العودة   منتديات أنا شيعـي العالمية منتديات أنا شيعي العالمية المنتدى الثقافي

المنتدى الثقافي المنتدى مخصص للكتاب والقصة والشعر والنثر

إضافة رد
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع

الصورة الرمزية زكي الياسري
زكي الياسري
شاعر
رقم العضوية : 39574
الإنتساب : Aug 2009
المشاركات : 1,995
بمعدل : 0.34 يوميا

زكي الياسري غير متصل

 عرض البوم صور زكي الياسري

  مشاركة رقم : 1  
كاتب الموضوع : زكي الياسري المنتدى : المنتدى الثقافي
افتراضي
قديم بتاريخ : 14-01-2010 الساعة : 04:31 AM


المجلس الثالث
ليلة الأحد 25/ رجب / 1345 هجرية


حضر مجلس البحث الذي انعقد في أول الليل فضيلة الحافظ محمد رشيد مع ثلة من المشايخ والعلماء، وجمع كبير من أتباعهم، فلما استقر بهم المجلس وتناولوا الشاي والحلوى....
قال الحافظ: في الليلة البارحة لما ذهبت من هنا إلى البيت لمت نفسي كثيرا لعدم تحقيقي ومطالعتي حول المذاهب الأخرى وعقائدهم وأقوالهم، ولم اكتف بكتب مخالفيهم وبتعبيركم: المتعصبين على غيرهم!
وقد ظهر لنا ـ من جملة كلامكم ـ في الليلة الماضية: أن الشيعة يفترقون على مذاهب وطرق شتى، فأي مذهب على حق عندكم؟ بينوه حتى نعرف على أي مذهب نحاوركم، ونكون على بينة من الأمر في هذا التفاهم الديني والحوار المذهبي!
قلت: إني لم أذكر في الليلة الماضية أن الشيعة على مذاهب، وإنما الشيعة مذهب واحد، وهم المطيعون لله وللرسول محمد (ص) والأئمة الاثني عشر (ع).
ولكن ظهرت مذاهب كثيرة بدواع دنيوية وسياسية زعمت أنها من الشيعة، وتبعهم كثير من الجهال فاعتقدوا بأباطيلهم وكفرياتهم، وحسبهم الجاهلون الغافلون بأنهم من الشيعة، ونشروا كتبا على هذا الأساس الباطل من غير تحقيق وتدقيق.
وأما المذاهب التي انتسبت إلى الشيعة عن جهل أو عمد لأغراض سياسية ودنيوية، فهي أربع مذاهب أولية، وقد اضمحل منها مذهبان وبقي مذهبان، تشعبت منها مذاهب أخرى.
والمذاهب الأربعة هي: الزيدية، الكيسانية، القداحية، الغلاة.

مذهب الزيدية
وبعد وفاة علي بن الحسين (ع) ساق جماعة من الشيعة الإمامة إلى ابنه زيد وعرف هؤلاء بالزيدية وهم الذين (ساقوا الإمامة في أولاد فاطمة ولم يجوزوا ثبوت الإمامة في غيرهم) إلا أنهم جوزوا أن يكون كل فاطمي عالم زاهد شجاع سخي خرج بالإمامة أن يكون إماما واجب الطاعة سواءً كان من أولاد الحسن أو من أولاد الحسين(1).
ولما كان زيد الشهيد (ع) كذلك، اتخذوه إماما بعد أبيه فقد خرج ليأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويدفع الظلم عن نفسه وعن المؤمنين، وكان سيدا شريفا، وعالما تقيا، وشجاعا سخيا وقد أخبر رسول الله (ص) عن شهادته، فقد روى الإمام الحسين (ع) أن رسول الله (ص) وضع يده على ظهري وقال: يا حسين سيخرج من صلبك رجل يقال له زيد يقتل شهيدا، فإذا كان يوم القيامة يتخطى هو وأصحابه رقاب الناس ويدخلون الجنة.
وقال الإمام علي بن موسى الرضا (ع) للمأمون وهو يحدثه عن زيد بن علي الشهيد أنه كان من علماء آل محمد غضب في الله فجاهد أعداءه حتى قتل في سبيله، ولقد حدثني أبي موسى بن جعفر أنه سمع أباه جعفر بن محمد يقول: رحم الله عمي زيدا إنه دعا إلى الرضا من آل محمد ولو ظفر لوفّى لله، ومن ذلك أنه قال: أدعوكم إلى الرضا من آل محمد(2).
روى الخزاز(3) في حديث طويل عن محمد بن بكير قال: دخلت على زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب وعنده صالح بن بشر فسلمت عليه وهو يريد الخروج إلى العراق فقلت له: يا ابن رسول الله... هل عهد إليكم رسول الله (ص) متى يقوم قائمكم؟ قال: يا ابن بكير، إنك لن تلحقه، وأن هذا الأمر تليه ستة من الأوصياء بعد هذا (ويعني الإمام الباقر) ثم يجعل الله خروج قائمنا، فيملؤها قسطا وعدلا كما ملئت جورا و ظلما.
فقلت يا ابن رسول الله ألست صاحب هذا الأمر؟
فقال: أنا من العترة، فعدت فعاد إلي، فقلت: هذا الذي تقول عنك أو عن رسول الله (ص)؟
فقال: لو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير، لا ولكن عهد عهده إلينا رسول الله (ص).

الكيسانية
وهم أصحاب كيسان وكان عبدا اشتراه الإمام علي (ع) فأعتقه، ويقولون بإمامة محمد بن الحنفية بعد إمامة الحسن المجتبى والحسين سيد الشهداء (ع)، ولكن محمدا لم يدع الإمامة أبدا وهو عندنا سيد التابعين، ويعرف بالعلم والزهد والورع والإطاعة للإمام السجاد (ع) زين العابدين.
نعم، نقل بعض المؤرخين بعض الاختلافات بينهما، وقد اتخذ الكيساني تلك الاختلافات دليلا على ادعاء محمد بن الحنفية لمقام الإمامة.
ولكن الحقيقة أنه أراد أن يوجه أصحابه إلى عدم صلاحيته لذلك المقام الرفيع، فكان في الملأ العام يخالف رأي الإمام زين العابدين عليه السلام، وكان الإمام عليه السلام يجيبه جوابا مقنعا فيفحمه، فكان محمد يسلم للإمام ويطيعه ، وأخيرا تحاكما عند الحجر الأسود في أمر الإمامة وأقر الحجر بإمامة علي بن الحسين السجاد زين العابدين عليه السلام، فبايع محمد بن الحنفية ابن أخيه الإمام السجاد، وتبعه أصحابه وعلى رأسهم أبو خالد الكابلي، فبايعوا إلا قليل منهم بقوا على عقيدتهم الباطلة بحجة أن اعتراف محمد بإمامة زين العابدين عليه السلام حدث لمصلحة لا نعرفها!!
ومن بعد موته، قالوا بأنه لم يمت! وإنما غاب في شعب جبل رضوى ، وهو الغائب المنتظر الذي أخبر عنه رسول الله (ص) وسيظهر ويملأ الأرض قسطا وعدلا.
وقد انقسموا على أربع فرق: المختارية، الكربية، الإسحاقية، الحربية، وكلهم انقرضوا ولا نعرف اليوم أحدا يعتقد بمذهبهم.

القداحية
وهم قوم باطنيون يتظاهرون بالتمسك ببعض عقائد الشيعة ويبطنون الكفر والزندقة والإلحاد!!
ومؤسس هذا المذهب الباطل هو: ميمون بن سالم، او ديصان، وكان يعرف ويلقب بقداح، وكان ابتداء هذا المذهب في مصر، وهم فتحوا باب تأويل القرآن والأحاديث حسب رأيهم كيفما شاءوا، وجعلوا للشريعة المقدسة ظاهرا وباطنا وقالوا: إن الله تعالى علّم باطن الشريعة لنبيه، وهو علّمه عليا، وعلي عليه السلام علم أبناءه، وشيعته المخلصين.
وقالوا: بأن الذين عرفوا باطن الشريعة، تحرروا وخلصوا من الطاعة والعبودية الظاهرية!!
وقد بنوا مذهبهم على سبعة أسس، واعتقدوا بسبعة أنبياء وسبعة أئمة، فقالوا في الإمام السابع، وهو موسى بن جعفر عليه السلام: بأنه غاب ولم يمت ، وسيظهر ويملأ الأرض قسطا وعدلا!! وهم فرقتان:
1ـ الناصرية: أي: أصحاب ناصر خسرو العلوي، الذي تمكن بقلمه وشعره أن يدفع كثيرا من الغافلين في هوة الكفر والإلحاد، وكان له أتباع في طبرستان.
2ـ الصبّاحيّة: وهم أصحاب حسن الصباح، وهو من أهل مصر، ثم هاجر إلى إيران ونشر دعوته في نواحي قزوين، وكانت واقعة قلعة " الموت " بسببه، والتي قتل فيها كثير من الناس، والتاريخ يذكرها بالتفصيل ولا مجال لذكرها.

الغلاة
وهم أخس الفرق المنسوبة إلى التشيع، وهم سبع فرق كلهم ملحدون: السّبئية، المنصورية، الغرابية، البزيغية، اليعقوبية، الإسماعيلية، الدرزية.
ولا مجال لشرح أحوالهم وعقائدهم، وإنما أشرت إليهم وذكرتهم لأقول: نحن الشيعة الإمامية الإثنا عشرية نبرأ من هذه الطوائف والفرق والمذاهب الباطلة ونحكم عليهم بالكفر والنجاسة، ووجوب الاجتناب عنهم.
هذا حكم أئمة أهل البيت عليهم السلام الذين نقتدي بهم، وقد ذكرت لكم بعض الروايات عن أئمتنا عليهم السلام في حق أولئك الزنادقة الملحدين ـ في الليلة الماضية ـ.
ومع الأسف أن نرى كثيرا من أصحاب القلم لم يفرقوا بين الشيعة الإمامية الجعفرية وبين هذه الفرق المنتسبة للشيعة، مع العلم أن عددنا يربو على أتباع هذه المذاهب الباطلة بأضعاف مضاعفة، وهم نسبة ضئيلة جدا، وعددنا نحن اليوم أكثر من مائة مليون، وأصحابنا موجودون في كل بلاد العالم، ونعلن براءتنا من هذه العقائد الفاسدة والمذاهب الباطلة التي تنسب إلى الشيعة.

