبين سمعت صراخا يقترب منا وبعد لحظات أصبح الصوت أكثر وضوحا وإن صاحبه يئن أنينا يقطع الفؤاد وهو يشتكي العطش فأصابني الهلع وتوجهت نحو (( حسن )) لأسأله : ما هذا الصوت ؟
نظر (( حسن )) إلي بوجهه الرؤوف وقال : أنظر إلى أعلى الجبل واحتفظ بهدوءك , ولما نظرت إلى قمة الجبل شاهدت رجلا كبل عنقه بالسلاسل وأخذ بأطراف السلسة رجلان قبيحا الخلقة ضخما البنية , وكان ذلك الرجل يئن من العطش ويتلفت هنا وهناك .
عندما شاهدنا أسرع نحونا ومن شدة خوفي احتميت بـ(( حسن )) وسألته بهمس من هذا ؟
قال (( حسن )): إنه من كبار القابعين في برهوت وهو الآن يذوق العذاب في وادي العذاب . هكذا أخذ يقترب منا ومد يده كالمتسول طالبا الماء , ولما وصل على بعد خطوات من (( حسن )) سحب المكلفون به السلاسل ومنعوه من التقرب كان يبكي ويهمل الدموع وتقدم من (( حسن )) طالبا جرعة ماء , لكن (( حسن )) امتنع , غير أنه واصل توسله , فسأله (( حسن )): أو ليس لك رفيق اسمه حسن ؟
فأطرق برأسه وقال : أي صديق وأي حسن ؟ إن ذنبي هو رفيقي أودعني منذ البداية بيد ملائكة العذاب وانصرف وعلي الآن البقاء حتى يوم القيامة أعاني من العطش وأبقى مقيدا بالأغلال والسلاسل .
فقال له (( حسن )) مستهزئا : إذن فادعو ربك ليعجل بيوم القيامة , كي تتخلص من هذا العذاب , فنهض من مكانه وأخذ يصرخ : كلا ... كلا فإننا في وادي العذاب لا نريد أن تقوم القيامة , فقد أرهقنا ما في البرزخ من عذاب قليل فكيف الحال من عذاب جهنم ... ثم أغمي عليه , فانهال عليه ملائكة العذاب ضربا بأعمدة الحديد المشتعلة , وفجأة قفز من مكانه وأخذ يرغو كرغو الكلب *** واشتعل جسده نارا ثم بدأ يحفص بأقدامه وألسنة النيران تتصاعد من جسده وصوته يهز الأرض .
وهكذا أعاده ملائكة العذاب على تلك الحال يجرونه إلى وادي العذاب , ورغم سعادتي للتعذيب الذي يتعرض له مثل هؤلاء غير أنني كنت أشعر برعشة شديدة في بدني , فوضع (( حسن )) يده بهدوء على كتفي وقال : لا عليك فإنه يستحق مثل هذا العذاب .
هيا بنا فالطريق طويل والغبار ألقى بك في مكان خطير وموحش , وإذا سرت خطوات نحو الأعلى سترى براكين من النيران تغلي وتلقي بألسنة النيران على الأرض , وأهلها قد توقفوا عن الحركة وعليهم تجرع ذلك حتى يوم القيامة , وأمثال ذلك الرجل كثيرون ولا شك في أنك ستصاب بالخوف والرهبة لمشاهدتك إياهم إذن من الأفضل أن لا نسير نحو الأعلى .
قلت : رغم علمي أن الأمر كذلك لكنه مليء بالعبر ولو استطعت لألقيت عليهم نظرة عابرة .
رد علي (( حسن )): كما قلت لك هذا المكان موحش للغاية , وإن بعض أنواع العذاب يوم القيامة تبدو هنا مصغرة ومخففة وتنال المستحقين , ومع ذلك فلا طاقة لك على تحمل رؤيتها , إذا تحليت بالصبر فإننا سنمر على جانب من برهوت وهناك الكثير من المذنبين الذين عجزوا عن مواصلة الطريق وأحاط بهم العذاب رغم التفاؤل بخلاصهم يوما ما , وهناك بإمكانك مشاهدة بعض المعذبين , استجبت له وواصلنا طريقنا على سفح الجبل .
... ذوبـــــان الذنـــــوب ...
ونحن نطوي الطريق حدثت (( حسن )) بقضية نحول الذنب , فضحك (( حسن )) وقال : الحق مع الذنب إذا ما ضعف لأن بدنه كان في الدنيا أضخم مما عليه الآن وإن ما تجرعته من مصائب في الدنيا وصبرك عليها والعذاب الذي تجرعته حين الموت هو الذي أنهك قواه .
وبالرغم من أن تذكر الإبتلاءات والمصائب التي تعرضت لها في الدنيا كان صعبا مرهقا بالنسبة لي إلا أنني كنت مسرورا وفرحا لأن ذلك حد من قوة ذنبي .
قطعنا شوطا طويلا , ورغم عدم جرأتي على النظر إلى الجانب الآخر من الجبل غير أن صياح أهل الوادي وصراخهم لم يدعني أهدأ أبدا .
تابع..
|
|
|
|
|