تشير كثير من النصوص الى ان الذين أسلموا من اهل الكتاب قد اتسمروا على تعظيم توراتهم وعلى العمل ببعض مافيها ـ كما ذكر المفسرون للآية ( ياأيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ) . وقد روي ان عبد الله بن سلام , وثعلبة , وابن يامين , وأسد , وأٌُسيد بني كعب , وسعيد بن عمرو , وقيس بن زيد , وكلهم من اليهود جاؤوا الى رسول الله ( صلى الله عليه واله ) فقالوا :ـ يارسول الله , يوم السبت كنا نعظمه , فدعنا فلنسبت فيه , وان التوراة كتاب الله , فدعنا فلنقم بها في الليل . فنزلت الاية ( ياأيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ) . وفي نص آخر ان بن سلام وغيره ممن أسلم من اليهود أستمروا على تعظيم السبت , وكراهة أكل لحم الابل وشرب لبنها فأنكر عليهم ذلك المسلمون . فقالوا ان التوراة كتاب الله فلنعمل به ايضاً فأنزل الله تعالى ( ياأيها الذين آ منوا ادخلوا في السلم كافة )وقد سمح الخليفة الثاني بأن يقرأ التورات آناء الليل وأطراف النهار وقد بلغ مقام كعب عند معاوية مبلغاً كبيراً بأن يتولى مهمة القصص , بل صار هذا الرجل من مواضع البركة لهم , حتى ليقول الكتاني ( تغالي معاوية في بردة كعب معروف ) وقد كان كعب يعرف كيف يهيمن على عقول الناس , وينال ثقتهم ويكسب تأييدهم , وكان أيضاً من أعرف الناس بمفاتيح قلوبهم وكيف ؟ ومتى ؟ وبأية صورة يوزع الرشاوى على أتباعة , والمعجبين به , ليحتفظ بولائهم , وحبهم وثقتهم الى ابعد حد . ان علماء اهل الكتاب كانوا يمارسون على الناس طريقة الارهاب الفكري , حيث يظهرون لهم انهم يعرفون كل شيء لان التوراة مكتوب فيها كل شيء حتى الارض شبراً شبراً قال كعب الاحبار لقيس بن خرشة لاعتراضه عليه , حين اخبره بما يجري على أرض صفين ( مامن ألارض شبر الا مكتوب في التوراة الذي أنزل الله على موسى , مايكون عليه وما يخرج منه الى يوم القيامة . وفي نص آخر قال ( مامن شيء الاوهو مكتوب في التوراة ) ونقول :ـ
ان التوراة التي تحوي كل هذه التفاصيل لابد ان تكون مئات بل آلاف المجلدات , ولو صح ان توراة موسى عليه السلام كان فيها ذلك , فمن الذي يضمن ان تكون التوراة الحاضرة هي نفس تلك ؟؟؟حيث انها تفقد كل الذي يدَّعون انه يوجد فيها ومهما يكن من الامر فقد أنشد الحطيئة بيتاً من الشعر فأدعى كعب الاحبار فوراً أنه مكتوب في التوراة . ودعوى كعب وجود كثير مما يتفق أمامة ان مذكور في التوراة بهدف كسب ثقة الناس بعلمه ومعارفه ورفع شأن التوراة في أعينهم .
المصادر:ـ
السيرة الحلبية ج2ص216
الدرالمنثور ج1ص241عن ابن ابي حاتم , وعن ابن جريرالسيرة الحلبية ج2ص115
التراتيب الادارية ج2ص446