قال الناس : يا رسول الله ، خاصة في بعض المؤمنين أم عامة لجميعهم ؟
فأمر الله عز وجل أن يعلمهم ولاة أمرهم وأن يفسر لهم من الولاية ما فسر لهم من صلاتهم وزكاتهم وصومهم وحجهم ، فنصبني للناس بغدير خم ، ثم خطب وقال :
" أيها الناس ، إن الله أرسلني برسالة ضاق بها صدري وطننت أن الناس تكذّبني فأوعدني لأبلِّغها أو ليعذَّبني "
ثم أمر فنودي بالصلاة جامعة ، ثم خطب فقال " أيها الناس ، أتعلمون أن الله عز وجل مولاي وأنا مولى المؤمنين وأنا أولى بهم من أنفسهم ؟
قالوا : بلى ، يارسول الله . قال : " قم يا علي " فقمت ، فقال : " من كنت مولاه فعليٌّ هذا مولاه ، اللهمَّ وال من والاه وعاد من عاداه "
فقام سلمان فقال : يا رسول الله ، ولاء كما ذا ؟
فقال : " ولاء كولايتي ، من كنت أولى به من نفسه " فأنزل الله تعالى ذكره { " الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا "} سورة المائدة 3
فكبّر النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وقال " الله أكبر ، تمام نبوتي وتمام دين الله ولاية علي بعدي "
فقام أبو بكر وعمر فقالا : يا رسول الله ، هذه الآيات خاصة في علي ؟!
قال : بلى ، فيه وفي أوصيائي إلى يوم القيامة،
قالا : يا رسول الله ، بيَّنهم لنا
قال : علي أخي ووزيري ووارثي ووصيي وخليفتي في أمتي وولي كل مؤمن بعدي ، ثم ابني الحسن ، ثم أبني الحسين ، ثم تسعه من ولد ابني الحسين واحد بعد واحد ، القرآن معهم وهم مع القرآن ، لا يفارقونه ولا يفارقهم حتى يردوا عليَّ حوضي
فقالوا كلهم : اللهمَّ نعم ، قد سمعنا ذلك وشهدنا كما قلت سواء . وقال بعضهم قد حفظنا جل ما قلت ولم نحفظه كله ، وهؤلاء الذين حفظوا أخيارنا و أفاضلنا
فقال علي عليه السلام : صدقتم ، ليس كل الناس يستوون في الحفظ ، أنشد الله من حفظ ذلك من رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - لما قام فأخبر به
فقام زيد بن أرقم والبراء بن عازب وأبو ذر والمقداد وعمار فقالوا : نشهد لقد حفظنا قول النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وهو قائم على المنبر وأنت إلى جنبه - وهو يقول : " يا أيها الناس ، إن الله أمرني أن أنصب لكم إمامكم والقائم فيكم بعدي ووصيي وخليفتي والذي فرض الله على المؤمنين في كتابه طاعته فقرنه بطاعته وطاعتي ، وأمركم فيه بولايته . وإني راجعت ربي خشية طعن أهل النفاق وتكذيبهم ، فأعدوني لتبلغنّها أو ليعذّبني .
أيها الناس ، إن الله أمركم في كتابه بالصلاة فقد بيَّنتها لكم ، وبالزكاة والصوم والحج فبيَّنتها لكم وفسرتها ، وأمركم بالولاية وإني أشهدكم أنها لهذا خاصة - ووضع يده على علي بن أبي طالب عليه السلام - ثم لابنيه بعده ثم للأوصياء من بعدهم من ولدهم ، لا يفارقون القرآن ولا يفارقهم القرآن حتى يردوا عليَّ حوضي
أيها الناس ، قد بيَّنت لكم مفزعكم بعدي وإمامكم بعدي ووليكم وهاديكم ، وهو أخي علي بن أبي طالب وهو فيكم بمنزلتي فيكم ، فقلَّدوه دينكم وأطيعوه في جميع أموركم ، فإن عنده جميع ما علَّمني الله من علمه وحكمته فسلوه وتعلّموا منه ومن أوصيائه بعده ولا تعلَّموهم ولا تتقدَّموهم ولا تخلِّفوا عنهم ، فإنهم مع الحق والحق معهم لا يزايلونه ولا يزايلهم " ثم جلسوا ( أي جلس زيد ، والبراء ، وأبو ذر ، والمقداد ، وعمار بعد شهادتهم
................................................