خلاصة عقائدنا
والآن أذكر لكم أصول عقائد الشيعة الإمامية الاثنى عشرية باختصار ، وأرجو أن لا تنسبوا إلينا غير ما أبينه لكم.
نعتقد: بوجود الله سبحانه وتعالى، الواجب الوجود، الواحد الأحد، الفرد الصمد، لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، ليس له شبيه ولا نظير ، ولا جسم ولا صورة، لا يحل في جسم، ولا يحدد بمكان ليس بعرض ولا جوهر، بل هو خالق العرض والجوهر وخالق كل شيء، منزه عن جميع الصفات التي تشبهه بالممكنات، ليس له شريك في الخلق وهو الغني المطلق، والكل محتاج إليه على الإطلاق.
أرسل رسله إلى الخلق واصطفاهم من الناس واختارهم فبعثهم إليهم بآياته وأحكامه ليعرفوه ويعبدوه، فجاء كل رسول من عند الله سبحانه ما يقتضيه الحال ويحتاجه الناس، وعدد الأنبياء كثير جدا إلا أن أصحاب الشرائع خمسة، وهم أولو العزم:
1ـ نوح، نجي الله 2ـ إبراهيم، خليل الله 3ـ موسى، كليم الله 4ـ عيسى، روح الله 5ـ محمد، حبيب الله، صلوات الله وسلامه عليهم جميعا.
وإن سيدهم وخاتمهم هو: نبينا محمد المصطفى (ص)، الذي جاء بالإسلام الحنيف وارتضاه الله تعالى لعباده دينا إلى يوم القيامة.
فحلال محمد (ص) حلال إلى يوم القيامة، وحرامه حرام إلى يوم القيامة.
والناس مجزون بأعمالهم يوم الحساب، فالدنيا مزرعة الآخرة، فيحيي الله الخلائق بقدرته، ويرد الأرواح إلى الأجساد، ويحاسبهم على أقوالهم وأفعالهم (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره) (4).
ونعتقد: بالقرآن الحكيم كتابا، أنزله الله تبارك وتعالى على رسوله الكريم محمد (ص)، وهو الذي بين أيدي المسلمين، لم يحرف ولم يغير منه حتى حرف واحد، فيجب علينا أن نلتزم به ونعمل بما فيه من الصلاة والصوم والزكاة والخمس والحج والجهاد في سبيل الله.
ونلتزم بكل ما أمر به الرب الجليل، وبكل الواجبات والنوافل التي بلغها النبي (ص) ووصلتنا عن طريقه.
ونمتنع عن ارتكاب المعاصي، صغيرة أو كبيرة، كشرب الخمر ولعب القمار والزنا واللواط والربا وقتل النفس المحترمة والظلم والسرقة، وغيرها مما نهى الله ورسوله عنها.
ونعتقد: أن الله عز وجل هو وحده يبعث الرسل وينزل عليهم الكتاب والشريعة، ولا يحق لقوم أن يتخذوا لأنفسهم دينا ونبيا غير مبعوث من عند الله تعالى ، وكذلك هو وحده الذي ينتخب ويختار خلفاء رسوله بالنص، والرسول يعرفهم للأمة.
وكما أن جميع الأنبياء عرفوا أوصياءهم وخلفاءهم لأممهم كذلك خاتم الأنبياء محمد (ص) لم يترك الأمة من غير هاد وبلا قائد مرشد من بعده، بل نصب عليا وليا مرشدا، وعلما هاديا، وإماما لأمته، وخليفة من بعده في نشر دينه وحفظ شريعته.
وقد نص النبي (ص) ـ كما في كتبكم أيضا ـ أن خلفاءه من بعده اثنا عشر، عرفهم بأسمائهم وألقابهم، أولهم سيد الأوصياء علي بن أبى طالب عليه السلام، وبعده ابنه الحسن المجتبى، ثم الحسين سيد الشهداء ثم علي بن الحسين زين العابدين، ثم ابنه محمد باقر العلوم، ثم ابنه جعفر الصادق، ثم ابنه موسى الكاظم، ثم ابنه علي الرضا، ثم ابنه محمد التقي، ثم ابنه علي النقي، ثم ابنه الحسن العسكري، ثم ابنه محمد المهدي، وهو الحجة القائم المنتظر، الذي غاب عن الأنظار، وسوف يظهر فيملأ الأرض قسطا وعدلا بعدما ملئت ظلما وجورا، وقد تواترت الأخبار في كتبكم وعن طرقكم أيضا، أن النبي (ص) أخبر بظهور المهدي صاحب الزمان، وهو المصلح العالمي الذي ينتظره جميع أهل العالم، ليمحو الظلم والجور ويقيم العدل والقسط على وجه البسيطة.
وبكلمة واحدة أقول: نحن نعتقد بجميع الأحكام الخمسة ـ من الحلال والحرام والمستحب والمكروه والمباح ـ التي أشار إليها القرآن الكريم، أو جاءت في الروايات والأخبار الصحيحة المعتبرة التي وصلتنا عن النبي الأكرم (ص) وأهل بيته الطيبين الطاهرين.
وأنا أشكر الله ربي إذ وفقني لأعتقد بكل ذلك عن تحقيق ودراسة وعلم واستدلال، لا عن تقليد الآباء والأمهات، ولذا فإني أفتخر بهذا الدين والمذهب الذي أتمسك به، وأعلن أني مستعد لأناقش على كل صغيرة وكبيرة من عقائدي، وبحول الله وقوته أثبت حقانيتها.
(الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله) (5).
ارتفع صوت المؤذن لصلاة العشاء، وبعد الفراغ من الصلاة شربوا الشاي وتناولوا شيئا من الحلوى، ثم افتتح الحافظ كلامه قائلا:
نشكركم على التوضيح عن فرق الشيعة، ولكن نرى في الأخبار والأدعية المروية في كتبكم وعبارات ظاهرها يدل على الكفر!
قلت: أرجو أن تذكروا عبارة واحدة من تلك العبارات حتى نعرف.
الحافظ: إني طالعت أخبارا كثيرة في كتبكم بهذا المعنى ولكن الذي أذكره الآن ويجول في خاطري، عبارة، في " تفسير الصافي " (6) للفيض الكاشاني الذي هو أحد كبار علمائكم فقد روى: أن الحسين شهيد الطف وقف يوما بين أصحابه فقال : أيها الناس! إن الله تعالى جل ذكره ما خلق العباد إلا ليعرفوه، فإذا عرفوه عبدوه، وإذا عبدوه استغنوا بعبادته عن عبادة من سواه.
قال رجل من أصحابه: بأبي أنت وأمي يا ابن رسول الله (ص) فما معرفة الله؟
قال (ص): معرفة أهل كل زمان إمامهم الذي تجب عليهم طاعته.
قلت: أولا: يجب أن ننظر إلى سند الرواية، هل كان صحيحا أو موثقا، قويا أو ضعيفا، معتبرا أو مردودا.
ثم على فرض صحة السند فهو خبر واحد، فلا يجوز الاستناد عليه والالتزام به، فمثل هذا الخبر يلغى عندنا لمناقضته للآيات القرآنية والروايات الصريحة المروية عن أهل البيت عليهم السلام في التوحيد(7).
ومن أراد أن يعرف نظر الشيعة في التوحيد فليراجع خطب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام في)نهج البلاغة) حول التوحيد وليراجع مناظرات أئمتنا عليهم السلام ومناقشاتهم مع الماديين والدهريين المنكرين لوجود الله عز وجل، لتعرفوا كيف ردوا شبهاتهم، وأثبتوا وجود الخالق وتوحيده على أحسن وجه.
راجعوا كتاب توحيد المفضل، وتوحيد الصدوق، وكتاب التوحيد من موسوعة " بحار الأنوار " للعلامة المجلسي قدس الله أسرارهم.
وطالعوا بدقة كتاب النكت العقائدية، والمقالات في المذاهب والمختارات، وهما من تصانيف محمد بن محمد بن نعمان، المعروف بالشيخ المفيد طاب ثراه، وهو من أكبر علمائنا في القرن الرابع الهجري.
طالعوا بإمعان كتاب) الاحتجاج) للشيخ الجليل أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي رحمه الله.
راجعوا هذه الكتب القيمة حتى تعرفوا كلام أئمة الشيعة وعلمائهم في التوحيد.
ولكنكم لا تريدون معرفة الحقيقة والواقع! وإنما تبحثون في كتبنا لتجدوا أخبارا متشابهة فتتحاملون بها علينا، وتهرجون بها ضدنا.
أتبصر في العين مني القذىوفي عينك الجذع لا تـــبصر
فكأنكم لم تطالعوا كتبكم وصحاحكم فتجدوا فيها الأخبار الخرافية والموهومات، بل الكفريات التي تضحك الثكلى ويأباها العقل السليم، فلو تقرأها بإمعان لما رفعت رأسك خجلا، ولم تنظر في وجوه الحاضرين حياء!!
الحافظ: إن المضحك المخجل هو كلامكم في تخطئة الكتب العظيمة التي لم يصنف ولم يؤلف مثلها في الإسلام، خصوصا صحيح البخاري وصحيح مسلم اللذان أجمع علماء الإسلام على صحتهما، وأن الأحاديث المروية فيها صادرة عن النبي (ص) قطعا، ولو أن أحدا أنكر الصحيحين أو خطّأ بعض الأحاديث المروية فيهما فإنه ينكر وينفي مذهب السنة والجماعة، لأن مدار عقائد أهل السنة وفقههم بعد القرآن يكون على هذين الكتابين.
كما كتب ابن حجر المكي، وهو من كبار علماء الإسلام وإمام الحرمين، في كتابه " الصواعق المحرقة ": فصل في بيان كيفيتها ـ أي: كيفية خلافة أبي بكر ـ روى الشيخان البخاري ومسلم في صحيحيهما اللذين هما أصح الكتب بعد القرآن ، بإجماع يعتد به: فلذلك من البديهي أن الأخبار المندرجة في الصحيحين كلها قطعية الصدور عن النبي (ص)، لأن الأمة أجمعت على قبولهما، وكل ما أجمعت الأمة على قبوله فهو مقطوع به، فكل ما في الصحيحين مقطوع بصحته!!
على هذا، كيف يتجرأ أحد أن يقول: توجد في الصحيحين خرافات وكفريات وموهومات؟!

