أول من زار الإمام الحسين في أربعينيته
الشيخ حسين الراضي
أول من زار الإمام الحسين في الأربعين:
اختلف العلماء والمؤرخون في أول من زار الإمام الحسين ع ، وفي زيارة الإمام السجاد لقبر أبيه بعد خروجه وأهل بيته من الشام، فمن هو الزائر الأول؟
وهل زار الإمام السجاد قبر الإمام الحسين في أربعينيته؟
أقوال نستعرضها في عدة نقاط:
القول الأول:في أول من زار الإمام الحسين ع :
هو عبيد الله بن الحر الجعفي قاله القاضي التستري في «مجالس المؤمنين». وينبغي الحديث عن ابن الحر في عدة نقاط:
الأولى: حول سيرته
يلخص لنا الطبري وابن الأثير سيرته في بداية أمره بما يلي:
قال الطبري: إن عبيد الله ابن الحر كان رجلا من خيار قومه صلاحا وفضلا وصلاة واجتهادا فلما قتل عثمان وهاج الهيج بين علي ومعاوية قال أما إن الله ليعلم أنى أحب عثمان ولأنصرنه ميتا فخرج إلى الشام فكان مع معاوية وخرج مالك بن مسمع إلى معاوية على مثل ذلك الرأي في العثمانية فأقام عبيد الله عند معاوية وشهد معه صفين ولم يزل معه حتى قتل علي ع * فلما قتل على قدم الكوفة [1]
وقال ابن الأثير في حوادث 68 هـ
وفي هذه السنة قتل عبيد الله بن الحر الجعفي وكان من خيار قومه صلاحا وفضلا واجتهادا فلما قتل عثمان ووقعت الحرب بين علي ومعاوية قصد معاوية فكان معه لمحبته عثمان وشهد معه صفين هو ومالك بن مسمع وأقام عبيد الله عند معاوية وكان له زوجة بالكوفة فلما طالت غيبته زوجها أخوها رجلا يقال له عكرمة من الخبيص وبلغ ذلك عبيد الله فأقبل من الشام فخاصم عكرمة إلى علي.
فقال له: ظاهرت علينا عدونا فغلت.
فقال له: أيمنعني ذلك من عدلك.
قال: لا.
فقص عليه قصته فرد عليه امرأته وكانت حبلى فوضعها عند من يثق إليه حتى وضعت فألحق الولد بعكرمة ودفع المرأة إلى عبيد الله وعاد إلى الشام فأقام به حتى قتل علي. فلما قتل أقبل إلى الكوفة فأتى إخوانه فقال: ما أرى أحدا ينفعه اعتزاله كنا بالشام فكان من أمر معاوية كيت وكيت فقالوا وكان من أمر علي كيت وكيت وكانوا يلتقون بذلك [2] .
الثانية دعوة الإمام الحسين له بالنصرة وعدم استجابته له:
وتفصيل ذلك أن الإمام الحسين ع في أثناء الطريق دعاه إلى نصرته ولكنه اعتذر للإمام وبعد شهادة الإمام الحسين ع ندم على ما فاته من نصرته وأنشأ قصيدة في ندمه قال الشيخ الصدوق:
ثم سار الحسين ع حتى نزل القطقطانية فنظر إلى فسطاط مضروب فقال لمن هذا الفسطاط فقيل لعبيد الله بن الحر الحنفي [الجعفي ظ ] فأرسل إليه الحسين ع فقال:
«أيها الرجل إنك مذنب خاطئ إن الله عز وجل آخذك بما أنت صانع إن لم تتب إلى الله تبارك وتعالى في ساعتك هذه فتنصرني ويكون جدي شفيعك بين يدي الله تبارك وتعالى» فقال: يا ابن رسول الله والله لو نصرتك لكنت أول مقتول بين يديك ولكن هذا فرسي خذه إليك فو الله ما ركبته قط وأنا أروم شيئا إلا بلغته ولا أرادني أحد إلا نجوت عليه فدونك فخذه.
