تساؤلات:
يتساءل البعض لماذا نقرأ التاريخ؟
ما فائدة ماض لا يعود ولا يتكرر؟
ما الفائدة من قراءة تاريخ الفتن والمصائب التي وقعت في تاريخنا الإسلامي؟
ما الفائدة من قراءة أحداث السقيفة وما جرى بعدها؟
ما الفائدة لقراءة أحداث مقتل عثمان؟
ما الفائدة من قراءة أحداث الجمل وصفين والنهروان وغيرها؟
ومن نقرأ عنهم قد ذهبوا الى ربهم – جل وعلا- وهو الكفيل بحسابهم؟
لماذا التأكيد على مسائل حساسة ربما أثارت التشكيك في بعض الرموز التي يقدسها قسم كبير من المسلمين؟
لماذا التأكيد على مظلومية الزهراء ، والتسليم بها يعني إدانة أكابر الصحابة؟
هذه مجموعة من التساؤلات المطروحة التي يطرحها البعض سواء أكان بحسن نية أم لا؟
دراسة التأريخ
والجواب أننا نقرأ التاريخ لنحدد مواقفنا من الأحداث لنعرف الحق من الباطل ، لنعرف أي الناس كان الحق معه حتى نتولاه.
ولنعرف أي الناس كان على الباطل حتى نتبرأ منه.
كما نقرأ التاريخ لنستلهم منه العبر ونأخذ العظة.
يقول أحد المفكرين :
' إن الذين يقرءون التاريخ ولا يتعلمون منه أناس فقدوا الإحساس بالحياة، وإنهم اختاروا الموت هربًا من محاسبة النفس أو صحوة الضمير والحس' ...!!
يقول أحمد شوقي:
اقرءوا التاريخ إذ فيه العبر *** ضل قومٌ ليس يدرون الخبر
فهذه دعوة للأمة المسلمة ـ أفرادًا وجماعات ـ لقراءة تاريخها قراءة واعية تستخرج منه الدروس والعبر، وتستخرج منه منهاجًا للحركة والفهم، يفيدها في مسيرة نهضتها واستشراف مستقبلها، حتى يعود للأمة مجدها وتستعيد مكانتها وعزتها أمام الأمم .
أي أن القراءة المطلوبة هي قراءة متدبرة، تقف أمام أحداث التاريخ الإسلامي متفحصة مدققة ، ليست سردًا تاريخيًا للأحداث بقدر ما هي تنقيب بين أسطره على مدلولات هذه الأحداث والوقائع، وعلاقتها بواقعنا المعاصر .
حتى لا نضل
نحن الشيعة نعتقد أن النبي (صلى الله عليه وآله) نص بما لا مزيد عليه على مرجعية أهل بيته (عليهم السلام) حيث جعلهم مقياسا للحق ، والنصوص في ذلك كثيرة يتفق على روايتها المسلمون.
أهمها حديث الثقلين حيث جعلهم النبي (صلى الله عليه وآله) عدلا للقران وأمانا من الضلال .
أخرج الترمذي وغيره عن جابر بن عبد الله، قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في حَجّته يوم عرفة ، وهو على ناقته القصواء يخطب ، فسمعته يقول : يا أيها الناس ، إني قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلّوا: كتاب الله وعترتي أهل بيتي ). راجع سنن الترمذي 5|622 كتاب المناقب، باب مناقب أهل بيت النبي. وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه. وذكر في مشكاة المصابيح 3|1735 ، سلسلة الأحاديث الصحيحة 4|356 وقال الالباني: الحديث صحيح ).
وأخرج أيضاً عن زيد بن أرقم وأبي سعيد، قالا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي، أحدهما أعظم من الآخر، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، ولن يتفرَّقا حتى يرِدَا عليَّ الحوض، فانظروا كيف تخلِّفونّي فيهما) . راجع سنن الترمذي 5|663. قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب. وذكر في مشكاة المصابيح 3|1735، صحيح الجامع الصغير 1|482 حديث 2458 وصحححه الألباني أيضاً)
وأخرج أحمد في المسند، والحاكم في المستدرك، وابن أبي عاصم في كتاب السنة، وابن كثير في البداية والنهاية وغيرهم عن زيد بن أرقم، قال: لما رجع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من حجّة الوداع ونزل غدير خم، أمر بدوحات فقُمِمْن ، فقال: كأني دُعِيتُ فأجبـتُ، إني قد تركت فيكم الثقلين، أحدهما أكبر من الآخر: كتاب الله وعترتي، فانظروا كيف تخلِّفوني فيهما، فإنهما لن يتفرَّقا حتى يرِدا عليَّ الحوض)... . راجع مسند أحمد حنبل 3|14، 26. المستدرك على الصحيحين بن 3|109، قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بطوله، شاهده حديث سلمة بن كهيل، عن أبي الطفيل، وهو أيضاً صحيح على شرطهما. ووافقه الذهبي. كتاب السنة 2|630. البداية والنهاية 5|184، وقال: قال شيخنا أبو عبد الله الذهبي: هذا حديث صحيح).
والأحاديث في فضل أهل البيت (عليهم السلام) والتي تثبت ضرورة الرجوع إليهم دون سواهم كثيرة من شاء الرجوع إلى المؤلفات الخاصة بالإمامة.
فالنبي (صلى الله عليه وآله) قد جعلهم مقياسا نعرف به أهل الحق من غيرهم.
فإذا عرفنا بأن التمسك بهم أمان من الضلال بنص حديث الثقلين نعرف قيمة الذين تمسكوا بغيرهم وكذلك نعرف قيمة الذين لم يتمسكوا بهم بل وقفوا منهم موقف الضد فظلموهم وشردوهم وحاربوهم وقتلوهم.
فهل الظلم والحرب والقتل من التمسك بهم المنجي من الضلال أم هو الضلال بعينه؟
ومن هنا كانت مأساة الزهراء عليها السلام معلما بارزا ومقياسا واضحا لمعرفة من بدل وغير من الصحابة ممن ثبت وأطاع وتمسك بمن أمر الله ونبيه بالتمسك بهم.
فالنبي قد جعل لنا ميزانا نعرف فيه أهل الحق من غيرهم وما تأكيدنا على مظلومية أهل البيت (عليهم السلام) وخصوصا مأساة ومظلومية الزهراء إلا تأكيد على صحة الموقف الذي اتخذناه والمذهب الذي اعتنقناه . فنفس إحياء ذكر المأساة هو إقامة دليل على أحقية مذهبنا وصحة طريقتنا.
وقد جرت محاولات كثيرة لتزييف وتغيير الحقائق حتى تنطمس معالم الحقيقة ولكن هيهات يأبى الله إلا أن يتم نوره .