رد الإجماع المزعوم
قلت: نحن نورد إشكالا علميا على الإجماع الذي تدعونه على صحة ما في الصحيحين وإسناد ما فيها إلى النبي (ص)! فقد ناقش كثير من علمائكم روايات الصحيحين ورفضوا كثيرا منها، أضف على أولئك جميع الشيعة، وهم أكثر من مائة مليون مسلم في العالم.
فإن إجماعكم هذا مثل الإجماع الذي زعمتم في الخلافة بعد النبي (ص)!!
فإن كثيرا من علمائكم الكبار، مثل: الدارقطني وابن حجر وشهاب الدين أحمد بن محمد القسطلاني في (إرشاد الساري) والعلامة أبي الفضل جعفر بن ثعلب الشافعي في كتاب (الامتناع في أحكام السماع) والشيخ عبد القادر بن محمد القرشي الحنفي في (الجواهر المضيئة في طبقات الحنفية) وشيخ الإسلام أبو زكريا النووي في شرح صحيح مسلم، وشمس الدين العلقمي في (الكوكب المنير في شرح الجامع الصغير) وابن القيم في كتاب (زاد المعاد في هدي خير العباد) وأكثر علماء الحنفية انتقدوا كثيرا من الأحاديث المدرجة في الصحيحين وقالوا: إنها من الروايات الضعاف وهي غير صحيحة.
وبعض المحققين من علمائكم مثل كمال الدين جعفر بن ثعلب بالغ في بيان فضائح بعض الروايات من الصحيحين، وأقام الأدلة العقلية والنقلية على خلافها.
فلسنا وحدنا المنتقدين لصحيحي مسلم والبخاري والقائلين بوجود الخرافات فيهما حتى تهرج ضدنا!
الحافظ: بينوا لنا من خرافات الصحيحين كما تزعمون حتى نترك التحكيم في ذلك للحاضرين.
قلت: أنا لا أحب أن أخوض في هذا البحث، ولكن تلبية لطلبكم، ولكي تعرفوا أني لا أتكلم إلا عن علم وإنصاف، وعن وجدان وبرهان، اذكر بعض تلك الروايات باختصار:

رؤية الله سبحانه عند أهل السنة
إذا أردتم الاطلاع على الأخبار التي تتضمن الكفر في الحلول والاتحاد وتجسم الله سبحانه ورؤيته في الدنيا أو في الآخرة على اختلاف عقائدكم، فراجعوا: صحيح البخاري ج 1، باب فضل السجود من كتاب الصلاة، وج 4 باب الصراط من كتاب الرقاق، وصحيح مسلم ج1، باب إثبات رؤية المؤمنين ربهم في الآخرة، ومسند أحمد ج2 ص 275، وأنقل لكم نموذجين من تلك الأخبار الكفرية:
1ـ عن أبي هريرة: إن النار تزفر و تتقيظ شديدا، فلا تسكن حتى يضع الرب قدمه فيها، فتقول: قطّ قطّ، حسبي حسبي.
وعنه: إن جماعة سألوا رسول الله (ص): هل نرى ربنا يوم القيامة ؟
قال (ص): نعم، هل تضارون في رؤية الشمس بالظهيرة صحوا ليس معها سحاب... إلى آخرها.
بالله عليكم أنصفوا! أما تكون هذه الكلمات كفرا بالله سبحانه وتعالى.
وقد فتح مسلم بابا في صحيحه كما مر ونقل أخبار عن أبي هريرة وزيد بن أسلم وسويد بن سعيد وغيرهم في رؤية الله تبارك وتعالى.
وقد رد هذه الأخبار كثير من كبار علمائكم وعدوها من الموضوعات والأكاذيب على النبي (ص)، منهم الذهبي في " ميزان الاعتدال " والسيوطي في " اللآلي المصنوعة في الأحاديث الموضوعة " وسبط ابن الجوزي في " الموضوعات " فهؤلاء كلهم أثبتوا ـ بأدلة ذكروها ـ كذب تلك الأخبار وعدم صحتها.
وإذا لم تكن هناك أدلة على بطلانها سوى الآيات القرآنية الصريحة في دلالتها على عدم جواز رؤية الباري عز وجل لكفى، مثل: (لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير)(8).
وفي قصة موسى بن عمران (ع) وقومه إذ طلبوا منه رؤية الله تعالى وهو يقول لهم: لا يجوز لكم هذا الطلب، ولكنهم أصروا فقال: (رب أرني أنظر إليك قال لن تراني)(9) و (لن) تأتي في النفي الأبدي.
قال السيد عبد الحي ـ وهو إمام جماعة المسجد ـ: ألم ترووا عن علي كرم الله وجهه أنه قال: لم أكن أعبد ربا لم أره؟!
قلت: حفظت شيئا وغابت عنك أشياء، إنك ذكرت شطرا من الخبر ولكني أذكر لك الخبر كله حتى تأخذ الجواب من نص الخبر:
روى ثقة الإسلام الشيخ محمد بن يعقوب الكليني قدس سره(10) في كتاب الكافي كتاب التوحيد باب إبطال الرؤية وروى أيضا الشيخ الكبير حجة الإسلام أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي المعروف بالشيخ الصدوق طاب ثراه(11) في كتاب التوحيد باب إبطال العقيدة رؤية الله تعالى، رويا عن الإمام جعفر بن محمد الصادق (ع) أنه قال: جاء حَبْرٌ إلى أمير المؤمنين (ع) فقال: يا أمير المؤمنين هل رأيت ربك حين عبدته؟
فقال (ع): ويلك! ما كنت أعبد ربا لم أره.
قال: وكيف رأيته.
قال (ع): ويلك! لا تدركه العيون بمشاهدة الأبصار، ولكن رأته القلوب بحقائق الإيمان.
فكلام أمير المؤمنين (ع) صريح في نفي رؤيته سبحانه بالبصر، بل يدرك بالبصيرة وبنور الإيمان.
وعندنا دلائل عقلية ونقلية أقامها علماؤنا في الموضوع، وتبعهم بعض علمائكم، مثل: القاضي البيضاوي، وجار الله الزمخشري في تفسيريهما، أثبتا أن رؤية الله سبحانه لا تمكن عقلا.
فمن يعتقد برؤية الله سواء في الدنيا أو في الآخرة، يلزم أن يعتقد بجسميته عز وجل، وبأنه محاط ومظروف، ويلزم أن يكون مادة حتى يرى بالعين المجردة، وهذا كفر كما صرح العلماء الكرام من الفرقين!!

