مقال رائع للكاتبة الأسلامية ( خولة القزويني ) قرأته فأعجبني وأتمنى أن تستمتعن بقراءته معي لنستخلص العبر ونفعلها في حياتنا
الفكر الزينبي ... أطروحة عفاف لا تموت ...
الفكر الزينبي أطروحة إنسانية تستحق أن تتعلم منها المرأة اليوم أدبيات غاية في الأهمية قد تمر علينا مواقفها البطولية من واقع ملحمة فذة أظهرت جانباً واضحاً للعيان لكن ثمة قضايا نفسية نابتة في نسيج شخصيتها لم تأت مصادفة إنما ومضات نور تمخضت عن أخلاق يفترض أن تصقل الأنثى صقلاً شفافاً
(( منها على سبيل المثال لا الحصر ))
إشكالية الاختبار والظهور:
هذه الجدلية التي مابرحت تؤرق المنظرين الإسلاميين والفقهاء ((حجب المرأة أم ظهورها)) وما تفتحت عن هذه القضية من أفكار واتجاهات مثل ((حق المرأة السياسي))،((عمل المرأة))، ((ممارسة الأنشطة الاجتماعية))... الخ
لاحظوا أن العصب الأساسي الذي يغذي التكوين الأنثوي المثالي هو ((الحياء والعفة)) وقد رسم الإسلام تصوراً واضحاً يلتف حول هذا المحور فمن خلال الحجاب والمعاملة المشروطة بين الرجل والمرأة والسلوكيات المنضبطة كلها تشكل الجدار الحامي لمملكة المرأة الروحية الباطنية بل الواقي لها من شوائب المجتمع وملوثات المحيط الخارجي لأنها مخلوقة على درجة عالية من الرقة والحساسية سريعة التأثر والتأثير يبلغ معها الابتلاء ذروته عندما تكون جاذبة ومنجذبة للرجال لقد عمل الإسلام على زرع متاريس وقائية لصيانتها من القلق العاطفي الاضطرابات النفسية الهزات الانفعالية التي تؤثر على وضعها الصحي والنفسي
وتأتي اليوم ثقافات مصطنعة مرائية مغلفة بالإسلام تجتذب المرأة الناشطة على وجه الخصوص لتوقعها في فخ التناقض وبراثن الجدال العقيم تقتحم كافة الميادين بحجابها بتدينها بفورة شبابها بشعاراتها المناهضة للرجل تطالب بتنفيذ إملاءات شيطان تلفع بثوب الفضيلة فوقعت أسيرة لقهر الرجال تدك حصون الصمت عبر صوت أخرس والفطرة تتأزم غارقة في عتمتها الداخلية بعد أن بهرتها أضواء الخارج..
انتزعت فتيل المصباح الذي كان يحفظ لها نوراً خفياً سحراً هادئاً سكوناً عذباً يغمرها بحالة إيمانية وصفاء روحي مدهش وتقوى مخضبة بدموع السماء فتقف متعبدة بخشوع بانسيابية فطرية تصقل وعائها الداخلي من خلال إمدادات شرايينها المتعففة طهراً فتنبت في أرضها الخصبة عطاء غصون حنان
ما فعلته الحوراء زينب (ع) كان اختبار في الظاهر أشبه بالوقود لصاروخ صامت إنها معبأة بالإيمان بالحياء بالتقوى بالفكر الهاشمي المتفجر نبلاً في خبائها تعطي دفق الحياة بعاطفة مترعة بحب الله تسقيها كأساً للصغير والكبير تفاديهم تراوحهم بحنانها المحمدي في احتواء الدموع واحتضان القلوب، جليلة، مخدرة، ينهى الإمام أن يهدد هذا العفاف في حضرة الطف طالما كان له في الوجود كيان نابض
وظهرت من هذا الخباء عندما:قتل الرجال وتبدلت مقاييس الواقع ... ظهرت بمزاج ثوري قابل للانفجار عند المحك كي ينسف مجمل الحقائق المغلوطة ويقلب المائدة في وجه الطاغية والمناخ الذي زامن حركة خروج زينب (ع) من الخباء إلى العلن مناخ دموي هائج نثار الدم والغبار يعدم الرؤية الاضطرابات المصحوبة بالخوف والترقب تجعل من رجال العدو في حالة استنفار أفقدتهم اتزانهم واستبدلت عيونهم الذكورية بعيون مخلوقات هلعة جزعة يتقوض منها عصب الإبصار ذلك التورط المشبوه قد حّول العفة إلى سهام نارية تقذفهم لعنات وتصب على رؤوسهم جمرات الرفض والاستنكار فردود فعلهم كان على مستوى الحدث منسجم مع المنعطف التاريخي الذي هز وجد ان آل البيت (خروج زينب من خدرها) وفي هذه الأجواء المشحونة باللغط والإشاعة وعلى امتداد هذا الزمن الملبد بغيوم الغي والضلال تلقي زينب (ع) قذائف عاصفة هزت أركان العرش الطاغوتي وطوقت أحلامهم الممتدة ونثرتها نفايات في مزبلة التاريخ
وفي محنتها صلت صلاة الليل من جلوس
وأتقنت دورها الرسالي في صياغة دم الحسين (ع) إلى مداد يكتبه الدهر مآثر عفاف