|
عضو برونزي
|
رقم العضوية : 14474
|
الإنتساب : Dec 2007
|
المشاركات : 411
|
بمعدل : 0.07 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
فطومة الحلوة
المنتدى :
المنتدى الثقافي
بتاريخ : 02-04-2009 الساعة : 12:20 PM
... الجـــــزء الســــادس عشـــــر ...
... صـــــراع مصـــــيري ...
تجاوزنا معبر المرصاد المحفوف بالمخاطر , وتقدمنا حتى بدا هيكل أسود مذهل يتوسط الطريق , ولما تقدمنا أكثر ظهر أنه معروف لدينا ولما اقتربنا أكثر عرفته جيدا , إنه الذنب لكنه أصغر من ذي قبل وأكثر نحولا ويرتدي زيا غريبا .
سرت خطوات إلى جنب (( حسن )), لقد كان وجهه ـ الذنب ـ مكفهرا ورائحته كريهة متقلدا سيفا حادا وينظر إلي بعيون ناقمة .
وقف (( حسن )) وكنت أقف خلفه وأخذ الخوف يخيم على قلبي شيئا فشيئا .
نظر إلي (( حسن )) برأفة ووضع يده على كتفي وقال : استعد للصراع مع الذنب !
استحوذت علي الدهشة وقلت : صراع مع من ؟
نظرت إلى الذنب وأعدت سؤالي : مع الذنب ؟
قال : مع الذنب .
دخلني الرعب والإضطراب وعرق جبيني , ولما عرف (( حسن )) بالخوف الذي انتابني قال : في هذه الرحلة وفي هذا المكان لا خوف على أولياء الله ,(( والمؤمنين بالله واليوم الآخر والمحسنين ))(( والذين خافوا الله في الدنيا , ولا هم يحزنون )).
استلهمت الصلابة من حديث (( حسن )) فنظرت إليه وكان في يده سيف بتار فقلت له : من غير الممكن خوض صراع بيد خالية أمام عدو شهر السيف بوجهي .
قال : لا عليك فإن نفس ذلك الملك الذي أعانك مرات ومرات سيأتي ليجهزك .
قلت له : وما هو دورك في هذا الصراع ؟
تأمل قليلا وقال : سأحدثك عن عدوك وإعدادك وتشجيعك , ثم صافحني وقال : بعد أن يئس الذنب من إضلالك والإيقاع بك في الطرق الفرعية والمرصاد هاهو يقف أمامك الآن للمرة الأخيرة وبكل قواه متصورا أنه ربما يقضي عليك وقد جاءك هذه المرة بثوب الدنيا شاهرا سيف الشهوات , فعليك الحذر من أسنان سيفه فكل واحد منها يمثل واحدة من الشهوات . وهي حادة وجارحة وإذا ما تمكنت واحدة منها من بدنك فإننا سنواجه صعوبة في بلوغ مقصدنا .
الذنب واقف وسط الطريق ويراقب تصرفاتنا و (( حسن )) ألقى ببصره مرة أخرى نحو الأعلى , وأنا أيضا توجهت ببصري نحو تلك الجهة فلمحت من بعيد ذلك الملك المغيث بدا محلقا , وبطرفة عين حلق فوق رؤوسنا ثم سلم وأعطى (( حسن )) سيفا وثوبا قتاليا ودرعا وخنجرا ثم غادر .
لما رأى الذنب ذلك تحرك من مكانه قليلا وبدا الخوف على وجهه القبيح , والتفت إلى (( حسن )) مسرورا وقلت له : إن عدتي تفوق عدة الذنب .
ثم سألته : هذه الآلات ثمرة أي من أعمالي ؟
كان (( حسن )) يهز السيف في يده فقال لي : هذه ثمرات الأعمال التي قمت بها في الدنيا , فالسيف ثمرة دعائك ومناجاتك , ثم قال وهو يلبسني الثوب : وهذا علامة التقوى في الدنيا , وقوته ترتبط بقوة تقواك .