الأخبار الخرافية في الصحيحين
ثم أني أعجب كثيرا من اعتقادكم بالصحاح الستة، وبالأخص صحيحي البخاري ومسلم على أنهما كالوحي المنزل، فلو نظرتم فيهما بعين التحقيق والنقد، لا بعين القبول والتسليم، لاعتقدتم بكلامي، ولقبلتم أن صحاحكم، وحتى صحيحي مسلم والبخاري لا تخلو من الخرافات والموهومات، وإليكم بعضها:
1ـ أخرج البخاري في كتاب الغسل، باب من اغتسل عريانا، وأخرج مسلم في ج2 باب فضائل موسى، وأخرج أحمد في مسنده ج2 ص 315 عن أبي هريرة قال: كانوا بنوا إسرائيل يغتسلون عراة ينظر بعضهم إلى سوأة بعض، وكان موسى يغتسل وحده، فقالوا: والله ما يمنع موسى أن يغتسل معنا إلا أنه آدر ـ أي ذو أدرة، وهي: الفتق ـ.
قال فذهب مرة ليغتسل فوضع ثوبه على حجر، ففر الحجر، بثوبه، فجعل موسى يجري بأثره ويقول: ثوبي حجر! ثوبي حجر! حتى نظر بنو إسرائيل إلى سوأة موسى!!! فقالوا: والله ما بموسى من بأس، فقام الحجر بعد حتى نظر إليه، فأخذ موسى ثوبه فطفق بالحجر ضربا!! فوالله إن بالحجر ندبا ستة أو سبعة!!
بالله عليكم أنصفوا.. هل يرضى أحدكم أن تنسب إليه هذه النسبة الموهنة الشنيعة؟! التي لو نسبت إلى سوقيّ عاميّ لغضب واستشاط! فكيف بنبي صاحب كتاب وشريعة، وصاحب حكم ونظام، يخرج في أمته وشعبه عريانا وهم يمنعون النظر إلى سوأته هل العقل يقبل هذا؟!
وهل من المعقول أن الحجر يسرق ملابس موسى ويفر بها وموسى يركض خلفه، والحجر يمر من فوق يده وموسى ينادي الحجر، والحجر أصم لا يسمع ولا يبصر؟!!
وهل من المعقول أن موسى بن عمران يقوم بعمل جنوني فيضرب الحجر ضربا مبرحا حتى يئن الحجر؟!!
ليت شعري أبيده كان يضرب الحجر ؟! فهو المتألم لا الحجر!!
أم كان يضربه بالسيف، فالسيف ينبو وينكسر!
أم كان الضرب بالسوط، فالسوط يتقطع!
فما تأثير الضرب بأي شكل كان، على الحجر؟!
فكل ما في الحديث من المحال الممتنع عقلا، وهو من الأحاديث المضحكة التي من التزم بها فقد استهزأ بالله ورسله!!
قال السيد عبد الحي: هل حركة الحجر أهم أم انقلاب عصا موسى إلى ثعبان وحية تسعى؟!! أتنكرون معاجز موسى بن عمران فقد نطق بها القرآن؟!
قلت نحن لا ننكر معاجز موسى ومعاجز سائر الأنبياء (ع)، بل نؤمن بصدور المعاجز من الأنبياء ولكن في محلها، وهو مقام تحديهم الخصوم في إحقاق الحق ودحض الباطل. وموضوع الحجر في غير محل الإعجاز، فأي إحقاق حق ودحض باطل في التشهير بكليم، وإبداء سوأته على رؤوس الأشهاد من قومه؟! بل هو تنقيص من مقامه! ولا سيما وهم يشاهدونه يركض وراء حجر لا يسمع فيناديه: ثوبي حجر!!، أو يشتد ويغضب على حجر لا يشعر ولا يدرك فينهال عليه ضربا!!
السيد عبد الحي: أي حق أعلى من إبراء نبي الله؟! فالناس عرفوا بذلك أن ليس فيه فتق!
قلت: على فرض أن موسى كان ذا أدرة، فما تأثير هذا المرض على مقامه ونبوته؟!
صحيح أن الأنبياء يجب أن يكونوا براء من النواقص مثل: العمى والصمم والحول، وأن النبي لا يولد فلجا أو مشلولا أو به زيادة أو نقيصة في أحد أعضائه، أما الأمراض العارضة على البشر فلا تعد نواقص، فإن يعقوب بكى حزنا لفراق يوسف حتى ابيضت عيناه، وإن أيوب أصيب بقروح في بدنه، والنبي الأكرم وهو سيد الأولين والآخرين، كسرت ثناياه في جهاده مع الأعداء في أحد، فهذه الأشياء لا تنقص شيئا من شأن الأنبياء ولا تنزل من مقامهم وقدرهم.
والفتق مرض عارض على جسم الإنسان، فما هي أهميته حتى يبرئ الله عز وجل كليمه بهذا الشكل الفظيع المهين. عن طريق خرق العادة والمعجزة، ثم تنتهي بهتك حرمة النبي وكشف سوأته أمام بني إسرائيل؟! وهل بعده يبقى شأن وقدر لموسى عند قومه؟! وهل بعد ذلك سيطيعوه ويحترموه؟!!
وهل يقتنع السيد عبد الحي ويقر بوجود أخبار خرافية في الصحيحين ،أنقل رواية أخرى عن أبي هريرة مضحكة أيضا، ولا أظن أحدا من الحاضرين ـ بعد استماع هذه الرواية ـ سيدافع عن أبي هريرة، أو يعتقد بصحة روايات البخاري ومسلم!
نقل البخاري في ج1، باب من أحب الدفن في الأرض المقدسة، وج2، باب وفاة موسى، ونقل مسلم في ج2 باب فضائل موسى عن أبي هريرة، قال: جاء ملك الموت إلى موسى (ع)، فقال له أجب ربك.
قال أبو هريرة: فلطم موسى عين ملك الموت ففقأها!!
فرجع الملك إلى الله تعالى، فقال: إنك أرسلتني إلى عبد لك لا يريد الموت ففقأ عيني!
قال: فرد الله إليه عينه وقال: ارجع إلى عبدي فقل: الحياة ترد؟! فان كنت تريد الحياة فضع يدك على متن ثور فما توارت بيدك من شعرة فإنك تعيش بها سنة.
وأخرجه الإمام أحمد في مسنده ج2 ص 315، عن أبي هريرة، ولفظه: إن ملك الموت كان يأتي الناس عيانا، فأتى موسى فلطمه ففقأ عينه.
وأخرجه ابن جرير الطبري في تاريخه ج1، في ذكر وفاة موسى ولفظه : إن ملك الموت كان يأتي الناس عيانا أتى موسى فلطمه ففقأ عينه ـ إلى أن قال: ـ إن ملك الموت إنما جاء إلى الناس خفيا بعد موت موسى!
وقد علقت فقلت لأنه يخاف من الجهال أن يفقئوا عينه الأخرى.
فضحك جمع من الحاضرين بصوت عال.
قلت بالله عليكم أنصفوا... ألم يكن هذا الخبر الذي أضحككم من الخرافات والخزعبلات؟! وإني أتعجب من رواة هذا الخبر وناقله!!
وأستغرب منكم إذ تصدقون هذا الخبر وأشباهه، ولا تسمحون لأحد أن يناقشها وينتقدها، حتى لعلمائكم!!
فإن في هذه الرواية ما لا يجوز على الله تعالى ولا على أنبيائه ولا على ملائكته!!
أيليق بالله العظيم أن يصطفي من عباده، جاهلا خشنا يبطش بملك من الملائكة المقربين وهو مبعوث من عند الله تعالى، فيلطمه لطمة يفقأ بها عينه؟!
أليس هذا العمل عمل المتمردين والطاغين الذين يذمهم الله العزيز إذ يقول: (وإذا بطشتم بطشتم جبارين)(12) ؟!
فكيف يجوز هذا على من اختاره الله الحكيم لرسالته، واصطفاه لوحيه، وآثره بمناجاته، وكلمه تكليما(13) وجعله من أولي العزم؟!
وكيف يكره الموت هذه الكراهة الحمقاء فيلطم ملك الموت وهو مأمور من قبل الله تعالى، تلك اللطمة النكراء فيفقأ بها عينه مع شرف مقامه ورغبته في القرب من الله تعالى والفوز بلقائه عز وجل؟!
وما ذنب ملك الموت؟! هل هو إلا رسول الله إلى موسى؟! فبم استحق الضرب بحيث تفقأ عينه؟! وهل جاء إلا عن الله وهل قال لموسى سوى: أجب ربك؟!
أيجوز على أولي العزم من الرسل إيذاء الكروبيين من الملائكة وضربهم حينما يبلغونهم رسالة ربهم وأوامره عز وجل؟!
تعالى الله، وجلت أنبياؤه وملائكته عن كل ذلك وعما يقول المخرفون.
إن هكذا ظلم فاحش لا يصدر من آدمي جاهل فكيف بكليم الله!
ثم إن الهدف والغرض من بعثة الأنبياء وإرسال الرسل: هداية البشر وإصلاحهم، ومنعهم من الفساد والتعدي والوحشية، فلذلك فإن الله سبحانه وكل أنبيائه ورسله منعوا الإنسان من الظلم حتى بالنسبة للحيوان، فكيف بالنسبة لملك مقرب؟!
فلذا نحن نعتقد ونجزم بأن هذا الخبر افتراء على الله وكليمه، وجاعل هذا الخبر كذاب مفتر يريد الحط من شأن النبي موسى ويريد هتك حرمة الأنبياء وتحقيرهم عند الناس.
أنا لا أتعجب من أبي هريرة وأمثاله، لأنه كما كتب بعض علمائكم أنه كان يجلس على مائدة معاوية ويتناول الأطعمة الدسمة اللذيذة، ويجعل الروايات ويضعها على ما يشاء معاوية وأشباهه.
وقد جلده عمر بن الخطاب لكذبه على النبي (ص) وجعل الأحاديث عنه (ص)، فضربه بالسوط حتى أدمى ظهره!!!
ولكن أستغرب وأتعجب من الذين له مرتبة علمية بحيث لو أمعنوا ودققوا النظر لميزوا بين الصحيح والسقيم، ولكنهم أغمضوا.. أعينهم ونقلوا هذه الأخبار الوراثية في كتبهم، وأخذ الآخرون عنهم ونشروها فيكم، حتى أن جناب الحافظ رشيد يعتقد كما يزعم: أن هذه الكتب أصح الكتب بعد كلام الله المجيد، وهو لم يطالعها بدقة علمية، وإلا لما كان يبقى على الاعتقاد الذي ورثه من أسلافه عن تقليد أعمى.
وما دامت هذه الأخبار الخرافية توجد في صحاحكم وكتبكم فلا يحق لكم أن تثيروا أي إشكال على كتب الشيعة لوجود الأخبار الغريبة فيها، وهي غالبا قابلة للتأويل والتوجيه!

نرجع إلى الخبر المروي عن إمامنا الحسين عليه السلام(14)
كل عالم منصف إذا كان يسلك طريق الإصلاح، إذا وجد هكذا خبر مبهم ـ وما أكثرها في كتبكم وكتبنا ـ إن كان يمكنه أن يؤوله بالأخبار الصريحة الأخرى فليفعل، وإذا لم يكن ذلك فليطرحه ويسكت عنه، لا أنه يتخذ وسيلة لتكفير طائفة كبيرة من المسلمين.
والآن لما لم يوجد تفسير الصافي عندنا في المجلس حتى تراجع سند الخبر وندقق فيه النظر، ولربما شرحه المؤلف بشكل مقبول.
إذ لو عرف المسلم إمام زمانه فقد توصل عن طريقه إلى معرفة ربه كالخبر المشهور: من عرف نفسه فقد عرف ربه عز وجل.
أو نقول في تقريب الخبر إلى أذهان الحاضرين: إننا لو تصورنا أستاذا تخرج على يده جمع من العلماء، في مراتب مختلفة ممن العلم، فإذا أراد أحد أن يعرف مدى عظمة ذلك الأستاذ، يجب عليه أن ينظر إلى أعظم تلامذته وأعلاهم مرتبة حتى يصل من خلاله إلى حقيقة الأستاذ وعظمته العلمية.
كذلك في ما نحن فيه: فإن آيات الله كثيرة، بل كل شيء هو آية الله تعالى، إلا أن النبي (ص) هو الآية العظمى والحجة الكبرى، ومن بعده عترته الأبرار الأئمة الأطهار (ع)، فإنهم محال معرفة الله.
وقد ورد عنهم: بنا عرف الله، وبنا عبد الله، أي: بسببنا وبواسطتنا عرف الله، وبعدما عرفوه عبدوه.
فهم الطريق إلى الله، والأدلاء على الله، ومن تمسك بغيرهم فقد ضل ومن يهتد، ولذا جاء في الحديث المتفق عليه بين الفرقين، والخبر المقبول الصحيح عند الجميع، أن رسول الله (ص) قال: " أيها الناس! إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا: كتاب الله، وعترتي أهل بيتي، وهم لن يفترقا حتى يردا علي الحوض " (15).
الحافظ: لا ينحصر الدليل على كفركم وشكركم في هذه الرواية حتى تؤولها وتخلص منها، بل في كل الأدعية الواردة في كتبكم نجد أثر الكفر والشرك، من قبيل: طلب حاجاتكم من أئمتكم من غير أن تتوجهوا إلى الله رب العالمين، وهذا أكبر دليل على الكفر والشرك!!


