تُشير الإحصائيات - ولا سيما في السنوات الأخيرة - إلى انخفاض نسبة الزواج بما يلفت الانتباه، في حين ارتفعت هذه النسبة بين أوساط الشباب الذين تقدّمت بهم السن حتى فقدوا فيه عنفوان الشباب وحيويته في المناطق الكبيرة التي تُعتبر أقرب من غيرها إلى المدنية والحضارة، وبالطبع فان هنالك بعض العناصر التي أدّت إلى هذا الوضع، يمكن ايجاز أهمها في ما يلي:
1 - طول مدّة الدراسة
2 - سهولة اقامة العلاقات اللامشروعة
3 - عدم امكانية تلبية المتطلبات المعاشية - بالصورة المطلوبة - والتكاليف الباهضة للزواج
4 - انعدام الثقة بين الفتيان والفتيات
فقد اقترح بعض العاملين في الحقل الإجتماعي مشروع الزواج الإجباري دون أن يكلّفوا أنفسهم عناء دراسة العوامل التي أدّت إلى هذه الظاهرة الخطيرة واُسلوب مواجهتها والتغلّب عليها، كأن تفرض بعض الضرائب على الشباب الأعزب، بحيث يرى الشاب نفسه مضطراً لدخول الحياة المُشتركة، أو الحيلولة دون توظيفهم (لبعض الاعمار) في المؤسسات المختلفة، أو أن تفرض عليهم بعض العقوبات الصارمة، وهنا يسألنا بعض الفتيان: أترون مثل هذه المشاريع والاجراءات صائبة؟
وبدورنا نرى انه إذا كان الهدف من الزواج الإجباري هو
فقط انتخاب بعض الطرق من قبيل عدم توظيف العزّاب في المؤسسات المختلفة، فلعلّ هذه الطرق تؤثر بعض الشيء على الوضع القائم، إلاّ أنّها سوف لن تكون قط حلا جذرياً لظاهرة انخفاض نسبة الزواج الخظيرة، ولعلّها تستتبع ردود فعل عكسية.
فالزواج والإجبار مفردتان متضادتان لا تتفقان أبداً، وعليه فالزواج الإجباري كالصداقة والمحبة الجبرية، أو يمكن إيجاد المحبة والمودّة بين فردين بالاكراه وقوّة القانون؟ فالزواج - بالمعنى الواقعي - وشيجة روحية وجسمية من أجل ممارسة حياة مُشتركة هادئة ممزوجة بالسعادة والحب، ولذلك ينبغي أن يتم في بيئة حرة بعيدة عن الضغط والإكراه، ومن هنا نرى الإسلام يحكم ببطلان الزواج الذي لا يتضمن رضى الطرفين، والزواج ليس كالخدمة العسكرية التي تعني حمل الشخص على ضوء القانون الى معسكر وتعليمه قسراً فنون الحرب والقتال والنظم العسكرية.
والعجيب في الأمر هو أن أصحاب هذه المشاريع يحاولون تجاهل الوضع القائم المعلول لسلسلة من الأزمات الإجتماعية بحيث لا يولوا العناصر التي أدت الى ظهوره أدنى عناية أو اهتمام. وبدورنا نرى لهذه المشاريع - ان كانت صالحة للتطبيق - بعض الأثر كمفعول الأدوية المسكّنة، وعليه لابدّ من الاتجاه صوب الجذور الأصلية لهذه الأزمة والعمل على إستئصالها حتى تزول هذه الظاهرة المستهجنة بالمرّة.
وبناءاً على ما تقدّم نرى من الضروري أن نسلّط الضوء على العناصر الأربعة كونها تمثّل العوامل التي تؤدي إلى انخفاض نسبة الزواج في وسطنا الإجتماعي.