فأعرض عنه الحسين ع بوجهه ثم قال: «لا حاجة لنا فيك، ولا في فرسك، وما كنت متخذ المضلين عضدا، ولكن فر فلا لنا ولا علينا، فإنه من سمع واعيتنا أهل البيت ثم لم يجبنا كبه الله على وجهه في نار جهنم [3]
وقال الشيخ المفيد: «ثُمَّ مَضَى الْحُسَيْنُ عَلَيْهِ السَّلَامُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى قَصْرِ بَنِي مُقَاتِلٍ فَنَزَلَ بِهِ، فإِذَا هُوَ بِفُسْطَاطٍ مَضْرُوبٍ فَقَالَ: «لِمَنْ هَذَا؟» فَقِيلَ: لِعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُرِّ الْجُعْفِيِّ
قَالَ: «ادْعُوهُ إِلَيَّ» فَلَمَّا أَتَاهُ الرَّسُولُ قَالَ لَهُ: هَذَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ يَدْعُوكَ، فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ، وَ اللَّهِ مَا خَرَجْتُ مِنَ الْكُوفَةِ إِلَّا كَرَاهِيَةَ أَنْ يَدْخُلَهَا الْحُسَيْنُ وَ أَنَا بهَا، وَ اللَّهِ مَا أُرِيدُ أَنْ أَرَاهُ وَ لَا يَرَانِي.
فَأَتَاهُ الرَّسُولُ فَأَخْبَرَهُ فَقَامَ الْحُسَيْنُ ع فَجَاءَ حَتَّى دَخَلَ عَلَيْهِ فسَلَّمَ وَ جَلَسَ، ثُمَّ دَعَاهُ إِلَى الْخُرُوجِ مَعَهُ، فَأَعَادَ عَلَيْهِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحُرِّ تِلْكَ الْمَقَالَةَ وَ اسْتَقَالَهُ مِمَّا دَعَاهُ إِلَيْهِ.
فَقَالَ لَهُ الْحُسَيْنُ ع : «فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَنْصُرُنَا فَاتَّقِ اللَّهَ أَنْ تَكُونَ مِمَّنْ يُقَاتِلُنَا، فَوَ اللَّهِ لَا يَسْمَعُ وَاعِيَتَنَا أَحَدٌ ثُمَّ لَا يَنْصُرُنَا إِلَّا هَلَكَ».
فَقَالَ لَهُ: أَمَّا هَذَا فَلَا يَكُونُ أَبَداً إِنْ شَاءَ اللَّهُ» [4] .
وقال ابن الأثير: ثم سار إلى الحسين حتى بلغ قصر بني مقاتل فنزل به فرأى فسطاطا مضروبا فقال: لمن هذا؟.
فقيل لعبيد الله بن الحر الجعفي
فقال ادعوه لي فلما أتاه الرسول يدعوه قال إنا لله وإنا إليه راجعون والله ما خرجت من الكوفة إلا كراهية أن يدخلها الحسين وأنا بها والله ما أريد أن أراه ولا يراني. فعاد الرسول إلى الحسين فأخبره فلبس الحسين نعليه ثم جاء فسلم عليه ودعاه إلى نصره فأعاد عليه ابن الحر تلك المقالة قال فإلا تنصرني فاتق الله أن تكون ممن يقاتلنا فوالله لا يسمع داعيتنا أحد ثم لا ينصرنا إلا هلكفقال له أما هذا فلا يكون أبدا إن شاء الله تعالى. [5]
الثالثة ندمه على عدم نصرة الإمام الحسين ع :
وقال العلامة المجلسي: وأما أهل العراق فإنهم وقعوا في الحيرة والأسف والندم على تركهم نصرة الحسين ع وكان عبيد الله بن الحر بن المجمع بن حريم الجعفي من أشراف أهل الكوفة وكان قد مشى إليه الحسين وندبه إلى الخروج معه فلم يفعل ثم تداخله الندم حتى كادت نفسه تفيض فقال.
