|
عضو برونزي
|
رقم العضوية : 77449
|
الإنتساب : Feb 2013
|
المشاركات : 320
|
بمعدل : 0.07 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
الرحيق المختوم
المنتدى :
منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
حب الحسين وعلاقته بالفطرة 5
بتاريخ : 08-01-2014 الساعة : 10:52 AM
إليك ملخص الجلسة الثانية من سلسلة محاضرات «حب الحسين وعلاقته بالفطرة» لسماحة الأستاذ بناهيان:
لقد أقبل الزمان يعود إلى الفطرة/ لابدّ أن نمهد للظهور عبر ثقافة عاشوراء
نحن نعتبر أحد أهم فوائد هذه المجالس الدينية هو تشخيص ما له الأولوية من بين مختلف المعارف الدينية. ولهذا يحقّ لنا أن نسمي هذه المجالس بمجالس إحياء أمر أهل البيت(ع)، كما عبّر عنها الإمام الرضا(ع). فإن إقامة العزاء في الواقع يعني إقامة الحق، فتارة نتحدث عن الصلاة وتارة نقيم الصلاة وشتان ما بينهما. إن المحاضرات الدراسية في الصفوف ومطالعة الكتب في المكتبات هي كلام وحديث عن الحق، بيد أن أمثال هذه المجالس تهدف إلى إقامة الحق ولا الحديث عنه فحسب. أو على الأقل توفّر أحد أهمّ مقدمات إقامة الحق وهو الحديث عن أهمّ الأولويّات والضروريّات في زماننا وعصرنا هذا. فلم يعد من الفنّ بعد أن لا نتحدث غير الصواب، بل ما نعانيه في هذا الزمان هو عدم تشخيص ما له الأولوية من المواضيع والأحاديث. ولا يخفى أن ضرورة هذا التشخيص لا ترتبط بالقضايا الاجتماعية والدولية أو الإقليمية، بل حتى في مسار حركتنا في السير والسلوك نحو الكمال والقرب الإلهي أيضا نحن معنيون في تشخيص الأولويات.
إنّ ما له الأولوية اليوم هو أن نعود لمعرفة عاشوراء من جديد. لابدّ لنا من العود إلى أبي عبد الله الحسين(ع) وأن نقوم بتعريف عاشوراء لنا من جديد. لابد أن نستوعب أسرار عاشوراء ونجعل سلوكنا على أساس هذه الأسرار ثم نمهّد للظهور على أساس الأحكام والأوامر التي توجهه لنا واقعة عاشوراء. لابدّ أن نجعل من أسرار عاشوراء رمزا لحركتنا الفردية والاجتماعية في سبيل نيل القرب الإلهي وتحقيق ظهور الإمام(عج).
أما لماذا أصبح عصرنا اليوم بحاجة إلى الحسين(ع) ولماذا حان وقت عود المجتمع البشري إلى أبي عبد الله(ع)؟ وبعد أن أخذ يعود الإنسان إلى فطرته لماذا لابدّ أن يرجع إلى الحسين الفطري من بين مختلف نزعاته الفطرية؟ فجواب كلا هذين السؤالين هو الحديث النبوي الشريف حيث قد اعتبر حبّ الحسين(ع) وحرقة القلب من أجله أمرا فطريا. وذلك قوله: «إِنَّ لِقَتْلِ الْحُسَیْنِ حَرَارَةً فِی قُلُوبِ الْمُؤْمِنِینَ لَا تَبْرُدُ أَبَداً»[مستدرك الوسائل/ج10/ص318] فكأن قلب المؤمن يبتغي حِجة ليذكر عنده اسم الحسين(ع) لتنهمر دموعه قبل أن يسمع عنه شيئا، وبعد ذلك يتساءل كما تساءل أبوه آدم(ع) عن الحسين(ع) أن يا ترى من هو الحسين(ع) الذي ملأ قلبي حرارة وحرقة؟! ثم بعد ذلك يأتي دور ذكر مصائب الحسين(ع)، من بعده يروى له ما جرى في التاريخ. لماذا قال النبي(ص): «... لا تبرد أبدا»؟ لأن النزعات الفطرية هكذا خالدة لا تبرد ولا تزول، ولكنها مزدهرة وفعّالة في قلب المؤمن دون غيره.
