خطبة الإمام زين العابدين(ع) في مجلس الطاغية يزيد لعنه الله
صعد الخطيب من أئمة السلاطين في حضور سيدنا علي(ع) السجاد والطاغية يزيدوأخذ بالمدح لبني أمية وسب الأمام علي(ع) وفي الإمام زين العابدين(ع) فقال له روحي له الفداء((يا هذا اشتريت رضا المخلوق بسخط الخالق))عند ذلك قال ليزيد ((أأصعد المنبر لكي أقول كلام يستفاد منه هؤلاء القوم))فتحرج يزيد ومانع في الأول وقال لمستشاريه ( أن صعد المنبر فأنه سيفضحنا لأنهم من أهل بيت زقوا العلم زقا) فلم يتصور منزلة هذا الفتى حاشية يزيد لعدم علمهم بمنزلة الأمام فقبل يزيد على مضض بصعود الإمام الجليل السجاد(ع) إلى المنبر ومن جملة ما قاله
((أيها الناس أعطينا ستاً وفضلنا بسبع،أعطينا العلم والسماحة والفصاحة والشجاعة والمحبة في قلوب المؤمنين وفضلنا بأن من النبي المختار محمد(ص)ومن الصديق ومن الطيار ومنا أسد الله وأسد الرسول ومنا سبطا هذه الأمة وسيدا شباب أهل الجنة)).
فمن عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني أنبأته بحسبي ونسبي أنا أبن مكة ومنى أنا أبن زمزم والصفا أنا أبن خير من أنعل وأحتفى أنا أبن خير من طاف وسعى أنا أبن خير من حج ولبى أنا أبن حُمل على البراق في الهواء أنا أبن من أسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى فسبحان من أسرى، أنا أبن من بلغ به جبرائيل إلى سدرة المنتهى أنا أبن من دلى فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى أنا أبن من صلى بملائكة السماء أنا أبن من أوحي إليه الجليل ما أوحى أنا أبن محمد المصطفى.
أنا أبن علي المرتضى أنا أبن من من ضرب خراطيم الخلق حتى قالوا لا اله إلا الله أنا أبن من ضرب بين يدي رسول الله بسيفين وطعن برمحين وهاجر الهجرتين وبايع البيعتين وصلى القبلتين وقاتل ببدر وحنين ولم يكفر با الله طرفة عين أنا أبن صالح المؤمنين ووارث النبيين وقاطع الملحدين ويعسوب المسلمين ونور المجاهدين وزين العابدين وتاج البكائين وأصبر الصابرين وأفضل القائمين من آل ياسين ورسول رب العالمين أنا أبن المؤيد بجبرائيل المنصور بميكائيل أنا أبن المحامي عن حرم رسول الله وقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين والمجاهد أعداؤه الناصبين وأفخر من قريش أجمعين وأول من أجاب واستجاب لله من المؤمنين وأقدم السابقين وقاصم المعتدين ومبير المشركين وسهم من مرامي الله على المنافقين ولسان حكمة العابدين ناصر دين الله وولي أمر الله وبستان حكمة الله وعيبة علم الله،سمحٌ سخيٌ بهلولٌ زكيٌ أبطحيٌ رضيٌ مرضيٌ مقدامٌ همامٌ صابرٌ صوامٌ مهذبٌ قوامٌ شجاعٌ قمقامٌ قاطع الأصلاب ومفرق الأحزاب أربطهم جناناً وأطلقهم عناناً وأجراهم لساناً وأمضاهم عزيمة وأشدهم شكيمة أسدٌ باسل وغيثٌ هاطل يطحنهم في الحروب ويذرهم ذرو الرياح الهشيم ليث الحجاز وصاحب الأعجاز وكبش العراق الإمام بالنص والاستحقاق مكيٌ مدنيٌ أبطحيٌ تهاميٌ خيفيٌ عقبيٌ بدريٌ أحديٌ وشجريّ مهاجري من العرب سيدها ومن الوغى ليثها وارث المشعرين وأبو السبطين الحسن والحسين مظهر العجائب ومفرق الكتائب والشهاب الثاقب والنور العقب أسد الله الغالب مطلوب كل طالب .
أنا أبن فاطمة الزهراء أنا أبن سيدة النساء أنا أبن الطهر البتول أنا أبن بضعة الرسول(ص) أنا أبن المرمل بالدماء أنا أبن الذبيح بكربلاء أنا أبن من بكى عليه الجن في الظلماء وناحت عليه الطير في الهواء.
ولم يزل يقول أنا أبن حتى ضج الناس بالبكاء والنحيب وخشي الطاغية يزيد من وقوع الفتنة وحدوث ما لا تحمد عقباه فقد أوجد خطاب الإمام انقلابا فكرياً في مجلس الطاغية يزيد لعنه الله وهنا بادر بالإيعاز إلى المؤذن أن يؤذن ليقطع على الإمام كلامه (مع ليس هو وقت الصلاة)
فصاح المؤذن الله أكبر
فقال الإمام: ((كبرت كبيراً لا يقاس ولا يدرك ولا بالحواس لا شيء أكبر من الله)).
فقال المؤذن أشهد أن لا اله إلا الله.
قال زين العابدين : ((شهد بها شعري ودمي وبشري ولحمي ودمي ومخي وعظمي)).
فقال المؤذن أشهد أن محمداً رسول الله.
التفت علي السجاد إلى يزيد فقال له ك ((يا يزيد هذا جدي أم جدك فأن زعمت أنه جدك فقد كذبت وأن قلت أنه جدي فلم قتلت عترته)).
ووجم يزيد ولم يطق جواباً وأستبان لأهل الشام أنهم غارقون في الجهالة والضلالة وأن الحكم الأموي قد جهد في غوايتهم وشقائهم. وقد أقتصر الإمام في خطابه على التعريف بأسرته ونفسه ولم يتعرض لشيء آخر.
ونلاحظ أن سيدنا زين العابدين خاطب الناس وقال لهم في بداية خطبته أيها الناس ولم يقل يا أيها الذين آمنوا دلالة أنهم ناس عامة ولا يحسبون على طائفة المؤمنين بابتهاجهم بقتل الحسين(ع) وكما فعل والده قبل حدوث واقعة الطف خاطب جند عمر بن سعد اللعين وقال لهم أيها الناس أي ليسوا مؤمنين ولا يحملون أي ذرة من الأيمان.