فــــيــــا لــــــــك حــــســــرة مــــــــا دمــــــــت حــــيـــــاتردد بين حلقي والتراقي حسين حين يطلب بذل نصري= على أهل الضلالة والنفاق غداة يقول لي بالقصر قولا=أ تتركنا وتزمع بالفراق و لو إني أواسيه بنفسي=لنلت كرامة يوم التلاق مع ابن المصطفى نفسي فداه=تولى ثم ودع بانطلاق فلو فلق التلهف قلب حي=لهم اليوم قلبي بانقلاق فقد فاز الأولى نصروا حسينا=وخاب الآخرون أولو النفاق«6»
ونقل دعوة الإمام الحسين له مع الأبيات «فيا لك حسرة...» الخوارزمي في مقتل الحسين ج 1 ص 324 فبعد أن ذكر دعوة الإمام الحسين له بالنصرة قال: «وندم عبيد الله بن الحر على ما فاته من صحبة الحسين ونصرته فأنشأ يقول: «أيا حسرة ما دمت حياً......» [7] . بدون أي إشارة أنه أنشأها في كربلاء بينما نقل الدكتور لبيب بيضون عن كتاب «العيون العبرى» للسيد إبراهيم الميانجي ص 75 قال ويظهر من «مقتل الخوارزمي» أنه أنشدها على قبر الحسين ع فضج مَن معه بالبكاء والعويل والنحيب، وأقاموا عند القبر يومهم ذلك وليلتهم يصلون ويبكون ويتضرعون» [8] ولا يوجد في مقتل الحسين للخوارزمي أي شيء من هذا كما أن الدكتور لبيب بيضون أكد عدم وجود ما نقل [9] .
الرابعة طلب ابن زياد له وهروبه منه:
وقال الطبري: أن عبيد الله بن الحر لما هرب من مجلس عبيد الله بن زياد ذهب إلى كربلاء فقال: ثم خرج حتى أتى كربلاء فنظر إلى مصارع القوم فاستغفر لهم هو وأصحابه ثم مضى حتى نزل المدائن وقال في ذلك:
ونقل هذا ابن الأثير في الكامل [11] وربما لأجل هذا عده القاضي التستري في «مجالس المؤمنين» أنه أول من زار الإمام الحسين على ما حكي عنه [12]
الخلاصة:
اختلف العلماء في حاله بين مادح وقادح. أما المادحون فقد اعتمدوا على ما يلي:
1-على ذكر الشيخ النجاشي له في أول كتابه الرجال وعده إياه من سلفنا الصالح فقال: «عبيد الله بن الحر، الفارس، الفاتك، الشاعر، له نسخة يرويه عن أمير المؤمنين ع ....»
2- ندمه وتحسره وتفجعه على عدم نصرة الإمام الحسين ع وشعره المتعدد في ذلك.
3- حسن عقيدته.
أما القادحون له فقد اعتمدوا على ما يلي:
عدم سلامة عقيدته حيث وقف في يوم صفين مع معاوية وقاتل أمير المؤمنين ع أنه جاء إلى أمير المؤمنين في قصة زوجته وعتب عليه أمير المؤمنين ع ثم رجع إلى الشام مرة ثانية. امتناعه عن نصرة الإمام الحسين ع لما مشى إليه ودعاه إليه. وقال أعييت أباك. وولوغه في دماء المسلمين وغاراته على الأطراف في بلاد المسلمين. وعدم قتاله مع التوابين، كل ذلك يدلل على عدم استقامته. [13]
والحاصل أنه لم يتبين لنا أن عبيد الله بن الحر الجعفي هو أول من زار الإمام الحسين ع وذلك:
1- لم يعلم وقت ذهابه إلى كربلاء
2- لم يثبت أن قصائده قالها في كربلاء بل بعض النصوص دلت أنه قالها في غيرها.
القول الثاني: في أول من زار الحسين ع :
عُقبة بن عمرو السهمي:
وذلك عندما قصد كربلاء وزار قبر الحسين ع ورثاه بالأبيات الآتية وقد صرح فيها أنه مر على قبر الإمام الحسين ع وبكى عليه كثيراً. روى الشيخ المفيد في المجالس بسنده عن إبراهيم بن داحة [14] قال أول شعر رثي به الحسين بن علي عليهما السلام قول عقبة بن عمرو السّهمي من بني سهم بن عوف بن غالب:
وقال السيد الأمين في «أعيان الشيعة»: فأول من رثاه فيما حكاه سبط ابن الجوزي عن السدي عقبة بن عمرو السهمي. وإذا ثبت أن عقبة هو أول من رثى الإمام الحسين ع فينتفي القول الأول. ولكن لا يوجد ما يثبت أنه أول من زار الإمام الحسين ع .