من مواضيع : زكي الياسري 0 كليب واحسيناه / لطمية للاربعين 1434 حصرياً على قناة انا شيعي
0 ذكرى من الحسين / الرادود السيد حيدر الكيشوان
0 ثورة الحب الصادقة .. لطمية فصيحة للاربعين
0 وصي المرتضى / لطمية فصيحة للامام الحسن المجتبى عليه السلام
0 بصوت الرادود الحاج حسن الحواج / قصيدة العليلة فاطمة ع 1434

الصورة الرمزية زكي الياسري
زكي الياسري
شاعر
رقم العضوية : 39574
الإنتساب : Aug 2009
المشاركات : 1,995
بمعدل : 0.34 يوميا

زكي الياسري غير متصل

 عرض البوم صور زكي الياسري

  مشاركة رقم : 2  
كاتب الموضوع : زكي الياسري المنتدى : المنتدى الثقافي
افتراضي
قديم بتاريخ : 14-01-2010 الساعة : 04:33 AM


قلت: ما كنت أظنك أن تتبع أسلافك إلى هذا الحد، فتغمض عينيك، وتتكلم من غير تحقيق بكل ما تكلموا، فإن هذا الكلام في غاية السخافة، وبعيد عن الإنصاف والحقيقة، فإما انك لا تدري ما تقول أو انك لا تعرف معنى الكفر والشرك!!
الحافظ: إن كلامي في غاية الوضوح، ولا أظنه يحتاج إلى توضيح، فأنه من البديهة أن من أقر بوجود الله عز وجل واعتقد انه هو الخالق والرازق، وأن لا مؤثر في الوجود إلا هو، لا يتوجه إلى غيره في طلب حاجة، وإذا توجه فقد أشرك بالله العظيم.
والشيعة كما نشاهدهم ونقرأ كتبهم لا يتوجهون إلى الله أبدا، بل دائما حوائجهم من أئمتهم بغير أن يذكروا الله، حتى نشاهد فقرائهم والسائلين الناس في الأسواق ذكرهم: يا علي ويا حسين، ولم أسمع من أحدهم حتى مرة يقول: يا الله!! وهكذا كله دليل على أن الشيعة مشركون، فانهم لا يذكرون الله تعالى عند حوائجهم ولا يطلبون منه قضاءها وإنما يذكرون غير الله ويطلبون حوائجهم من غيره سبحانه!!
قلت: لا أدري.. هل أنت جاهل بالحقيقة ولا تعرف مذهب الشيعة؟!
أم إنك تعرف وتحرف، وتسلك طريق اللجاج والعناد؟!
لكن أرجو أن لا تكون كذلك، فإن من شرائط العالم العامل: الإنصاف.
وفي الحديث الشريف: إن العالم بلا عمل كشجرة بلا ثمر.
ولما نسبت إلينا الشرك في حديثك كرارا والعياذ بالله! وأردت بهذه الدلائل العامية التافهة أن تثبت كلامك السخيف الواهي، وتكفر الشيعة الموحدين المخلصين في توحيد الله عز وجل غاية الخلوص، والمؤمنين بما جاء به خاتم الأنبياء (ص) فإذا كان هذا التكرار والإصرار في تكفيرنا بحضورنا فكيف هو في غيابنا؟!
واعلم أن أعداء الإسلام الذين يريدون تضعيف المسلمين وتفريقهم حتى يستولوا على ثرواتهم الطبيعية ويغصبوا أراضيهم، فهم فرحون بكلامهم هذا، ويتخذوه وسيلة لضرب المسلمين بعضهم ببعض، كما أنني أجد الآن في هذا المجلس بعض العوام الحاضرين من أتباعكم قد تأثروا بكلامكم، فبدأوا ينظرون إلينا شزرا، حاقدين علينا باعتقادهم أننا كفار فيجب قتلنا ونهب أموالنا!!!
وفي الجانب الآخر، أنظر إلى الشيعة الجالسين، وقد ظهرت على وجوههم علائم الغضب، وهم غير راضين من كلامك هذا، ونسبة الشرك والكفر إليهم، فيعتقدون أنك مفتر كذاب، وأنك رجل مغرض، وعن الحق معرض، لأنهم متيقنون ببراءة أنفسهم مما قلت فيهم ونسبت إليهم.
والآن لكي تتنور أفكار الحاضرين بنور الحقيقة واليقين، ولكي تتبدد عن أذهانهم ظلمات الجهل وشبهات المغرضين، أتكلم للحاضرين باختصار، موجزا عن الشرك ومعناه، وأقدم لكم حصيلة تحقيق علمائنا الأعلام، أمثال: العلامة الحلي، والمحقق الطوسي، والعلامة المجلسي (رضوان الله عليهم)، وهم استخرجوها واستنبطوها من الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث المروية عن النبي (ص) وعترته الهادية (سلام الله عليهم).
نواب: إن انعقاد هذا المجلس كان لتفهيم العوام وإثبات الحق أمامهم، كما قلت سالفا، فأرجوكم إن تراعوا جانبهم في حديثكم، وأن تتكلموا بشكل نفهمه نحن العوام.
قلت: حضرة النواب! إنني دائما أراعي هذا الموضوع، لا في هذا المجلس فحسب، بل في جميع مجالسي ومحاضراتي ومحاوراتي العلمية والكلامية، فإني دائما أتحدث بشكل يفهمه الخاص والعام، لأن الغرض من إقامة هذه المجالس وانعقادها ـ كما قلتم ـ هو تعليم الجهلاء وتفهيم الغافلين، وهذا لا يتحقق إلا بالبيان الواضح والحديث السهل البسيط الذي يفهمه عامة الناس، والأنبياء كلهم كانوا كذلك.
فقد روي عن خاتم الأنبياء وسيدهم (ص) أنه قال: إنا معاشر الأنبياء أمرنا أن نكلم الناس على قدر عقولهم(16).

أقسام الشرك
إن الحاصل من الآيات القرآنية، والأحاديث المروية، والتحقيقات العلمية، أن الشرك على قسمين، وغيرهما فروع لهذين، وهما:
الشرك الجلي، أي: الظاهر، والآخر الشرك الخفي، أي المستتر.

الشرك الجلي
أما الشرك الظاهري، فهو عبارة عن: اتخاذ الإنسان شريكا لله عز وجل، في الذات أو الصفات أو الأفعال أو العبادات.
أـ الشرك في الذات، وهو أن يشرك مع الله سبحانه وتعالى في ذاته أو توحيده، كالوثنية وهم المجوس، اعتقدوا بمبدأين: النور والظلمة.
وكذلك النصارى... فقد اعتقدوا بالأقانيم الثلاثة: الأب والابن وروح القدس، وقالوا: لكل واحد منهم قدرة وتأثيرا مستقلا عن القسمين الآخرين، ومع هذا فهم جميعا يشكلون المبدأ الأول والوجود الواجب، أي: الله، فتعالى الله عما يقولون علوا كبيرا.
والله عز وجل رد هذه العقيدة الباطلة في سوره المائدة، الآية 37، بقوله: (لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد) وبعبارة أخرى فالنصارى يعتقدون: أن الألوهية مشتركة بين الأقانيم الثلاثة، وهي: جمع اقنيم ـ بالسريانية ـ ومعناها بالعربية: الوجود وقد أثبت فلاسفة الإسلام بطلان هذه النظرية عقلا، وأن الاتحاد لا يمكن سواء في ذات الله تبارك وتعالى أو في غير ذاته عز وجل.
ب ـ الشرك في الصفات... وهو: أن يعتقد بأن صفات الباري عز وجل ، كعلمه وحكمته وقدرته وحياته هي أشياء زائدة على ذاته سبحانه، وهي أيضا قديمة كذاته جل وعلا، فحينئذ يلزم تعدد القديم وهو شرك، والقائلون بهذا هم الأشاعرة أصحاب أبي الحسن علي بن إسماعيل الأشعري البصري، وكثير من علمائكم التزموا بل اعتقدوا به وكتبوه في كتبهم، مثل: ابن حزم وابن رشد وغيرهما، وهذا هو شرك الصفات ... لأنهم جعلوا لذات الباري جل وعلا قرناء في القدم والأزلية وجعلوا الذات مركبا. والحال أن ذات الباري سبحانه بسيط لا ذات أجزاء، وصفاته عين ذاته.
ومثاله تقريبا للأذهان ـ ولا مناقشة في الأمثال ـ:
هل حلاوة السكر شيء غير السكر؟
وهل دهنية السمن شيء غير السمن؟
فالسكر ذاته حلو، أي: كله.
والسمن ذاته دهن، أي: كله.
وحيث لا يمكن التفريق بين السكر وحلاوته، وبين السمن ودهنه، كذلك صفات الله سبحانه، فإنها عين ذاته، بحيث لا يمكن التفريق بينها وبين ذاته عز وجل، فكلمة: " الله " التي تطلق على ذات الربوبية مستجمعة لجميع صفاته، فالله يعني: عالم، حي، قادر، حكيم... إلى آخر صفاته الجلالية والجمالية والكمالية.
ج ـ الشرك في الأفعال... وهو الاعتقاد بأن لبعض الأشخاص أثرا استقلاليا في الأفعال الربوبية والتدابير الإلهية كالخلق والرزق أو يعتقدون أن لبعض الأشياء أثرا استقلاليا في الكون، كالنجوم، أو يعتقدون بأن الله عز وجل بعدما خلق الخلائق بقدرته، وفوض تدبير الأمور وإدارة الكون إلى بعض الأشخاص، كاعتقاد المفوضة، وقد مرت روايات أئمة الشيعة في لعنهم وتكفيرهم، وكاليهود الذين قال الله تعالى في ذمهم: (وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء)(17).
دـ الشرك في العبادات... وهو أن الإنسان أثناء عبوديته يتوجه إلى غير الله سبحانه، أو لم تكن نيته خالصة لله تعالى، كأن يرائي أو يريد جلب انتباه الآخرين إلى نفسه أو ينذر لغير الله عز وجل..!!
فكل عمل تلزم فيه نية القربة إلى الله سبحانه، ولكن العامل حين العمل إذا نواه لغير الله أو أشرك فيه مع الله غيره، فهو شرك... والله عز وجل يمنع من ذلك في القرآن الكريم إذ يقول: (فمن كان يرجو لقار ربه فليعمل صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا)(18).
الحافظ: استنادا إلى هذا الكلام الذي صدر منكم الآن فأنتم مشركون، لأنكم قلتم: إن من نذر لغير الله فهو مشرك، والشيعة ينذرون لأئمتهم وأبناء أئمتهم.