ولما ارتديت لامة الحرب وأخذت السيف بيدي وفي الأخرى أمسكت بالدرع , قال : وهذه ثمار صيامك , ثم قبلني (( حسن )) وشحنني بالقوة والصلابة ببسمته المليحة ثم قال لي : لا تخف أبدا , فإنك ستقضي عليه بضربة واحدة , هززت رأسي مؤيدا لكلامه وتوجهت نحو الذنب الذي أشهر سيفه وأخذ يرتجز قائلا : إنني أبرز إليك نيابة عن الدنيا والشيطان ولن أدعك تجتاز هذا الطريق وسوف أهجم عليك بسيفي هذا من بين يديك ومن يمينك وشمالك ومن أمامك وخلفك , وسأنزل ضرباتي الماحقة على رأسك , ثم التفت إلى يمينه وقال : إن كنت تريد مني ن أتركك فاخرج من هذا الطريق واحملني على ظهرك ثم أشار بإصبعه وقال : كما يفعل ذلك الشخص , فلما نظرت رأيت شخصا حاملا ذنبه على ظهره ويمشي بخطوات بطيئة جدا . هنا أدركت أنها إحدى خدع الذنب يريد بها تحطيمي في هذا الوادي ويمنعني من بلوغ مقصدي , فصحت به : هيهات , سوف أقارعك ولن أخضع لك ذليلا .
وفي تلك اللحظة شعرت بسيف الذنب وهو يهوي على رأسي فرفعت الدرع فوق رأسي فكانت ضرباته قوية بحيث أن واحدة من أسنانه نفذت فأصابت رأسي , وهويت بسيفي على خاصرة الذنب فولى هاربا صارخا مولولا , ثم باشرت بعلاج جرحي وإذا بـ(( حسن )) يصرخ بي : احذره فقد جاءك من الخلف , فرجعت فجأة إلى الخلف وفاجأته بضربة ثانية على خاصرته الأخرى فتقهقر .
استمر الصراع بهذه الحالة وأنزلت بالذنب عدة ضربات أخرى , فيما كان يهاجمني يمينا وشمالا وهو يلهث , ففاجأني بضربة فرقت درعي وأصابت بدني , ولكن مازلت أنا بطل الميدان بفضل ما يقدمه (( حسن )) من تشجيع لي .
وبين الفينة والأخرى أسمع صوت (( حسن )) وهو يقول : ثمن الجنة القضاء على الذنب , من هذا الكلام ازدادت معنوياتي , كان الوقت يمضي والذنب يصاب بالإرهاق ويزداد تعبه حتى سقط على الأرض وسط الطريق فقد أرهقته شدة الجراح لكنه لم يزل يحاول إعاقة عبوري .
تقدمت عازما على إنزال الضربات الأخيرة على رأسه فلحق بي (( حسن )) وسلمني الخنجر الذي بيده اليمنى وقال : بهذا الخنجر فقط بإمكانك الخلاص من شرور الذنب إلى الأبد , وفي تلك اللحظة فهمت أنني دخلت ميدان الحرب بلا خنجر , فأخذت الخنجر وأنا أمعن النظر به وقلت : عجبا لك من آلة نافعة ! هل بإمكانك أن تفصح ... فقط كلامك فقال : لعلك تريد أن تعرف نتجة أي من أعمالك ؟
قلت : نعم , فقال : إنها نتيجة الصلوات التي كنت ترسلها إلى النبي وآله في الدنيا , فهي قوية بحيث أنها تستطيع القضاء على الذنب .
دنوت من جثة الذنب شبه الهامدة وغرست الخنجر في بدن الذنب وابتعدت عنه مباشرة , فكان بدنه يكبر ويزداد حجمه وكنت أشعر بالسرور لأنينه , وبعد قليل انهار جسد الذنب محدثا صوتا رهيبا وتناثرت أشلاؤه هنا وهناك في الوادي .
فارتفع صوت (( حسن )) مسرورا فجاءني مسرعا وضمني إليه وهنأني بكل حرارة وأنا بدوري لم أخفي فرحتي واحتضنته ولما انتهى عناقنا قال لي : لقد شفيت كافة جروحي تماما بالقضاء على الذنب , ومن الآن فصاعدا سأبذل لك العون بكل نشاط وحيوية .
لقد كنت ناسيا جروح (( حسن )) وما أن سمعت كلامه هذا طرت فرحا وهنأته على ذلك وضممته إلي وأخيرا فتح الطريق أمامنا فواصلنا طريقنا يحدونا الأمل والسرور .
تابع..
|
|
|
|
|