إن إجراء الحدود في قانون العقوبات الإسلامية مشروط بعشرات الشروط ، مما جعلها متعسرة التطبيق والإجراء عادة ، وربما متعذرة في بعض الأحيان ، وقد ذكر المجدد الشيرازي الثاني لحد السرقة أكثر من أربعين شرطاً وذلك في كتابه (ممارسة التغيير للإنقاذ المسلمين) فيمكن لمن يريد المراجعة.
وقبل أن نبدأ بنقل مفاد رواية واردة عن الإمام الجواد عليه السلام نحب الإشارة إلى أن معنى كلمة الكرسوع هو طرف الزند الذي يلي الخنصر وهو الناتئ عند الرسغ.
وفيما يلي ملخص رواية واردة في مصادرنا:
رجع ابن أبي داود (وهو حنبلي مخالف) ذات يوم من عند المعتصم العباسي وهو مغتم فسأله صاحبه زرقان عن سبب ذلك
فقال: وددت اليوم أني قد مت منذ عشرين عاماً.
فقال له صاحبه: ولم ذلك؟
قال: لما كان من محمد بن علي الجواد اليوم بين يدي الأمير.
فقال له صاحبه: وكيف كان ذلك؟
قال: إن سارقاً أقر على نفسه بالسرقة وسأل الخليفة تطهيره بإقامة الحد عليه، فجمع لذلك الفقهاء في مجلسه ومعهم محمد الجواد ، فسألنا عن القطع في أي موضع يجب أن يقطع؟
فقلت: من الكرسوع.
قال المعتصم: وما الحجة في ذلك؟
قلت: لأن اليد هي الأصابع والكف إلى الكرسوع ، لقول الله في التيمم {فامسحوا بوجوهكم وأيديكم} واتفق معي على ذلك قوم.
وقال آخرون: بل يجب القطع من المرفق.
قال المعتصم: وما الدليل على ذلك؟
قالوا: لأن الله لما قال {وأيديكم إلى المرافق} في الغسل دل ذلك على أن حد اليد هو المرفق.
فالتفت المعتصم إلى محمد الجواد عليه السلام فقال: ما تقول في هذا يا أبا جعفر؟
فرفض الإمام الجواد الإجابة أولاً حتى أقسم عليه المعتصم بأن يخبره بما عنده فيه
فقال الإمام الجواد: إنهم أخطئوا فيه السنة فإن القطع يجب أن يكون من مفصل أصول الأصابع فيترك الكف.
قال المعتصم: وما الحجة في ذلك؟
فقال الإمام عليه السلام: قول رسول الله صلى الله عليه وآله السجود على سبعة أعضاء؛ الوجه واليدين والركبتين والرجلين. فإذا قطعت يده من الكرسوع أو المرفق لم يبق له يد يسجد عليها ، وقال الله تبارك وتعالى: {وإن المساجد لله} (سورة الجن ، آية 18) يعني به هذه الأعضاء السبعة التي يسجد عليها؛
ثم أكمل الإمام عليه السلام الآية {فلا تدعوا مع الله أحداً} وقال: وما كان لله لم يقطع.
فأعجب المعتصم ذلك وأمر بقطع بقطع يد السارق من مفصل الأصابع دون الكف.
وهنا قال إبن أبي داود : قامت قيامتي وتمنين أني لم أك حيا.
(راجع تفسير العيـّاشي، الجزء الأول، الصفحة 319-320 )