" النذر عندنا "
قلت: العقل السليم والمنطق السليم يقضيان بأن أحدا لو أراد أن يعرف عقائد قوم، فيجب أن لا ينظر إلى أقوال وأفعال جهالهم، وإنما ينظر إلى مقال وأفعال علماء القوم.
وأنتم إذا أردتم التحقيق عن الشيعة ومعتقداتهم، فعليكم أن تنظروا إلى كتب علمائهم ومحققيهم، فتعرفوا الشيعة من خلال أقوال فقهائهم وأعمالهم.
فإذا شاهدتم بعض العوام منا قد نذر لأحد الأئمة (ع) أو لأحد أبناء الأئمة (ع) أو أحد الصالحين، عن جهل بالمسألة، فلا تحسبوه من معتقدات الشيعة، فإن كل مذهب وملة يوجد هناك عوام يجهلون مسائل دينهم، وهذا ليس عندنا فحسب.
وأنتم إذا لم تكونوا مغرضين، ولم تكونا بصدد خلق المعائب والأباطيل على الشيعة، فراجعوا كتب فقهائهم وانظروا إلى سيرة المؤمنين منهم العارفين للمسائل الدينية.
فان التوحيد الخاص والمصفى من كل شائبة لا يكون إلا عند الشيعة الإمامية.
وأرجو منكم أن تراجعوا كتابي: شرح اللمعة، وشرائع الإسلام، وأي كتاب آخر يضم المسائل الفقهية، وحتى الرسائل العلمية لفقهائنا المعاصرين، وهم مراجع الشيعة في مسائل دينهم.
راجعوا في هذه الكتب " باب النذر " فتجدون إجماع فقهائنا: أن النذر بهذا الشكل " لله علي أن: أفعل كذا وكذا، أو: أترك كذا وكذا " فيذكر بدل الجملة الأخيرة، نذره إيجابا كان أو سلبا فإذا تعذر عليه إجراء الصيغة باللغة العربية أو صعب عليه ذلك، فيترجم مفهومه إلى لغته ويجريه بلسانه.
وأما إذا نوى النذر لغير الله سبحانه أو أشرك معه آخر، سواء كان نبيا أو إماما أو غيره، فالنذر باطل.
وإذا نذر على الصورة الأخيرة عالما بالمسألة، فإن عمله حرام وشرك بالله عز وجل، فقد قال تعالى: ( ولا يشرك بعبادة ربه أحدا)(19).
فيجب على العلماء أن يعلموا الجاهلين ويبينوا لهم كل مسائل الدين، ومنها مسائل النذر، فالنذر يكون لله وحده لا شريك له، ولكن الناذر يكون مخيرا في تعيين مصرف النذر، فمثلا:
له أن يقول: لله علي نذر أن أذبح شاة عند مرقد النبي (ص) أو عند مرقد الإمام علي (ع) أو غيرهما أو يقول: لله علي نذر أن أذبح شاة وأطعم لحمها السادة الشرفاء، أو الفقراء، أو العلماء... إلى آخره.
أو يقول: لله علي نذر أن أعطي ثوبا لفلان بالتعيين، أو لعالم ، على غير تعيين.
فكل هذه الصيغ في النذر صحيحة، ولكن إذا لم يذكر الله كأن يقول : نذرت للنبي أو الإمام أو الفقيه أو الفقير أو اليتيم... إلى آخره، كل هذه الصيغ باطلة غير صحيحة.
وكذلك إذا ذكر الله سبحانه مع آخر... كأن يقول: نذرت لله وللنبي، أو نذرت لله ولفلان... فهو باطل وغير صحيح وكان آثما إن كان عالما بالمسألة فنذره باطل وهو غير آثم.
فالواجب علينا وعلى كل فقيه وعالم أن يبلغ مسائل الدين ويكتب أحكامه الإلهية ويعرضها على العوام ليتعلموا ويعملوا بها.
ويجب على العوام أيضا استماع المسائل الدينية وتعلمها والعمل بها، فإذا ما تعلموا ولم يعملوا بتكاليفهم كما ينبغي، فالإشكال يرد عليهم لا على دينهم ومذهبهم.
وكم من أهل السنة والجماعة يشربون الخمر ويلعبون القمار ويرتكبون الفاحشة، فهل هذا دليل على أن مذهبهم يجيز لهم تلك المعاصي والذنوب؟! وهل الأشكال يرد على مذهبهم أم عليهم؟!

" الشرك الخفي "
أما القسم الثاني من الشرك، فهو الخفي، ويتحقق في نية الرياء والسمعة في العبادات.
فقد ورد في الخبر: إن من صلى أو صام أو حج، وهو يريد بذلك أن يمدحه الناس فقد أشرك في عمله(20).
وفي الخبر المروي عن الإمام جعفر بن محمد الصادق (ع) أنه قال: لو أن عبدا عمل عملا يطلب به رحمة(21) الله والدار الآخرة ثم أدخل فيه رضا أحد من الناس كان مشركا(22).
وروي عن النبي (ص) أنه قال: اتقوا الشرك الأصغر. فقالوا: وما الشرك الأصغر يا رسول الله؟
قال: الرياء والسمعة(23).
وروى عن النبي (ص) أنه قال: إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الخفي ، فإن الشرك أخفى من دبيب النمل على الصفا في الليلة الظلماء(24)، ثم قال (ص): من صلى أو صام أو تصدق أو حج للرياء فقد أشرك بالله.
فالواجب في الصلاة وغيرها من العبادات أن تكون النية فيها خاصة لوجه الله وقربة إلى الله وحده، بأن يتوجه الإنسان في حين عمله العبادي إلى ربه عز وجل، ويتكلم معه وحده، ويركز ذهنه، ويوجه قلبه إلى الذات الموصوفة بالصفات التي ذكرناها، وذلك هو الله لا إله إلا هو.
وأكتفي بهذا المقدار، وأظن بأن الحق قد انكشف للحاضرين المحترمين، بالخصوص المشايخ العلماء في المجلس، فأرجو أن لا ينسبوا الشرك إلى الشيعة بعد هذا، ولا يموهوا الحقيقة على العوام.
تبسم الشيخ عبدالسلام ضاحكا وقال: وهل بقي عندكم شيء في هذا المضمار، فاكتفيتم بهذا المقدار؟! فالرجاء إن بقي عندكم شيء في الموضوع فبينوه للحاضرين.
قلت: هناك قسم آخر جعلوه من أقسام الشرك، ولكنه مغفور، وهو:

الشرك في الأسباب
وهو الذي يتحقق في أكثر الناس من غير التفات، فانهم يتخذون الوسائط والأسباب للوصول إلى أغراضهم وتحقيق آمالهم، أو إنهم يخشون بعض الناس ويخافون من بعض الأسباب في الإحالة دون حوائجهم وآمالهم، فهذا نوع من الشرك، ولكنه معفو عنه.
والمقصود من الشرك بالأسباب: أن الإنسان يعتقد بأن الأسباب المؤثرة في الأشياء والأمور الجارية، مثلا: يعتقد أن الشمس مؤثرة في نمو النباتات ، فإذا كان اعتقاده أن هذا الأثر من الشمس بالذات من غير إرادة الله تعالى فهو شرك.
وإذا كان يعتقد أن الأثر يصدر من الله القادر القاهر فهو المؤثر والشمس سبب في ذلك، فهو ليس بشرك، بل هو حقيقة التوحيد، وهو من نوع التفكر في آيات الله وقدرته سبحانه.
وهكذا بالنسبة إلى كل الأسباب والمسببات، فالتاجر في تجارته، والزارع في زراعته، والصانع في صناعته، والطبيب في طبابته، وغيرهم، إذا كان ينظر إلى أدوات مهنته، أسباب صنعته وآثارها، نظرا استقلاليا، وأن الآثار الصادرة من تلك الأسباب والأدوات تصدر بالاستقلال من غير إرادة الله تعالى، فهو شرك، وإن كان ينظر إلى الأسباب والأدوات نظرا آليا فيعتقد أنها آلات، والله تعالى هو الذي جعل فيها تلك الآثار، فلا مؤثر في الوجود إلا الله، فهو ليس شركا بل التوحيد بعينه.

الشيعة نزيهون من أنواع الشرك
بعد أن بيّنّا أقسام الشرك وأنواعه، فأسألكم: أي أقسام الشرك تنسبوه إلى الشيعة؟!
ومن أي شيعي عالم أو عامي سمعتم أنه يشرك بالله سبحانه في ذاته أو صفاته وأفعاله؟!
وهل وجدتم في كتب الشيعة الإمامية والأخبار المروية عن أئمتهم عليهم السلام ما يدل على الشرك بالتفصيل الذي مر؟!
الحافظ: كل هذا البيان صحيح، ونحن نشكركم على ذلك، ولكنكم إذا دققتم النظر في معتقداتكم بالنسبة لأئمتكم، ستصدقونني لو قلت إنكم تطلبون الحوائج منهم، وتتوسلون بهم في نيل مقاصدكم وتحقيق مطالبكم، وهذا شرك! لأنا لا نحتاج إلى واسطة بيننا وبين ربنا، بل في أي وقت أحببنا أن نتوجه إلى الله تعالى ونطلب حاجاتنا منه فهو قريب وسميع مجيب.
قلت: أتعجب منك كثيرا! لأنك عالم متفكر، ولكنك متأثر بكلام أسلافك من غير تحقيق، وكأنك كنت نائما حينما كنت أبين أنواع الشرك! فبعد ذلك التفصيل كله، تتفوه بهذا الكلام السخيف وتقول: بأن طلب الحاجة من الأئمة شرك!!
فإذا كان طلب الحاجة من المخلوقين شرك، فكل الناس مشركون!
فإذا كانت الاستعانة بالآخرين في قضاء الحوائج شرك، فلماذا كان الأنبياء يستعينون بالناس في بعض حوائجهم.
اقرءوا القرآن الكريم بتدبر وتفكر حتى تنكشف لكم الحقيقة، راجعوا قصة سليمان عليه السلام في سورة النمل الآيات 38 ـ 40: (قال يا أيها الملأ أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين * قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك ولأني عليه لقوي أمين * قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد طرفك فلما رآه مستقرا عنده قال هذا من فضل ربي..).
من الواضح أن الإتيان بعرش بلقيس من ذلك المكان البعيد، بأقل من لمحة بصر، لم يكن هينا وليس من عمل الإنسان العاجز الذي لا حول له ولا وقوة، فهو عمل جبار خارق للعادة، وسليمان مع علمه بأن هذا العمل لا يمكن إلا بقدرة الله تعالى وبقوة إلهية، مع ذلك ما دعا الله سبحانه في تلك الحاجة ولم يطلبها من ربه عز وجل، بل أرادها من المخلوقين، واستعان عليها بجلسائه العاجزين.
فهذا دليل على أن الاستعانة بالآخرين في الوصول إلى مرادهم، وطلب الحوائج من الناس، لا ينافي التوحيد، وليس بشرك كما تزعمون، فإن الله سبحانه وتعالى جعل الدنيا دار أسباب ومسببات، وعالم العلل والمعلولات.
وحيث أن الشرك أمر قلبي، فإذا طلب الإنسان حاجته من آخر، أو استعان في تحقق مراده والوصول إلى مقصوده بمن لا يعتقد بألوهيته ولا يجعله شريكا للباري، وإنما يعتقد أنه مخلوق لله عز وجل، وهو إنسان مثله، إلا أن الله عز وجل خلقه قويا وقادرا بحيث يتمكن من إعانته في تحقق مراده وقضاء حاجته، فلا يكون شركا.
وهذا أمر دائر بين المسلمين جميعا، يعمل به المؤمنون عامة، وهناك كثير من الناس يقصدون زيدا وبكرا ويقضون ساعات على أبوابهم ليطلبوا منهم حوائجهم ويستعينوا بهم في أمورهم، من غير أن يذكروا الله تعالى.
فالمريض يذهب عند الطبيب ويتوسل به ويستغيث به ويريد منه معالجة مرضه، فهل هذا شرك؟!
والغريق وسط الأمواج يستغيث بالناس ويستعين بهم في إنقاذه من الغرق والموت، من غير أن يذكر الله عز وجل، فهل هذا شرك؟!
وإذا ظلم جبار إنسانا، فذهب المظلوم إلى الحاكم وقال: أيها الحاكم، أعنّي في إحقاق حقي، فليس لي سواك ولا أرجو أحدا غيرك في دفع الظلم عني! فهل هذا شرك؟! وهل هذا المظلوم مشرك؟!
وإذا تسلق لص الجدار وأراد أن يتعدّى على إنسان فيسرق أمواله ويهتك عرضه، فصعد صاحب الدار السطح واستغاث بالناس وطلب منهم أن يدفعوا عنه السوء ، وهو في تلك الحالة لم يذكر الله تعالى فهل هو مشرك؟!
لا أظن أن هناك عاقلا ينسب هؤلاء إلى الشرك، ومن ينسبهم إلى الشرك فهو: إما جاهل بمعنى الشرك أو مغرض!!
فأيها السادة الحاضرون أنصفوا، وأيها العلماء احكموا ولا تغالطوا في الموضوع!!