ولكن في سبيل أن يتضح الموضوع أكثر، لابدّ لي من الإشارة إلى أمرين؛ أحدهما هو علاقة الزمان بالفطرة، والآخر هو علاقة الفطرة بأبي عبد الله الحسين(ع). وهناك موضوع آخر لن نتطرق إليه وهو علاقة أنفسنا بأبي عبد الله الحسين(ع)، إذ أنتم الآن تعيشون هذه الحقيقة ولكم بها علم حضوري، فلا داعي لأن نتحدث ونبرهن لبديهيات.
لعلك تسألني كيف أحب الحسين(ع) ويحترق قلبي من أجله فطريا؟ فحسبك أن تتأمل في نفسك كي تجد هذه الحقيقة. حيث إنك لا تبكي على أي مظلوم حتى وإن قطّع جسده مثل ما تبكي على الحسين(ع). حتى قد يعترض البعض ويقول لماذا لا نقيم العزاء على باقي أئتمنا(ع) الذين استشهدوا ظلما وعدوانا مثل ما نقيم العزاء على الحسين(ع). والجواب هو أن هذه الظاهرة تعود لحقيقة فطرية مختصّة بالحسين(ع) دون غيره من أولياء الله. إنها معجزة إلهية تعيشها بكل وجودك ولا داعي للحديث عنها كثيرا. فلنتحدث عن الفطرة وأن هل قد حان في هذا العصر وقت عودة الناس إلى الفطرة؟ وإذا كانت فطرة الإنسان تنطوي على شتى المعارف والنزعات لماذا لابدّ لهذا العصر حين عودته ورجعته إلى الفطرة أن يعود إلى الحسين الفطري؟!
أحد المواطن التي تجعل الإنسان يعود إلى فطرته هو مواطن الفشل والخيبة والانتهاء إلى طريق مسدود. وأساسا يبتلي الله عباده ويصبّ عليهم البلايا والرزايا لعلهم يرجعون إلى فطرتهم. فقد قال الله سبحانه وتعالى: (وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْناهُمْ بِالْبَأْساءِ وَ الضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ)[الأنعام/42]. وهذا هو التضرع الذي يأخذ بيد الإنسان إلى الخلوص.
وكذا المجتمع البشري شأنه كشأن الفرد الواحد عندما ينتهي إلى طريق مسدود يعود إلى فطرته/ وقد حان وقت عود المجتمع البشري إلى فطرته
يقال في البراهين الفطرية لإثبات الله سبحانه: عندما تتنقطع بك جميع السبل تبقى تبحث عمّن يأخذ بيدك وينقذك من ورطتك وهذا هو الله الرحيم. كما عندما تنقطع السبل بالإنسان وتغلق بوجهه الأبواب ويقنط عن كلّ شيء حينئذ يرجع إلى فطرته، كذلك المجتمع البشري عندما ينتهي إلى طريق مسدود، يعود إلى فطرته. إن أصل العودة إلى الفطرة عند انقطاع السبل سواء بين الفرد والمجتمع، ولكن يمكن أن يحصل هذا في أيّ وقت لأفراد الناس، بينما لا يحصل للمجتمع إلا بعد دهر طويل من حياة وحركة وتطوّر، وقد حان اليوم وقت هذه العودة إلى الفطرة للمجتمع البشري.
إن فلسفة البلايا والرزايا هي شروق الفطرة في قلب الإنسان المظلم. إن الطرق المسدودة وحالات الخيبة والكآبة تُرجِع الإنسان إلى فطرته، وحسب الإنسان في هذا الوقت شيء يسير من الهداية والتوعية والإرشاد. لقد حان اليوم للبشريّة أن يعودوا إلى فطرتهم وإنّ الجمهورية الإسلامية المقدسة وهذه الثورة العظيمة إنما هي من أجل الأخذ بيد الناس لإرجاعهم إلى فطرتهم وبعبارة أخرى إنما دورها هي «بناء الإنسان». لقد قال الإمام الخميني(ره): «... إن لثورتنا الإسلامية أبعادا مختلفة: هي ثورة من أجل الإطاحة بالنظام الفاسد، وثورة من أجل إقامة نظام حق، ونأمل أن تكون ثورة لبناء الإنسان وبناء حكومة إنسانية».[صحيفة الإمام(الفارسية)/ج8/ص317].
يتبع إن شاء الله...
|
|
|
|
|