لمحات عن حياة الزهراء عليها السلام :
أن بضعة الرسول الزهراء عليها أفضل الصلاة والسلام ، تعد أنموذجاً للمرأة والعالمة والمربية لم ولن نجد ما يقابلها من النساء ولن تتكرر ظاهرة الزهراء، ولكن يبقى الإشعاع الذي انطلق قبسه من بيت النبوة ضياءا وهاجا للبشرية جمعاء وخير دليل على ذلك الأسماء الكثيرة التي كنيت بها رغم الحياة القليلة التي عاشتها علاوة على ذلك الأثر الخالد في خطبها التي ألقتها والتي تحمل في طياتها معاني ودلالات كثيرة تصلح لكل عصر وهذا السر الخالد متأتي من الدور الإنساني الذي أدته والمتمثل بان أئمة الهدى وعصمتهم تلتقي بالنبوة عن طريقها وهذا في حد ذاته يراه من يمتلك بصيرة بان هذا الارتباط عروة قوية فبالزهراء عليها السلام ترتبط الإمامة بالنبوة ، لذا كانت هذه الرابطة لها أسماء متنوعة وكنى متعددة.
أن من أشهر ما تكنى به الصديقة والمباركة والطاهرة والزكية والرضية والمرضية والمحدثة والزهراء ( المسعودي 2009)
كما تكنى فاطمة عليها السلام أم إلهنا وأم العلوم وأم الفضائل وأم الأسماء وأم أبيها وأم الأئمة وآم النجباء وأم الإخبار وأم الإزهار وأم البررة وأم الريحانتين وأم السبطين وأم الحسن وأم الحسين وأم المحسن (المازندراني 1956م :ص129)
أن مدلولات هذه الأسماء وغيرها التي لم تذكر في البحث الحالي دلالة راسخة لكل ذي بصيرة، أن تنوع الأسماء لأي شخصية مؤشرا على أن الشخصية أخذت حيزا في عالم الإنسانية ، وكيف بنا ونحن إمام شخصية ملئت الدنيا بفكرها الخالد الذي كان ولا يزال كنزا مخفيا لم يكتشف منه إلا القليل القليل لذا نجد لم يمر مدة من الزمن إلا ونطالع إصدار أو مقالة عن الزهراء عليها السلام وهذا بحد ذاته دليل على إننا إمام نبعا صافيا لا ينضب ، أنها من بركاتها فسلام عليها يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعث حية
لقد كانت فاطمة الزهراء عليها السلام نشأتها وترعرعها في بيت النبوة ، يحيطها أركان ترتيل القرآن وتهجد الصلوات، ويزينها الخلق العظيم المتمثل برسول الله صلى الله عليه وسلم ((وانك على خلق عظيم ))سورة القلم الآية 4 علاوة على ذلك كانت من خمسة أهل الكساء الذي خصهم الله بأية التطهير.