قال سليم :ثم قال علي عليه السلام : أيها الناس ، أتعلمون أن الله أنزل في كتابه { " إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا" } الأحزاب 33
فجمعني وفاطمة وابنيَّ حسناً وحسيناً ، ثم ألقى علينا كساء وقال : ((" هؤلاء أهل بيتي ولحمتي ، يؤلمهم ما يؤلمني ويؤذيني ما يؤذيهم ويحرَّجني ما يحرِّجهم ، فإذهب عنهم الرجس وطهِّرهم تطهيراً " فقالت أم سلمة : وأنا يا رسول الله ؟ فقال : " أنت إلى خير ، إنما نزلت فيَّ وفي أخي وفي ابنتي فاطمة وفي ابنيِّ وفي تسعة من ولد ابني الحسين خاصة ليس معنا فيها أحد غيرهم" ؟
فقالوا : كلهم نشهد أن أم سلمة حدثتنا بذلك ، فسألنا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- فحدثنا كما حدثتنا به أم سلمة
................................................
ثم قال علي عليه السلام أنشدكم الله ، أتعلمون أن الله أنزل {" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ "}سورة التوبة 119
فقال سلمان : يا رسول الله عامة هذا أم خاصة ؟
قال - صلى الله عليه وآله وسلم - : أما المأمورون فعامة المؤمنين أُمروا بذلك ، وأمّا الصادقون فخاصة لأخي علي وأوصيائي من بعده إلى يوم القيامة ؟
قالوا اللهم نعم
................................................
قال : أنشدكم الله ، أتعلمون أنى قلت لرسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - في غزوة تبوك : لمَ خلَّقتني ؟
قال : إن المدينة لا تصلح إلا بي أو بك ، وأنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي "
فقام سلمان فقال : يا رسول الله ، من هؤلاء الذين أنت عليهم شيهد وهم شهداء على الناس ، الذين اجتباهم الله ولم يجعل عليهم في الدين من حرج ، ملة أبيهم إبراهيم ؟
قال: عنى بذلك ثلاثة عشر رجلاً خاصة دون هذه الامة .
قال سلمان : بيِّنهم لنا يا رسول الله ؟
فقال : " أنا وأخي وأحد عشر من ولدي "
قالوا: اللهم نعم
................................................
فقال : أنشدكم الله ، أتعلمون أن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - قام خطيباً ثم لم يخطب بعد ذلك
فقال : " إيها الناس ، إني تارك فيكم الثقلين ، كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، فتمسكوا بهما لن تضلوا ، فإن اللطيف الخبير أخبرني وعهد إليِّ أنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض"
فقام عمر وهو شبه المغضب فقال : يا رسول الله ، أكل أهل بيتك ؟
قال : لا ، ولكن أوصيائي منهم . أولهم أخي علي ووزيري ووارثي وخليفتي في أمتي وولي كل مؤمن بعدي . هو أولهم ، ثم ابني الحسن ، ثم ابني الحسين ، ثم تسعة من ولد الحسين واحد بعد واحد حتى يردوا عليَّ الحوض ، شهداء الله في أرضه وحججه على خلقه وخزان علمه ومعادن حكمته . من أطاعهم أطاع الله ومن عصاهم عصى الله " ؟
فقالوا كلهم : نشهد أن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - قال ذلك
................................................
وصف مجلس المناشدة
ثم تمادى بعلي عليه السلام السؤال ، فما ترك شيئاً إلا ناشدهم فيه وسألهم عنه حتى أتى على آخر مناقبه وما قال له رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - كثيراً ، كل ذلك يصدقونه ويشهدون أنه حق
قال :فلم يدع شيئا مما أنزل الله فيه خاصة أو فيه وفي أهل بيته في القرآنولا على لسان رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - إلا ناشدهم الله فيه فمنه ما يقولون جميعاً : نعم ومنه ما يسكت بعضهم ويقول بعضهم " اللهمَّ نعم " ويقول الذين سكتوا للذين اقرَّوا : أنتم عندنا ثقاة ، وقد حدثنا غيركم ممن نثق به أنهم سمعوه من رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -
ثم قال حين فرغ : اللهمَّ اشهد عليهم . قالوا : اللهمَّ اشهد أنا لم نقل إلا حقاً وما قد سمعناه من رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وقد حدثنا من نثق به أنهم سمعوه من رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -
قال : أتقرون بأن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - قال : " من زعم أنه يحبني ويبغض علياً فقد كذب وليس يحبني " - ووضع يده على رأسي - فقال له قائل : وكيف ذاك يا رسول الله ؟ قال : " لانه مني وأنا منه ، ومن أحبه فقد أحبني ومن أحبني فقد أحب الله ، ومن أبغضه فقد أبغضني ومن أبغضني فقد أبغض الله " ؟ فقال نحو من عشرين رجلاً من أفاضل الحيين : اللهمّ نعم وسكت بقيتهم
فقال : علي عليه السلام للسكوت : ما لكم سكوت ؟
فقالوا : هؤلاء الذين شهدوا عندنا ثقاة في صدقهم وفضلهم وسابقتهم
فقال علي عليه السلام : اللهمَّ اشهد عليهم
فقالوا : اللهمَّ إنا لم نشهد ولم نقل إلا ما سمعناه من رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وما حدثنا به من نثق به من هؤلاء وغيرهم أنهم سمعوه من رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -