لما عزم امير المؤمنين ( ع ) على المسير بجنده الى النهروان جاءه منجم و قال له : يا امير المؤمنين عندي مطلب اريد ان اخبرك به , فقال له امير المؤمنين ( ع ) : ما هو ؟
قال : لا تسر في هذه الساعة , و انتظر حتى تمضي ثلاث ساعات من النهار .
فسأله الامام ( ع ) مستغربا ً : و لم ؟
ـ لانك ان سرت في هذه الساعة أصابك و اصاب أصحابك أذى و ضرر شديد . و ان سرت في الساعة التي امرتك بها ظفرت , و ظهرت , و اصبت كلما طلبت .
فقال امير المؤمنين ( ع ) : ان فرسي حامل , اتدري ما في بطنها ؟ هل ذكر ام انثى ؟
المنجم: ان حسبت علمت .
فقال امير المؤمنين : من صدقك على هذا القول فقد كذب بالقرآن , ان الله عنده علم الساعة , و ينزل الغيث , و يعلم ما في الارحام , و ما تدري نفس ماذا تكسب غداً , و ما تدري نفس بأي ارض تموت , ان الله عليم خبير . و ما كان النبي ( ص ) يدعي ما ادعيت , اتزعم انك تهدي الى الساعة التي سار فيها صرف عنه السوء, و تخوف الساعة التي من سار فيها حاق به الضر.
فمن صدقك بهذا فقد كذب القرآن و استغنى بقولك عن الاستعانة بالله في نيل المحبوب و دفع المكروه , و تبتغي في قولك للعامل بأمرك ان يوليك الحمد دون ربه , لانك بزعمك انت هديته الى الساعة التي نال فيها النفع , و امن الضر . ثم اقبل ( ع ) على الناس فقال : ايها الناس , اياكم و تعلم النجوم , الا ما يهتدي به في بر او بحر , فانها تدعوا الى الكهانة , و المنجم كالكاهن , و الكاهن كالساحر , و الساحر كالكافر , و الكافر في النار . سيروا على اسم الله .
ثم رفع طرفه الى السماء و قال : اللهم لا طير الا طيرك , و لا ضير الا ضيرك , و لا خير الا خيرك , و لا اله غيرك .
ثم التفت الى المنجم و قال : نحن نعمل بخلاف قولك , و نسير في الساعة التي نهيت عنها , ثم امر بالحركة و التوجه نحو العدو , حيث كان النصر ينتظره و اصحابه .