هذه العوامل وغيرها جعلت من شخصية الزهراء أكثر قوة وأمضى صلابة زادها على ذلك معايشتها لما يجري للرسول صلى الله عليه واله وسلم من أذى من قريش ،فكانت إلى جانبه صابرة محتسبة تزيل عن ما لحق بأبيها من أذى المشركين
لقد كانت روح الإيثار للزهراء عليها السلام تتجلى في دعائها للمؤمنين والمؤمنات والإكثار منه ولا تدعو لنفسها وحين سألها الإمام الحسن عليها السلام بعد أن أمضت ليلتها ساجدة راكعة مسترسلة بالدعاء حتى اتضح عمود الصبح، عن سبب عدم دعائها لنفسها شيئا فإجابته الزهراء عليها السلام الجار قبل الدار (ألمجلسي ج43ص 81)
أن زواج السيدة الزهراء عليها السلام انتقاله نوعية في حياة الزهراء فبعد أن عاشت صباها في بيت النبوة انتقلت إلى بيت الإمامة الذي وصف رسول الله صلى عليه واله سلم صاحب هذا البيت المتمثل بالإمام علي عليه السلام بقوله (( أنا مدينة العلم وعلي بابها))(( الطبراني ب ت ص66 )) وهذا دلالة رائعة أن الزهراء عاشت في ربوع العلم وبين بطل من إبطال الإسلام تمثل بالحق والحق تمثل به
أن ثمرة هذا الزواج هي العترة الطاهرة التي تنورت بإمامين همامين الحسن والحسين عليهما السلام والمحسن عليه السلام وزينب بطلة كربلاء وأم كلثوم (المسعودي 1964ص288)
لقد حظيت الزهراء عليها السلام بمنزلة ومقام رفيع عند رسول الله صلى عليه واله وسلم إذ يذكر ((أن غضب الزهراء عليها السلام يوجب غضب الله سبحانه وتعالى ورضاها يوجب رضا الله )) وهذا دليل من لا دليل له لا يقبل الشك عن عصمتها ويقول السبحاني بما أن الله عادل وحكيم فانه لا يغضب الأعلى الكافر والعاصي ولا يرضى إلا على المؤمن والمطيع (السبحاني ص17) ولو تناولنا عرض الأحاديث الخاصة برضا الله وغضبه لغضب فاطمة عليها السلام فإننا نحتاج إلى أكثر من بحث
أما دورها في رواية الحديث فقد ذكرت عن أبيها أسماء الأئمة واحد واحد صلوات الله عليهم أجمعين وروت الزهراء عليها السلام عن قائم آل محمد عجل الله فرجه ، وهذا دلالة على الخط الرسالي للزهراء عليها السلام ويؤكد على فلسفة العصمة والإمامة وتؤسس لفلسفة الانتظار مصداقا لقوله تعالى (( واصبروا وصابروا)) الاية200 آل عمران
فمثلما عاشت الزهراء عليها حياة السلام فإنها عاشت حياة الحرب فقد شاركت بمعركة احد وحضرت شهادة الحمزة وكان لها دورا رياديا في المعركة في سقاية الماء وتضميد الجرحى
لقد شهدت حياة الزهراء في حديثها وخطبها بلاغة الأسلوب وقوة العبارة وكانت خطبتها بحقها في فدك وخيبر مثالا للوصف الذي يعجز الفرد أن يصل كماله وان يشخص كيفيته ، فتضمنت ما ذكره المجلسي في بحار الأنوار ج 43ص114بان خطبتها الغراء تحير من العجب منها وإعجاب الفصحاء والبلغاء بها
ويتضح لمن يقرا ويتدبر خطب الزهراء عليها السلام سيجد إنها احتوت قوة البيان ومسائل التوحيد وصفات الخالق وأسمائه الحسنى وأهمية القران الكريم وفلسفة الإحكام وإسرارها
لقد كانت منزلتها العلمية المرموقة وبشهادة ا مسلمة رضوان الله عليها إذ تقول كانت فاطمة عليها السلام اعرف مني بالأشياء كلها وكيف لا تكون كذلك وهي سلالة الأنبياء صلوات الله عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها ((الطبري1984 ص 12 ))
لقد عاشت الزهراء عليها السلام حياتها من اجل الإسلام فكان دفاعها عن حق آل البيت في الخلافة وحقها في الإرث ليس من منطلق شخصي وهي تعرف أنها أول من يلحق برسول الله صلى الله عليه واله وسلم ولكن صراعها جرى برمته من اجل الإسلام والطريق القويم والالتزام بما جاء بكتاب الله المجيد فمثلما بدأت حياتها بالإسلام ختمته بالإسلام، تاركتا لنا أثرا يبقى بقاء الأرض ومن يرثها متمثل بأئمة الهدى وسنة أبيها صلى الله عليه وسلم وعطائها المتمثل بخطبها الشريفة المعروفة بالخطبةالفدكية .
اللهم صل على فاطمة وابيها
وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها حب السيدة رقية
ما اروعكِ حين تكتبين بحث على الصديقه فاطمة عليها السلام
ودي واحترامي لشخصك الرائع
تقبلي حضوري البسيط