القول الثالث أن أول من زار الحسين ع :
هو سليمان بن قَتّة العدوي المتوفى 126 هـ بدمشق:
قال السيد في «أعيان الشيعة» وينبغي أن يكون أول من رثاه سليمان بن قتة العدوي التيمي مولى بني تيم بن مرة وكان منقطعا إلى بني هاشم فإنه مر بكربلاء بعد قتل الحسين ع بثلاث فنظر إلى مصارعهم واتكأ على فرس له عربية وأنشأ يقول وقيل أنها لأبي الرميح الخزاعي ويمكن كون بعضها لأحدهما وبعضها للآخر واشتبها:
القول الرابع:
أن أول من زار الإمام الحسين ع هو جابر بن عبد الله الأنصاري فقد دلت الروايات المتعدد وأقوال العلماء المحققين أن أول من زار الإمام الحسين ع في كربلاء هو الصحابي الجليل جابر بن عبد الله بن حزام الأنصاري.
وذكر ذلك عدد من العلماء منهم:
1- الشيخ المفيد قال في «مسار الشيعة» وفي اليوم العشرين منه كان رجوع حرم سيدنا ومولانا أبي عبد الله ع من الشام إلى مدينة الرسول ص وهو اليوم الذي ورد فيه جابر بن عبد الله بن حَزام الأنصاري – صاحب رسول الله عليه وآله ورضي الله تعالى عنه – من المدينة إلى كربلاء لزيارة قبر سيدنا أبي عبد الله ع فكان أول من زاره من الناس» [17] .
2- الشيخ الطوسي في مصباح المتهجد ذكر مثل ما ذكره الشيخ المفيد [18]
3- العلامة الحلي في كتابه منهاج الصلاح مثل ما تقدم عن الشيخ المفيد.
4- الكفعمي في المصباح [19]
5- الميرزا حسين النوري في كتابه اللؤلؤ والمرجان. وغيرهم من العلماء.
مجيء جابر إلى كربلاء:
قد ثبت بأكثر من رواية مجيء جابر إلى كربلاء وزيارته له وهنا نذكر روايتين في هذا الصدد وهما كما يلي:
1- روى عماد الدين الطبري في كتابه «بشارة المصطفى» بسنده عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ قَالَ:
خَرَجْتُ مَعَ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ زَائِرَيْنِ قَبْرَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَلَمَّا وَرَدْنَا كَرْبَلَاءَ دَنَا جَابِرٌ مِنْ شَاطِئِ الْفُرَاتِ فَاغْتَسَلَ ثُمَّ ائْتَزَرَ بِإِزَارٍ وَ ارْتَدَى بِآخَرَ، ثُمَّ فَتَحَ صُرَّةً فِيهَا سُعْدٌ فَنَثَرَهَا عَلَى بَدَنِهِ، ثُمَّ لَمْ يَخْطُ خُطْوَةً إِلَّا ذَكَرَ اللَّهَ تعالى، حَتَّى إِذَا دَنَا مِنَ الْقَبْرِ قَالَ: أَلْمِسْنِيهِ، فَأَلْمَسْتُهُ، فَخَرَّ عَلَى الْقَبْرِ مَغْشِيّاً عَلَيْهِ، فَرَشَشْتُ عَلَيْهِ شَيْئاً مِنَ الْمَاءِ، فلمّا فَأَفَاقَ.
قَالَ: يَا حُسَيْنُ ثَلَاثاً، ثُمَّ قَالَ حَبِيبٌ لَا يُجِيبُ حَبِيبَهُ.
ثُمَّ قَالَ: وَ أَنَّى لَكَ بِالْجَوَابِ وَ قَدْ شُحِطَتْ أَوْدَاجُكَ عَلَى أَثْبَاجِكَ وَ فُرِّقَ بَيْنَ بَدَنِكَ وَ رَأْسِكَ فَأَشْهَدُ أَنَّكَ ابْنُ خَاتم النَّبِيِّينَ وَ ابْنُ سَيِّدِ الْمُؤْمِنِينَ وَ ابْنُ حَلِيفِ التَّقْوَى وَ سَلِيلِ الْهُدَى وَ خَامِسُ أَصْحَابِ الْكِسَاءِ وَ ابْنُ سَيِّدِ النُّقَبَاءِ وَ ابْنُ فَاطِمَةَ سَيِّدَةِ النِّسَاءِ وَ مَا لَكَ لَا تَكُونُ هَكَذَا؟. وَ قَدْ غَذَّتْكَ كَفُّ سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ وَ رُبِّيتَ فِي حَجْرِ الْمُتَّقِينَ وَ رَضَعْتَ مِنْ ثَدْيِ الْإِيمَانِ وَ فُطِمْتَ بِالْإِسْلَامِ فَطِبْتَ حَيّاً وَ طِبْتَ مَيِّتاً، غَيْرَ أَنَّ قُلُوبَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ طَيِّبَةٍ لِفِرَاقِكَ وَ لَا شَاكَّةٍ فِي الْخِيَرَةِ لَكَ فَعَلَيْكَ سَلَامُ اللَّهِ وَ رِضْوَانُهُ، وَ أَشْهَدُ أَنَّكَ مَضَيْتَ عَلَى مَا مَضَى عَلَيْهِ أَخُوكَ يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا.