عقيدة الشيعة في التوسل
الشيعة كلهم متفقون على أن أحدا لو اعتقد بألوهية النبي أو الأئمة، أو جعلهم شركاء لله سبحانه في صفاته وأفعاله، فهو مشرك ونجس يجب الاجتناب والابتعاد عنه.
وأما قولهم: يا علي أدركني، أو يا حسين أعنّي، وما إلى ذلك، فليس معناه: يا علي أنت الله فأدركني! أو يا حسين أنت الله فأعني! بل لأن الله عز وجل جعل الدنيا دار وسائل وأسباب، وأبى الله أن يجري الأمور إلا بأسبابها، فنعتقد أن النبي (ص) وآله هم وسيلة النجاة في الشدائد، فنتوسل بهم إلى الله سبحانه.
الحافظ: لماذا لا تطلبون حوائجكم من الله تعالى بغير واسطة؟!
فاطلبوا منه بالاستقلال لا بالوسائل.
قلت: إن توجهنا إلى عز وجل في طلب الحوائج ودفع الهموم والغموم هو بالاستقلال، ولكنا نتوسل بالنبي وآله الطيبين صلوات الله عليهم أجمعين ليشفعوا لنا عند الله سبحانه في قضاء حوائجنا، ونتوسل بهم إلى الله تعالى ليكشف عنا همومنا وغمومنا، ومستندنا في هذا الاعتقاد هو القرآن الحكيم إذ يقول (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة)(25).

آل محمد (ص) هم الوسيلة
نحن الشيعة نعتقد بأن الله عز وجل هو القاضي للحوائج، وأن آل محمد (ص) لا يحلون مشكلا ولا يقضون حاجة لأحد إلا بإذن الله وإرادته سبحانه، وهم (عباد مكرمون * لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون)(26).
فهم واسطة الفيض، والفياض هو الله رب العالمين.
الحافظ: بأي دليل تقولون أن المراد من الوسيلة في الآية الكريمة آل محمد (ص)؟
قلت: لقد روي ذلك كبار علمائكم منهم: الحافظ أبو نعيم، في: " نزول القرآن في علي " والحافظ أبو بكر الشيرازي في " ما نزل من القرآن في علي " والامام الثعلبي في تفسيره للآية الكريمة، وغير أولئك رووا عن النبي (ص): أن المراد من الوسيلة في الآية الشريفة: عترة الرسول وأهل بيته صلوات الله عليهم أجمعين.
ونقل ابن أبي الحديد المعتزلي ـ وهو من أشهر وأكبر علمائكم ـ في " شرح نهج البلاغة " تحت عنوان: ذكر ما ورد من السير والأخبار في أمر فدك، الفصل الأول، ذكر خطبة فاطمة (ع).
قالت: واحمدوا الله الذي لعظمته ونوره يبتغي من في السماوات والأرض إليه الوسيلة، ونحن وسيلته في خلقه... (27).

حديث الثقلين
ومن جملة الأحاديث المعتبرة، التي نستدل بها على التمسك والتوسل بآل محمد (ص) ومتابعتهم: حديث الثقلين، وهو حديث صحيح أجمع عليه الفريقان ، وقد بلغ حد التواتر.
قال النبي (ص): إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله، وعترتي أهل بيت، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا، وهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض (28).
الحافظ: أظن أنكم قد أخطأتم حين قلتم: إن هذا الحديث صحيح ومتواتر! لأنه غير معتبر ومجهول عند كبار علمائنا! فهذا شيخنا الكبير محمد بن إسماعيل البخاري، وهو إمام علماء الحديث عند أهل السنة والجماعة، لم يذكر حديث الثقلين في صحيحه الذي يعد عندنا بعد القرآن الكريم أصح الكتب!
قلت إن عدم ذكر البخاري لحديث الثقلين لا يدل على ضعفه، فإن البخاري واحد، ولكن الذين ذكروا هذا الحديث وعدوه صحيحا موثقا، هم عشرات العلماء والمحدثين منكم، فهذا ابن حجر المكي مع شدة تعصبه فإنه يقول في كتابه الصواعق المحرقة، آخر الفصل، الباب الحادي عشر، الآية الرابعة: ص 89 و 90.
بعدما نقل أخبارا وأقوالا حول حديث الثقلين يقول:
اعلم أن لحديث التمسك بالثقلين طرقا كثيرة وردت عن نيف وعشرين صحابيا..إلى آخره(29).
وقد نقل الحديث عن الترمذي وأحمد بن حنبل الطبراني ومسلم... إلى آخره.

حول البخاري وصحيحه
وأما قولكم أن حديث الثقلين غير صحيح، لآن البخاري لم ينقله في صحيحه.
فإن الاسترداد مردود عند العلماء والعقلاء.
فالبخاري إن لم ينقل هذا الحديث الشريف، فقد نقله عدد كبير من مشاهير علمائكم، منهم: مسلم بن الحجاج الذي يساوي البخاري عند أهل السنة والجماعة ، وقد نقله في صحيحه، وكذلك نقله سائر أصحاب الصحاح الستة غير البخاري.
فإذا لم تعتمدوا إلا على صحيح البخاري، فأعلنوا بأن صحيح البخاري وحده صحيح، وسائر الصحاح غير مقبولة لدينا لعدم صحتها، وأن أهل السنة والجماعة مستندة إلى ما جاء في صحيح البخاري فحسب!
وإذا كنتم تعتقدون غير هذا، وتعتمدون على الصحاح الستة فيجب أن تقبلوا الأخبار والروايات المنقولة فيها حتى إذا لم ينقلها البخاري لسبب ما.
الحافظ: لم يكن أي سبب في عدم نقله لبعض الأخبار سوى أنه كان كثير الاحتياط في النقل، وكان دقيقا في الروايات، فالتي لم ينقلها البخاري إما لضعف في السند، أو لأن العقل يأبى من قبولها وصحتها.
قلت قديما قالوا: حب الشيء يعمي ويصم!
وأنتم لشدة حبكم للبخاري تغالون فيه وتقولون أنه كان دقيقا ومحتاطا، وإن الأخبار التي رواها في صحيحه كلها معتبرة وقوية، وهي كالوحي المنزل ! والحال أن في رواة صحيح البخاري أشخاصا وضاعين وكذابين وهم مردودون وغير معتبرين عند كثير من العلماء والمحققين في علم الرجال.
الحافظ: إن كلامكم هذا مردود عند جميع العلماء، وإنه إهانة لمقام العلم ومرتبة رجال الحديث وخاصة الإمام البخاري، وإنه تحامل بغيض على كل أهل السنة والجماعة!
قلت: إن كنتم تحسبون الانتقاد العلمي تحاملا بغيضا وإهانة، فكثير من كبار علمائكم، أهانوكم وأهانوا أهل مذهبهم، قبلنا!
لأن كثير من مشاهير علمائكم المحققين نقحوا الصحاح، وخاصة صحيحي مسلم والبخاري ومسلم، وميزوا بين السقيم والسليم، والغث والسمين، وأعلنوا أن رجال الصحاح وحتى صحيحي البخاري ومسلم، كثير منهم وضاعين وجعالين للحديث.
وأنا أنصحكم أن لا تعجلوا ولا تتسرعوا في إصدار الحكم علينا في ما نقوله عنكم، بل راجعوا كتب الجرح والتعديل التي كتبها علماؤكم المحققون وطالعوها بدقة وتدبر بعيدا عن التعصب والمغالاة في شأن أصحاب الصحاح، سواء البخاري وغيره، حتى تعرفوا الحقائق.
راجعوا كتاب " اللآلي المصنوعة في الأحاديث الموضوعة " للعلامة السيوطي، و " ميزان الاعتدال " و " تلخيص المستدرك " للعلامة الذهبي، و " تذكرة الموضوعات " لابن الجوزي، و " تاريخ بغداد " لأبي بكر الخطيب البغدادي، وسائر الكتب التي كتبها علماؤكم في علم الرجال وتعريف الرواة.
راجعوا فيها أحوال: أبي هريرة الكذاب، وعكرمة الخارجي، ومحمد بن عبدة السمرقندي، ومحمد بن بيان، وإبراهيم بن مهدي الأبلي، وبنوس بن أحمد الواسطي، ومحمد بن خالد الحبلي، وأحمد بن محمد اليماني، وعبد الله بن واقد الحراني، وأبي داود سليمان بن عمرو، وعمران بن حطان، غيرهم ممن روي عنهم البخاري وأصحاب الصحاح، حتى تعرفوا آراء علمائكم ومحققيكم في أولئك، وهم نسبوهم إلى الوضع والكذب وجعل الأحاديث، فتنكشف لكم الحقائق، ولا تغالوا بعد ذلك في صحة ما نقله البخاري ومسلم وغيرهما من أصحاب الصحاح!
وأنت أيها الحافظ! إن كنت تقرأ وتطالع هذه الكتب التي ذكرتها ـ وهي لعلمائكم ـ لما قلت: إن البخاري ما نقل حديث الثقلين في صحيحه إلا لاحتياطه في النقل.
هل العقل السليم يقبل أن عالما محتاطا، إمام محققا، ينقل روايات وأحاديث موضوعة من رواة كذابين يأبى كل ذي عقل قبولها، بل يستهزئ بها كل عاقل ذي شعور وإيمان، كالروايات التي مرت أن موسى ضرب عزرائيل على وجهه حتى فقأ عينه فشكاه إلى ربه... إلى آخره، أو أن الحجر أخذ ملابس موسى وهرب فلحقه موسى عريانا وبنو إسرائيل ينظرون إلى نبيهم وهو مكشوف العورة... إلى آخره!!
ألم تكن هذه الخزعبلات والخرافات من الأخبار الموضوعة؟!
وهل في نظركم أن نقل هذه الموهمات في صحيحه كان من باب الاحتياط في النقل والتدقيق في الرواية؟!!

