إن حياة الإمام المهدي (عليه السلام) في القرآن تثبت بالرجوع إلى الآيات القرآنية التي تثبت وجوب الإمام في كل عصر ، فإثبات وجوب الإمامة لا يعني في وقت دون وقت ، فإن ذلك يمتد حتى إلى عصرنا الذي نحتاج فيه الإمام لنفس الغرض الذي نثبته في كل عصر .
1 ـ قال تعالى : ((إنما أنت منذر ولكل قوم هاد)) .
روي عن ابن عباس أنه قال : لما نزلت الآية قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم): (أنا المنذر وعليٌ الهادي من بعدي يا علي بك يهتدي المهتدون) (البحار 2:23). فهل الهادي لزمان دون زمان وعصر دون عصر؟
وعن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله تبارك: ((إنما أنت منذر ولكل قوم هاد)) فقال (عليه السلام): (رسول الله المنذر ، وعلي الهادي ، والله ما ذهبت منّا وما زالت فينا إلى الساعة) (نفس المصدر) .
مما يدلّ على أن هذه الآية مستمرة إلى قيام الساعة ففي كل عصر هاد من أئمة أهل البيت (عليهم السلام) ومنهم الإمام المهدي (عليه السلام) حتى عصرنا هذا وما بعده ، إذ لا يخلو زمان عن إمام هاد.
وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : قلت له ((إنما أنت منذر ولكل قوم هاد)) فقال (عليه السلام): (رسول الله المنذر وعلي (عليه السلام) الهادي ، يا أبا محمّد فهل منا هاد اليوم ؟) قلت : بلى جعلت فداك ، ما زال فيكم هاد من بعد هاد حتى رفعت إليك ، فقال : (رحمك الله يا أبا محمّد ، ولو كانت إذا نزلت آية على رجل ثم مات ذلك الرجل ماتت الآية مات الكتاب، ولكنه حي يجري فيمن بقي كما جرى فيمن مضى).
وعن محمّد بن مسلم قال : قلت لأبي جعفر (عليه السلام) في قول الله عزّ وجل: ((إنما أنت منذر ولكل قوم هاد)) فقال : إمام هاد لكل قوم في زمانهم .
وعن الصادق (عليه السلام) في حديث طويل: (... ولم تخل الأرض منذ خلق الله آدم من حجة لله فيها ظاهر مشهور أو غائب مستور ولا تخلو إلى أن تقوم الساعة من حجة لله فيها ، ولولا ذلك لم يعبد الله) قال سليمان (راوي الحديث) فقلت للصادق (عليه السلام) فكيف ينتفع الناس بالحجة الغائب المستور؟ قال (عليه السلام): (كما ينتفعون بالشمس إذا سترها السحاب). (نفس المصدر السابق).
2 ـ قوله تعالى: ((ولقد وصلنا لهم القول لعلهم يتذكرون)).
وإيصال القول أي تبليغهم بآيات الله وأحكامه وهذه لا يقوم بها إلاّ الإمام ، وفي زماننا هو الإمام المهدي (عليه السلام) فلابد من وجوده ، ليتم مصداق هذه الآية . فعن الصادق (عليه السلام) في قوله: ((ولقد وصلنا لهم القول)) قال : (إمام بعد إمام).
3 ـ قوله تعالى : ((إني جاعل في الأرض خليفة)).
فهل هذه الآية لزمان دون زمان أم هي متصلة إلى أن تقوم الساعة ، فمن هو خليفة الله في الأرض في زماننا هذا ؟ لابد أن يكون ذلك الخليفة هو الإمام، والإمام اليوم هو الإمام المهدي (عليه السلام) فهو حيٌ بمقتضى هذه الآية.
4 ـ قوله تعالى: ((يريدون ليطفؤا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولوكره الكافرون)) (الصف : 8).
فإتمام النور بالتبليغ إلى الله تعالى، فهل هذا لزمان دون زمان . فمن هو الذي يتم نور الله في هذا الزمان ؟ إنه الإمام المهدي (عليه السلام) الذي يعيش في زماننا هذا.
عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : (لا تخلو الأرض منذ كانت من حجة عالم يحيي فيها ما يميتون من الحق ثم تلا هذه الآية : ((يريدون ليطفؤا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون)) (البحار: 37:23).
5 ـ قوله تعالى: ((إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر تنزل الملائكة والروح فيها...)).
فنقول: هل أن ليلة القدر كانت في حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) أم حتى من بعده؟ فإذا كانت ليلة القدر مستمرة وتنزل الملائكة والروح فيها في كل عام ، فعلى من تنزل في زماننا هذا ؟ لابد من نزولها على خليفة رسول الله وهو الإمام المعصوم الذي هو إمامنا المهدي (عليه السلام).
عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : (كان علي (عليه السلام) كثيراً ما يقول : اجتمع التيمي والعدوي عند رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) وهو يقرأ ((إنا أنزلناه)) بتخشع وبكاء فيقولان : ما أشد رقتك لهذه السورة . فيقول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم): لما رأت عيني ووعى قلبي ولما يرى قلب هذا من بعدي . فيقولان : وما الذي رأيت وما الذي يرى ؟ قال : فيكتب لها في التراب ((تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر)) قال : ثم يقول : هل بقي شيء بعد قوله ((كل أمر)) ؟ فيقولان : لا ، فيقول : هل تعلمان مَن المنزل عليه بذلك ؟ فيقولان : أنت يا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) . فيقول : نعم، فيقول : هل تكون ليلة القدر من بعدي ؟ فيقولان : نعم . فيقول : فهل ينزل ذلك الأمر فيها ؟ فيقولان : نعم . فيقول : فإلى من ؟ فيقولان : لا ندري . فيأخذ برأسي ويقول : إن لم تدريا فادريا ، هو هذا من بعدي ...) (الكافي 249:1 ح 5، وتفسير كنز الدقائق 365:14).
مما يدل على أن ليلة القدر مستمرة ونزول الروح في هذه الليلة من كل عام على الإمام المعصوم وهو الإمام المهدي(عليه السلام)، فالإمام (عليه السلام) حي بمقتضى هذه الآية .
6 ـ قوله تعالى : ((ينزل الملائكة والروح من أمره على من يشاء من عباده ...)) (النحل : 2) .
عن الباقر (عليه السلام) إنه سئل عن هذه الآية، فقال : (جبرئيل الذي ينزل على الأنبياء ، والروح يكون معهم ومع الأوصياء لا يفارقهم ويسددهم من عند الله) (بصائر الدرجات : 483 ح 1، وتفسير كنز الدقائق 178:7).
فعلى من تتنزل الروح من عباد الله ، أليس هو الإمام المعصوم والذي هو الإمام المهدي (عليه السلام) في زماننا هذا ، فهو حي بدليل هذه الآية .
7 ـ قوله تعالى : ((إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنّا منذرين فيها يفرق كل أمر حكيم أمراً من عندنا إنا كنّا مرسلين)) (الدخان : 3 ـ 5)).
والليلة هذه هي ليلة القدر ، ويأتي نفس ما ذكرناه في ليلة القدر ، فبمقتضى هذه الآية فإن الإمام المهدي (عليه السلام) حي.
هذا ما أمكننا ذكره من آيات تثبت حياة الإمام المهدي (عليه السلام).