ثُمَّ جَالَ بِبَصَرِهِ حَوْلَ الْقَبْرِ وَ قَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَيُّتهَا الْأَرْوَاحُ الَّتِي حَلَّتْ بِفِنَاءِ الْحُسَيْنِ وَ أَنَاخَتْ بِرَحْلِهِ، «و» [20] أَشْهَدُ أَنَّكُمْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَ آتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَ أَمَرْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَ نَهَيْتُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ جَاهَدْتُمُ الْمُلْحِدِينَ وَ عَبَدْتُمُ اللَّهَ حَتَّى أَتَاكُمُ الْيَقِينُ، وَ الَّذِي بَعَثَ مُحَمَّداً بِالْحَقِّ «نبياً» [21] لَقَدْ شَارَكْنَاكُمْ فِيمَا دَخَلْتُمْ فِيهِ.
قَالَ عَطِيَّةُ: فَقُلْتُ لِه يا جَابِرٍ [22] وَ كَيْفَ وَ لَمْ نَهْبِطْ وَادِياً وَ لَمْ نَعْلُ جَبَلًا وَ لَمْ نَضْرِبْ بِسَيْفٍ، وَ الْقَوْمُ قَدْ فُرِّقَ بَيْنَ رُءُوسِهِمْ وَ أَبْدَانِهِمْ وَ أُوتِمَتْ أَوْلَادُهُمْ وَ أَرْمَلَتِ أزواجهم [23] ؟.
فَقَالَ لِي: يَا عَطِيَّةُ سَمِعْتُ حَبِيبِي رَسُولَ اللَّهِ ص يَقُولُ: «مَنْ أَحَبَّ قَوْماً حُشِرَ مَعَهُمْ وَ مَنْ أَحَبَّ عَمَلَ قَوْمٍ أُشْرِكَ فِي عَمَلِهِمْ»، وَ الَّذِي بَعَثَ مُحَمَّداً بِالْحَقِّ نَبِيّاً إِنَّ نِيَّتِي وَ نِيَّةَ أَصْحَابِي عَلَى مَا مَضَى عَلَيْهِ الْحُسَيْنُ ع وَ أَصْحَابُهُ..... [24]
قال النوري: ومن هذا الخبر الشريف المعتبر يعلم أن جابر لم يتوقف هناك سوى ساعات ولم يلتق بأحد. ولا يصح عادة أن يكون أهل البيت قد جاءوا إلى كربلاء والتقوا بجابر ولا يشير عطية في نقله لكيفية زيارته مع جابر إلى ذلك أبداً.[25]
2- ما ذكره السيد بن طاووس في مصباح الزائر حول زيارة الأربعين:
قَالَ السَّيِّدُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَرْوِي عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الْعَسْكَرِيِّ ع أَنَّهُ قَالَ: عَلَامَاتُ الْمُؤْمِنِ خَمْسٌ: صَلَاةُ إِحْدَى وَ خَمْسِينَ، وَ زِيَارَةُ الْأَرْبَعِينَ، وَ التَّخَتُّمُ بِالْيَمِينِ، وَ تَعْفِيرُ الْجَبِينِ، وَ الْجَهْرُ بِـ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
وَ قَالَ عَطَاءٌ: كُنْتُ مَعَ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ يَوْمَ الْعِشْرِينَ مِنْ صَفَرٍ فَلَمَّا وَصَلْنَا الْغَاضِرِيَّةَ اغْتَسَلَ فِي شَرِيعَتِهَا وَ لَبِسَ قَمِيصاً كَانَ مَعَهُ طَاهِراً ثُمَّ قَالَ لِي أَ مَعَكَ شَيْءٌ مِنَ الطِّيبِ يَا عَطَاءُ قُلْتُ مَعِي سُعْدٌ فَجَعَلَ مِنْهُ عَلَى رَأْسِهِ وَ سَائِرِ جَسَدِهِ ثُمَّ مَشَى حَافِياً حَتَّى وَقَفَ عِنْدَ رَأْسِ الْحُسَيْنِ ع وَ كَبَّرَ ثَلَاثاً ثُمَّ خَرَّ مَغْشِيّاً عَلَيْهِ فَلَمَّا أَفَاقَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا آلَ اللَّهِ السَّلَامُ عَلَيْكُم.....» [26] ففي هاتين الروايتين لا يوجد فيهما أي ذكر لمجي الإمام السجاد وأهل بيته إلى كربلاء.
