وعن الأعمش قال : خرجت حاجا، فرأيت بالبادية أعرابيا أعمى، وهو يقول :
(اللهم!.. إني أسألك بالقبة التي اتسع فناؤها، وطالت أطنابها، وتدلت أغصانها، وعذب ثمرها، واتسق فرعها، وأسبغ ورقها، وطاب مولدها، إلا رددت على بصري)
قال : فخنقتني العبرة، فدنوت إليه وقلت (له): يا أعرابي لقد دعوت فأحسنت، فما البقعة التي اتسع فناؤها؟..
قال : محمد - صلى الله عليه وآله -.
قلت : فقولك : طالت أطنابها؟..
قال : أعني فاطمة - -.
قلت : وتدلت أغصانها؟..
قال : على وصي رسول الله - صلى الله عليه وآله -.
قلت : وعذب ثمرها؟..
قال : الحسن والحسين - عليهما السلام -.
قلت : واتسق فرعها؟..
قال : حرم الله ذرية فاطمة - - على النار.
قلت : وأسبغ ورقها؟..
قال : بأمير المؤمنين علي بن أبي طالب - -.
فأعطيته دينارين ومضيت، وقضيت الحج ورجعت.. فلما وصلت إلى البادية رأيته، فإذا عيناه مفتوحتان كأنه ما عمي قط.
قلت : يا أعرابي!.. كيف كان حالك؟..
قال : كنت أدعو بما سمعت، فهتف بي هاتف، وقال : إن كنت صادقا إنك تحب نبيك وأهل بيت نبيك، فضع يدك على عينيك.. فوضعتها (عليهما) ثم كشفت عنها، وقد رد الله على بصري. فالتفت يمينا وشمالا، فلم أر أحدا، فصحت : أيها الهاتف، بالله من أنت؟.. فسمعت (أنا الخضر، أحب علي بن أبي طالب، فإن حبه خير الدنيا والآخرة).