في قوله صلى الله عليه وآله: أعطاني الله خمسا وأعطى عليا خمسا
أخبرنا الشيخ المؤيد أبو علي الحسن بن محمد بن الحسن الطوسي ( رحمه الله ) بمشهد أمير المؤمنين
علي بن أبي طالب بقراءتي عليه في سنة إحدى عشرة وخمسمائة، قال: حدثنا السعيد الوالد ( رحمه
الله )، قال: أخبرنا الشيخ المفيد أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان، قال: أخبرني أبو الحسن أحمد
بن محمد بن الحسن، قال: حدثني أبي، عن سعد بن عبد الله بن موسى، قال: حدثنا محمد بن عبد الله
العزرمي، قال: حدثنا المعلى بن هلال، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن عبد الله بن عباس قال:
سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول:
« أعطاني الله تبارك وتعالى خمسا وأعطى عليا خمسا، أعطاني جوامع الكلم وأعطى عليا جوامع
العلم، وجعلني نبيا وجعله وصيا، وأعطاني الكوثر وأعطاه السلسبيل، وأعطاني الوحي وأعطاه الالهام،
وأسرى بي إليه وفتح له أبواب السماء والحجب حتى نظر إلي ونظرت إليه.
قال: ثم بكى رسول الله، فقلت له: ما يبكيك فداك أبي وامي ؟ قال: يابن عباس ان أول ما كلمني به
ربي عز وجل، فقال [1]: يا محمد انظر [ الى ] [2] تحتك فنظرت الى الحجب قد انخرقت والى أبواب
السماء قد فتحت ونظرت إلى علي وهو رافع [ إلي ] [3] فكلمني وكلمته ( وكلمني ربي ) [4].
فقلت: يارسول الله ! بم كلمك ربك ؟ فقال: قال لي: يا محمد إني جعلت عليا وصيك ووزيرك وخليفتك
من بعدك، فاعلمه فهاهو يسمع كلامك، فاعلمته وأنا بين يدي ربي عز وجل، قال [ لي ] [5]: قد قبلت
واطعت، فأمر الله الملائكة أن تسلم عليه ففعلت، فرد عليهم السلام، ورأيت الملائكة يتباشرون به،
وما مررت بملائكة من ملائكة السماء إلا هنؤوني وقالوا: يا محمد ! والذي بعثك بالحق لقد دخل
السرور على جميع الملائكة باستخلاف الله عز وجل لك ابن عمك، ورأيت حملة العرش قد نكسوا
رؤوسهم إلى الأرض فقلت: يا جبرئيل ! لم نكس حملة العرش رؤوسهم ؟ فقال: يا محمد ! ما من
ملك من الملائكة إلا وقد نظر إلى وجه علي بن أبي طالب استبشارا به ما خلا حملة العرش،
فانهم استأذنوا الله عز اسمه في هذه الساعة فأذن لهم أن ينظروا إلى علي بن أبي طالب ( عليه السلام )
فنظروا إليه ، فلما هبطت جعلت أخبره بذلك وهو يخبرني به، فعلمت اني لم أطأ موطنا
إلا وقد كشف ( لعلي ) [6] عنه حتى نظر إليه، قال ابن عباس: فقلت يارسول الله !
أوصيني، فقال: يابن عباس عليك بحب علي بن أبي طالب.
قلت : يارسول الله أوصني، قال: عليك بمودة علي بن أبي طالب، والذي بعثني بالحق نبيا لا يقبل الله
من عبد حسنة حتى يسأله عن حب علي بن أبي طالب وهو تعالى اعلم، فان جاء بولايته قبل عمله
على ما كان منه، وان [7] لم يأت بولايته لم يسأله عن شئ، ثم امر به إلى النار، يابن عباس !
والذي بعثني بالحق نبيا ان النار لأشد غضبا على مبغضي [8] علي منها على من زعم ان الله ولدا،
يابن عباس لو أن الملائكة المقربين والأنبياء المرسلين اجتمعوا على بغضه، ولن يفعلوا،
لعذبهم الله تعالى بالنار، قلت : يارسول الله ! وهل يبغضه أحد ؟ قال : يابن عباس نعم، يبغضه قوم
يذكرون أنهم من امتي، لم يجعل الله لهم في الاسلام نصيبا، يابن عباس ان من علامات بغضهم له
تفضيلهم من هو دونه عليه، والذي بعثني بالحق نبيا ما بعث الله نبيا اكرم عليه مني ولا وصيا اكرم
عليه من وصيي علي، قال ابن عباس: فلم أزل محبا له كما أمرني رسول الله ( صلى الله عليه وآله )
ووصاني [9] بمودته وانه لاكبر [10] عملي عندي.
قال ابن عباس: ثم مضى من الزمان ما مضى، وحضرت رسول الله ( صلى الله عليه وآله )
الوفاة فحضرته، فقلت : فداك أبي وامي يارسول الله قد دنا أجلك فما تأمرني ؟
فقال: يابن عباس ! خالف من خالف عليا ولا تكونن لهم ظهيرا ولا وليا،
فقلت: يارسول الله ! فلم لا تأمر الناس بترك مخالفته ؟
قال: فبكى ( صلى الله عليه وآله ) حتى اغمي عليه، ثم قال: يابن عباس ! سبق فيهم علم ربي،
والذي بعثني بالحق نبيا لا يخرج أحد ممن خالفه من الدنيا وانكر حقه حتى يغير الله تعالى ما به
من نعمة، يابن عباس ! إذا اردت ان تلقى الله وهو عنك راض فاسلك طريقة علي بن أبي طالب
ومل معه حيثما مال وارض به إماما وعاد من عاداه ووال من والاه ، يابن عباس احذر أن
يدخلك شك فيه فان الشك في علي كفر بالله تعالى [11] ».
قال محمد بن أبي القاسم: هذا الخبر يدل على أن من يقدم على علي غيره ويفضل عليه أحدا فهو عدو لعلي
وإن ادعى انه يحبه ويقول به فليس الأمر على ما يدعي ، ويدل أيضا على أن من شك في تقديمه وتفضيله
[12] ووجوب طاعته وولايته محكوم بكفره، وإن أظهر الاسلام واجري
[13] عليه أحكامه، ويدل أيضا على اشياء كثيرة لا يحتمل ذكرها هذا الموضع .
____________
[1] في أمالي الشيخ والبحار: ان قال.
[2] من التأويل.
[3] من الأمالي والتأويل.
[4] ليس في « م »، وفي التأويل: بما كلمني.
[5] من الأمالي.
[6] ليس في « ط ».
[7] في « م »: من.
[8] في « ط »: مبغضي.
[9] في البحار: اوصاني.
[10] في « ط »: لاكرم.
[11] رواه الشيخ في اماليه 1: 104، عنه البحار 16:
370 و 38: 157 ، تأويل الآيات 1: 277.
[12] رواه الشيخ في اماليه 1: 104، عنه البحار 16: 370
و 38: 157 ، تأويل الآيات 1 : 277.
[13] في « م »: تفضيله وتقديمه.