إن الإنسان -بعض الأوقات- يستيقظ، وقد طلعت عليه الشمس.. فما هو الحل، وما هو الإحساس الطبيعي والمطلوب في هذا المجال؟..
أولا: الشعور بالندامة.. إن الذي يستيقظ بعد طلوع الشمس، ويرتاح لذلك لأنه أكمل نومه.. هذا الإنسان لم يرتكب حراما، ولكنه قد يحرم من صلاة الفجر شهرا كاملا؛ لأنه فرح بعدم توفيقه للقاء رب العالمين.. إذن الخطوة الأولى الشعور بالندامة.
ثانيا: الإسراع في القضاء.. إن الإنسان يتعجب عندما يرى شابا بكامل قواه، وعندما يسأل: ما وصيتك؟.. يقول: أوصي أن يصلى عني صلاة آيات، أو قضاء صلوات واجبة!.. هو الآن معافى، ويأتي إلى المسجد، ووقت صلاة، ومكان صلاة.. فتراه يتكلم فيما لا داعي له، ولا يقضي ما عليه من الصلوات الواجبة.
فإذن، إن الخطوة الثانية هي أنه بمجرد أن يستيقظ، عليه أن يبادر إلى قضاء الصلاة.. ومع الأسف البعض يستيقظ وهو شاك في طلوع الفجر، ولا يصلي ما في ذمته؛ أي هو غير متيقن من طلوع الشمس، ومع ذلك يحجم عن الصلاة.
إن هذه الصلاة القضائية، من الممكن أن تكون عند الله -عز وجل- أفضل من الصلاة الأدائية؛ لأنه ربما عندما يستيقظ لصلاة الفجر، وبين الطلوعين؛ يدخله شيء من العجب، ويرى في نفسه شيئا من التميز.. أما بعد طلوع الشمس، فإنه يشعر بشيء من الخجل والوجل والتقصير؛ لذا من الممكن أن يكون مفعول هذه الصلاة، ليس بأقل من مفعول الصلاة الأدائية.. ولو أن إنسانا كل يوم ينام على أمل أن يستيقظ، وفي كل يوم يستيقظ بعد طلوع الشمس، ويبادر إلى القضاء السريع؛ فإن هذا من موجبات التكفير.
إن هناك بعض العوامل التي تساعد على الاستيقاظ للصلاة، منها:
أولا: تخفيف النوم.. عن الرسول (صلى الله عليه واله): (إياكم وكثرة النوم؛ فإن كثرة النوم يدع صاحبه فقيرا يوم القيامة).. وعن الصادق (عليه السلام): (إن الله يبغض كثرة النوم، وكثرة الفراغ).. وعن الصادق (عليه السلام): (كثرة النوم، مذهبة للدين والدنيا).
ثانيا: تخفيف طعام العشاء.. اجعل العشاء مبكرا، وليكن الطعام خفيفا؛ فإن ثقل العشاء يمكن أن يسلب من العبد بعض التوفيقات.. قال الصادق (عليه السلام): (ليس شيء أضر لقلب المؤمن من كثرة الأكل...الخبر).
ثالثا: الدعاء.. ولعل أهم عامل على الاستيقاظ، هو الدعاء.. قال الباقر (عليه السلام): (ما نوى عبد أن يقوم أية ساعة نوى، يعلم الله ذلك منه.. إلا وكل الله به ملكين يحركانه تلك الساعة).. عن أبي الحسن الأول (عليه السلام) قال: (من أحب أن ينتبه بالليل، فليقل عند النوم: اللهم!.. لا تنسني ذكرك، ولا تؤمني مكرك، ولا تجعلني من الغافلين، وانبهني لأحب الساعات إليك: أدعوك فيها فتستجيب لي، وأسألك فتعطيني، وأستغفرك فتغفر لي، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت.. يا أرحم الراحمين.. ثم يبعث الله -تعالى- إليه ملكين ينبهانه، فإن انتبه، وإلا أمر أن يستغفرا له.. فإن مات في تلك الليلة، مات شهيدا.. وإن انتبه لم يسأل الله -تعالى- شيئا في ذلك الوقت، إلا أعطاه).
رابعا: قراءة آخر آية من سورة الكهف.. إن قراءة آخر آية من سورة الكهف، تساعد على الاستيقاظ، {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا}.
خامسا: النوم على وضوء.. إن من أهم المستحبات أن ينام الإنسان على وضوء؛ لأن من نام على وضوء كان فراشه كمسجده، أي إلى الصباح وهو في حال عبادة.. قال الصادق (عليه السلام): (من تطهر ثم أوى إلى فراشه، بات وفراشه كمسجده.. فإن ذكر إنه على غير وضوء، فليتيمم من آثاره كائناً ما كان.. فإن فعل ذلك، لم يزل في الصلاة وذكر الله عز وجل).
سادسا: تسبيح الزهراء (عليها السلام).. قال الصادق (عليه السلام): (من بات على تسبيح فاطمة -عليها السلام- كان من الذاكرين للَّه كثيراً والذاكرات).
إن من التزم بهذه الآداب، مع عدم نسيان آلة التنبيه؛ يرجى له أن يستيقظ لصلاة الفجر.. إن الحوائج الكبرى تعطى في صلاة الفجر، لما فيها من ثقل على الإنسان.. والقرآن الكريم يقول: {إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا}؛ لأن هناك حركة للملائكة بين الطلوعين؛ حيث أن ملائكة الليل ترتفع، وملائكة النهار تنزل.. فهنيئا لمن كان من الذاكرين!..