هتك حرمة النبي الأكرم (ص) في الصحيحين
نجد في صحيحي البخاري ومسلم أخبار تخالف الاحتياط والحمية الإسلامية ويأباها كل مؤمن غيور!
منها: ما نقله البخاري في صحيحه ج2 ص 120، باب اللهو بالحراب ، ونقله مسلم في صحيحه: ج1 باب الرخصة في اللعب الذي لا معصية فيه في أيام العيد، عن أبي هريرة عن عائشة، قالت: وكان يوم عيد يلعب السودان بالدرق والحراب في المسجد، فإما سألت رسول الله، وإما قال تشتهين تنظرين؟ فقلت: نعم، فأقامني وراءه، خدي على خده، وهو يقول: دونكم يا بني أرفده، حتى إذا مللت، قال: حسبك ؟! قلت: نعم، قال: فاذهبي.
بالله عليكم أيها الحاضرون! أنصفوا، هل يرضى أحدكم أن ينسب إليه هذه النسبة الفظيعة والعمل المخزي؟!
إذا قال قائل لجناب الحافظ: بأنا سمعنا أنك حملت زوجتك على ظهرك، وكان خدها على خدك وجئت في الملأ العام لتنظر إلى جماعة كانوا يلعبون، ثم كنت تقول لزوجتك: حسبك؟ وهي تقول لك: نعم، ثم إن زوجتك كانت تحدث الرجال الأجانب بهذا الموضوع.
بالله عليكم أيها الحاضرون! هل الحافظ يرضى بذلك؟! وهل غيرته تسمح لأحد أن يتكلم بهذه الأراجيف؟!
وإذا سمعت هذا الخبر من إنسان ظاهر الصلاح،ن هل ينبغي لك أن تنقله للآخرين؟!
وإذا نقلته، ألا يعترض عليك الحافظ ويقول: بأن جاهلا إذا حدثك بخبر كهذا، ولكن ـ أنت العاقل ـ لماذا تنقله بين الناس؟!
أليس العقلاء يؤيدونه على اعتراضه عليك؟! فقايسوا هذا الموضوع مع الرواية التي مر ذكرها من صحيحي مسلم والبخاري، فإن كان الأخير كما تزعمون دقيقا ومحتاطا في النقل، وكان عارفا وعالما بأصول الحديث ـ على فرض أنه سمع هكذا خبر ـ فهل ينبغي ويحق له أن ينقله في صحيحه، ويجعله خبرا صادق ومعتبرا؟!
والأعجب... أن العامة، ومنهم جناب الحافظ، يعتقدون أن صحيح البخاري هو أصح الكتب بعد القرآن الحكيم!!

" احتياطات البخاري "
إن احتياطات البخاري لم تكن في محلها، بل كانت خلافا لأصول الاحتياط، كما ذكرنا سابقا بعض الروايات التي نقلها في صحيحه.
إن العقل والإيمان يحتمان ويؤكدان على عدم نقلها، فكان من الاحتياط بل الواجب أن لا يذكرها.
ولكنه كان يحتاط فلا ينقل الأخبار التي تتضمن ولاية علي بن أبي طالب (ع) أو تبين فضائله ومناقبه ومناقب أبناءه الميامين، عترة النبي الصادق الأمين (ص)!!
نعم، كان يحتاط! بل يمتنع في نقل تلك الروايات حتى لا يستدل بها العلماء المنصفون على إمامة علي (ع) وأحقيته بالخلافة، فلو قايسنا صحيح البخاري مع غيره من الصحاح الستة لعرفنا هذا الموضوع بوضوح، فإنه لم ينقل خبرا ربما يستفاد منه في خلافة علي بن أبي طالب وإمامته، ولو كان الخبر مؤيدا بالقرآن ومتواترا ومنقولا في سائر الصحاح و مجاميع أهل الحديث، وحتى لو كان مجمعا على صحته كخبر الغدير، ونزول الآية الشريفة(يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك...)(30).
وكخبر التصدق بالخاتم، ونزول الآية الكريمة: (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهو راكعون)(31).
وخبر الإنذار، ونزول الآية الكريمة: (وأنذر عشيرتك الأقربين) (32).
وخبر المؤاخاة، وحديث السفينة، وحديث باب حطة، وغيرها من الأحاديث التي تثبت بها ولاية أبي الحسن علي بن أبي طالب (ع)، وإطاعة أهل البيت (ع)، فإن البخاري احتاط في نقل هذه الأخبار المجمع عليها ولم يذكرها في صحيحه!!!

بعض مصادر حديث الثقلين
والآن لابد لي أن أذكر لكم بعض كتبكم المعتبرة عنكم، التي ذكرت وروت حديث الثقلين عن النبي (ص)، حتى تعرفوا أن البخاري لم ينقل هذا الحديث الشريف من باب الاحتياط، لأن كبار علمائكم ومشاهيرهم نقلوا هذا الحديث، منهم: مسلم بن الحجاج، الذي لا يقل صحيحه عن صحيح البخاري في الاعتبار والوثوق عند أهل السنة والجماعة:
1ـ صحيح مسلم: 7/122.
2ـ الترمذي: 2/307.
3ـ النسائي / خصائص: 30.
4ـ أحمد بن حنبل في مسنده: 3/14 و 17 وج4/26 و 59 وج5/182 و 189، وغيرهم(33)رووا بطرقهم وبإسنادهم عن النبي (ص) أنه قال: إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، من تمسك بهما فقد نجا، وممن تخلف عنهما فقد هلك. وفي بعضها: ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا أبدا.
فبهذا المستند الحكيم والدليل القويم لابد لنا أن نتمسك بالقرآن الكريم وبأهل البيت (ع).
الشيخ عبد السلام: إن صالح بن موسى بن عبدالله بن اسحاق بن طلحة بن عبدالله القرشي التيمي الطلحي روى بسنده عن أبي هريرة أن النبي قال: إني قد خلفت فيكم ثنتين: كتاب الله وسنتي... إلى آخره.
قلت: أيؤخذ بخبر فرد طالح ضعيف مردود عند أصحاب الجرح والتعديل والذين كتبوا في أحوال الرجال والرواة، مثل الذهبي ويحيى والإمام النسائي والبخاري وابن عدي، وغيرهم، الذين ردوه ولم يعتمدوا رواياته، أيؤخذ بقول هذا ويترك قول هذا الجمع الغفير والجمهور الكثير من علمائكم المشاهير؟! وهم رووا بإسنادهم كما مر أن النبي (ص) قال: كتاب الله وعترتي، ولم يقل " وسنتي ".
هذا من باب النقل.
وأما العقل: فلأن السنة النبوية والمروية عنه (ص) أيضا بحاجة إلى من يبينها ويفسرها كالكتاب الحكيم، فلذا قال (ص): وعترتي... لأن العترة هم الذين يبينون للأمة ما تشابه من الكتاب، ويوضحون الحديث والسنة الشريفة، لأنهم أهل بيت الوحي، أهل بيت النبوة، وأهل البيت أدرى بما في البيت.

حديث السفينة
وإن من دلائلنا المحكمة في التوسل بأهل البيت (ع) الحديث النبوي الشريف: " مثل أهل بيتي كسفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلف عنها هلك " وهو حديث معتبر صحيح متفق ومجمع عليه، وكما يخطر الآن ببالي، أن أكثر من مائة من كبار علمائكم ومحدثيكم، أثبتوا هذا الحديث في كتبهم منهم:
مسلم بن الحجاج في صحيحه(34).
أحمد بن حنبل في مسنده: 3/14 و17 و26.


من مواضيع : زكي الياسري 0 كليب واحسيناه / لطمية للاربعين 1434 حصرياً على قناة انا شيعي
0 ذكرى من الحسين / الرادود السيد حيدر الكيشوان
0 ثورة الحب الصادقة .. لطمية فصيحة للاربعين
0 وصي المرتضى / لطمية فصيحة للامام الحسن المجتبى عليه السلام
0 بصوت الرادود الحاج حسن الحواج / قصيدة العليلة فاطمة ع 1434
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
ليالي بيشاور, الرافضه, الرد على الروافض, ابو بكر, اسلام, اهل السنه و الجماعه, muslim shia sunna, عمر, عبدة القبور


أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الشبكة: أحد مواقع المجموعة الشيعية للإعلام

الساعة الآن: 02:19 AM.

بحسب توقيت النجف الأشرف

Powered by vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2025
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات أنا شيعـي العالمية


تصميم شبكة التصاميم الشيعية