قال المجلسي: ولعل العلة في استحباب الزيارة في هذا اليوم هو أن جابر بن عبد الله الأنصاري ع في مثل هذا اليوم وصل من المدينة إلى قبره الشريف وزاره بالزيارة التي مر ذكرها فكان أول من زاره من الإنس ظاهرا فلذلك يستحب التأسي به.
قال الكفعمي ره: إنما سميت بزيارة الأربعين لأن وقتها يوم العشرين من صفر وذلك لأربعين يوما من مقتل الحسين ع وهو اليوم الذي ورد فيه جابر بن عبد الله الأنصاري صاحب النبي ص من المدينة إلى كربلاء لزيارة قبر الحسين ع فكان أول من زاره من الناس وفي هذا اليوم كان رجوع حرم الحسين من الشام إلى المدينة [27] .
1 تاريخ الطبري - الطبري - ج 4 - ص 586
2 الكامل في التاريخ - ابن الأثير - ج 4 - ص 287
3 الأماليللصدوق المجلس 30 الحديث 1 ص: 155
4 الإرشاد للشيخ المفيد ج 2 ص 81-82 طبع مؤسسة آل البيت، وبحار الأنوار ج 44 ص 379 عنه.
5 الكامل في التاريخ - ابن الأثير - ج 4 - ص 50 - 51
6 بحارالأنوار ج: 45 ص: 355
7 مقتل الحسين للخوارزمي ج 1 ص 326.
8 موسوعة كربلاء للدكتور لبيب بيضون ج 1 ص 580.
9 موسوعة كربلاء ج 2 ص 554.
10 تاريخ الطبري - الطبري - ج 4 - ص 359 – 360 وتاريخ مدينة دمشق - ابن عساكر - ج 37 - ص 420 – 422عن الطبري والبداية والنهاية - لابن كثير - ج 8 - ص 229
11 الكامل في التاريخ - ابن الأثير - ج 4 - ص 287 - 289
12 موسوعة كربلاء للدكتور لبيب بيضون ج 1 ص 580
13 انظر قاموس الرجال ج 7 ص 62، رجال بحر العلوم، وتنقيح المقال، تاريخ الطبري ج 3 ص 309، الكامل في التاريخ، الطبقات لابن سعد، تاريخ دمشق لابن عساكر ج 37، أدب الطف لجواد شبر ج 1 ص، مقتل الحسين للخوارزمي، مقتل الحسين للمقرم ص 188، معجم رجال الحديث ج 12ص 74، الأمالي للشيخ الصدوق المجلس 30 حديث 1 في مقتل الحسين ع .
14 هو إبراهيم بن سليمان بن أبي داحة المعنون في الرجال.
15 الأمالي للشيخ المفيد «المجالس» المجلس 38 حديث 9 ص 324 سلسلة مؤلفات الشيخ المفيد ج 13 وأعيانالشيعة، ج1، ص: 622.
16 أعيانالشيعة، ج1، ص: 622
17 مسار الشيعة ضمن سلسلة مؤلفات الشيخ المفيد ج 7 ص 46.
18 مصباح المتهجد ص 787.
19 ص 648.
20 في نسخة «م».
21 في بعض النسخ.
22 في نسخة «م»: فقلت لجابر.
23 في نسخة «م»: الْأَزْوَاجُ
24 بشارة المصطفى لشيعة المرتضى ص 125 الحديث 72 طبع مؤسسة النشر الإسلامي التابع لجماعة المدرسين، بحار الأنوار ج: 65 ص: 131 ح 62
26 اللؤلؤ والمرجان ص 186.
26 بحار الأنوار ج: 98 ص: 329
27 بحارالأنوار ج: 98 ص: 335